«التربية مهنة، وللمهنة قواعد، هذه القواعد لا تتوافر فى غير خريجى كليات التربية، الذين يملكون أساليب التربية الحديثة وطرق التدريس، وغير مقبول أن يتم اختيار المعلمين غير الحاصلين على مؤهل كلية التربية أو على الأقل دبلومة التربية». هكذا عبر د. حسن شحاتة الخبير التربوى بتربية عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة، عن رأيه فى شروط مسابقة اختيار 120 ألف معلم التى أعلن عنها وزير التربية والتعليم د. طارق شوقى هذا الأسبوع وأثارت جدلا كبيرا بين المدرسين وأولياء الأمور أيضا. ورفض شحاتة وجود معلمين كثر معينين بالوزارة وهم غير مؤهلين لهذه المهنة، فى الوقت الذى يتظلم فيه الخريجون المتخصصون من عدم تعيينهم وقلة الوظائف المتاحة، «لماذا لم يتم النظر بقوائم خريجى كليات التربية الجدد ويتم الاختيار من بينهم على أساس الكفاءة والمهنية بعدما يتم اختبارهم؟.. فلا داعى للمسابقة فى ظل وجود خريجى التربية غير المعينيين منذ أكثر من عشر سنوات». الخبرة أم الإعداد.. ما الأهم تضمنت مسابقة اختيار 120 ألف معلم يتم التعاقد معهم لمدة سنة أو ثلاث سنوات غير قابلة للتجديد، أن يكون المتقدم ذا خبرات سابقة، ولخريج كليات التربية الجديد خبرات سابقة أيضا حتى وإن لم يكن معلما بالفعل، فالتدريبات العملية التى حصلوا عليها بالعامين الجامعيين الثالث والرابع كافية، ودراسة طرق التدريس وتكنولوجيا التعليم تجعل لدى المتخرج الجديد القدرة على العمل بشكل فورى فهو يمتلك خبرة مسبقة من الإعداد الجامعى، هكذا علق د. حسن شحاتة على الجزء الخاص بالخبرات السابقة فى المسابقة والبوابة الإلكترونية التى يتم التقدم من خلالها، موضحا أن هذا الجزء سيكون خاصا بالمعلمين المتعاقد معهم سابقا وانتهت مدة عقودهم. وهنا أبدى الخبير التربوى تعجبه من اللجوء إلى عمل مسابقة لاختيار هذا العدد الكبير من المعلمين فى ظل إمكانية إعادة تجديد عقود المعلمين الذين تم التعاقد معهم سابقا ولم يتم التجديد لهم بعد شهرين فقط من العمل، «ليه نكلف الدولة والوزارة ميزانية جديدة ونهدر وقتا ومجهودا وإحنا عندنا المدرسين قاعدين ومستنيين التعيين؟.. إزاى أعلم طالب لمدة 4 سنين ولما يتخرج لا تتم الاستفادة به؟!». «السماح للمتطوعين بالتقدم للعمل كمعلمين للمراحل الأساسية هو خطيئة كبرى، فمجال الخدمة العامة والتطوع غير مقبول به فى هذه المرحلة، فلماذا لا يتقدم المتطوعون لتأدية تلك الخدمة بمحو الأمية؟». وأضاف أنه لم يتم الأخذ بعنصر الوقت فى إجراء المسابقة والإعلان عنها، حيث إنه كان لابد من إجراء حصر لأعداد المدرسين بمختلف المحافظات فى شهور الصيف وقبل بدء العام الدراسى وليس بعد شهر كامل منه، فلما لم يتم تدارك هذا العجز الواضح من قبل؟ توقيت متأخر «سيتم أخذ المعلمين ذوى الخبرة فى الاعتبار وأعتقد أن الأولوية ستكون لهم.. وهذا ما أراه إيجابيا فى هذه المسابقة»، هكذا قال شحاتة مؤكدا أنه سيتم فرز البيانات إلكترونيا دون تدخل العامل الإنسانى حتى لا يكون هناك أى نوع من أنواع التزييف، وسيتم الاعتماد فقط على الأوراق الرسمية بعدما يتم التأكد من صحة بيانات المتقدم.. «هكذا ستكون وظيفة البوابة الإلكترونية التى سيتم التقدم من خلالها، وستم الاعتماد على الذكاء الاصطناعى فقط فى اختيار المعلم». واتفقت معه عبير أحمد مؤسس جروب اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، على فيس بوك، التى أبدت اندهاشها من توقيت الإعلان عن المسابقة، متسائلة لم يتم استيفاء هذه المتطلبات فى شهور الإجازة الصيفية، فنحن لازلنا فى مرحلة الإعلان عن المسابقة، التى تتعدد إجراءاتها، تبدأ بالتقدم بالبيانات الأساسية الشخصية للمتقدم، ثم التأكد من هذه البيانات، ثم التقدم بالأوراق والشهادات الرسمية المطلوبة والتأكد من صحتها أيضا، وأخيرا يتم الاختيار من بين المتقدمين من خلال البوابة معتمدين على المؤهلات واستيفاء الشروط فقط دون تدخل العنصر البشرى، ثم يتم توزيع المعلم المكلف على المدرسة المحددة له حسب محل إقامته، «جايين نعمل مسابقة ونقول عندنا عجز فى المدرسين والتيرم الأول قارب على الانتهاء!!». وأكدت عبير أنها لا تجد تفسيرا للإعلان عن مسابقة لاختيار معلمين فى ظل وجود آلاف الخريجين غير المعينيين والباحثين عن وظائف، وفى ظل ايضا وجود حوالى 136 ألف معلم معين بعقود مؤقتة انتهت مدتها ولم يتم التجديد لهم، رغم طلبهم للتجديد أكثر من مرة ولم يتم الاستجابة لهم وهم حاليا دون عمل، «ليه نعيد السيناريو من الأول والوقت مش فى صالحنا؟». الاعتماد على المتطوعين تهريج وأضافت عبير أنها تجد استهانة من وزارة التربية والتعليم فى تعاملها مع حل أزمة عجز المعلمين، خاصة فى الجزء الخاص بالسماح للمتطوعين بالتدريس للطلاب فى المدارس، سواء كانوا خريجى الكليات على مختلف تخصصاتها أو السماح لأولياء الأمور بالتدريس!! المعلم المتخصص يجد صعوبة فى فهم الطالب فى بعض الأحيان وفى التعامل السليم معه، رغم دراسته وتخصصه وفهمه لمناهج وطرق التدريس، فكيف لغير المتخصص حتى وإن كان حاصل على مؤهل جامعى أن ينجح فى هذه المهمة؟ كيف يتم التعامل مع هذا الملف بهذه الاستهانة؟، هكذا قالت، ونوهت عن مبادرة بعنوان «أنا متطوع» كان قد أعلن عنها أحد أولياء الأمور منذ حوالى أسبوعين على جروب اتحاد أمهات مصر، للتدريس للطلاب داخل المدارس كنوع من سد العجز الواضح فى أعداد المعلمين، لكنها مبادرة لم تلق رواجا وترحيبا، فالقضية ليست هينة والمسؤولية كبيرة. كما أكدت مؤسس اتحاد أمهات مصر أنه لا بد أن يكون هناك مقابلة شخصية مع كل من يتم اختياره قبل أن يستلم تكليفه ويتم توزيعه على المدرسة التى اختير لها، فالاعتماد على البوابة الإلكترونية واستيفاء الشروط والمؤهلات فقط غير كاف لاختيار المعلم للتدريس، فلابد من الحديث معه وجها لوجه للوقوف على أيديولوجياته الفكرية، وما إذا كان لديه بعض الاضطرابات النفسية، والشخصية التى ربما تجعله غير مؤهل لهذه المهنة رغم استيفاء أوراقها الرسمية. وقال محمد العباسى، مدرس التاريخ بمدرسة العرب بمدينة الحوامدية بمحافظة الجيزة، إن خريجى كليات التربية بالآلاف والوزارة لا تمتلك الميزانية الكافية لتعيينهم، مما يفسر العجز فى أعداد المعلمين الذى يصل إلى 360 ألف مدرس تقريبا، فتلجأ الوزارة إلى التعاقد مع المعلمين بعقود مؤقتة مدتها سنة وأحيانا شهور قليلة وبمجرد انتهاء مدة هذه العقود لا يتم التجديد لهم، وإنما يتم الاعتماد على المعلمين الموجودين بالفعل وإعطاءهم حصص إضافية بجانب حصصهم، مما يشكل عبئا كبيرا على المعلم فى هذه الحالة. وعن شروط المسابقة قال: هى تحتاج أوراق رسمية لا حصر لها تشكل عبئا على كل خريج جديد يطلب وظيفة، وفى حاجة للحصول على كل هذه الشهادات المطلوبة التى حتى يستوفيها ويستوفى شروط المسابقة يتطلب هذا شهور كثيرة وميزانية إضافية أيضا. وفيما يتعلق باختيار 120 ألف معلم، قال محمد رمضان مدير مدرسة التعليم الأساسى بمحافظة الجيزة، إلى أن هذا العدد المطلوب لن يكون لوظيفة المعلم فقط وإنما سيتضمن ايضا اختيار إداريين ووكلاء وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين وخدمات معاونة وغير ذلك من الوظائف التى تشهد عجزا بالمدارس، لذا لم يشترط أن يكون الخريجيين من كليات التربية فقط وإنما من مختلف التخصصات، ولكن فى حال اختيار المعلمين لابد وأن يكون المتقدم حاصلا على دبلومة تربوية أو لديه خبرة سابقة فى التدريس. وأضاف أن السبب فى الإعلان عن مسابقة لاختيار معلمين جدد فى ظل وجود خريجين يبحثون عن وظائف، هو التعيينات الموقوفة منذ فترات طويلة، لذا عند الإعلان عن وظائف جديدة فى أى تخصص لا بد أن يكون الإعلان من خلال مسابقة حتى تتحقق الشفافية، ومن تنطبق عليه الشروط يتم اختياره، «المدرس اللى بيمشى لازم يجى غيره، بدل ما نضطر كمديرين نزود عدد الحصص على المدرسين الموجودين ويكون مجهود إضافى عليهم، وده هيأثر بدوره على المضمون الدراسى المقدم وعلى الطالب». وعبر رمضان عن استيائه من أنه لم يتم الالتفات إلى مشكلة العجز الواضحة فى أعداد المعلمين إلا بعد بدء العام الدراسى ومرور حوالى شهر عليه، فكان لا بد من النظر إلى الوضع القائم بنظرة مستقبلية حتى يتسنى لنا اتخاذ الإجراءات اللازمة فى الوقت المناسب.