شيخ الأزهر يبحث مع وزير التعليم العالي التشادي تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    حماة الوطن بالإسماعيلية ينظم مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحيه في انتخابات النواب    تراجع سعر صرف الدولار في البنوك المصرية (آخر تحديث)    أهالي قرية ببني سويف يطالبون بتعزيز من «الإسكان» قبل غرق منازلهم في الصرف الصحي    حياة كريمة: محافظ سوهاج يتفقد أعمال رصف طريق بناويط جهينة بطول 9 كيلومترات    وزير الخارجية السوري: زيارتي للصين خطوة مهمة لدفع مسار الشراكة بين البلدين    بعد الحكم بإعدامها.. ما هو أول رد فعل من رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة؟    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    مقتل 18 شخصا جراء الانهيارات الأرضية في إندونيسيا    رينارد يستبعد عبد الله الحمدان من قائمة مباراة الجزائر    الزمالك يستعيد آدم كايد قبل مواجهة زيسكو في الكونفدرالية    الزمالك يشكر كل من قدم العزاء في رحيل محمد صبري    من هو إبراهيما كاظم موهبة الأهلي بعدما سجل ثنائية فى الزمالك بدوري الجمهورية ؟    ضبط سائق نقل يسير برعونة على أحد الطرق السريعة بالشرقية    الأرصاد الجوية : تغيرات مفاجئة فى درجات الحرارة والقاهرة تصل ل30 درجة    الداخلية تضبط قائدي سيارتين بتهمة مخالفة الاتجاه بمصر الجديدة    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    الأجهزة الأمنية تضبط السائق المتسبب فى وفاة 3 طلاب بأسيوط    المركز الثقافي الإسباني يستضيف مهرجان شعر البحر المتوسط    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    رئيس دار الأوبرا المصرية يزور الموسيقار عمر خيرت فى المستشفى    محافظ القليوبية يتفقد التجهيزات النهائية لمستشفى طوخ المركزي    الجيش الملكي المغربي يعلن نقل مباراته أمام الأهلي بدوري الأبطال    مدبولي: تيسيرات لإجراءات دخول السائحين عبر تطبيق منظومة التأشيرة الإلكترونية    ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 30.2 مليار دولار خلال 9 أشهر    موعد التصويت بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    بطولة منة شلبي وإياد نصار.. الحب والحرب مسلسل تدور أحداثه خلال الحرب على غزة في رمضان 2026    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره السوداني    توفير 4202 فرصة عمل جديدة للخريجين ب 14 محافظة    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    صفقة حامد حمدان تحدد مصير سيف فاروق جعفر فى نادى الزمالك    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    اليوم .. سعر الدولار يواصل انخفاضه فى البنوك    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    مقتل عناصر عصابة شديدة الخطورة وإصابة ضابط بعد تبادل لإطلاق النار    ضوابط استخدام وسائل الإعلام الحكومية في الدعاية الانتخابية وفق القانون    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمارة الحجر والجواهر
نشر في صباح الخير يوم 28 - 08 - 2019

فى قلب القاهرة الفاطمية ازدهرت فنون العمارة، ووصف الرحالة ناصر خسرو العمائر الفاطمية، بأنها «كانت من النظافة واللطافة، بحيث يمكنك أن تقول أنها مبنية من الجواهر، لا من الجص والآجر والحجر». ومن هذه العمارة القصور التى عاش فيها المعز لدين الله الفاطمى، والتى وصفها المقريزى فى خططه، وهى القصر الشرقى الكبير، والقصر الغربى الصغير، وقصر الشوك، وقصر الظفر، وقصر الزمرد، وسميت بالقصور الزاهرة، ومازالت مساجد ومشاهد الفاطميين شاهدة على عظمة هذه العمارة.
ستقر الجنود والقبائل التى جاءت مع المعز، داخل حارات وبيوت مدينة القاهرة، وسمى بعضها بأسماء القبائل، مثل: حارة زويلة نسبة إلى قبيلة زويلة، وفى عهد الأيوبيين، بدأ يسكن القاهرة أو العاصمة الجديدة، العامة الذين أتوا من مدينة الفسطاط وما حولها، ولم تعد القاهرة مقصورة على سكنى الجنود والخليفة وحاشيته، وفتحت أبوابها، بعد أن كانت تغلق على الحكام.
أما عمائر الفاطميين الدينية، فقد ارتبطت أشكالها وملامحها، تارة بجامع ابن طولون، وتارة أخرى بجامع سيدى عقبة بن نافع بالقيروان، المتمثلة فى المجاز القاطع وهو ممر يأخذ المصلى من الصحن المكشوف إلى بيت الصلاة، كما فى جامعى الأزهر والحاكم بأمر الله الفاطمى. ومن بين المنشآت الدينية فى العصر الفاطمى، مجموعة من الأضرحة والمشاهد، وطراز المسجد ذى الضريح، الذى ظهر لأول مرة فى مصر، فى مسجد السيدة رقية، ومسجد الجيوشى، فهما يضمان بجانب كونهما مسجدين، ضريحين.
تصميم المساجد
ويلاحظ فى طريقة الفاطميين فى بناء المساجد، اهتمامهم بأسلوب التخطيط، للدرجة التى كان فيها تخطيط كل مسجد مختلفًا عن الآخر، وحرصوا على حق الطريق من ناحية، وتمكين الداخل من رؤية المحراب. ورغم أن الطوب الأحمر المكسو بالجبس المزخرف، كان المادة الأساسية فى بناء الأزهر، أول المساجد الفاطمية بالقاهرة، فالعمارة الفاطمية توسعت فى استخدام الحجر، وكان أول استخدام للحجر فى عمارة القصر الشرقى، المبنى سنة 358 هجرية، وقد أشار إلى أحجاره الرحالة الفارسى «ناصر خسرو»، وذكر أنها حجارة محكمة الانطباق بعضها على بعض، حتى يخيل للمشاهد أنها منحوتة فى صخرة واحدة. وفى جامع الحاكم بأمر الله الذى أنشئ خلال الفترة من 380 -403 هجرية-990 ميلادية، نرى البناء بالطوب الأحمر مازال مستخدمًا فى العقود والقوائم، أما جدران الجامع وأبوابه ومآذنه فبنيت من الحجر، كما يقول المقريزى.
الحجارة المعشقة
تميز العصر الفاطمى باستخدام الحجر كمادة للبناء، فمن قبله كان السائد هو استخدام الطوب المحروق «الآجر»، وقد أخذ البناء بالحجر فى الانتشار منذ بناء بدر الجمالى لأسوار القاهرة الحجرية، فنجد واجهة الجامع الأقمر 519 هجرية، مبنية من الحجر، وهى من أرقى النماذج الحجرية فى العالم، حيث إنها غنية بحنايا تنتهى بتضليعات متموجة، مكونة شكل صدفة، وقد أصبح هذا الأسلوب جوهريًا فى زخرفة العمائر الفاطمية وخاصة فى المآذن، كما أن الواجهة الحجرية للجامع الأقمر تحتوى على أقدم مثال للمقرنصات الحجرية الزخرفية فى مساجد القاهرة.
ونفس الأمر نجده فى واجهة الجامع الحسينى المنشأ سنة 549 هجرية، ثم واجهات جامع الفكهانى الذى شيد عام 533 هجرية، وواجهة جامع الصالح طلائع الذى بنى عام 555 هجرية.
وترتب على استخدام الحجارة فى البناء ابتكار طريقة الصنج المعشقة أو الحجر المعشق، وهى الطريقة التى استخدمت فى عقود النوافذ والأبوب، وهى عقود لها سمت مميز كبديل عن العقود المقوسة والمدببة، ويوضح المعماريون أن لهذا الابتكار المعمارى ضرورة بنائية، إذ إن تعشيق الحجارة يربطها ربطًا قويًا، كما تظهر فى أبواب النصر والفتوح وزويلة.
وفى كتاب «مساجد القاهرة فى العصرالفاطمى» لأحمد فكرى يذكر أن الفاطميين أحضروا معهم ابتكار «الحدارات» لمعالجة قصر الأعمدة واختلاف ارتفاعاتها، وإيجاد قواعد ثابتة على مستوى واحد لأطراف العقد، وقد صنعت الحدارات فى الأزهر من الحجارة وفى الأقمر من ألواح خشبية، وفى الصالح طلائع على وسائد خشبية، وتوضع هذه الحدارات فوق تيجان الأعمدة. وقد شاع استخدام الأعمدة فى العمارة الدينية الفاطمية، فى جامع الأزهر والأقمروالصالح طلائع، بينما استخدمت الدعامات فى جامع الحاكم بأمرالله.
العقود والمحاريب
استخدمت العمارة الفاطمية مجموعة من العقود منها المقوس والمزدوج واشتهرت بالعقد المدبب والمنفرج، اللذين أخذا فى التطور وظهر ذلك فى عقود مساجد الجيوشى والأقمروالسيدة رقية.
وتميز التخطيط فى العمارة الفاطمية بظاهرة تعدد المحاريب، فى بعض مساجد القاهرة وأضرحتها، والتى أخذ بعضها الشكل التقليدى، فى الأزهر والحاكم ثم تطورت فى جامع الجيوشى وجامع السيدة رقية، كما عرفت أيضًا المحاريب المتنقلة.
ويقول أحمد فكرى فى كتابه إن الأسقف المسطحة الخشبية ظلت تستخدم كطريقة للتسقيف فى مساجد العصرالفاطمى، فى مساجد الجامع الأزهر والحاكم والصالح طلائع، إلا أن تطورًا قد حدث فيما بعد، فاستخدمت القبوات أو الأسقف المبنية كأسلوب جديد فى التغطية، وخاصة على الممرات الواقعة فى مساجد الحاكم والجيوشى والأقمر والصالح طلائع. أما المآذن المصرية فى العصر الفاطمى فتأثرت بمآذن المغرب والأندلس، ولكن مع بعض الاختلاف، فبينما نجدها فى المغرب والأندلس تحتفظ بالشكل المربع فى القاعدة والبدن وطوابقها على السواء، نجدها فى القاهرة تحتفظ بالشكل المربع فى القاعدة فقط، بينما باقى الطوابق تأخذ الشكل الأسطوانى أو المضلع.
مشاهد حقيقية ومشاهد رؤيا
شهد العصر الفاطمى فى مصر، تشييد الكثير من القباب المخصصة للدفن، لاسيما فوق قبور آل البيت، والتى أطلق عليها اسم «المشهد»، واعتنى بها الخلفاء والوزراء بالبناء والتجديد وزيارتها والتصدق عندها. ويذكر المقريزى فى خططه: «أن الخليفة المعز كان يزور المشاهد فى موكب أول العام،، كما يذكر المؤرخ ابن دقماق أن الخليفة الحاكم بأمر الله بنى مشاهد لمدافن الأشراف بين مصر والقاهرة». وذكرت د. سعاد ماهر فى كتابها «مساجد مصر وأولياؤها الصالحون» أن الفاطميين قصدوا من بناء المشاهد والأضرحة وتعظيم آل البيت إلى استمالة الشعب، وتثبيت حكمهم، كبنائهم لمشاهد عاتكة والجعفرى وأم كلثوم والسيدة رقية، أو أنهم أرادوا التبرك بها درءًا لخطر الأعداء، كبنائهم مشهد الجيوشى بأعلى جبل المقطم، كأنه حصن حربى يراقب منه الأعداء. أو أن بعض الخلفاء أرادوا ببناء المشاهد أن يبعدوا عن أنفسهم شبهة القتل، أو التكفير عما اقترفوه من جرائم، فنجد الخليفة الحاكم بأمر الله يبنى مشهد السبع بنات، بعد أن أمر بقتل سبعة من أقارب وزيره ابن المغربى، بينما بدأ الخليفة الحافظ لدين الله ببناء مشهد السيدة رقية، بعد أن تربص لقتل ابن الخليفة الآمر بأحكام الله، ليتولى الحكم بدلاً منه.
وترى د. سعاد أن كل المشاهد قد بنيت خارج القاهرة الفاطمية، تحقيقًا لهدفين: الأول سياسى هو صرف الناس عن الخلافات السياسية، وما يدور بقصور الخلفاء الفاطميين، والثانى دينى وهو تأكيد نسب الخلفاء الفاطميين لآل البيت. وبعض المشاهد إما أنها مشاهد حقيقية، تحوى جثمان المتوفى صاحب الضريح، أو أنها مشاهد رؤيا، أى بنيت بناء على رؤيا رآها ببناء المشهد فى منامه.
ومن أشهر هذه المشاهد، مشهد السبع بنات سنة 400 هجرية، ومشهد الجيوشى المبنى سنة 478 هجرية، ومشهد إخوة يوسف سنة 500 هجرية، مشهد الجعفرى 513 هجرية، مشهد عاتكة 515 هجرية، مشهد أم كلثوم 516 هجرية، مشهد السيدة رقية 526، المشهد الحسينى سنة 549 هجرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.