عالم صنع ماسكات وماكياج الرعب، متاهة بلا حدود، يعشق السير فى دروبها رغم تكلفتها الباهظة، عدد كبير من الشباب والفتيات، فيدخل كل منهم هذا المجال بشغف الهواية واستكشاف أسرار هذا العالم الغريب وفى النهاية تتحول الهواية إلى احتراف قد يصل بصاحبه إلى مصاف العالمية بسرعة الصاروخ إذا كان مبدعًا . «صباح الخير» دارت مع عاشقى هذا العالم فى متاهتهم لتتعرف على بداياتهم وأسرار المواد التى يستخدمونها وما يصنعونه من رعب ينشرونه فى السوشيال ميديا أو الأعمال الفنية. فى مدينة الإسكندرية قابلنا «حبيبة» طالبة فى عامها الأول من كلية الحقوق، ورغم صغر سنها إلا أنها محترفة فيما تقدمه من ماكياج سينمائي، بدأ شغفها منذ ثلاثة أعوام واستطاعت عبر التعلم الذاتى من خلال موقع «يوتيوب» أن تصل إلى درجة الاحترافية خلال عام كامل من التدريب والتعليم المكثف. أرادت حبيبة أن تخوض طريق الكورسات التعليمية مدفوعة الأجر من خلال المسئول عن فن الماكياج السينمائى فى الأفلام، وعندما تحدثت معه وجدت أن الكورس تكلفته 30 ألف جنيه، وقالت «دا لو بيجيب الفنانين يجرب عليهم الماسكات مش هيبقى الكورس غالى كدا.. بس عمومًا المواد اللى بيستعملها فى الماكياج فعلًا مكلفة بس مش لدرجة 30 ألف جنيه يعني، وكمان خلال شهر واحد». عملت حبيبة على تطوير نفسها وكانت تنشر على حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» صور لأعمالها ونالت إعجاب الكثيرين، واستطاعت من خلالها أن تحصل على عمل فى مجال الماكياج السينمائى فى المسارح وجاءت لها فرصة للعمل فى أحد الأفلام السينمائية القصيرة، ولكن وقفت الظروف الدراسية عائقا أمامها، فتزامن تصوير الفيلم مع بداية امتحانات الثانوية العامة. بالنسبة للمواد التى تستخدمها حبيبة فى عمل الماكياج السينمائى المرعب قالت إنها ليست متواجدة فى مصر، ولكن يتم استيرادها بمبالغ عالية جدًا، فعلى الرغم من كونها رخيصة فى بلد المنشأ إلا أن الجمارك ومصاريف النقل ترفع سعر المنتج ثلاثة أضعاف، وبسبب غلاء تلك المواد، استطاعت حبيبة أن تتعلم كيفية صنعها بنفسها فى المنزل من مواد بسيطة كالغراء، الدقيق، الفازلين، الفاونديشن، وبعض الألوان، ولكن بالوقت ذاته تستعين ببعض أقاربها المقيمين بالخارج الذين يبعثون لها بالمواد الأصلية التى تحتاجها بكميات كبيرة كل عام. قالت حبيبة: إن فريق الإنتاج يخبرها بالمسرحية ويحدد لها التكلفة وأحيانًا لا يصدق بعض الأشخاص ثمن «الماتريال» التى تحضرها من الخارج، فتصف لهم بعض المواقع التى يمكنهم من خلالها شراء مواد الماكياج السينمائى بنفسهم، وبشكل عام فهى تحدد مع مخرج أى عمل رؤيته وتصوره للشخصية التى سترسمها وتحدد على أساسها عدة رسومات وتطرحها على فريق الإنتاج لتتفق معهم على التكلفة المتاحة. أشارت حبيبة إلى أنها قبل عملها بالمواد الأصلية تقوم بتجربة الشكل الذى ستطبقه على الأشخاص عبر الماكياج السينمائى الرخيص أولا، حتى لا تهدر المواد النفيسة فى حالة وقوع أى خطأ، وكشفت أن «الماتريال» القادمة من الخارج تدوم على الجلد لفترة أطول من المواد المصنعة بالمنزل، فتلك الأخيرة تدوم على البشرة بحد أقصى نصف ساعة فقط فى جو بعيد عن الحرارة. وخاضت حبيبة تجربة عمل ماكياج سينمائى للجروح ورسم الوجوه المرعبة فى عدد من جلسات التصوير بالاتفاق مع مصور محترف ولكن بدون أجر؛ معتبرة التجربة بمثابة دعاية لنفسها، وبالفعل بعدها حصلت على طلبات من أشخاص كثيرين للعمل معهم. خلال الفترة المقبلة ستوسع حبيبة نشاطها، وتنوى الاتفاق مع عدد من الأشخاص لترسم على وجوههم -على غرار ماسكات أفلام الرعب الأمريكية الحديثة- وتصويرهم لنشرها على صفحتها الشخصية كنوع من الدعاية، وايضًا تنوى ألا تحصر نفسها فى الرعب وسوف تتجه إلى الرسومات ال 3D، وتريد أن تبث فيديوهات تعليمية لمن يرغب فى معرفة أصول رسم الماكيا ج السينمائي، وقد قامت بالفعل بتعليم أكثر من شخص «أون لاين» بدون أى تكلفة مادية، وقالت: «أنا مش باشترى أو بأهدر أى مواد وباعلم أى شخص بتبقى مجرد أسئلة وأجوبة لناس موهوبة بالفعل وأنا مجرد بجاوب على استفساراتهم وبارشدهم لطريق الاحترافية». «جروبات الرعب» سهيلة زكريا، يفصل بينها وبين إنهاء دراستها الجامعية عامان، شاهدت فيديو على «فيس بوك» لفتاة ترسم على وجهها جروحًا ذات شكل مرعب، فبدأت تسأل عن كيفية صنع مثل هذه الجروح بنفسها، فاستعانت بفديوهات لمحترفين أجانب ومصريين لتتعلم كل ما هو متعلق بالماكياج السينمائي، وهى حاليًا تعمل بمجال الماكياج السينمائى ولكن دون أجر فقط من أجل إسعاد نفسها ومن حولها، فخضعت الكثيرات من صديقاتها إلى جلسات تصوير وهم راسمين على وجوههم الماكياج السينمائى المرعب. حصلت سهيلة على فرصة عمل فى مجال السينما كمساعدة لسيدة متخصصة فى رسم الماكياج السينمائى بمقابل مادي، ولكن لم تجد من يدعمها بالمنزل حيث واجهوا طلبها للعمل بالرفض، ولكن لم تيأس وقالت إنها ستظل تقنع أهلها حتى تحقق ما تريد. وذكرت سهيلة أنها فى بداية نشرها على حسابها الشخصى بموقع الصور «انستجرام» لما صنعت يداها بالماكياج لم تلق استحسانًا أو تشجيعًا ممن حولها، ولكن مع الوقت أصبح متابعوها يتشوقون لرؤية كل جديد تنشره، بل أصبحت تسوق لنفسها عبر عرض عملها على جروبات خاصة بهذا النوع من الماكياج، خاصة الأجنبية منها، بالإضافة إلى تحمس الكثيرات لتعلم فن رسم الماسكات المرعبة على الوجه والأذرع. وأوضحت أن تعلم مثل هذا النوع من الفن لا يأخذ كثيرًا من الوقت، فقط مشاهدة بعض الفيديوهات على اليوتيوب، من الخبراء بهذا المجال بالإضافة إلى تعلم «تكنيك» صنع المواد المستخدمة فى الرسم بالمنزل وبإمكانيات بسيطة يمكن من خلالها خلق «البيزنس» الخاص لأى شخص، ولكنها أكدت على ضرورة أن يكون هناك شغف وحب لهذه المهنة لأنها «زى الهندسة» تحتاج إلى تركيز وفن، وطريق الاحترافية لمراتب عالية فى هذا المجال يتطلب منتجات أصلية للرسم، وتلك المصنوعة بالمنزل هى فقط للتدريب والاستمتاع والتعلم. وضربت مثالا على جزء من عملها بأنها إذا أرادت عمل شكل يد محروقة، ستستخدم مواد مثل «الجيلاتين.. الألوان.. الخل.. وكربونات الصوديوم»، وكلها مواد من السهل الحصول عليها من أى عطار وبسعر بسيط. وعبرت عن حبها الشديد لما تفعله، وقالت: «عندما أشعر بالضيق أتجه فورًا لرسم هذه الرسومات المرعبة، فهى تشعرنى بالراحة لأنى بركز فيها وأظهرها فى أحسن شكل وبانسى همى وأطلع ضيقتى فى الرسم». «أهوى ما أخشى !!» فتاة جميلة من يراها فى الحقيقة لن يصدق ما تنشره على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «انستجرام»، فستجد صورًا لسيدة تشبه «الزومبى» وتحمل وجهًا مرعبًا، ومن يراه لن يصدق أنه رسم من مواد وخامات وضعت على وجهها. وسام طلعت، تخرجت العام الماضى فى كلية التربية النوعية جامعة عين شمس، وتعمل معلمة تربية فنية بإحدى المدارس الخاصة، وربما لدراستها دور فى كونها «فنانة» فى رسم الماكياج السينمائي. قالت وسام: «منذ صغرى كنت أحب استخدام ماكياج والدتى فى رسم وجه سيدة عجوز على وجهي.. ثم تطور الأمر معى يومًا بعد الآخر حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن.. وكنت أتعلم فى البداية من اليوتيوب.. ولكن بعد ذلك أضفت الكثير على عملى بالجهد الذاتي». وذكرت أنها لم تكن تنوى أن تحترف وتستخدم موهبتها كعمل يدر عليها دخلا، ولكن قابلت بعض الأشخاص الذين يعملون بمجال التليفزيون ولفتوا انتباهها لتعمل بالسينما بل وشجعوها ووعدوها بأنهم سيسعون معها لتحصل على ما تريد. وبعيدًا عن المجال السينمائى تعتبر وسام «يوم الهالوين» «سبوبة حلوة» فيما بينها وبين أصدقائها فهى ترسم لهم وجوهًا مرعبة بهذا اليوم فى مقابل مادى بسيط «150» جنيهًا للفرد الواحد، وتترك الحرية لكل شخص أن يختار الماسك الذى يريد رسمه، والغريب أننى أخاف من أفلام الرعب أو أى أشكال مؤذية وكل أصدقائى يتعجبون أننى أهوى ما أخشى!!». البنت الشقية «آلاء» أصغر هاوية قابلتها، فما زالت فى عامها الثانى من الدراسة الثانوية، واستهوتها الفكرة من فتاة تدعى «ايلا» شاهدت لها فيديو على شبكة الإنترنت، وقالت ضاحكة: «أول حاجة عملتها خدعة قطع شرايينى وعملت مقلب فى أهلى وانفعلوا جدا وجريوا ورايا وكانوا هيطردونى من البيت». وقالت آلاء: «إن غالبية الرسومات التى تطبقها هى جروح فقط فى ذراعها ويدها، لأنها ما زالت تطور من نفسها، وتسعى للعمل فى المجال السينمائي، وتهدف للحصول على شهادة فى المجال الإعلامي». مثل سابقتها تعلمت نورهان شعبان الطالبة فى عامها الأخير بكلية التربية جامعة طنطا الماكياج السينمائى من اليوتيوب، واستطاعت أن تصنع مواده بيدها عن طريق الفازلين والدقيق، وجاءت لها أكثر من فرصة للعمل بالمسرح ولكن رفض والدها ذلك. وعندما سمعت أن إحدى أسر الأنشطة بكليتها أعلنت عن مسابقة للمواهب تقدمت لها، والجائزة عبارة عن 200 جنيه مصرى وشهادة تقدير، ولكن يتم التحكيم من خلال جمهور السوشيال ميديا، حيث يعرض كل شخص موهبته على صفحة الأسرة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وكل ما كانت «اللايكات» أكتر كل ما فرصتك فى الفوز أكبر.•