تطورت مدارس وأساليب التسول، وطوعت وسائل التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعى لتنمية إيراداتهم، واستغلت شبكات التسول الحديثة حالة البطالة بين بعض الشباب لإغرائهم بمضاعفة مكاسبهم؛ خصوصًا فى مواسم الأعياد ورمضان والمناسبات التى يكون رائجًا فيها عمل الخيرات. وما بين التسول بجمع التبرعات بالكول سنتر، وتسول العملاء للاشتراك فى الإنترنت، يكون الشباب من الطلاب وحديثى التخرج دائمًا هم الصيد السهل لتحقيق مطامع محترفى التسوّل الإلكترونى. محمد حسن «21 عامًا» طالب جامعى قرر أن يعمل فى إحدى الجمعيات الخيرية بالهرم، فتقدّم إلى الجمعية وعمل المقابلة الشخصية، واستلم العمل خلال 24 ساعة من المقابلة، ولكن لاحظ أن هذه الجمعية لم تطلب منه أوراقًا رسمية فشعر بالخوف من عدم استلام راتبه آخر الشهر، ورُغم خوفه استمر فى العمل. ويقول محمد إنه كان يعمل بنظام «الشيفتات» المتغيرة ومقر عمله داخل شقة لا تتعدّى مساحتها 120 مترًا، ولكنها تستوعب عددًا كبيرًا من الموظفين ومع هذا العدد كان العمل صعبًا داخل هذه المساحة التى لم تكن تستوعب كل هذا العدد، فكنا نحو 20 موظفًا وكان العمل هو الاتصال بالمتبرعين عن طريق التليفون المحمول، ونطلب منهم أن يتبرعوا لعمل شنط رمضان، ومنهم من يستجيب ونتفق معه على زيارة ويذهب المحصل إلى مكان سكنه أو عمله لتحصيل التبرع منه، ومنهم من يغلق الهاتف فى وجهنا. أضاف محمد: «الجمعية عارفة إن إحنا طلبة ومنزلين إعلان الشغل على الأساس ده، علشان ده موسم لَمّ التبرعات قبل رمضان، وبيحتاجوا عمالة إضافية قبل رمضان بداية من شهر رجب وأيضًا قبل ذو الحجة، الشغل مش صعب بس أسوأ حاجة فيه إن عميل يقفل السكة فى وشك أول ما يسمع إنى مندوب ترويج للتبرعات، وده بيأثر عليّا آخر الشهر إنى ما حققتش «التارجت» الهدف الموضوع علشان آخد البونص الزيادة فى المرتب». «متسول متخفى» ياسمين أحمد «28 عامًا» تحكى تجربتها فى هذا المجال قائلة: «كنا نعمل بنظام الشيفت الواحد ونقوم بالاتصال بالعملاء وإقناعهم بالعرض الذى كان وهميّا، ونلح على العميل للاشتراك فى عروض الشركة، مثل الاشتراك فى الإنترنت، وكنا نتصل بهم أكثر من مرّة رغم معرفتنا أنهم لا يفضلون هذه العروض، ولكن الشركة كانت تقدم لنا قائمة أرقام لا بُدّ من الاتصال بها يوميّا، أكثر من مرّة فى اليوم الواحد، واستمر عملى فى هذه الشركة رغم قناعتى أن هذا العمل يشبه التسول ولكن بالطريقة الحديثة، فكنت دائمًا أقارن نفسى بالأشخاص المتسولين الذين يقفون فى الإشارات ويلحون على أصحاب السيارات للشراء، والفارق الوحيد أننى لا أكشف هويتى مثلهم». أحمد مدحت «25عامًا.. خريج حقوق» قال إنه كان يبحث عن عمل فى محيط منطقة إمبابة وفى أحد الأيام وجد إعلانًا عن مكتب للزواج يريد أفرادًا يعملون بالكول سنتر، فتوجّه إلى العنوان المذكور، وقدم طلبًا وكانت أهم النقاط التى اعتمدت عليها المقابلة « بتعرف تقنع الناس كويس، وبتعرف تتكلم بطريقة الصعبنيات!!» لافتًا إلى أنه عمل فى اليوم نفسه وبدأ بالتدريب على طريقة إقناع عملاء من دول عربية أن يتبرعوا لتجهيز عرائس الأيتام وإعانة أسرهم فى تجهيزهم. أضاف أحمد أنه بدأ بالعمل فكان يتصل بعملاء من دول عربية ويقوم بالإلحاح على طلب التبرعات منهم إما عن طريق اتصال مباشر بهم أو عن طريق الإنترنت وعمل «بوستات بأكاونتات على الجروبات» الخاصة بالمشتركين من هذه الدول. وقال: «كان عندهم قائمة أرقام كنا نتصل بهم كذا مرّة كى نلم تبرعات كتير وكانوا يقفلوا فى وشى الخط، وبرده فى ناس من كتر الإلحاح عليهم كانوا بيتبرعوا عن طريق حساب فى البنك.. الشغل بالنسبة لى لم يكن مقتنع بيه بس أكل العيش مُرّ، المهم أنى أحقق التارجت المطلوب هو 5000 ريال فى الأسبوع الواحد فكان المكتب يعطينى مرتبى 500 ريال فى الشهر رغم أنى دائمًا كنت بحقق التارجت وهمّا كانوا بياخدوا التبرعات لصالحهم ويأخدون جزءًا يعطونه للعرائس اللى بتتجهز».