لم تكن فايزة تدرك أنها عندما سوف تسافر لزيارة أهلها في هذا الأسبوع تحديداً لن تري زوجها مرة ثانية فلقد سافرت يوم الاثنين إلي مدينة العريش إلي أن جاء يوم الجمعة وجاءها الخبر الأليم من أحد أصدقاء زوجها بأن محمود قد توفي إثر طلق ناري في رأسه عند عودته مساء من عمله. الخبر كان صدمة كبيرة وقاسية بالنسبة لي». هكذا تقول فايزة زوجة الشهيد محمود محمد حسام الدين وتضيف كنت أطمئن عليه يومياً أثناء سفري حتي مساء الخميس ولكن لم أستطع أن أعرف عنه أي شيء طوال يوم الجمعة نتيجة انقطاع خطوط الموبايل وعندما كنت أسأله عن الأحوال في القاهرة نتيجة المظاهرات كان يطمئني بأنه بخير ويذهب إلي عمله يومياً حيث إنه «أرزقي». وتستكمل فايزة حديثها أنني عرفت تفاصيل ما حدث لزوجي من أصدقائه فلقد كان محمود عائداً من عمله في حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء يوم الجمعة وعندما كان يسير بجوار قسم حدائق القبة للعودة إلي المنزل، إذ برصاص القناصة يغتاله لتستقر الرصاصة في رأسه، وتم نقله إلي مستشفي البكري وحاولوا إسعافه عن طريق الصدمات الكهربائية ولكن دون جدوي وفارق الحياة، وتستكمل فايزة وهي تبكي «لقد سرق زوجي الشهيد وهو جثة هامدة في الثلاجة.. أهذا يعقل؟». فعندما سألنا علي متعلقاته الشخصية فلا نجد أي شيء فلقد سرقت محفظته والبطاقة والموبايل حتي ملابسه سرقت!!! وبعد بضعة أيام وعن طريق خاصية التتبع عرفت الشخص الذي كان معه موبايل زوجي وذكر لنا أنه تم تبديله مع عامل الثلاجة ولم يكن يعرف أنه مسروقاً وبالفعل تقدمت بشكوي ضده في المستشفي للحصول علي باقي متعلقات زوجي ولكن دون نتيجة. وتقول فايزة إننا لم نكن نريد سوي حياة عادية بسيطة فلم يمر علي زواجنا سوي عام وثلاثة أشهر فقط وتواصل فايزة حديثها وهي تنظر لرضيعتها.. لقد حرمت ملك التي لم تتجاوز 7 شهور فقط من حنان أبيها إلي الأبد دون ذنب، فهي مولودة بثقب في القلب ولا أعرف الآن ما هو مصيرنا ولمن نلجأ. لقد كان زوجي يعمل «أرزقي» وليس لنا عائل آخر، حتي عندما توجهت لاستخراج إعلام الوراثة للحصول علي المعاش الاستثنائي الذي أعلنت عنه الحكومة قالوا لي أنه يحتاج 3 شهور لاستخراجه وصمتت وهي تبكي.. كيف أعيش أنا وابنتي الرضيعة دون أي مورد مادي حتي يتم الانتهاء من استخراج إعلام الوراثة!!