«علمتنى زينب أن الكثيرين منا معاقون ومستسلمون لظروف، بالقياس لظروفها تعد رفاهية لم تحظ بها»، هكذا كتبت عنها د.ماجدة مخلوف، الأستاذ المساعد بالمعهد العالى لفنون الاتصال والإعلام، فى التاسع عشر من يناير عام 2017، عندما حصلت زينب على درجة الماجستير فى الإعلام عن رسالة بعنوان «دور البرامج التليفزيونية فى تشكيل معارف الجمهور واتجاهاته نحو ذوى الاحتياجات الخاصة»، والتى سعت سنوات للحصول عليها بعدما اجتازت السنة التمهيدية بنجاح عام 2010. زينب محمد ابنة محافظة بنى سويف، المعيدة بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة بنى سويف، فقدت بصرها بعد وقت قليل من ولادتها: «دخلت مدارس النور التابعة لوزارة التربية والتعليم الموجودة فى كل محافظة، ورغم رغبتى منذ الصغرها بأن ألتحق بالمدارس العادية وأندمج مع جميع الأطفال، إلا أنه لم يكن من السهل ذلك وقتها، ففى هذه السن يكون الطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى معاملة خاصة، وإلى من يفهمه ويستطيع استيعابه، ومدارس النور تلك هى المخصصة لذلك، وفيها تعلمت طريقة برايل. تخرجت زينب فى مدارس النور والأمل بمجموع كبير فى الثانوية العامة، ولاحظ جميع المعلمين تفوقها الدراسى وذكاءها منذ الصغر، إلى جانب سرعة البديهة والنبوغ، وكان حلمها الذى بدأت فى تحقيقه أن تكون أستاذة جامعية. «برايل تعلمها صعب لكن مش مستحيل» وتضيف زينب: «طريقة برايل مش سهلة وبتاخد وقت كبير فى تعلمها، والأفضل تعلمها فى سن الطفولة، فهى عبارة عن 6 نقاط تختلف باختلاف ترتيب الحروف، وحسبما يختلف ترتيب هذه النقاط ومكانها وعددها يختلف الحرف الذى يتلمسه الشخص الكفيف بيديه، وذلك حتى يتمكن من التعرف عليه،وهى نفس الرموز المستخدمة باللغة العربية والإنجليزية وكذلك الرياضيات». وتشير زينب إلى ضرورة تعلم طريقة برايل فى سن صغيرة نظرا لقوة حاسة اللمس فى هذه السن، ومرونة أعصاب اليدين، ومن ثم سهولة التعرف على ما يتلمسه الطفل بيديه، فكلما زاد عمر الخلايا اللمسية للشخص الكفيف، زادت صعوبة تعلمه لطريقة برايل، وهناك معلمون مدربون على التعامل مع هؤلاء الأطفال وكذلك تعليمهم طريقة برايل، وذلك من خلال البعثات والدورات المنظمة من قبل وزارة التربية والتعليم، والتى حصلوا عليها من قصر النور بالقاهرة، وهو المسئول عن توريد الكتب الدراسية والأدوات الخاصة بهؤلاء الأطفال. «صعوبات طريقة برايل» وتضيف: «طريقة برايل تستطيع أن تعبر عن الرسوم والخرائط لكنها مابتعبرش عن الصور، ولسة بتواجهنى صعوبة فى التعرف على الرسوم وبعض الخطوط لحد دلوقتى، وعند دراستى للجغرافيا والتاريخ وجدت صعوبة شديدة، فالبنسبة إليها طريقة برايل لم تكن تعبر بشكل كاف عن الخرائط والصور والتى لابد من رؤيتها بوضوح، وكبر حجم المطبوعات بطريقة برايل والتى تستهلك وقتا كبيرا فى نقلها وتكلفة مادية عالية فى طباعتها، «المصحف الشريف يطبع فى 6 أو 8 مجلدات، فكتابة الكلمات بجميع حروفها يتطلب كتابة عدد لا حصر له من النقاط البارزة بطريقة برايل، والتى تتطلب نوعا خاصا من الورق السميك يتحمل هذه البروز، لذا نجد الشكل النهائى لأى كتاب على طريقة برايل ضخمًا ويصعب حمله، وهناك صعوبات واجهتها فى المرحلة الجامعية، لأن الجامعة توفر فقط الكتب التى يؤلفها الأستاذ الجامعى والتى لا يحصل عليها الطالب إلا قبل فترة الاختبارات بوقت قصير، وعلى الطالب ذى الإعاقة تحويل تلك الكتب إلى مطبوعات بطريقة برايل، ثم طبعها». وتقول: «الكلية عينتنى معيدة من غير ما تعرف ظروفى، فمنذ 4 سنوات أعمل معيدة بكلية إعلام جامعة بنى سويف، بعد تخرجى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير امتياز وكان من الصعب وقتئذ تعيينى كمعيدة نظرا لترتيب الأوائل، لكنى قدمت أوراقى مباشرة عقب علمى بإنشاء كلية للإعلام بجامعة محافظتى الأصلية «بنى سويف»، وبالفعل تم قبول أوراقى لتقديرى العالى، ولم تكن الجامعة على علم بظروفى الخاصة، ولكنى أثبت فى بضع سنوات أننى جديرة بالوظيفة التى تقدمت إليها، وأعمل دائما جاهدة على التواصل المستمر مع الطلاب، وأحرص على التحضير الجيد للمناقشات قبل المحاضرات، وأسلوبى يعتمد بشكل كبير على الشرح الشفوى، وأنا الآن فى طريقى للحصول على درجة الدكتوراة. •