الارتفاع يسيطر.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024 بالمصانع والأسواق    موعد مباراة مانشستر يونايتد وشيفيلد في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    هل يرحل إمام عاشور وزيزو إلى الدوري السعودي؟.. الحقيقة كاملة    بشير التابعي: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%    القبض على المتهمين بإشعال منزل بأسيوط بعد شائعة بناءه كنيسة دون ترخيص    تجديد الثقة في غادة ندا وكيلا لوزارة الصحة بالإسكندرية لعام آخر    استشهاد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    لا بديل ولا غنى عنه للشعب الفلسطيني.. بوريل يشيد بتقرير الأمم المتحدة حول الأونروا    الخارجية الأمريكية: التقارير عن المقابر الجماعية في غزة مثيرة للقلق    بينهم نتنياهو.. مخاوف إسرائيلية من صدور قرارات اعتقال لمسؤولين بدولة الاحتلال    «القاهرة الإخبارية»: تطور نوعي في العمليات العسكرية بالجنوب اللبناني    تنخفض 360 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 24 إبريل 2024    التموين: حررنا محاضر ضد مخابز مخالفة لقرار الأسعار وتحويلهم للنيابة    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 (آخر تحديث)    تأهل 3 مصريين لنصف نهائي بطولة الجونة الدولية للإسكواش    شقيق العامري فاروق: الأهلي سيعلن قريبًا عن التمثال الخاص بالراحل    رئيس البنك الأهلي: نريد العدالة في توزيع حقوق بث المباريات    بحث الملفات القديمة وفرصة أكبر للمخالفين.. مميزات قانون التصالح الجديد قبل تطبيقه    الفرح تحول لحزن في البحيرة وكفر الشيخ.. وفاة صديقة الزوجة وإصابة العروسين أثناء «الزفة»    عاجل - درجات الحرارة ستصل ل 40..متنزلش من البيت    متشغلوش التكييفات.. تعليمات عاجلة للمواطنين في الموجة الحارقة اليوم    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    «المتحدة للخدمات الإعلامية» تطلق أكبر برنامج لاكتشاف المواهب والوجوه الجديدة    «رب ضارة نافعة»..أحمد عبد العزيز يلتقي بشاب انفعل عليه في عزاء شيرين سيف النصر    عصام زكريا: الصوت الفلسطيني حاضر في المهرجانات المصرية    مياه الشرب بالجيزة: عودة المياه تدريجياً لمناطق كرداسة والهرم    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    طريقة عمل الجبنة القديمة في المنزل.. اعرفي سر الطعم    كم مرة يمكن إعادة استخدام زجاجة المياه البلاستيكية؟.. تساعد على نمو البكتيريا    محافظ الغربية: ضبط طن رنجة غير صالحة للاستخدام الآدمي وتحرير 43 محضر صحي    رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    العين يتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا رغم الخسارة من الهلال    تراجع جديد لأسعار الذهب العالمي    حظك اليوم برج الدلو الأربعاء 24-4-2024 مهنيا وعاطفيا.. الماضي يطاردك    أول تعليق من نيللي كريم بعد طرح بوستر فيلم «السرب» (تفاصيل)    السياحة توضح حقيقة إلغاء حفل طليق كيم كارداشيان في الأهرامات (فيديو)    مشرفة الديكور المسرحي ل«دراما 1882»: فريق العمل كان مليء بالطاقات المبهرة    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    تعرف علي موعد تطبيق زيادة الأجور في القطاع الخاص 2024    قيادي بالشعب الجمهوري: ذكرى تحرير سيناء درس قوي في مفهوم الوطنية والانتماء    واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأمريكية بعد هجومين جديدين    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الأربعاء .. ذروة الموجة الخماسينية الساخنة (بيان مهم)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    "بلومبرغ": الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تتعامل مع روسيا    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقة الذنوب

رأيت (مقتطف) من حوار أجرته الدكتورة شيخة الجاسم أستاذ الفلسفة بجامعة الكويت مع إحدى الفضائيات قالت ما معناه: إن الحجاب والنقاب ارتفعت معدلات ارتدائهما بين نساء الكويت بعد الغزو العراقى لاعتقاد الناس أن الاحتلال وقع كعقاب من الله لانتشار الآثام بين الشعب.
هذة النظرة العقابية
لم يكن الواقع الذى تنقله الدكتورة شيخة عن المجتمع الكويتى غريبًا عن المجتمعات العربية والإسلامية؛ بل إن المجتمع المصرى تحديدًا عقب هزيمة 1967 أرجع سبب الهزيمة لأننا ابتعدنا عن الله سبحانه وتعالى وهجرنا الدين.
استغل متربصو الداخل والخارج بالأمة المصرية هذه النظرة العقابية للذات عقب الهزيمة دون إحكام العقل وبدأوا فى ترويج الإحساس بالذنب بين جميع طبقات المجتمع وكان على رأس المروجين الفاشيست الإخوان ودعاة المذاهب المتحجرة من السلفية والوهابية.
الرئيس السادات والفاشيست
ففى السنوات الأولى من السبيعنيات أطلق الرئيس السادات سراح الفاشيست الإخوان من السجون وسمح لمسوخ السلفية والوهابية ببث سمومهم فى المجتمع، وتم ذلك بمباركة أمريكية وتمويل سعودى وقتها من أجل أهداف متعددة للأطراف المتحالفة فى الصفقة
بالنسبة للرئيس السادات كانت ألاعيبه السياسية تقوده فى كثير من الأحيان إلى قرارات لا تراعى أساسيات الدولة والأمة رغم قناعاتى الكاملة بأن السادات كان رجل دولة وأمة من طراز نادر ويكفيه قرار حرب أكتوبر المجيدة، فهو قرار لا يتخذه إلا رجل بحجم أمة.
السادات وحكمة الفلاح المصرى
اتخذ السادات أيضًا قرار السلام وهو قرار نرجعه لحكمة الفلاح المصرى بداخله الذى يستطيع فى عزم قهر العدو وتحقيق الانتصار واسترجاع الأرض وفى نفس الوقت يزن الأمور بعقل عركته الحياة على مدار سبعة آلاف عام، فتعلم متى يكون السلام انتصارًا كما الحرب.
لكن فى السنوات الأولى من السبيعنيات كان رجل السياسة داخل السادات مسيطرًا منحيًا رجل الدولة جانبًا، فنظر تحت قدميه كعادة كل سياسى فى تحقيق المصلحة المباشرة.. أراد السادات تطويق التيارات اليسارية بكافة تنوعاتها ليستقر له الحكم عن طريق إطلاق يد الفاشيست الإخوان وأذنابهم من السلفيين فى الحياة السياسية والاجتماعية بصفة عامة، لو كان السادات رجل الدولة هو من سيتخذ القرار ما كان فعلها أبدًا.
اعتراف السادات بخطئه
وقف السادات فى سبتمبر 1981 أمام منصة مجلس الشعب معترفًا بخطأ قراره السياسى بإطلاق سراح الفاشيست الإخوان معتذرًا لرجل الدولة داخله.
كرر السادات اعترافه ثلاث مرات فى خطاب سبتمبر الشهير.. فى اليوم ال31، وبعد الخطاب أطلق الفاشيست رصاصات الغدر عليه ليستشهد فى يوم انتصاره.. الطرف الثانى فى الصفقة وقتها كانت السعودية ولها هدف رئيسى (وقف هبات رياح الأفكار التقدمية) التى تأتى من القاهرة معتبرة إياها تهديدًا لنظام الحكم المستقر.. جندت السعودية كل إمكاناتها المالية لدعم المتسلفة وأصبحت مدن الوهابية فى المملكة مزارًا مقدسًا لكل مدعٍ وتأشيرة دخوله إلى قدس الأقداس الوهابى لحية مسترسلة وجلباب قصير وقشور من الدين لتحاصر الأمة المصرية الطيبة المتسامحة بميليشيات الحرام.
اختراق المال الوهابى للمثقفين
استطاع المال الوهابى اختراق طبقات من المثقفين الذين تحولوا من دعاة تحرر وحراس لبوابة الهوية المصرية إلى دعاة جمود وخونة فتحوا الأبواب على مصراعيها أمام هذه الميليشيات التى عملت بكل طاقتها على تمزيق وحدتنا الوطنية بنشر الطائفية الدينية ومسخ هويتنا الأصيلة ذات السبعة آلاف عام.
حدث كل هذا تحت أعين الحراس الخونة، غضوا أبصارهم وتشبثت أياديهم بدولارات الفتنة الملوثة بدماء الشهداء الذين دافعوا عن هويتنا ووحدتنا أمام طاعون الإرهاب الأسود.. لم تنتبه المملكة لخطورة هذا التيار رغم الإشارة الواضحة التى لاحت أمامها عندما اقتحم جهيمان العتيبى ومجموعة من المجانين فى نوفمبر 1979 الحرم المكى مدعين أن جهيمان هو المهدى المنتظر ولكن المملكة غضت الطرف عن الفاشيست الإخوان والمتسلفة وعلى العكس أطلقت ما سُمى بالصحوة وهى النسخة الأكثر تشددًا من المذهب الوهابى.. أطلقت المملكة هذه النسخة بسبب ضغوط نظام الملالى الذى استولى على إيران فى فبراير من نفس عام دخول جهيمان الحرم المكى.
79 عام تصنيع خنجر الإرهاب
أطل المخرج الأمريكى من خلف ستار مسرح الصفقة سعيدًا بالعرض الذى تجرى أحداثه كما كتبها فى النص.. شيعة فى إيران وصحوة فى المملكة والفاشيست الإخوان وأذنابهم من المتسلفة يرتعون فى مصر وكأن عام 79 هو عام تصنيع خنجر الإرهاب الذى أمسكه العم سام فى يده ليقطع أوصال المنطقة.
ذهب الجميع لتقديم العرض الأول من مسرحية الصفقة على مسرح كابول بعد جر السوفييت إلى أفغانستان وبدأت تتوالى فصول المسرحية التى خرجت من مسرح كابول.. يتحول فى فصول المسرحية جزء من الفاشيست الإخوان إلى قاعدة والمتسلفة يقدمون عروضهم الدموية باسم داعش فى العراق وسوريا والملالى يشكلون ميليشياتهم فى كل بلد عربى يستطيعون الوصول إليه، والعم سام يعمل بخنجره فى المنطقة دون توقف.
بريجينسكى
يظهر فى أعوام تصنيع الخنجر اسم زبيغنيو بريجينسكى مستشار الأمن القومى فى إدارة كارتر، هذه وظيفته الرسمية لكن الحقيقة هو عراب الصفقة ومخططها.
اعتبر الروس بريجينسكى هو العقل الأمريكى الأول فى التخطيط ويسبق فى أفكاره د. هنرى كسينجر.
فى حوار أجراه بريجنسيكى مع المجلة الفرنسية لو نوفيل أوبسرفاتور عام 1998 كشف أسباب المسرحية والصفقة فالولايات المتحدة قبل دخول السوفييت إلى أفغانستان دعمت العناصر المعادية للسوفييت فى كابول حتى استفزت السوفييت ووقعوا فى الفخ ليدخلوا إلى أفغانستان بجيوشهم ويبدأ العدد التنازلى لسقوط الإمبراطورية السوفيتية.. ساعد فى السقوط بدعم أمريكى الفاشيست الإخوان وميليشيات المتسلفة وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالإمبراطورية الإنجليزية أنشأت جماعة الإخوان ومولت مؤسسها حسن البنا من أجل نفس السبب إقامة حزام دينى فى الشرق الأوسط لمواجهة المد الشيوعى بعد نجاح ثورتهم فى عام 1917 ولسبب داخلى خاص بمصر وهو ضرب الحركة الوطنية المصرية ومشروعها التنويرى.. لم تكتف إنجلترا بذلك بل ساهمت فى دعم التيار المتسلف فى الوطن العربى وخاصة فى مصر والوهابى فى السعودية.. كانت مسرحية الصفقة تؤدى عروضها فى كل بلاد الشرق الأوسط بنجاح منقطع النظير حتى أصبح أبطال العرض من الفاشيست والمتسلفة أصحاب المسرح والحكم فى بلادنا...حتى أطاحت ثورة الجماهير المصرية فى 30 يونيو بالصفقة ومزقت النص الذى كتبه المخرج والمؤلف الأمريكى وقبله الإنجليزى.
ثورة يونيو والتحرير من الظلاميين
كانت نتائج ثورة يونيو أن تحررت مصر من سطوة الظلاميين وألقت السعودية وراء ظهرها أعوام الصحوة والتشدد وتنفتح الآن على العالم ملبية مطالب أجيال شابة بالمملكة تريد حياة طبيعية بعيدة عن الجمود والتزمت، أما الولايات المتحدة فمازالت تمارس لعبتها السبعينية تعلن أمام العالم الحرب الإرهاب وسرًا تحتفظ بخنجر الإرهاب لتمزق به أوصال منطقتنا.
لكن عندما نعود إلى بداية هذه السطور نجد أن الصفقة تسللت من ثغرة الشعور بالذنب الذى سيطر على عقل المجتمع وهو أمر لم يتم تحليله بشكل دقيق ولم نطرح على أنفسنا أسئلة فيما أذنبنا؟ وما هى الآثام التى ارتكبناها ليقع علينا غضب الله سبحانه وتعالى؟
رفض المجتمع طرح هذه الأسئلة على نفسه لأنه لو طرحها سيحاسب نفسه على الإهمال والتقصير ويبدأ فى مراجعة دقيقة لما فعله، فكان الحل السهل إلغاء العقل وإلقاء تبعية ما حدث على عامل غير منظور ونبدأ فى تسليم عقولنا لكل أفاق يدعى أنه سيطهرنا من الآثام التى ارتكبناها وحق بسببها علينا الغضب.
أمم لم تفقد عقلها
هناك أمم أخرى لم تفقدها الهزيمة عقلها وطرحت الأسئلة على نفسها كما حدث فى ألمانيا واليابان عقب الحرب العالمية الثانية وقبلهما فرنسا فبعد الثورة الفرنسية التى اختارت المواطنة والدولة المدنية خاضت فرنسا بقيادة نابليون بونابرت حروب ضد أوروبا انتهت بهزيمتها.
لم تتخل فرنسا عقب هزيمتها عن اختياراتها أثناء الثورة فى حق المواطنة والدولة المدنية ولم نسمع الفرنسيين يرجعون الهزيمة إلى أسباب غيبية بل أرجعوها إلى أسباب عقلانية تعود إلى طموحات نابليون المبالغ فيها وحسابات القوى وقتها.. أى أن الهزيمة والنصر يعود إلى البشر والهزيمة تقع على المقصرين والنصر يكون حليف المدبرين.
يتسلل الفاشيست والمتسلفة إلى حياتنا الاجتماعية قبل السياسية من ثغرة الإحساس بالذنب ليسيطروا على مجتمعاتنا.. أما كيف نغلق هذه الثغرة؟ فإجابة السؤال تحتاج إلى نقاش آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.