التكيف مع العمل ك«كول سنتر» ليس أمرا سهلا، خاصة بالنسبة لأصحاب المواهب والتطلعات والطموح، الذين رأوا في تجربة العمل فى الكول سنتر، مواقف ويوميات صعبة وغير متوقعة، لم يستطيعوا تحملها، وبعضهم ما زال يعانى منتظرا تغير الأوضاع بعد أن وقع فى دوامة العمولات التى لا بد أن يحصل عليها ليسدد التزاماته المادية. فى السطور التالية تجارب لهؤلاء الشباب ويوميات ساعات المكالمات الهاتفية. كريم فهمي«30 سنة» خريج آداب القاهرة، يروى تجربته فى مجال عمل الكول سنتر قائلا: «قدمت سيرتى الذاتيه لشركة تابعة لإحدى شركات الاتصالات الكبرى،خاصة أن مجال الكول سنتر لا يشترط الخبرة السابقة، وتم قبولى فى «أكونت إنجليزى» وبعدها أخذت تدريبا لمدة شهر، ثم بدأت العمل وبدأت الصدمة مع أول مكالمة، تعرضت لإهانة من قبل عميل، وكانت صدمتى،موظف الكول سنتر يسمع إهانته يوميا وليس له حق الاعتراض، وإلا يفصل نهائيا من الشركة «احنا زى الكومبارس الصامت نسمع إهانتنا ونسكت ولازم نرضى العميل». 8 ساعات يوميا بينها ساعة راحة، «من كتر ضغط الشغل والمكالمات كنت بارجع البيت مصدع ومش قادر أكلم حد ولا قادر أتعامل مع حد فى البيت وأصبت بلعنة تكرار جملة «لحظات معايا يا افندم» بقيت باقولها لأى حد أعرفه أو معرفوش». بعد عامين حصل كريم على ترقية، «تيم ليدر» أو قائد الفريق وأخيرا تركت السماعة وأخذت وضعى فى الشركة وتم تثبيتى،بعدما كنت أشعر أنه يمكن الاستغناء عنى فى أى لحظة، لكن المرتب لا يكفى شابا فى الثلاثين يجتمع بالموظفين الجدد ويدربهم للعمل، على طريقة أخذ المكالمات، ويقيمهم ويشرف على وضع ورديات العمل وغيرها». الحاضر الغائب فى البيت أما «سارة محمد» خريجة كلية التربية الفنية، فعملت فى الكول سنتر من المنزل لموقع إلكترونى لمدة 6 أشهر، ثم تركتها بعد أن أدركت أنه لا فائدة من الوظيفة «أنا فنانة ولست بياعة، بعد التخرج لم أجد عملاً فى تخصصى،لذلك قررت العمل كموظفة للكول سنتر من المنزل لموقع يبيع المنتجات الإلكترونية والأدوات المنزلية، الأمر كان يستوجب أن انعزل عن كل من حولى فى المنزل، 7 ساعات يوميا أمام شاشة الكمبيوتر إما صباحية أو مسائية، وأرد على مكالمات العملاء أو الاتصال بهم لتأكيد الطلبات من خلال هاتف سلمته لى الشركة، براتب أساسى 1500 جنيه «مش وحش لأنه كان من البيت». أضافت سارة: «الشركة تضع هدفا محددا لعدد المبيعات للحصول على العمولة، وإذا لم يتحقق التارجت المطلوب خلال الشهر، يخصم من المرتب الأساسى، والشركة تتعامل معنا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك أو الواتس آب لتحديد شيفتات العمل، وبعد أن استمررت فى العمل 6 أشهر أصبحت الحاضر الغائب فى المنزل، أصبحت لا أتكلم مع أحد ويصيبنى التوهان وأنا جالسة مع عائلتى وانعزلت تماما عن أصحابى». «خدمة العملاء مش سهلة» «لميس، 24 سنة» خريجة كلية التجارة، تعمل فى مجال الكول سنتر منذ عامين، بعد تفوقها فى الجامعة، تخرجت بتقدير جيد جدا وبحثت فى مجال تخصصها وكانت أحلامها أن تعمل بأحد البنوك وبحثت فى العديد منها عن وظائف خالية دون جدوى،فلجأت للعمل موظفة خدمة عملاء فى شركة إنترنت. تحكى لميس تجربتها فى العمل «كول سنتر»: «تصل مكالمات العملاء أحيانا إلى 150 مكالمة فى اليوم وتتعدى مدة بعض المكالمات نصف ساعة أو أكثر، أسهل حاجة على العميل أنه يكلم خدمة العملاء، مايحاولش يعرف المشكلة، فى مرة عميل كلمنى وكان شايل فيشة الرواتر أصلا وبعض العملاء يهينون الفتيات أو يتحرشون بهن، وللأسف دخلت الكثير من الجمعيات وزادت ديونى لكى أساعد أهلى على نفقات الحياة والاستعداد للزواج، نفسى أخلص من الجمعيات حتى أتخلص من هذا العمل بعدما أصبت بالتهاب فى الأذن الوسطى» •