أنا محظوظة، فاكرة جداً أيام المدرسة -أجمل سنين العمر- تفاصيل وذكريات شكلت شخصيتى ومشاعرى، ليه محظوظة يمكن أكتر من غيرى؟. شاء القدر الجميل إن بيتنا فى شبرا يكون قدامه مباشرة مدرستى الابتدائية -لا يفصلنى عن مدرستى إلا كام متر- وحتى بعد المرواح أنا الوحيدة اللى بابقى كأنى جوه المدرسة، لأن شباك أوضتى بيبص على فناء المدرسة، مدرستى فى ابتدائى كانت عبارة عن دور واحد مكون من 8 حجرات، حجرة الناظر وحجرة المدرسين و6 فصول من أولى حتى سادسة ابتدائى. مدرستى كانت تتبع مؤسسة الأزهر الشريف، اسمها «معهد على حسن الابتدائى الأزهرى»، وعلى حسن كان أحد أعيان مصر الذى تبرع بڤيللته كى تصبح مدرسة، المهم يا سادة حتسألو ليه أنا قلت إنى محظوظة؟ محظوظة لأنى تعلمت وحفظت ما تيسر من القرآن الكريم، محظوظة لأنى تربيت فى مدرسة كانت تعلمنا وترسخ بداخلنا أن الله واحد أحد وأن كل البشر سواسية لا فرق بين مسلم ومسيحى، عمر ما حد من شيوخنا قال لنا إن المسيحى كافر، عمر ماحد من شيوخنا اتكلم فى التمييز أو أن المسلم أفضل عند ربنا من المسيحى، بل كانوا دائمًا يعلمونا أن لازم نكون سفراء لديننا، وكانوا يفهمونا أن الدين المعاملة وأن قدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث رحمة للعالمين. معهد أزهرى مشترك.. بدون حجاب محظوظة لأن مدرستى الأزهرية كانت من الاستنارة بحيث أنه لم يفرض على أى طالبة الحجاب، لدرجة أن ماكنش فيه عندنا ولا طالبة ولا حتى مدرسة من مدرساتنا مغطية شعرها بالإجبار، الحقيقة ولا حتى بالاختيار، الكلام ده فى بداية السبعينيات، وده اللى بيخلينى مستغربة لما بافتكر، إزاى مدرستى الأزهرية ماكنش فيها سيدة محجبة، الأكثر غرابة أن مدرستى كانت مشتركة، أيوه والله مشتركة يعنى بنات وولاد فى فصل واحد. انتقلت من ابتدائى لإعدادى، لكن المرحلة الأكثر أهمية واللى أكدت أنى محظوظة هى مرحلة ثانوى، فبينما أنا كنت فى مدرسة أزهرية فى ابتدائى تتبع الأزهر الشريف، كنت بالمرحلة الثانوى فى مدرسة «الإيمان الثانوية بنات» بمنطقة جزيرة بدران بشبرا، تتبع الكنيسة الأرثوذكسية،آه والله الأزهر فى ابتدائى والكنيسة فى ثانوى. كنا نعتبر من الأقليات فى مدرستى، لكن أحب أدهشكم أكثر، إن المدرسة كانت مخصصة مكان لحصص الدين الإسلامى، ومكان علشان نصلى فيه، كنا نتعامل كلنا بمنتهى المحبة ولا فرق بيننا نهائيًا، ومن أكثر صديقاتى اللى فاكراهم جداً الزميلة دعاء عدلى، كانت من أقرب صديقاتى واتفقنا أنا وهى إن كل أسبوع هى حتحفظنى آية من الإنجيل، وأنا أحفظها آية من القرآن الكريم، وأول سورة حفظتها لها كانت الفاتحة، وأول آية من الإنجيل حفظتها لى كانت: «ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التى فينا - الله محبة ومن يصدق فى المحبة يصدق فى الله والله فيه»، وهى دى مصر، هى دى بلدى اللى اتربيت فيها، شعب واحد.. وطن واحد.. إله واحد.