الارتباط - أصبح «البعبع» الذى يهدد طموحات الشباب وأحلام الفتيات.. مسئولية وقلق ومصاريف وخناقات وخلافات تصبح معها الحياة مظلمة وكئيبة، فقبل الدخول إلى هذا العالم الذى يحمل فى طياته النقيضين؛ إما الود والحب أو الاختلاف والانفصال، يفضّل أن يفحص الطرفان جيدًا إمكانياتهما لاستمرار الحياة، ومن هنا كانت مبادرة المجلس القومى للمرأة «معًا لنبقى». المبادرة تبنتها لجنة الشباب بالمجلس للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، متضمنة ثلاث ورش عمل، على مدار 15 يومًا، شريطة حضور الزوجين معًا أو المخطوبين. «معًا لنبقى» بمثابة برنامج توعوى مكثّف للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، لتوضيح المفاهيم المهمة قبل تكوين أسرة ناجحة وفاعلة ومنتجة» تقول دينا حسين، رئيس لجنة الشباب بالمجلس: المبادرة تهدف إلى تقليل نسبة الطلاق، من خلال مشاركة الطرفين فى كورس خاص على ثلاث مراحل. أولها: أن يصل الشاب والفتاة لنقطة تفاهم، وأن يدرك كل منهما حقوقه وواجباته جيدًا. والثانية: تشمل التعرف على الطباع التى ترتبط عادة بالبيئة والنشأة، وبالتالى يجب احترام الاختلاف، والأخيرة: تكمن فى التركيز على كيفية تكوين أسرة بشكل سليم وصحى. تستكمل دينا: «المشكلات عادة تكون متشابهة، وأغلبها بالنسبة للمرأة إن الراجل مش بيسمع تفاصيل كلامها، وبياخده من فوق الوش، وبالتالى يعيشان فى حالة من عدم التفاهم، أمّا المشكلة بالنسبة للراجل بتكون إن الست مش عاوزة تتغير عشانه»، مضيفًا أن أكثر ما حاز على إعجاب النماذج التى حضرت ورش التدريب، استيعاب كيف يتم التفاهم بين الطرفين بشكل سليم ودقيق. حكاية الدكتور غانم وزوجته مرام الدكتور محمد غانم، وزوجته السورية «مرام» التى تكمل حاليًا دراستها للماجستير بكلية الآداب فى جامعة القاهرة.. الاثنان لهما حكاية من نوع خاص، فرغم أن فارق السن بينهما 3 سنوات فقط، إلّا أنهما يختلفان تمامًا فى مستوى الثقافة، لأن كل واحد فيهما نشأ فى بيئة تختلف تمامًا عن الأخرى، لكن «الكورسات» كان لها الفضل الأكبر فى تقارب وجهات نظرهما، وإدارة الحوار بينهما بشكل ودى ورحب، والأهم من ذلك كلّه، تعلّمت «مرام» كيف تتعامل مع أهل زوجها وتتقرب منهم شيئًا فشيئًا. الزوجان، أكدا أن مبادرة «معا لنبقى» جنبتهما مشاكل لا حصر لها، وسهلت عليهما طرق التفاهم - فتقول «مرام»: « زوجى متفهم ومتفتح ذهنيًا وأصبح مثقفًا إلى حدٍ كبير، وهو الذى شجعنى على الحضور، وأتمنى تكرار التجربة مرّة أخرى». على النقيض - ورغم أن الحالة المادية للمهندس أسامة العطار- الذى يبلغ من العمر 29 عامًا، متيسرة ومستقرة، إلّا أنه يخشى الزواج ويهاب مشكلاته العديدة، لكن بمرور الوقت، ارتبط ب«بسمة» الطالبة الجامعية بكلية التربية. قرر أسامة دخول «كورسات معًا لنبقى»، مؤكدًا أنها أثرت فى حياته بشكل غير مسبوق، وجعلته يواجه عيوبه، ويتشارك مع زوجته المستقبلية جميع الأفكار والنقاشات بأسلوب متحضر وراقٍ. بينما قالت «بسمة» إن المختصين فى ورش التدريب عرضوا عليهما تجارب حقيقية للعديد من الأزواج، مستدركة: «اتعلمت إن كل راجل فعلًا بيختلف عن التانى.. ولازم الست تستوعب الاختلاف ده وتقبله بشكل سلس». الخوف من الزواج لكن رضا - 29 عامًا، قصته تختلف كثيرًا، فهو يريد الزواج، لكن شيئًا ما يوقفه حين يقدم على التفكير فى الأمر، ومن هنا سعى لحضور المبادرة حتى يغيّر من نفسه وطباعه، وبالفعل سجّل لنفسه وخطيبته لحضور الكورسات. يؤكد رضا، أنه استفاد من تجربة المبادرة بشكل شخصى، مضيفًا: «الكورسات كسرت حاجز العلاقات التقليدية.. وفعلًا اتعلمت إن الإنسان لازم يفهم نفسه، ويحاول يصلح من حياته ويكمل مستقبله مع الشخص الذى يتشارك حياته». «تقوى» شابة وصفت نفسها بأنها «متزوجة مع إيقاف التنفيذ»، حيث تم كتب كتابها على «أحمد»، لكن لم يتم تحديد موعد الزفاف بعد، وهى حاليًا تكمل دراستها بالماجستير فى كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة القاهرة. تعتبر «تقوى» مشاركتها فى المبادرة، عبارة عن برنامج تأهيل مباشر للزواج، لأنها استطاعت أن تفهم العلاقة بين الطرفين من منظور مختلف، بعيدًا عن الطبخ والتنظيف ومسئولية البيت، مستدركة: «كنت شايفة إن الجواز عبارة عن إنسان آلى بينفذ متطلبات وواجبات، ولكن بعد المبادرة قدرت أفهم إن الارتباط عبارة عن علاقة صداقة ومحبة ومودة وخير وعاطفة بين الراجل ومراته». أشادت «تقوى» بزوجها: «دايمًا كان بيشجعنى على العلم والاستفادة بوقتى، وأول ما قلت له على المبادرة تحمس جدًا؛ لأنه شايف إنها حاجة هتقدر تخلّى حياتنا أحسن، وفعلًا قدرنا من خلال حضورنا لورش التدريب نتعامل مع أطفالنا وأقاربنا وكل الناس حوالينا أفضل». •