فى التاسعة والربع وصلنا إلى محطتنا الأولى مدينة «سونو»، وتعنى «السوق» بالهيروغليفية القديمة وقد تحورت الكلمة إلى أن وصلت إلى «أسوان»، بعد خروجنا من محطة القطار ركبنا سيارتنا إلى المركب التى سوف تقلنا إلى جزيرة «هيسا»، وتعود تسميتها تيمنا بالملك «هيس» أحد ملوك الأسرة السابعة، الذى استقر بهذه الجزيرة الواقعة بين السد العالى وخزان أسوان بجوار معبد فيلة، وكلمة «أنوكا» تعنى «البيوت» باللغة النوبية القديمة، أهل هذه الجزيرة حاربوا وحش الاستثمار الذى يريد أن يأكل كل مظهر جمالى حى ويحوله إلى أرقام وأرصدة فى البنوك، كما حدث فى منطقة «غرب سهيل» التى تحولت من الطبيعة البكر إلى فنادق سياحية تصل الليلة الواحدة بها إلى 1000 جنيه مصري، أما «هيسا» فاحتفظ أهلها بهويتهم وطباعهم وذكرياتهم عن النوبة القديمة بتوشكى قبل قضية التهجير، البيوت فى هيسا مثل الطفل الصغير الذى يفرح برؤية أحد أبويه قادمًا، فأول ما تتطأ قدماك أرض الجزيرة فتحاط بالترحاب من قبل الجميع، أهل الجزيرة يؤجرون نصف منازلهم لمحبى التأمل والاستجمام أمثالنا، ويعيشون هم وعوائلهم فى النص الآخر، يتكفلون بالإقامة الجيدة لزائريهم، من أكل وشرب ورحلات للمزارات السياحية المختلفة حول الجزيرة، وغيرها من الأنشطة التى تجعلك لا تمل من تواجدك فى هذه الطبيعة الصامتة التى شكل الزمن والتاريخ صخورها وحولها لقطع فنية «تجريدية» تتحدث وترقص وتتمايل وتغنى لمحبيها وعاشقى رؤية الجمال فى كل ما حولهم. •