سعر الجنيه الذهب خلال تعاملات أول أيام عيد الأضحى    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الجيش اللبنانى: ندين القصف الإسرائيلى على الضاحية عشية عيد الأضحى.. ونحذر    نقيب العلوم الصحية: عضوية فلسطين مراقبا بمنظمة العمل الدولية حق طال انتظاره    تعرف على موعد تدريب الأهلي الثاني في أمريكا    «وردة وضحكة وصورة سيلفي».. الداخلية تحتفل مع المواطنين ب عيد الأضحى| فيديو    في أول أيام عيد الأضحى.. وفاة مسن تحت عجلات قطار الإسماعيلية    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    إيرادات أفلام عيد الأضحى: 4 ملايين جنيه في ليلة وقفة العيد    انتشار مكثف للفرق الطبية فى ساحات وميادين الأقصر للتأمين الصحى للمواطنين    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الوطنية للإعلام تنعي الإذاعية هدى العجيمي    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    محافظ الدقهلية يزور الأطفال الأيتام في أول أيام عيد الأضحى    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    عيد أحلى بمراكز الشباب.. رقص وتنورة في بني سويف ورسم على وجوه الأطفال    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    الكبدة الطازجة- هل تسبب تسمم؟    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدقينى .. جميلة

فى التاسعة صباح كل يوم يبدأ العمل فى مكتب الشهر العقارى بشارع خيرت. المكتب عبارة عن شقة ضيقة من أربع حجرات، فى سقف كل حجرة مروحة تحرك الضجر، وتحت كل مروحة أربعة مكاتب قصيرة، منكمشة، يجلس إليها الموظفون كأنما يعفقونها بين سيقانهم. وما إن يفتح باب المكتب حتى يندفع جيش من المواطنين يتواثبون بأوراقهم بين المكاتب يطقطقون وينحنون ويعتدلون أمام الموظفين، مثل فشار ملسوع فى طاسة، صارخين، هامسين، متوددين، متوعدين.
قسم غير قليل من العمل ينتهى عند مكتب سيد أبوطالب المختص بوضع الأختام فى الحجرة الأولى على يدك اليمنى ما أن تدخل الشقة . أمام سيد أبوطالب الجالس تحت النافذة الوحيدة بالحجرة وقف - بعد هرس ودوس- مقاول بدين بجلباب، دفع بأوراقه قائلا بصوت أجش «توكيل قضايا يا أستاذ سيد ربنا يكرمك». نهض أبوطالب وأعطى المقاول ظهره كأنما لم يسمعه ولم يره من الأساس، ثم فتح النافذة بهدوء على منور العمارة، وانقبض أنفه فى الهواء، ثم أغلق النافذة، واستدار ممتعضا يقول بنبرة تقريرية
«زبالة»، كأنما كان فى بعثة علمية وعاد منها بنتيجة محددة. وجلس المقاول الذى لم يكن يعنيه غير إنهاء أوراقه علق بعبارة تصلح لكل حادث وحديث «ربك كريم». وردًا على العموميات رفع أبوطالب رأسه الأصلع وقال فى العموميات «تفتح شباك تهب عليك رائحة زبالة! تأكل سندوتش يمرضك! تمشى فى حالك يضربك ميكروباص أو تقع على رأسك عمارة ! والقرش يأتى بخلع الضرس، وإذا جاء لا يكفى . هذه بلدنا فى الأغانى بس . مصر التى فى خاطرى».
ولم تفت عبارة «القرش يأتى بخلع الضرس» على المقاول الذى تمرغ مع الفواعلية وتعطر مع المهندسين الأثرياء، فأخرج فى لمح البصر ورقة بعشرة جنيهات وزحلقها بنعومة تحت استمارة التوكيل. أبوطالب لمح الورقة بعين الصقر فقال بوجه بومة مشمئنطة: «أنا مثلا من عائلة أبوطالب، كان منها عضو مجلس الشعب، ود. حسين طبيب العيون المشهور الذى ظهر فى التليفزيون، وأساتذة فى كل مجال، لكن ها أنا.. (ورفع منكبيه لأعلى ومط شفته إشارة إلى أن كلمة القدر هى الأعلى) هذا الله وهذه حكمته. ولو كنت فى سن الشباب لهاجرت إلى أى بلد آخر. ولاحظ المقاول أنه لم يومئ للعشرة جنيهات فقال على الفور: عائلة أبوطالب كلهم ناس أفاضل. توكيل قضائى يا سيد بك.
فى هذه اللحظة انشقت الأرض عن فتاة ملفوفة، أنيقة، بيضاء كالحليب، أفسح لها المقاول الذى يعرف تأثير الجمال مكانًا بهدوء، ووقفت أمام المكتب فكأنما ارتفع فى الجو عمود من النور العطر، وقالت له بلكنة أجنبية رقيقة «من فضلك توكيل قيادة سيارة»، ودبت حيوية مفاجئة فى عينى أبوطالب ومط رقبته مثل ديك البرارى يصيح بصوت فصيح «تحت أمرك، طبعا» . سألها عن الاسم فقالت: «مرجريت هانى». استفسر «مصرية؟ »، أجابت بلطف: « نعم. بابا مصرى، ماما إنجليزية». شبع أبوطالب صوته بالإعجاب قائلا :« لكنك ماشاء الله تتكلمين المصرية تمام؟»، قالت: «أنا فى مصر منذ عشر سنوات». عاد برقبته للخلف قائلا: «سيد أبوطالب، من عائلة أبوطالب،منها أساتذة ومحامون» وابتسم متوددا «أعجبتك مصر؟»، أجابته بإنحناءة رأس: «أحسن ناس». ترك القلم من بين أصابعه وقال بصوت رنان: «بلدنا بلد عظيمة ومادام والدك مصريا فلابد أن تحبى مصر؟ مضبوط؟» . ابتسمت بعذوبة: «إن شاء الله». عاد يملأ الخانات فى استمارة التوكيل وهو يقول: « مصر تاريخ وحضارة. شفت الأهرامات والقلعة؟ شفت الناس عندنا كيف يتعاملون بطيبة مع الكل؟ نخدم الجميع بعيوننا. بلدنا يامرجريت أم الدنيا». وهوى بالختم على الاستمارة بخبطة قوية، كأنما يطرد بذلك هاجسا فى نفسه . ناولها التوكيل ثم سألها : «تحبين مصر طبعا؟». قالت وهى تبتعد «إن شاء الله » . استرق النظر إلى العشرة جنيهات، واستوقفها يقول لها وشيء يعتصره من الداخل: « تحبينها صدقا؟». قالت ضاحكة: «طبعا بلدنا»، تشبعت نظرته بالشك والرجاء يسألها: «على أى شيء نحبها؟ قولى لى؟»، ثم سرح بنظرته قال متنهدا: «بلدنا مهما كان». واعتدل مؤكدا: «صدقينى جميلة.. جميلة»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.