يجب أن أؤكد حقيقة مهمة للغاية وهى فى نفس الوقت كارثة مروعة لأن البعض للأسف الشديد كان ينظر للشباب المصرى قبل 25 يناير نظرة «الغباء والاستخفاف» وشوهوا صورته وقالوا عنه إنه «شباب سيس» وتافه وسطحى ويوم 25 يناير فوجئ الجميع بأنه شباب عظيم ومتحضر وعصرى والعالم كله ينحنى له احتراما. فما الذى حدث قبل وبعد 25 يناير؟ المحزن فعلا فى السنوات الأخيرة كثرة الاتهامات للشباب المصرى بأنه دلوعة لا يتحمل المسئولية، سلبى فرافير لدرجة أنهم أطلقوا عليه «شباب البطة والبطوط والفرخة والكتكوت» ولما سألت عن معناها قال لى الذين يعرفون هذه المصطلحات أنه شباب «ابن امه» فهو متعلق بأمه مثل «البطوط» يتعلق بأمه البطة والكتكوت يتعلق بأمه الفرخة. واستمرارا لمسلسل الغباء فى الاتهامات قالوا عنه إنه «شباب كابتشينو» فهو يضيع وقته فى الرغى والكلام الفاضى على الإنترنت ومعاكسة البنات ويتبادل العشاق والمحبون رسائل الغرام والحب عبر الإيميل والشات والفيس بوك ويسهر طوال الليل يشاهد الأفلام الجنسية والإباحية ونظرته للبنات أنهن «سكر ونسكافيه وحليب» فلماذا إذن لا يدمن الكابتشينو. بمنتهى الغباء شوهوا صورة الشباب المصرى الله يخرب بيتهم ووصفوه بأنه مدمن ويتعاطى البانجو والحشيش وأقراص الهلوسة والمخدرات وينام طول النهار ويسهر طول الليل على القهاوى والنواصى والكافيهات والأرصفة، أما مصر وهموم مصر ومستقبل مصر فكل ذلك خارج دائرة الاهتمام وتلك كانت قمة المأساة قبل 25 يناير. ثم جاء «الإعصار» يوم 25 يناير فماذا حدث؟ تأكد للجميع أنه كان اتهاما وتصنيفا «غبيا» للشباب المصرى لأنهم لم يقدروه حق قدره فلا شفنا شباب «البطة والبطوط والفرخة والكتكوت» ولا الشباب «الكابتشينو» وإنما رأينا أبطالا وشبابا قمة فى التحضر يريد أن يعبر عن رأيه رافعا شعار «سلمية سلمية» لا يريد العنف ولا استخدام السلاح ولا تدمير المنشآت ولا الممتلكات الخاصة بل يضحى بنفسه بصدور عارية يحمى ويدافع عن المتحف المصرى يوم موقعة الجمل والحمير. لقد فاجأ الشباب المصرى العالم كله ولم يفاجئ المصريين فقط وأثبت أنه شباب مثقف وإيجابى ويعيش عصره ويكفى دوره الحيوى والعظيم فى قيادة ثورة الشعب المصرى قالوا عنه أنه «سلبى» لكنه أثبت لهم أنه يملك شخصية إيجابية تجيد التعبير الحقيقى عن إرادة التغيير للأفضل بما لديه من «طاقة» تساعد فى التغلب على مشاكل الحياة من أجل اصلاح المجتمع ونهضته وتنميته.. لقد أثبت للعالم كله أنه شباب إيجابى يسعى نحو الحياة للأفضل. شباب يحب مصر فيُختطف ويُعتقل ويُدهس ويُفرم تحت عجلات السيارات والمصفحات.. شباب يحب مصر فيموت ويستشهد حتى الشهداء من هذا الشباب العظيم قالوا لنا لا تسألونا عن الدليل لأننا لم نسمع يوما عن رصاصة تسأل عن القتيل!!