لأنه لا يقبل على نفسه أن يظل متفرجا على مآسى البشر ولأنه أيضا قادر على التخفيف من معاناتهم والمشاركة فى الجهود التى تبذل من أجل مد الأيدى للمحتاجين من خلق الله.. تحرك فى الماضى القريب ويتحرك دائما هوزيه أندريس الشيف الأمريكى الشهير ليتواجد بنفسه فى مواقع الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية آخرها كانت بورتوريكو بعد إعصار ماريا. لا يكتفى أندريس الطاهى العالمى بإرسال ما يمكن إرساله من طعام ومواد إغاثة بل يتواجد بنفسه ويطبخ الوجبات بنفسه ويشارك مع الآخرين فى توزيعها وأيضا لا يتردد فى توجيه نداءات ودعوات عامة لرفقائه فى عالم الشهرة وأصحاب المال وذلك لكى تتم زيادة عدد أعضاء الفريق المساهم فى الإغاثة والمعونة وتخفيف الآثار السلبية وإعادة الأمل ولو القليل منه إلى نفوس البشر. هوزيه أندريس البالغ من العمر 48 عاما مهاجر إسبانى. بعد أن أقام فى أمريكا 23 عاما واشتهر كطاهٍ مميز مؤسسا ومالكا للعديد من المطاعم الأمريكية على امتداد البلاد صار مواطنا أمريكيا فى نوفمبر عام 2013. وزادت شهرته أكثر فى السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ لأنه أضاف للمشهد الأمريكى مذاقا خاصا ومختلفا للأكلات الأسبانية والمتوسطية مواقف إنسانية.. سياسية تخص التعامل مع المهاجرين والتصدى لمشاكل الفقر والجوع والبطالة. أندريس حدد موقفه بوضوح وعلنا من قضية المهاجرين فى أمريكا خلال الحملة الانتخابية الشرسة للانتخابات الرئاسية عام 2016 وفى مواجهة ما قاله دونالد ترامب عن الهجرة وترجم موقفه إلى قرار عملى انسحب من خلاله من فتح مطعم فاخر له فى فندق ترامب الشهير فى واشنطن. وخسر ما خسر من أموال من أجل عدم التراجع عن مبادئه ومواقفه من الهجرة وضرورة حماية المهاجرين. هذا الطاهى الشهير والرائد أيضا فى التوعية الغذائية وربط الطبخ بالصحة والاهتمام بالبيئة بالتأكيد أصبح اسما شهيرا وناشطا مميزا ومساهما فى توعية الناس بكل ما هو هام وضرورى للأسرة الإنسانية. يشارك فى ندوات خاصة وعامة من أجل الحديث بإدراك ووعى عن التحديات المعاصرة للبشرية. المطبخ بالنسبة له كان نقطة الانطلاق وليس نهاية المطاف فى الالتفات إلى قضية الجوع وقضايا أخرى يتبناها أندريس ونراه يتحدث عنها فى لقاءات مع كبار مسئولى الهيئات والمنظمات الدولية المالية والاقتصادية منها. نجده فى ندوة مع كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد بعد أن شاهدناه يسير فى الشوارع الغرقانة بمياه إعصار ماريو فى بورتوريكو ليوزع الأكل لمن لم يتمكن من منافذ توزيعه. مثلما رأيناه من قبل يحاضر فى جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأمريكية عن دور الأكلات فى تشكيل الحضارات. ولأنه تميز وتفوق فيما يفعله.. وبما يتركه من بصمات فى نفوس البشر اختارته مجلة تايم الأمريكية فى عام 2012 واحدا من المائة الأكثر تأثيرا ونفوذا فى العالم. حكاية هوزيه أندريس أو حواديته على مدى السنوات لا تعكس فقط قصة نجاح وشهرة بل تعطى لنا أمثلة حاضرة لما يمكن فعله بالنجاح والشهرة وبالأموال التى تأتى معهما.. قدرة على توسيع وتعميق إدراك البشر لقضايا العالم والأهم السعى بالفعل وليس بالخطب الرنانة والكلمات الطنانة للتصدى لها.. فإطعام الجائع مثلا لا يتحقق فقط بإرسال الأكل بل بإعطاء بعد إنسانى أيضا.. طبطبة إنسانية لا تقدر بأموال لها مردود نفسى عظيم. ليس فقط لمن يأخذ بل لمن يعطى أيضا. • توم هانكس مؤلفا الممثل الشهير الذى أبهرنا بأدوار مختلفة فى أفلام أمريكية عاد إلى الأضواء مؤخرا كمؤلف لنصوص وقصص. هانكس كما قال كان يهوى قراءة الأدب والكتابة منذ سنوات طويلة مضت إلا أن هوايته أو عشقه الممتد أراد أن يبلوره فى كتاب فجاء إصداره، والحديث المثير للاهتمام عن هواية هانكس فى اقتناء آلات الكتابة التى صارت مع قدوم الكمبيوتر آلة تاريخية يتم الاحتفاظ بها والاهتمام بها كتذكار. ذكر هانكس فى الأحاديث الصحفية والإذاعية أن ما لديه من آلات كتابة يصل إلى 180 آلة. وهو عاشق مغرم بأصوات دقاتها وتحريك الورقة فيها.. وكيف أنه خلال سنوات عديدة تأمل بتمهل وتمعن هذه الآلة العجيبة بأسمائها الشهيرة وأنواعها المتميزة. ومن ثم كان للآلة الكاتبة حضور ولو فى دور صغير فى كل قصص ال17 كتابا التى ألفها توم هانكس. الممثل الذى يبلغ من العمر حاليا 61 عاما. ظهور هانكس نفسه وقراءته لصفحات من كتابه وأيضا الحوار معه عما شغله ويشغله الآن من هموم الكتابة والإبداع والفن.. كلها مجتمعة كانت نسمة مختلفة.. حلوة ولذيذة وسط أجواء الحديث الأخير عن فضائح هوليوود.. فى مواجهة أجواء ملبدة بسحب الفضائح الجنسية ورياحها المدمرة. •