المبدع والمتميز لا يحتاج إلا لفرصة واحدة ليفرض نفسه ويُجبر الآخرين على الانتباه بأنك أمام شخص صاحب موهبة وشخص صاحب مدرسة مختلفة، كمال منصور كان أمام تحدى كبير بداية من الجزء الأول من أبو العروسة أو بالأحرى تحديات كثيرة عودة للدراما بعد غياب،عمل كبير تتوجه إليه كل الأنظار به عدد كبير من الوجوه الجديدة، نجوم كبار وإدارتهم تحدى كبير. وأخيرًا ستون حلقة خارج شهر رمضان يجب ألا يشعر المتفرج خلالها بأى رتابة أو ملل فى الإيقاع، نجح الجزء الأول من أبو العروسة وحقق أصداء أكثر من مبهرة ثم جاء التحدى الجديد بخروج جزء ثان من أبو العروسة لا يجب أن يقل فى نجاحه وإبهاره عن الجزء الأول. كمال منصور مخرج يبدو من أول وهلة أنه صاحب نظرة مختلفة ومتميزة ظهرت من خلال لوحات وتكوينات فنية مبهرة على الشاشة، تحدث معى فى السطور القادمة عن كل التحديات وعن نجاحه وأحلامه وعن تأثره بمدرسة يوسف شاهين.. • الجزء الثانى من أى عمل ناجح هو سلاح ذو حدين، وتحد للحفاظ على النجاح والجماهيرية، ألم يشعرك هذا القرار بالقلق؟ كنت أشعر بالقلق ولن أخفى هذا , فأنا وجميعنا شاهدنا أجزاءً لأعمال كبيرة مثل الشهد والدموع وليالى الحلمية على سبيل المثال، فهى أعمال لأسماء كبيرة وكانت تُعرض على التليفزيون المصرى الذى كان النافذة الوحيدة وقتها، والجزء الثانى فى هذه الأعمال كان مبنيًا على أحداث بعد مرور سنوات من الجزء الذى يسبقه «من 5- 10 سنوات» فيكون من المتاح تغيير فى الأبطال أو ممثل ظهر عليه علامات التقدم فى العمر وغيرها من التفاصيل ،وغزل حواديت جديدة فى الأحداث، فى حالة أبو العروسة المُقلق فى الأمر أن أحداثنا تدور بعد مرور سبعة أشهر فقط من انتهاء أحداث الجزء الأول، وهذا صعب جدا على الكاتب، لاستكمال الحدوتة بنفس الإيقاع والحفاظ على هذا البناء والحفاظ على الأداء التمثيلى لشخصيات من المفترض أن حياتهم لم تتغير كثيرا فى الشهور الماضية. أصابنى القلق بدرجة ما ولكن ما طمأننى أنه لم يمر وقت طويل على انتهائنا من تصوير الجزء الأول فالناس لم تنس الحدوتة ومازالت متجاوبة معها وكذلك الممثلين لم ينسوا شخصياتهم ويخرجوا منها، «الجزءان إذا عُرضا معا على شريط واحد مُكملين لبعضهما لن يشعر أحد أنهما جزءان مختلفان وهذا فى حد ذاته نجاح» . كانت معركتى الوحيدة هى عدم التقاعس والاعتماد على نجاح الجزء الأول بل الاجتهاد فى كل تفصيلة ترفع من أسهم وجماهيرية وتفاعل الناس مع المسلسل فى جزئه الثانى وأن تكون هناك بعض المشاهد « ترند»، كما حققت بعض مشاهد الجزء الأول ،وهذا هدفنا كلنا كفريق عمل لكى نثبت ونؤكد أن نجاحنا لم يأت بالصدفة، بل بتعب ومجهود فريق عمل لا ينام تقريبا ومهتم بأدق التفاصيل. • إذا، كيف بدأت فكرة الخروج بجزء ثان للعمل؟ بمجرد انتهائنا من الجزء الأول لم يكن هناك تفكير فى جزء ثانى، ظهرت فكرة الجزء الثانى بعد جماهيرية الجزء الأول وبدأ الجمهور يطالب بجزء ثانى، من خلال السوشيال ميديا، تم تأجيل الفكرة إلى حين دراستها، أنا لم أكن سأقبل أن يكون هناك جزء ثانى إلا عندما نقف على تصور كامل لشكل وأحداث الجزء الثانى والتأكد أنه سيحقق نجاحًا مماثلًا للجزء الأول. فى أغسطس الماضى بدأت تتضح معالم الحدوتة وفى سبتمبر بدأنا جلسات العمل، لنحدد كيف يمكن أن نبدأ الحدوتة بعد أن انتهى الجزء الأول بالنهاية المنطقية المحببة. كان لدى تساؤلات عديدة أهمها هل سيكون الجزء الثانى بنفس الأبطال ؟ وأماكن التصوير التى تعلق الجمهور هل ستظل كما هى، فبيت عبدالحميد من الديكورات المهمة جدا، ومن هنا كانت القرارات باستكمال النجاح بنفس الأبطال ونفس المنزل الذى تعلق به الجمهور. • فى جلساتك مع مؤلف العمل ما الخطوط العريضة التى كان يهمك أن تكون موجودة فى الجزء الثانى؟ كل همى أنه كما لمسنا الناس فى البيوت وفى الشارع بالواقعية فى الجزء الأول مهم جدا ألا يتم تسفيه وتسطيح المواضيع فى الجزء الثانى خاصة أن المسلسل ستون حلقة ولن أقبل أن تقل الأحداث فى أهميتها وإيقاعها وواقعيتها عن الجزء الأول، وهذا ما طمأننى له مؤلف العمل أستاذ هانى كمال. مبعث اطمئنانى أن معى كاتب متمكن، وجهة إنتاجية محترمة وتريد تقديم عمل مشرف، ومدير تصوير متمكن، يعنى عناصر نجاح العمل وكذلك كل فريق العمل ونجومه. • خلق موسم عرض مواز لشهر رمضان، ميزة أم مأزق بالنسبة لصانع العمل الدرامى؟ هذا الموسم مهم جدا ووجوده أفاد الدراما بشكل كبير وسيلمس هذه الأهمية العاملين فى الميديا بشكل كبير، فأنت فتحت «سيزون» جديد للعاملين فى الوسط ، وتقديم مسلسل درامى خارج شهر رمضان بهذا النجاح وهذا الكم من المُعلنين، وشعور القناة والجهة المنتجة بقيمة ما قدم فتطلب جزء ًا ثانٍ من العمل هذا أمر مهم جدا. هذا أكبر دليل أن النجاح والتحقٌق ليس متوقفًا على شهر رمضان، هذا ما حققناه من خلال حدوتة درامية اجتماعية واقعية بدون افتعال جعلت البعض يقول «عايزين نعيش مع العيلة دى» فهذا بالنسبة لى أعظم نجاح. التركيبة النفسية للمصريين ضغوط الناس والمشاكل وغياب الابتسامة عن معظم ساعات يومهم جعلهم يبحثون ومتعطُشين لأى شئ يجلب لهم الابتسامة، صعوبة أن تجد عملًا يحمل لهم هذه الابتسامة المُفتقدة طوال اليوم ويبتسم بصحبة أولاده أو أسرته، وهذا التعليق سمعته كثيرا أن هذا العمل خلق حالة فصلت المتفرج عن الأجواء المشحونة والمتوترة بفعل البرامج السياسية والإخبارية طوال الوقت، وبعيدا عن مسلسلات ضرب النار والقتل، بدأ يفكر فى مشاهدة عمل لا يخدش حياءه هو وأسرته ودون لفظ خارج وهو بصحبة زوجته وأولاده، كان هذا أيضا من أسباب نجاح العمل. • من المُلاحًظ من الجزء الأول أنك تحرص على وجود تكوين سينمائى ولوحة غنائية أو راقصة، إلى أى مدى أنت متأثر بهذه الروح والصبغة السينمائية حتى فى عمل تليفزيونى؟ أنا أعشق السينما وبدايتى كانت سينما وكنت أتمنى أن تكون بدايتى من خلال السينما ولكن الظروف الإنتاجية لم تسمح بذلك، وحتى إذا كنت أقدم عملًا تليفزيونىًا فأنا لن أتنازل فى الصورة وأن أقدم «تكنيك سينمائى»، وأعتقد أننى مع جهة إنتاجية توافقنى على هذا من أجل هذه الصورة المبهرة التى أشاد بها الجميع، أنا أحب هذا الشكل وأكون مستمتعًا أثناء تنفيذه وبصراحة شديدة الورق مشجعنى على تقديم هذا. • انتقد البعض حالة «علاقة طارق وزينة» ووصفوها بعدم المصداقية..؟ بعيدا عن كونى مخرج المسلسل فتفسيرى لهذه الانتقادات أن الناس فعلا مفتقدة هذا وبدأت ترى العلاقة السوية هى الخطأ واللا معقول، هل ننتقد رجل يحب زوجته التى حارب أسرته من أجلها!، من أجل تحضيره الإفطار لها وهى حامل فى الشهر السابع! هذه المشاهد ظهرت تعليقات بعدم تقبل الناس لها رغم أن هذا هو السلوك الطبيعى وهو موجود فى علاقات حب حقيقية رغم أنها ليست كثيرة، ولكن هل أصبح الطبيعى أن يضرب الرجل زوجته أو يهينها؟! أو الانفصال والطلاق. أنا قدمت نموذجًا جيدًا من الواقع وليس مستحيلا، المسلسل به إيجابيات وقد تكون به سلبيات بالنسبة للبعض ولكن ما حاولنا إيصاله هو تلك الحالة الأسرية الدافئة. • السينما هى عشقى الأول والأقرب لقلبى ولو لم تكن بداياتى فى السينما لأصبح الموضوع مختلفًا بالنسبة لى تماما وكانت إدراتى ستكون مختلفة وكذلك توجيهاتى للممثل مختلفة، أنا الحمد لله كنت محظوظًا أن أعمل لوقت طويل فى السينما ومع مخرجين عظام فى أفلام كبيرة واجهنا فى معظمها معوقات كبيرة شكلت لى خبرة بكل تأكيد، عملى مع مخرج بحجم يوسف شاهين بقدر ما هو ميزة وخبرة وشرف كبير لى إلا أنها مسئولية كبيرة يجب أن أكون على قدرها طوال الوقت ويجب أن يكون إنتاجى ونجاحى كمخرج مقرون بهذا الشرف والمسئولية. أنا وظيفتى الأساسية مخرج، أما التمثيل فى بعض الأدوار كان مجرد هواية لكن الإخراج هو مهنتى الأساسية، وأفكر جديا أن أقدم عملًا سينمائيًا الفترة القادمة إذا وفقت فى إيجاد حدوتة جيدة تليق بالجمهور الذى وثق فىّ الفترة الماضية وألا أفقد احترامه لى. •