رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد كليتي الحقوق والطب البيطري    إبراهيم عيسى: الإيجار القديم قانون يمشي على حقل ألغام    وزير التموين: إقامة نحو 10 أسواق ل "اليوم الواحد" في الإسكندرية    ترامب يوضح سبب رفضه تشديد العقوبات على روسيا    دول أوروبية تدعو لقبول فلسطين عضو كامل العضوية بالأمم المتحدة    جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز بعد فوز الأهلي على فاركو    زيزو يُشعل تتويج الأهلي بلقب الدوري المصري في مواجهة فاركو    حريق «مُروع» في الإمارات.. ما الحقيقة؟    «مبفوّتش مباراة».. كريم عبد العزيز يكشف انتمائه الكروي ويوجه رسالة ل محمد صلاح (فيديو)    نوران ماجد تتعاقد على تقديم مسلسل «للعدالة وجه آخر» ل ياسر جلال    «ابتعدوا عن هذه التصرفات».. 3 أبراج الأكثر عرضة للانفصال    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    تسبب فى «عماه».. السجن 5 سنوات لمتهم بضرب زوج أخته بالدرب الأحمر    أمن الغذاء.. «هيئة ضمان الجودة» تعتمد برنامجين جديدين ب كلية الزراعة جامعة بنها    محافظ سوهاج: يعقد اجتماعًا لبحث الموقف التنفيذي لمشروعات "حياة كريمة" بمركز جرجا    تشكيل تشيلسي الرسمي لمواجهة ريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    إيران وعُمان تتفقان على دعم القضية الفلسطينية    عمرو الورداني: الحب بوابة الدخول إلى هذه الأيام العشر من ذى الحجة    عاجل.. «الصحة العالمية» تحذر من متحور جديد ل «كوفيد 19»    سقوط طائرة الحجاج الموريتانية.. اعرف التفاصيل الكاملة    حسن الرداد وإيمي سمير غانم يرزقان بمولودتها الثانية    دانا أبو شمسية: اتهامات حادة لنتنياهو بالفشل فى استعادة المحتجزين داخل الكنيست    «الوفد»: 200 عضو أبدوا رغبتهم الترشح في الانتخابات المقبلة.. وسندخل في تحالفات مع حزب الأغلبية    أموريم: أشعر بالذنب بعد كل خسارة لمانشستر يونايتد.. ولا توجد أخبار عن كونيا    حكم صلاة العيد يوم الجمعة.. أحمد كريمة يوضح    غدًا الأوبرا تستضيف معرض "عاشق الطبيعة.. حلم جديد" للفنان وليد السقا    نائب وزير الصحة يشيد بأداء عدد من المنشآت الصحية بقنا.. ويحدد مهلة لتلافي السلبيات    دعاء الإفطار في اليوم الأول من ذي الحجة 2025    رئيس وزراء كندا يؤكد سعي بلاده لإبرام اتفاق ثنائي جديد مع أمريكا لإلغاء الرسوم الجمركية    مسؤولة أممية: المدنيون بغزة يتعرضون للاستهداف المباشر    إصابة شخص في غارة إسرائيلية على سيارة بجنوب لبنان    حسن الرداد وإيمي سمير غانم يرزقان ب «فادية»    اتحاد الصناعات يبحث مع سفير بيلاروسيا التعاون بالصناعات الثقيلة والدوائية    الفيوم تحصد مراكز متقدمة في مسابقتي المبتكر الصغير والرائد المثالي    مواقيت الصلاة بمحافظات الجمهورية غدًا.. وأفضل أدعية العشر الأوائل (رددها قبل المغرب)    مدير «جنيف للدراسات»: تزاحم أوروبي أمريكي للاستثمار في سوريا    عطل مفاجئ في صفقة انتقال عمرو الجزار من غزل المحلة إلى الأهلى    الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لنصب مستوصف ميداني جنوب سوريا ل "دعم سكان المنطقة"    مسئول أوروبي يتوقع انتهاء المحادثات مع مصر لتحديد شرائح قرض ال4 مليارات يورو أواخر يونيو    13 شركة صينية تبحث الاستثمار فى مصر بمجالات السياحة ومعدات الزراعة والطاقة    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات توصيات النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    صحة أسيوط تفحص 53 ألف مواطن للكشف عن الرمد الحبيبي المؤدي للعمى (صور)    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    محافظ بني سويف يراجع الترتيبات النهائية لامتحانات النظري للدبلومات الفنية قبل انطلاقها غدا    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



91.5 تعيد السؤال حول التراث الدموى

لا شك صباح الأجازة الأسبوعية صباح سعيد.. امتدت يدى للراديو وارتشفت قليلا من القهوة.. ارتجفت أذناى وتجمدت رشفة القهوة فى فمى.. وطار الصباح السعيد.. يبث الراديو شيئا غامضا وغريبا يقترب من البيان الرسمى، لكنه بيان يروج لمحمد عبدالوهاب ليس المطرب بالتأكيد ولكن محمد عبدالوهاب مبتدع المذهب الوهابى راعى تكفير كل البشر والذى تجسدت أفكاره فى القاعدة وداعش وقد سبقهم الإخوان الفاشيست المتحالفون مع الوهابية وإنتاجها المدمر.
تأكدت أنها إذاعة مصرية وأصوات الممثلين من الأعلام الراحلين، تبينت صوتى حمدى غيث وأحمد مرعى.
سيد الرحمة
حولت المادة الدرامية للبرنامج الإذاعى شيخ التكفير محمد عبدالوهاب إلى سيد الرحمة والتسامح، ولم تكتف المادة الدرامية بهذا بل أعطتنا توجيها أن الأفكار الوهابية التكفيرية هى الحل.. كل هذا وسط صيحات التكبير والتهليل للمذهب ومبتدعه.
بحثت عن سر الإذاعة الوهابية فوجدتها 91.5 fm أو ماسبيرو زمان للراديو وفى نهاية البرنامج عرفت اسمه (المسلمون والإسلام فى 1400 عام).
منطقيا واستنادا للممثلين الراحلين الذين شخصوا الأدوار بأصواتهم ينتمى البرنامج لفترة السبيعنيات وقت الترويج للفكر الوهابى والإخوانى الكارثى لتقويض اليسار فى مصر بجميع تياراته وتحجيم نفوذ الاتحاد السوفيتى فى المنطقة.
البرنامج الصفقة
هذا البرنامج أحد مخلفات صفقة مهولة ثلاثية بين الولايات المتحدة والسادات والمملكة العربية السعودية، شملت الصفقة الترويج لهذا الفكر المتطرف على جميع المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وتزامنت أيضا مع الغزو السوفيتى لأفغانستان ولمن لا يتذكر فقد كانت بعض وسائل الإعلام وقتها تدعو الشباب إلى الجهاد فى أفغانستان كأنها تروج لرحلة سياحية طريفة ندفع ثمن تداعيات هذه الصفقة الكارثية حتى الآن، ولهذه الصفقة تفاصيل وخلفيات وأموال ومنفذون.
تحتاج الصفقة إلى بحث خاص بها، وسنعود لها فى وقت ما، فلا يمكن أن يمر التاريخ أمامنا بلا محاسبة حتى نعتبر بما فات ولا نكرره.
المذهب الوهابى
خروج هذه الحلقة التى تمجد المذهب الوهابى التكفيرى من أقبية الإذاعة يرجع للمصادفة فى تقديرى وليس عن عمد، فلا يمكن أن أصحاب المذهب فى المملكة يتخلصون من تداعياته الكارثية على الحياة الاجتماعية فى بلدهم ونأتى نحن ونروج له.
هذا عن فعل البث والذى نرجعه للمصادفة، أما الأثر على المتلقى فقد تحقق مع عبقرية الأداء التمثيلى لفريق البرنامج، فتم إحياء هذه الأفكار الشاذة فى عدد من العقول لا يعلم عددها إلا الله.
استطاع هذا البرنامج القادم من دهاليز الصفقات اغتيال الحاضر وأسر المستقبل ولو بتأثيره فى شخص واحد استمع إليه وتفاعل معه، يطرح علينا بث البرنامج الوهابى قضية أكثر شمولا وإلحاحا الآن وهى التعامل مع التراث وتواجده الطاغى فى حاضرنا وتكبيله للمستقبل.
رحيل صناع التراث
رغم علمنا بأن التراث صناعة بشرية، وأن الصانعين رحلوا تاركين خلفهم هذا الميراث، لكننا حولنا ما هو بشرى قابل للنقد ثم الإلغاء أو الاستمرار إلى مقدس لا يمس، تقديس التراث جعل الاقتراب من صانعيه الراحلين مغامرة محفوفة بالمخاطر يدفع ثمنها كل مقترب، هذا الخوف الذى تولد داخل عقولنا سواء من التراث أو صانعيه جعل التراث يزداد تمكنا من رقابنا.
استغلت جماعات ما يسمى بالإسلام السياسى هذا الخوف، بل عظمته فى النفوس والعقول وعملت على تجديد الخوف بإضافة نسخ جديدة للتراث، حتى وصل الأمر للشخصيات المعاصرة وأفكارها فأدخلوها فى حماية الحظيرة المقدسة للتراث، وتحول الإرهابيون بفضل عقيدة الخوف إلى أئمة والقتلة أصبحوا وعاظا والجهلاء هم أسياد العلم.
يلوح سؤال مهم: لماذا توغل التراث إلى هذه الدرجة فى مجتمعنا ووصل إلى الحد الخانق للمستقبل وتهميش العقل الناقد.. والأخطر تحوله مرجعية للعنف والإرهاب؟
افتقاد النخبة
لا توجد إجابة واحدة على سؤالنا لأنه سؤال يولد عشرات الإجابات الاحتمالية، ومنها افتقادنا للنخبة الجادة ذات العمق الثقافى الرصين التى تستطيع تشريح هذا التراث الدامى والتعريف بعواقبه، ويكن عمل هذه النخبة خالصا للتنوير وإحياء العقل الناقد وليس بحثا عن إثارة إعلامية. فهذا العمل المنقذ لمستقبل الأمة مكانه قاعات البحث وليس استوديوهات الفضائيات.. بالتأكيد يجب نشر هذا الجهد البحثى التنويرى على أوسع نطاق مستخدمين وسائل ثورة المعلومات والسوشيال ميديا والفضائيات، لكن هناك فرق بين استخدام الإنتاج البحثى فى التنوير واستخدامه كمادة للإثارة فى الميديا لأغراض شخصية كما يحدث الآن.
صعوبة إعمال العقل الناقد
تلوح إجابة أخرى عندما امتد زحف المقدس من النص التراثى إلى صانع النص تضاعفت صعوبة إعمال العقل الناقد، فالنص التراثى مهما بلغت أهميته هو مجرد نص ولكن الحيلة الخبيثة هى شخصنته فيصبح الجهد شاقا.
تصل هذه الشخصنة المقدسة إلى درجات قصوى بسبب سياج الألقاب التى يضفيها مروجو التراث الدامى ومتابعيهم عن جهل، فنجد ألقابا أسطورية مثل شيخ الإسلام والإمام الشهيد وإمام التوحيد، وعندما نجتاز سياج الألقاب المضللة نكتشف بيسر أننا أمام صناع الفتنة وأرباب عقول القتلة والإرهابيين، ولكن هذا اليسر يصبح مستحيلا بسبب كم أسوار التخويف التى أحاطوا بها أئمتهم وتراثهم الدموى ويتصاعد التخويف إلى حد تكفير المقترب. ويعقب التكفير القتل كخطوة نهائية.
اليوتوبيا المفقودة
ندخل من باب الوهم فى الإجابات على سؤالنا المطروح، استطاع مروجو التراث الدامى تصدير صورة متخيلة حول تراثهم بأن هذا التراث عند تطبيقه أو التعامل معه فنحن نتعامل مع المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا المفقودة، ويبلغ أفك الترويج حد إقناعنا بأن تراثهم الدموى ليس فقط عند التطبيق أو التعامل يعطينا اليوتوبيا المفقودة بل هو نفسه نتاج المدن الفاضلة.. يزيل علم التاريخ السحر الأسود للأفك، فالبحث التاريخى يؤكد بلا شك أن هذا التراث التكفيرى والدموى ناتج عن عصور فتن وتناحر وأن القتلة لا يكتبون وينتجون الشعر، بل يشقون البطون ويقطعون الرءوس بأنفسهم أو عن طريق أفكارهم التى تبيح هذه الأفعال الإجرامية.
نأتى لسؤال آخر: هل نستسلم أمام كل هذا التخويف والإفك ونترك هذا التراث الدموى التكفيرى يخنق الحاضر ويقتل المستقبل؟
الوقفة الجادة الصارمة
لو أردنا نهضة حقيقية على جميع المستويات سياسية، ثقافية، اجتماعية يجب أن نقف وقفة جادة وصارمة مع هذا التكفيرى الدمو ى؛ تستلزم منا فضح الإجرام الذى يحتويه ومدى زيف مروجيه وصانعيه ولا نرتجف أمام مقدس وهمى أقنعوا البسطاء بقداسته.. تأتى الخطوة الموازية لعملية الفضح وكشف الزيف وهى تقديم مشروع حضارى وتنويرى ينقذ العقول من سطوة الإفك ويفتح طريقا للحداثة والتقدم، وقبل كل هذا يخلص الدين الإسلامى العظيم مما علق به من تشويه على أيدى هؤلاء القتلة.. بالتأكيد لا تعتبر المهمة سهلة وهينة ولكن المستقبل يستحق أن نخوض هذه المعركة لأجله.. لأن المستقبل ملك لأجيال قادمة ستحاسبنا حسابا عسيرا إذا سلمناها حاضرا مشوها بالتكفير وملطخا بالدماء.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.