لم يكن هدفها منذ الصغر ولم تكن هواية لديها، بل اكتشفتها عندما قررت البحث عن شىء يشغل وقت فراغها ويشعرها بأنها تفعل شيئا حقيقيا يشعرها بالمتعة والسعادة، ومنذ ما يقرب من 5 سنوات، التقت بسيدة روسية غيرت حياتها. إيناس العقاد، التى أنهت دراسة علم النفس منذ أكثر من عشرين عاما بكلية تربية بجامعة بورسعيد، ظلت بالمحافظة لسنوات عديدة، والتحقت بإحدى الشركات وتوظفت بها إلى أن وصلت لدرجة مدير، ونتيجة لظروف دراسة أولادها انتقلت بهم إلى الغردقة التى بها وجدت ضالتها، التقت بإحدى السيدات الروسيات هناك والتى كانت تقيم ورشًا لتعليم فن الديكوباج، وهو إمكانية استخدام الأوراق والصور القديمة وإحياء قطع خشبية أو زجاجية أو بلاستيكية وتحويلها إلى لوحات فنية مبتكرة، «عملية قص ولزق»، هكذا وصفتها إيناس.
أثاث منزلى فى ثوب جديد
ظلت تتعلم هذا الفن لمدة عامين، حتى تتعرف على تفاصيله وطرق تنفيذه المختلفة، والأخطاء التى من الممكن تقع فيها، والصعوبات التى تواجهها فى التنفيذ، وأثناء تعلمها بدأت بشراء الخامات سريعا من غراء وألوان الإكريليك والفرش لتنفيذ ما تتعمله على أثاث منزلها، سواء كان من الخشب أو المعدن أو الزجاج.
«كنت بشتغل على علب صلصة هاينز اللى باخدها من أصحابى، وزجاجات زيت الزيتون والشيشة القديمة، والصوانى والأطباق وعلب المناديل الخشب ولمبات الجاز أو حتى على الحوائط، لو شوفت أى صورة عجبتنى فى مجلة أو جورنال أو كتاب أو منديل مزخرف أو أوراق البردى، أقصها وبطرق معينة ألزقها على الحاجة اللى عايزة أجدد شكلها».
أول خطوة للعمل هى أن تطلى إيناس الخامة التى ستعيد تجديد شكلها، باللون الأبيض، حتى تتضح عليها معالم الصورة التى سيتم لزقها، ثم تتركها لتجف، ثم تلصق القطعة التى تريدها سواء صورة أو مناديل مزخرفة أو أوراق البردى.
هدية مصرية 100 %
رغم أن الرسم لم يكن هوايتها، لكن الفن حس فنى شخصى لكل فرد ومدى قدرته على تنسيق الألوان وتركيب العناصر، وترتيبها جنبا إلى جنب بحيث تعطى معنى متكاملا ذا قيمة، معبرا عن الحس الجمالى والفنى لصاحبه، «أهم حاجة أن الواحد يبقى عنده تصور واضح وتخيل للقطعة قبل ما يشتغل فيها، ويكون عنده القدرة على إحياء كرسى قديم أو ترابيزة أوباسكيت أصبح ملوش استخدام ويحوله لبوكس هدايا قابل للاستخدام»، هكذا قالت السيدة الأربعينية.
بعد رؤيتها لردود أفعال أولادها على أعمالها الفنية ومدى إعجباهم بها، وإعجاب السيدات الروسيات أنفسهن رغم إتقانهن لهذا الفن، فقد وجدن لدى إيناس لمسة مختلفة عن غيرها، وحينها، قررت الاشتراك بالمعارض التى تقام بالمحافظة، خاصة بعد أن أصبح لها ورشتها الخاصة بها التى تعرض بها أعمالها كافة.
منذ عامين انتقلت إيناس للعيش بالقاهرة بعد التحاق ابنها بإحدى الجامعات هنا، وبدأت بعرض أعمالها بمعارض الجرافيتى وتراثنا وبازارات القاهرة، إلى جانب كونها حاليا مديرا بإحدى شركات البلاستيك الكبرى بمدينة الرحاب، «الفن ما بيكسبش، إحنا اللى بنصرف على الفن، عشان كده كان لازم أنزل شغل تانى إلى جانب الديكوباج». رغم تعلمها فن الديكوباج على يد سيدة روسية، استطاعت إيناس أن تترك لمسة مصرية معبرة عن تراثنا وعاداتنا، على قطعها، مستخدمة صورا لأحياء مصر القديمة، وشارع المعز والفراعنة، وخامات ورق البردى، والأخشاب المصرية، حتى الألوان تحرص أن تكون صناعة مصرية، بحيث أن القطعة تكون مصرية 100 %. وكثيرا ما يفضل البعض اقتناء أعمال ديكوباج إيناس عند سفرهم للخارج، كهدايا لأصدقائهم الأجانب، لأنها تعبر عن الثقافة المصرية.
قطع ديكورية صالحة للاستخدام
إذا كان لديك قطع ديكور ثمينة تعطى مظهرا جماليا، كتلك التى تباع بالبازارات والمعارض، يمكن لإيناس العقاد تنفيذها بأسعار فى متناول الجميع وحسب حجم القطع المختارة، وأحيانا كثيرة تكون هذه القطع صالحة للاستخدام إلى جانب كونها قطعة ديكورية، ولكن فى هذه الحالة، هناك قواعد لاستخدامها ولا بد من الحرص عليها حتى تظل على حالتها لأطول وقت ممكن، حيث تقوم إيناس بعمل طبقة حماية من الاسبراى الشفاف لكل قطعة، لتلميعها ومنع الرطوبة والمياه من إفسادها، إلى جانب طبقة من الورنيش المائى.
«أعرض أعمالى باستمرار على صفحتى وعلى جروب فيسبوك، الناس تعرفنى من خلاله، ويساعدنى أصدقائى فى الغردقة ممكن علمونى أو كانوا يشترون منى ويشجعوننى، هذا غير أنى أنظم ورشا لتعليم فن الديكوباج فى بورسعيد للأطفال وآبائهم».
هكذا عرفت إيناس ويتم طلبها فى الكثير من المعارض التى تقوم بتأجير وحجز جزء فيها، بها لعرض شغلها، آخرها معرض تراثنا بتنظيم حكومى، وبيع به معظم أعمالها، التى تتراوح أسعارها ما بين مائة وخمسين جنيها إلى 1000 جنيه، حسب حجم كل قطعة وخامتها الأساسية سواء كانت خشبا أو معدنا أو زجاجا.
عن الصعوبات التى تواجهها، تحدثت عن قلة المبيعات إلى حد ما بالقاهرة، بالمقارنة بالمحافظات السياحية، «الأجانب يقدرون العمل اليدوى، لكن المصريين يرون هذه المنتجات باهظة الثمن، إلى جانب قلة الفرص المتاحة لعرض الأعمال الفنية، فالمعارض قليلة، والحجز فيها غال جدا والمتر يعدى 3000 جنيه».
أحلم بمركز للمواهب
«أكون سعيدة جدا لما القطع اللى بعملها بتعجب الناس وبيشتروها ويقولولى شغلك مختلف، وأحيانا كتير بعد ما يشتروها يعلقوها أو يحطوها فى مكان معين فى بيتهم ويصوروها ويبعتولى الصورة من بيتهم»، هكذا وصفت إيناس أسعد لحظاتها التى تحفزها على الاستمرار وتقديم الأفضل دائما، موضحة أن لدى الكثير مواهب بحاجة لفرص لإظهارها، ونادت بأن يكون هناك مركز مجمع يضم كل من لديه هواية أو موهبة ويرغب فى التنفيذ والبدء، وهو لا يعرف من أين يبدأ، وليس لديه القدرة على امتلاك مكان خاص به، وليس لديه معرفة بطرق التسويق الجيدة.