توقف المرور، وتكدست السيارات في الشارع الواصل بين الكورنيش وشارع شبرا، حاولت مع كثيرين أن نعرف سبب التكدس، في تلك الساعة المتأخرة من الليل في عز الصيف، لنجد الشارع الهادىء يمتلىء فجأة برجال ونساء وفتيات وفتيان في أعمار متقاربة. اعتقدت في البداية أنه خروج لمعازيم قاعة أفراح، خاصة أن الناس كانوا متجمعين حول مبني واحد، وبدأت السيارات تتحرك ببطء، وعندما وصلنا إلى المبني، اكتشفت أنه مركز للدروس الخصوصية، وأن أولياء الأمور كانوا بانتظار بعض الطلبة، الذين انتشر الكثير منهم جماعات وفرادى بطول الشارع، حاملين أوراقهم وعلى ظهور بعضهم حقائب تشبه الحقائب الرياضية، في مشهد غريب وقد شارف الليل أن ينتصف.. كان هؤلاء هم طلبة الثانوية العامة الذين بدأوا الدروس الخصوصية في "السنتر"، خلال أغسطس الماضي، واستمر المشهد حتى الآن. "السناتر" أصبحت جزءاً من حياة الأسرة المصرية، لأنها حلت مشكلة إزعاج البيوت التى تعبت من استقبال المدرسين والطلاب، ورفعت الحرج عن المدرسين في دخول البيوت، وطرحت بديلا سهلا للمدارس، التى أصابها ما أصابها.. صارت الدروس الخصوصية بفضل "السناتر" مدارس فعلية تفرض على طلابها زيا موحدا، أو على الأقل تمنع ملابس أو حتى قصات شعر لا تستطيع المدارس الحكومية تطبيقها. "السناتر"بيزنس لمدرسين من خارج المهنة "مهندسين وصيادلة وأطباء وأساتذة جامعين"، وبفضلها انقطعت صلة كثير من المدرسين بمدارسهم بعد أن "بنوا سمعتهم". المعركة ضد الدروس الخصوصية صارت بفضل "السناتر"أكثر تعقيداً، وبدون وقفة شجاعة وسياسية أمام طريقة الامتحانات، سنظل نعيش في عالم سناتر ..سناتر ..سناتر .