سعر الدولار اليوم الخميس 16 مايو 2024 بعد وصول دفعة "رأس الحكمة"    بوتين يصل قاعة الشعب الكبرى في بكين استعدادا للقاء الرئيس الصيني    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 32    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    «حقوق الزقازيق» تعقد محاكمة صورية لقضايا القتل ( صور )    طلاب الإعدادية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الجبر والكمبيوتر اليوم    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 16 مايو    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    أجمل 5 هدايا في أعياد ميلاد الأطفال    فصائل عراقية تعلن استهداف مصفى حيفا النفطي بالمسيرات    استقرار أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أمريكا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    4 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلًا لعائلة "الحلقاوي" وسط رفح الفلسطينية    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    فوائد تعلم القراءة السريعة    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 16 مايو 2024    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربع ساعات جمعت هند رستم والعقاد لقاء بين العقل والإغراء
نشر في صباح الخير يوم 14 - 11 - 2017

التقت هند رستم مع الكاتب الكبير عباس العقاد لأربع ساعات كاملة.. جلست تناقشه فى آرائه وأفكاره.. وقال عباس العقاد رأيه فى هند رستم.. قال لها إنه وجد فيها سارة جديدة.. ماذا حدث فى هذا اللقاء بين عقل العقاد الكبير وبين هند رستم ممثلة الإغراء ؟.. هل تهيب العقاد؟ وهل تراجع أمامها؟ أم تحركت عواطفه وقرر أن يعيد تجربة سارة من جديد ؟.. إن كمال سعد سجل فى هذا التحقيق الذى نشر فى «آخر ساعة» أول لقاء بين العقل والإغراء.
قالت لي: أنا خايفة.. خايفة إلى درجة إنى ما نمتش طول الليلة اللى فاتت، وقلت لها: ولماذا كل هذا الخوف؟.. قالت لى وهى تفرك أصابعها: ما اعرفش.. ربما لأنى أتصور الفرق الضخم اللى بينى وبين هذا الرجل.. هو يجلس على قمة تجارب البشرية كلها، ويضع فلسفة الإنسانية داخل برشامة فى رأسه.. وأنا كل تجاربى معدودة.. ومن الحياة.. قلت لها: وهل فى هذا ما يخيفك؟ قالت لى فى تردد: ما اعرفش برضه.. لأنى قعدت أسأل نفسى طول الليل: ياترى بأى لغة حتقدرى ياهند تتكلمى مع عملاق الأدب والصحافة؟ قلت لها وأنا أضحك: كلميه عن مشاكلك كأنثي.. ولا تتكلفي.. ولا تضعى فى اعتبارك أن تكونى عملاقة لتحدثى عملاقا.. فكثيرًا ما حدثنا التاريخ عن عباقرة وعمالقة استسلموا أمام طغيان الجمال والإغراء!
قالت لى هند رستم وقد غرقت هى الأخرى فى الضحك: أنا دلوقتى ما يهمنيش التاريخ.. أنا يهمنى المقابلة دى نفسها.. ياترى هتكون سهلة؟.. فقلت لها وبسرعة: طبعا ما فيهاش أى صعوبة بالمرة!
وأردت أن أزيد من اطمئنانها.. فقلت لها إن أجمل ما قيل عن ملكات الإغراء فى العالم قاله عباقرة.. فالروائى العظيم ألبرتو مورافيا قال لممثلة الإغراء الجديدة كلوديا كارديناللي: إنى أرى فيك ظمأ الحياة.. ظمأ نقيا بريئا يكره التعقيد.. فهل أخطأت؟ قالت له ضاحكة: ومن أنا لأقول لألبرتو مورافيا أنه أخطأ.. مثلا؟
وهناك شاعر إيطالى لا أتذكر اسمه دفعته العاطفة إلى أن يقتحم حجرة بريجيت باردو ليراها على الطبيعة، ويكتب عنها قصيدة أروع من الخيال، وهذا بخلاف الكتاب الذى ألفته عنها الكاتبة الفرنسية سيمون دى بوفوار.
وهناك الكاتب الأمريكى آرثر ميللر الذى قال عن زوجته مارلين مونرو: إنها عبقرية، وقالت عنه مارلين مونرو إنه مجنون..
وهناك أمثلة كثيرة لا حصر لها تدل على أنه ليس هناك حاجز بين العقل والإغراء بالمرة.
قالت لى هند رستم: ولو.. فكل هؤلاء.. أنا أضعهم ومعهم مائة فى كفة.. وأضع العقاد فى كفة أخري.
قلت لها: إزاي؟
قالت: العقاد شيء آخر فى العبقرية، وغير هذا.. أوليس هو الذى قال عن المرأة إنها تراوغ وتكذب وتميل مع الهوى، وتنسى فى لحظة واحدة عشرة السنين الطوال؟
قلت لها ومن أين لك هذا؟
قالت: منذ عرفت موضوع هذه المقابلة وأنا أقرأ كل شيء كتبه العقاد.
قلت لها: يعنى سنذهب؟
قالت وهى تضحك: سنذهب.. وأمرى لله!
أنت ملكة التعبير
وكانت هند رستم وهى فى طريقها إلى بيت العقاد، ترتدى فستانا أسود صدره مقفل، ومن النوع المحتشم الذى يلفت وقاره الأنظار، بينما وضعت على كتفها فروا أبيض، وتركت وجهها وعليه نفس العلامات.. علامات الخوف الذى وصل إلى درجة أن قالت لى فى الطريق: هل تدرى أن هناك شيئا يزيد خوفى من هذه المقابلة؟
وقلت لها: وما هو؟
قالت: إنها فى يوم 13 وهو يوم أهرب منه وأتشاءم منه ولا أمثل فيه بالمرة حتى لو أخذت مليون جنيه فى المشهد. وقد وصل تشاؤمى من هذا اليوم إلى درجة أننى قررت أن أنتقل من شقتى فى الزمالك لمجرد أنها تحمل رقم 13.
قلت لها، وأنا أكتم الضحكة فى أعماقي: وماذا لو عرفت كذلك أننا ذاهبان للبيت رقم 13 وكادت تصرخ وهى تقول لي: يامصيبتي.. هو العقاد ساكن فى رقم13.
قلت لها: ويتحداه، ولا يعبأ به.. ويعتقد أن التشاؤم من صنع الصدفة ولا دخل للحقيقة فيه!
المهم كل ما تصورته هند رستم عن عداء أستاذنا العقاد للمرأة ذاب بمجرد مقابلته لها.. فقد وجدناه فى انتظارنا خارج شقته.. وعلى وجهه ابتسامة لم أرها فى كل المقابلات التى زرته فيها.. وكان يرتدى نفس ملابسه التقليدية التى يميزها شيئان: الطاقية الصوف والكوفية!
وقال لنا أستاذنا العقاد، بمجرد دخولنا: هل نذهب إلى المكتب أو نجلس فى غرفة الاستقبال؟.. قالت له هند رستم: فى غرفة الاستقبال أحسن.
وبمجرد جلوسنا قال لها أستاذنا العقاد: تعرفى يا أستاذة هند أنك نجمى المفضّل؟
قالت له، وهى لاتكاد تصدق ما تسمعه بأذنيها: ياه! للدرجة دي؟
قال لها: وأكثر.. فقد اكتشفت الآن أن الحقيقة أروع من الخيال.. فأنا أهنئك بالموهبة الطبيعية، والوجه المعبر.. فأنت فى رأيى لست ملكة الإغراء ولكنك ملكة التعبير.. لأن الإغراء عملية حسية.. عملية رخيصة.. لكن التعبير عملية نفسية تخاطب العقل.. والوجه المعبر فى رأيى أهم من الوجه الجميل.
قالت له هند: ولكنى أعترض على الهجوم على الإغراء، لأنه فن ما نقدرش ننكره.
قال لها العقاد، وهو مستمر فى كلامه: عندما رأيتك لأول مرة فى فيلم شفيقة القبطية ذكرتنى بأول مرة رأيت فيها انجريد برجمان.. كان عمرها 22 سنة.. وكانت صريحة وطبيعية مع انفعالاتها.. ولذا فأنت فى رأيى أقرب إنسانة إلى سارة.. ولذا أنا أرشحك لتمثيل هذا الدور.. إنك سارة نفسها.. بكل ما فيها من ذكاء الأنثى، وطبيعة الأنثى، ورغبتها فى أن تستجيب. والفارق الوحيد بينك وبين سارة هو أن الناحية العصبية عندك طاغية، وهى على عكسك، لدرجة أنك لو أقفلت شفتيك بدون كلام لمدة خمس دقائق لارتعشتا على الفور!
ونظرت إلى هند رستم وهى تنصت بكل حواسها لهذه الكلمات الرقيقة.. ورأيت فى عينيها طبيعة الأنثى التى تطلب مزيدا من هذه الكلمات، فتدخلت لأقول لأستاذنا العقاد: وهل كانت سارة على قدر كبير من الأنوثة؟
قال لي: إنها أنثى مائة فى المائة.. وهى مليئة بالإحساس العاطفى والجسدي. وسارة فى تجربتها معى كانت تأخذ صف الرجل فى كل المواقف، فكنت إذا حدثتها عن خناقة بين زوجين كان شعورها يذهب على الفور مع الرجل.
وهنا أسرعت هند رستم لتقول: عندها حق، وأنا دائما أؤيد الرجل، وأحس أنه كل شيء فى حياة المرأة، وبدونه تكون الحياة بالنسبة للست عبارة عن صحراء.. لأنه هو اللى بيحميها، وهو اللى بتحمل اسمه، وهو اللى بتفخر بيه..
وأضاف العقاد: وهو اللى تضيف وجودها لوجوده!
وهنا تساءلت هند: لكن من كلامى مع الأستاذ العقاد.. واضح إنه بيحب المرأة قوى!
وانفجر العقاد فى ضحكة من أعماقه وهو يقول: قوى جدا.. ثم عاد بظهره إلى الوراء على الكنبة التى كان يجلس عليها، ووضع ساقا فوق ساق، وقال لها: ومين قال لك إنى عدو المرأة؟.. إنت بتصدقى إنى عدو المرأة؟.. كلام فارغ.. أنا باحب المرأة الطبيعية.. وهى امرأة كأم، أو زوجة، أو عاشقة.. لكن المرأة اللى نسخة تانية من الرجل.. يعنى بانكر أنها تقول مساواة فى كل شيء، وتقول إنى راجل فى صورة أخري.. أعمل بيها إيه ؟.. وحياتى مع المرأة هكذا.. فى كل دور من أدوارها!
- يعنى حضرتك بتؤمن بحب المرأة؟
- أومن بالحب والإرادة.. وأنا فى الواقع ضعيف مع العاطفة!
- إلى أى درجة؟
- إلى درجة أنى كنت لا أستطيع أن أنام أو أصحو إلا على صورتها التى علقتها أمام سريري.
وقام العقاد من مكانه، وقادنا إلى مكان الصورة، وهو يقول: وعندما أردت أن أنساها لجأت إلى الفن.. فأحضرت لوحة لتورته عليها «صرصار» وإلى جوارها كوب من العسل يتساقط فيه الذباب.. وضعت هذه اللوحة المنفرة بدلا من صورتها.. وها هى، وفى نفس المكان.. حتى تجعلنى أنفر من ذكراها!
واستغربت هند رستم من أغرب طريقة للنسيان.. وقالت للعقاد: لكن.. إنت قلت الإرادة.. وبالطريقة دى إنت بتهرب من الحب!
قال لها، بعد أن عدنا إلى نفس المكان الذى بدأ فيه الحديث: أنا عايز الإرادة.. وإرادة واحدة للعاطفة ما تكفيش!
- يعنى الحب والعاطفة فى رأيك أقوى من الإرادة؟
- شوفى.. أمام العواطف أنا ألجأ دائما لحاجتين: للفن، وللعقيدة الدينية.. لأن الإرادة فى مثل هذه المواقف لا تكفى!
عايزة أزور بيت الله!
واستأذنت هند رستم الأستاذ العقاد فى إشعال سيجارة.. ثم قالت له: وهى تشعل سيجارتها فيه حاجة مهمة جدا يا فندم عايزة أسألك فيها؟ قال لها: أنا مستعد.
قالت له: فيه حاجة شاغلة بالى الأيام دي.. أنا عايزة أزور بيت الله.. فهل حرام أن الفنان يزور بيت الله، ويرجع يشتغل فى السينما؟
وأسرع يقول لها: أبدا.. لاحرام ولا حاجة!
قالت له: أنا لغاية دلوقتى ما سألتش حد من علماء الدين.
- لا.. لا.. الفن، فن التمثيل، غير محرّم مطلقا.. لكن الحرام هو الخلاعة!
- الخلاعة فى الواقع ولا فى التمثيل؟
- رأيى أنا شخصيا إنه لا يوجد حرام فى التمثيل.. لكن عندما أتكلم بصفة الدين أقول إن الخلاعة حيثما كانت غير جائزة شرعا!
- حتى لو كان فيها درس للناس؟
- يعنى قصدك تقولى كتشريح الجثة مثلا.. فدينيا لا يجوز عرض الجثة.. ولكن من ناحية الفائدة العلمية يصح.. على كل حال زورى بيت الله.. ولا تستمعى لكلام أى واحد يشكك فى هذه المسألة!
وهنا عادت هند رستم لتقول: فيه حاجة تانية برضه عايزة أسألها.. كل إنسان مؤمن بالله.. وأنا مؤمنة بالله.. لكن الحاجة الوحيدة اللى باخاف منها هى الموت!
قال لها فى هدوء: شوفى أنا شخصيا لا أخاف الموت.. ولو شرّف فى أى وقت أقول له اتفضل. ويمكن الشيء الوحيد اللى باخاف منه هو المرض!
- يمكن لأنك ما اتجوزتش قبل كده وما عندكش أولاد!
- مين قال لك إن ده السبب؟
- إنت قلت مرة إنك خايف من الجواز لأنك خايف تترك أولاد يتامى من بعدك.. وأنا عندى بنت وخايفة عليها!
- مش ده السبب.. دى علة.. حتعللى بيها دايما رغبتك فى الحياة.. وأنا أذكر إن جدتى عاشت إلى أن تجاوزت المائة.. وكانت متعلقة فى هذه السن بالحياة.. وكانت دايما تعلل معيشتها بحفيدتها الجميلة بدور.
- أيوة لكن ياترى الخوف من الموت بينشأ من إيه؟
- من فرط الحساسية، لو بحثت فى نفسك حتلاقى حاجات تانية بتخافى منها زى خوفك من الموت بالضبط!
- فعلا أنا باخاف من العفاريت.. ياترى إنت بتصدق حكايات الناس عنهم؟
- أنا معلوماتى إن فيه أرواح.. وفيه جان.. لكن مسألة العفاريت اللى بتطلع للناس - دى ولو إنى أتحدى العفاريت كلها - لا أستطيع أن أنفيها أو أؤيدها، وأنا لما كنت طفل وأسمع إن الناس بتتكلم عن مكان بتسكنه العفاريت.. كنت أروح مخصوص وأبات فى المكان ده.. عشان أثبت لهم إن كلامهم تخريف فى تخريف.
- ياه.. لوحدك ؟.. وما كنتش بتخاف؟
- كنت أخاف فعلا.. وكنت أفكر: هاعمل إيه لو طلع لى العفريت؟
- بس ده مش خوف.. ده تحدى!
- شوفي.. أنا عمرى ما خفت من حاجة إلا الفقر لو عرضنى للذل.. ولكن الحمد لله إن ربنا يسترها دايما.. لدرجة أنى لا أقترض أبدا!
- طيب وغير حكاية العفريت.. بتؤمن بقراءة الكف؟
- أومن بحاجة واحدة فيه.. أومن بأن كفى ليس له شبيه.. هذه حقيقة علمية.. إن ما فيش كف إنسان يشبه لكف إنسان آخر.. إذن فأنا أومن بأن هناك ارتباطا بين الكف وشخصية الإنسان.
وكان أستاذنا قد بسط كفه ليثبت هذا الكلام.. فبسطت هند كفها هى الأخري.. وبدأ يشرح لها، وهو ممسك بيدها صدق هذه النظرية. قالت له هند فى غمار الحديث: لكن يا فندم ده انت إيدك ساقعة قوي. وضحك وهو يقول لها: من الأنفلونزا!
مارلين هى الإغراء!
وقطع هذا الحديث وصول أكواب الليمون التى تناول العقاد أحدها من السفرجى وقدمه إلى هند وهو يقول: فيه نصيحة منى لك يا أستاذة هند.. أنا عايزك ما تستغرقيش فى أدوارك.. فالفن فى إنك تعرضى ولا تتقمصي.. وأنا باحس دائما إنك بتتقمصى الأدوار اللى بتقومى بيها.. وده فيه خطر كبير عليكي.
وتحمست هند رستم لهذه الحقيقة وقالت فى انفعال: ما اقدرش أمثل إلا بالطريقة دي.. لدرجة إنى بعد ما قمت بدور شفيقة فى نهاية حياتها.. حسيت بعد تمثيلى للدور بشلل كاذب فى كتفي. كنت لا أستطيع تحريكهما.
قال لها العقاد، وهو يهز رأسه: فعلا.. لدرجة إنك لما وقعتي.. وقعتى بعبط.. وقعتى جد لدرجة إنى حسيت إنك بتعيشى على أعصابك أكثر من اللازم فى أدوارك. وسكت العقاد قليلا ثم عاد إلى الكلام قائلا: لكن فيه حاجة بالنسبة لشفيقة أشك فيها.. أنا أشك فى إن شفيقة كانت بتتعاطى كوكايين؟
قالت له هند، وكأنها تتذكر: أظن اللى عودها على المسألة دى كان راجل طلياني.
قال لها: يجوز.. وربما السبب فى إدمانها هو الفجيعة العاطفية الأبوية التى أصابتها.
واندفعت هند لتقول: يعنى شفيقة خلّفت صحيح؟
قال لها: ولد من أحد الأعيان.. وليس من زوجها الذى تركته!
وهنا قالت له: وشفيقة القبطية كانت مغرية؟
- شفيقة كانت تحوط تصرفاتها دائما بنوع من الأنفة والكبرياء.. ولم أسمع أنها كانت فى تصرفاتها مع الناس مبتذلة!
- يعنى ما كانتش مغرية؟
- لا، ليس قصدي.. وعلى كل حال أنا غير متعمق فى حياتها!
- طيب مارلين مونرو فى رأيك كانت مغرية ولاّ ومعبرة؟
- مارلين مونرو كانت هى الإغراء.. لأنها أنثى ناقصة تكوين.. وأمها مجنونة.. ولذا فكل الذى كانت تفعله عبارة عن تعويض لشعورها بنقص الأنوثة.. فمارلين عبارة عن امرأة عايزة وسائل تجذب بها الأنظار.. وعايزة تثبت أنوثتها بأى طريقة.. لدرجة أنها فى سبيل أن تكون أنثى رضيت برجل يهودى وغيرت دينها وتزوجته.. وأنا رأيت لها صورا كثيرة.. وفى الواقع إنها مبالغة جدا فى حركاتها.. وحاسة إنها ما تقدرش تغرى إلا إذا وصلت لهذا الحد.. ولو كانت واثقة من أنوثتها لكان ربع هذا المجهود فى الإغراء يكفى!
- لكن يا أستاذ عقاد ربما ده مش ذنبها.. لكن فيه مخرجين بيفرضوا عليها الحركات دي.. والمخرجين عندنا مثلا.. لو شافوا إن هند ناجحة فى الإغراء.. فلازم الممثلات إلى بييجوا بعدها لازم يكون شعرهم أصفر زى هند، ويقلدوها فى كل الحركات.. الممثلة بتبقى فى اللحظة دى مسكينة، ومظلومة من حكم الناس عليها.
- على كل.. المخرجين اللى عندنا نوعين: نوع يعمل بالفطرة.. وده كويس.. أما النوع الثانى اللى فاكر إنه بيطلع نظريات ولازم يمشى عليها الممثلون فده نوع فاشل لأنه بيفتعل المواقف!
وهنا تدخلت لأقول لأستاذنا العقاد: وهل من الممكن أن نقول على الرجل أنه مُغر؟!
وأسرعت هند لتنفى هذه الصفة عن الرجل وقالت: لا.. لا يمكن أبدًا أن نقول على الرجل إنه مُغر.
قال لها العقاد: الرجل يغرى بإظهار قوته.. وهذا ما كنا نلاحظه فى الأفلام الأمريكية زمان، فقد كانت تحضر شابا جميلا فيه مظهر الرجل ليمثل دور معبود الجماهير.. أمثال رودلف فالنتينو. واللى باعرفه إن رودلف ما كانش مغرى لكل النساء، وكذلك رودلف منجو.. الذى كان مغريا للنساء الناضجات فقط.
وأسرعت هند لتقول له: يعنى القوة فى الرجل تغرى والعقل لا يغري؟
قال لها: القوة هى الإغراء فى الرجل.. أما العقل فهو الحيلة.. ويجوز أن نرى أحدب يحتال على امرأة جميلة بعقله، ويجعلها تقع فى غرامه!
المرأة والرجل والحيوانات
وغير هذا تناول الحديث بين العقاد وهند رستم أمورا كثيرة خرجت منها بأن العقاد ينظر نظرة معيبة لتعدد الزوجات إذا ما ناقش القضية من ناحية العقل. أما ديننا فهو يعتبر تعدد الزوجات رخصة لمصلحة المرأة إذا طبق كما يجب، لأن الزوجة أحيانا تكون عقيما، وحرام أن يطلقها الزوج. إذن فلابد أن يتزوج عليها واحدة أخري.
وقال العقاد إن عائلته كلها ليس فيها رجل واحد جمع بين زوجتين!
وقالت له هند رستم: طيب فيه سؤال حساس شوية.
قال لها: ما هو؟
قالت له: لو فرضنا أن أستاذنا العقاد دخل جنينة.. ولقى فيها زهور وبعض الحيوانات.. ياترى تشبه المرأة بإيه من الحيوانات.. والراجل برضه هتشبهه بإيه؟
وابتسم وهو يسألها: والجواب عايزة فيه مجاملة؟
-ضحكت وهى تقول: عايزة صراحة.. مع الاحتفاظ بحقوق المرأة.
واعتدل العقاد ليقول لها: شوفى بقي.. لو أنا مصور باعمل موديل لن أشبه الرجل بالأسد أو المرأة بالغزال.. أو أقول إن الرجل نسر وإن المرأة بلبل.. لكن التشبيهات دى فى رأيى غير صحيحة!
- إزاي؟
- الرجل فى رأيى هو الشمبانزى، والمرأة هى الأرنب!
- ياه.. مش معقول!
- الأسد حيوان وبس.. لكن الشمبانزى حيوان حساس.. الأسد قوى وبس.. لكن التانى وليف وممكن يفهمك.. ولو فيه فى حديقة الحيوان عندنا أورنجتان.. يمكن الرجل الطبيعى فى خيالى هو الأورنجتان!
- وليه المرأة أرنب؟
- لأن الأرنب مثل المرأة فى النعومة والتجسس والتحسس والولع بالسراديب.
- لكن كتاب كتير بيشبهوا المرأة بالأفعي؟
- الرجل ممكن يكون أفعى وأكتر منها.. فالمرأة فى رأيى ليست أفعى!
- لكن إنت بتدافع عنها قوى رغم إنك قلت إن المرأة لو حكمت العالم، فإما أن أعلن العصيان أو أنتحر.
- أبدا.. أنا ما قلتش كده.. لأنى متأكد إن المرأة إذا حكمت العالم.. فإحنا معشر الرجال اللى حنحكم العالم!
وإلى هنا انتهى حديث هند رستم مع العقاد.. وخرجت لتقول رأيها فى هذه المقابلة فى جملة واحدة: سأرسل باقة أزهار إلى العقاد وعليها نفس الكلمات.. نفس المعانى التى شعرت بها: لن أنسى فى حياتى طعم هذه المقابلة!•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.