«إحنا لسه بخير.. لسه بنحب الفن لسه عندنا قدرة على التذوق وتمييز الجمال والانحياز له».. هذا ما أشعر به عندما أحضر عرضًا مسرحيًا أو حفلاً غنائيًا، وأجد القاعة ممتلئة بجمهور ينزل من بيته خصيصًا لمشاهدة عمل فنى. فماذا عن طابور شباك تذاكر ممتد لأمتار طويلة ساعات للحصول على التذاكر المجانية لعرض مسرحى فى مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية.. جمهور من كل الأعمار ينتظر بالساعات لحضور عرض مسرحى هو على يقين بأنه سيكون عملا يحترم عقله. بمجرد علمى بوجود عرض جديد لخالد جلال وأبنائه، أعلم أننى مقبلة على ساعتين من المتعة الخالصة سأشحن نفسى فيهما بمخزون من البهجة والطاقة الإيجابية. المخرج خالد جلال يجيد غزل الواقع بالخيال ومزجهما ليخرج لنا عملاً إبداعيًا لا يُنسي فى لوحة يقدمها أبناؤه.. أنظر إليه من موقعى فى الصالة حين يبدأ فى تقديم أبطال العرض بحماس وشغف لم ولن يخفت لمعة واضحة فى عينيه وهو ينظر لأبنائه بزهو وسعادة. «أبناؤه».. فعندما يتحدث عنهم لا يقول سوى ولدى فلان أو ابنتى فلانة.. خالد جلال حالة إبداعية وإنسانية لا تتكرر كثيرًا بدون مبالغة .. ولقب صانع النجوم لا يليق بأحد سواه فى هذا الجيل فالناظر إلى الساحة الفنية في السنوات الأخيرة سيجد معظم نجومها خريجى مدرسة خالد جلال.. الذى أضفى روحًا شابة على مؤسسة حكومية كان من الممكن أن تغرق فى البيروقراطية. كعادة المصريين يسخرون من أقصى آلامهم ويواجهون أوجاعهم بالسخرية والنكتة كنوع من النقد وكآلية دفاعية للبقاء ومواجهة كل الضغوط الحياتية، تلك هى طبيعة الجين المصرى العبقرى، وهذا ما تجلى فى عرض «سلم نفسك».. نقد لاذع لمشاكلنا الاجتماعية ممتزج بخفة ظل وأداء خريجى الدفعة الثالثة بقسم الارتجال والتمثيل المسرحى بمركز الإبداع. كوميدية سياسية «سلم نفسك» توليفة كوميدية ساحرة تخطف الأنفاس وتفتح ملفات مغلقة فى مجتمعنا وفى أنفسنا وعيوب قد نخشى الجَهر بها. كل هذه الأحداث من خلال مدينة فى المستقبل يكتشف أهلها وجود إنسان من عصرنا الحالي يحمل قنبلة فيروسية يخشى أهل المدينة من أن تقضى عليهم بالكامل. وبين قرار التخلص منه ومحاولات الإبقاء عليه يبدأ الأطباء فى تصفُح الملفات المغلقة فى عقله وهى إسقاط لكل ملفاتنا الاجتماعية والسياسية المغلقة التى سببت شروخًا واضحة فى أنفُسنا، ومع كل ملف يتم فتحه نستعرض كم الألم والأذى الذى لحق بنا كمصريين. يناقش العرض مشاكل اجتماعية كالتحرش، والأخلاق، والعلاقات الأسرية وتفككها وتأثرها بعوامل عديدة، والفهلوة وغيرها بشكل فانتازى من خلال لوحات ومشاهد مرتبطة بشكل متسلسل بديع تحمل عددًا ليس هينًا من الإسقاطات السياسية والاجتماعية بقدر ما تدفعك للضحك تجد نفسك باكيًا على ما وصلت له النفس الإنسانية من قسوة. قد لا تتسع السطور للترحيب بجميع نجوم العرض وأبطاله، ولكن نتحدث من خلالهم إلى 3 من أبناء مركز الإبداع الذين شاركوا فى العرض. كريم شهدى طالب فى كلية طب أسنان فى عام الامتياز، وبعيدا عن دراستى أحب التمثيل والغناء والتلحين منذ فترة طويلة وأيام الدراسة، ولكن لم أكن أعلم كيف أستطيع أخذ خطوة فعلية فى هذا الطريق وكان أول سؤال لى فى الكلية عن فريق المسرح، وأنا فى الجامعة سمعت أنا ومجموعة من أصدقائى عن مركز الإبداع الفنى فى 2010 تقريبًا، وبعد عرض «قهوة سادة» ودخلت الاختبارات معتقدا أنها اختبارات غنا، واكتشفت أنه اختبار تمثيل وتم قبولى بالورشة. عرضنا يعتمد على الارتجالات التى قمنا بها وقد نوه الأستاذ خالد جلال إلى أن تلك الارتجالات قد تصل إلى عشرين ساعة قد تم تنقيحها لتصل إلى ساعتين مدة العرض بعد مراحل عديدة من التسجيل والتنقيح، ووصلنا لحوالى 120 مشهدًا تقريبًا، وكان تركيز الأستاذ خالد أن نعمل على إمتاع المتفرج ونبتعد عن أى عنصر قد يسبب حالة ملل خاصة أننا نناقش بعض القضايا السلبية، ولكن كان هدفه من البداية أن نغلف هذه القضايا بأسلوب شيق فى العرض ويخرج المتفرج مستمتعًا. الممتع أن جمهورنا من أعمار مختلفة، واستطعنا أن نصل للجميع، فبعيدا عن المبالغة استطعنا أن نصل برسالتنا للكبار بأن الأمل موجود وللأطفال الذين شاهدوا تلك المدينة الفاضلة وتعلقوا بها وبحقيقة وجودها. سعيد جدا ومحظوظ بمشاركتى فى هذا العرض وسعيد بجميع التعليقات حول هذا العرض وأن جميعنا نجوم، وسعيد بثقة الأستاذ خالد جلال وإيمانه بى وسماحه لى بأن أقوم بتأليف موسيقى العرض، فهذه ميزة ليست موجودة لدى أحد آخر غير خالد جلال. سارة عادل ليسانس آداب لغة إنجليزية، وأدرس حاليًا فى معهد الفنون المسرحية، من المحلة وكنت أمثل مسرح فى قصر ثقافة المحلة، وكان وقتها عرض «قهوة سادة»، وبعدها أخبرنى زملائى أنه تم فتح باب التقديم للدفعة الثالثة فى مركز الإبداع، وبالفعل قمت بالتقديم وتم قبولى.. واستقررت فى القاهرة بعدها بفترة رغم صعوبة هذا فى البداية. رغم أنى كنت متخوفة من التجربة فى البداية واعتقادى أن دخول الوسط الفنى يستلزم وجود واسطة، ولكن الأستاذ خالد آمن بى وبموهبتى من أول لحظة رغم علمه بظروف سفرى وعدم استقرارى فى القاهرة، فأعطانى فرصة كبيرة للتعلم وسأظل ممتنة له طوال عمرى. كل ردود الفعل حول العرض إيجابية جدا، وهذا ما سبب لى حالة بالغة من السعادة والتفاؤل وأن مجهود وتعب السنين الماضية لم يضع، وعلى المستوى الشخصى والفنى استفدت كثيرا إذا قارنت نفسى بين الآن ومنذ سنوات عندما التحقت بالمركز فرهبة المسرح لم تعد موجودة، تعلمت الرقص والتمثيل والارتجال وتعلمت من زملائى الكثير. رشا مجدى ليسانس آداب قسم لغة عربية، وحاليًا أدرس فى المعهد العالى للفنون المسرحية ومركز الإبداع الفنى، قدمت للالتحاق فى مركز الإبداع وتم اختياري بعد اختبارات صعبة جدا رقص وتمثيل وغناء، مركز الإبداع الفني هو مرحلة صقل الجوهرة وأقصد بالجوهرة هى موهبتى التى يتم صقلها وإبرازها، وهذا حالى أنا وكل زملائى، فأهم صناع الوسط يحضرون لمشاهدتنا وتقييمنا سواء نقادًا أو صحفيين ومنتجين ومخرجين، وهذه فرصة جيدة جدا لى كممثلة، وتعليقات النجوم الإيجابية خلقت حالة حماس غير عادية لى على المستوى الشخصى لى ولزملائى، ممتنة جدا لخالد جلال وللفرصة التى أتاحها لى وإشادته بى وبطاقتى فى العرض وأشكره من كل قلبى لإيمانه ودعمه لموهبتى. عرض «سلم نفسك» أزياء مروة عودة، والمخرج المنفذ علا فهمى دعوة يومية مجانية للمتعة والفن، ففى حضرة خالد جلال وأبنائه أنت دائمًا فى رحاب حالة من البهجة والرقى.