لم تعد بوابات مجلس نواب الشعب، ملاذًا للمواطن المصرى كما ظل المشهد لسنوات طويلة.. اختفى المحتجون والمعتصمون وطالبو المساعدة وأصحاب الحقوق الضائعة.. فهل فقد مجلس النواب مكانته لدى الناس فى حل مشاكلهم؟ أم تراهم وجدوا بديلاً؟ سؤال طرحته صباح الخير على النواب والسياسيين مع بداية دور الانعقاد الثالث. يرى النائب أحمد طنطاوى عضو تكتل 30-25 أن إعراض المواطنين عن الوقوف على بوابات مجلس النواب، لا يعنى فقدان المجلس لشرعيته، ولكنه يشير إلى احتمالين: الأول: أن المواطن فطن إلى أن المجلس أصبح غير قادر على الانتصار لاحتياجات المواطن. والثاني: أنه قادر، لكنه غير راغب فى الانتصار للمواطن، وفى بداية انعقاد المجلس كان المواطن يرى فى نواب الشعب الذين اختارهم بإرادته، الملاذ وأنهم قادرون على توصيل صوته، لكن التجربة جاءت مخيبة. ويضرب طنطاوى المثل بحملة الدكتوراه والماجستير، فرغم تأييد كل نواب البرلمان لمشكلتهم وحصولهم على وعد من رئيس البرلمان ورئيس الحكومة، بالوصول لحل يرضيهم، لم يتم شيء حتى الآن. وأصبح قطاع واسع من المواطنين مقتنعين أن الأغلبية فى مجلس النواب، غير قادرين وغير راغبين فى مواجهة السلطة التنفيذية على الرغم من صلاحياتها الدستورية. ويفسر طنطاوى السبب، فى أن أغلبية النواب اختاروا ألا يقدموا سوى القليل، مؤكدا أن الاعتصامات أمام المجلس كانت لمشاكل وقضايا عامة، من المفروض أن يكون للنائب دور فيها، لكن المجلس على مدار دورى الانعقاد الفائتين لم يستخدم أيًا من أدواته الرقابية. • المظالم فى الدوائر يختلف مجدى ملك النائب عن محافظة المنيا، مع رأى طنطاوى، مؤكدًا أن المواطنين يرون فى نواب المجلس الملجأ من أى قرارات تعسفية، وهذا نلمسه فى دوائرنا بالأخص، وإذا رجعنا للتاريخ فإن التاريخ يؤكد أن الشعب المصرى لا يرضى عن الحكومة ولا عن مجلس النواب. «دور مجلس النواب فى هذه الفترة دور استثنائى فى فترة استثنائية صعبة، فعقب الثورتين انهارت مؤسسات كثيرة، وحدث تراجع فى الأداء، انعكس على المواطن، والمجلس لا يملك العصا السحرية، ودوره الرقابى موجود فى بعض القطاعات، ودوره التشريعى قفز قفزة كبيرة، لكن المواطن لا يشعر بهذا الأداء، لسوء إدارة بعض المؤسسات والفساد الإدارى والمالى يلتهم التنمية ويلتهم الأفكار الجيدة». يضيف: يوجد سوء توظيف لإدارة المال العام، فنسبة 40% من موازنة الدولة يهدر فى الفساد و60% توظيف خاطئ، فنحن نحتاج لرؤية علمية وأسلوب إدارة جديد. • حكومة لا تبالى النائب حسام الرفاعى عن محافظة سيناء، قال: إن أسباب ابتعاد المواطنين عن المجلس يُسأل عنها المواطن نفسه، وقد طرحت سؤالاً من قبل على النواب: هل إذا ترشحتم مرة أخرى سيختاركم أهل دوائركم؟ والإجابة طبعا لا. يفسر حسام تجنب النواب الصدام مع الحكومة، بأن كثيرين منهم ينتظرون التعليمات. ومن ناحية أخرى يرى أن هناك قصورًا فى الأداء، وأن استجابة الحكومة ضعيفة جدا لطلبات النواب، «دورنا تشريعى ورقابى وخدمى، لكن بعض الوزارات لا ترد علينا، فالمواطن الذى يطلب منا خدمة نفشل حتى فى التواصل مع الحكومة لحلها». يطالب حسام بإلزام المؤسسات والوزارات بالرد على المجلس، حتى لو كان الرد سلبيًا لأن عدم الرد إهانة للنواب» الحكومة ليست على مستوى الأحداث وإنجازاتها على الورق فقط». • تشريع لا خدمات النائب عصام الفقى أمين سر لجنة الخطة والموازنة يرى أن عدم تواجد المواطنين أمام بوابات مجلس النواب يعنى المعرفة وليس فقدان الثقة، المعرفة لدور النائب الحقيقى وهو التشريع والرقابة، وليس الخدمات»، أما التعيين وهو الشغل الشاغل للمواطن، فقانون الخدمة المدنية نص على أن التعيين سيكون بمسابقة، ولذلك أدرك المواطن أن وقفته أمام المجلس لن تأتى بنتيجة. ويؤكد الفقى أن المجلس الحالى من أحسن المجالس النيابية فى تاريخ البرلمان المصرى، والنواب لديهم حس وطنى ومهمومون بقضايا الوطن. • خطر على الشرعية على الجانب الآخر يرى سياسيون من خارج البرلمان أن البرلمان فقد شرعيته فى الشارع وأن المواطنين أعرضوا عنه وأعطوا له ظهرهم. أحمد بهاء شعبان أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى يرى أن البرلمان لم يعد سندًا أو دعمًا للمواطن، وبالتالى تصبح شكواه للبرلمان أو أى جهة أخرى لا فائدة منها، وأن كل محاولة لاستنطاق البرلمان ليكون فى صف المواطن محاولة فاشلة، والنتيجة الابتعاد عن البرلمان وتجاهله. ويتابع: بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو كان لدى المواطن أمل فى أن يلعب البرلمان دورًا مهمًا فى الحياة السياسية، باعتباره برلمان الشعب، الذى أتى بإرادة شعبية, لكن بعد أن وافق البرلمان ومرر جميع القرارات التى أضرت بصالح المواطن البسيط، فقد رجل الشارع الأمل فى الحكومة والبرلمان وهى مرحلة خطيرة فالبرلمان يستمد شرعيته من الشارع. يتفق معه ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، ويرى أن الشعب المصرى بذكائه ومتابعته لأعمال مجلس النواب وصل إلى نتيجة أن المجلس تحول إلى إحدى اللجان التابعة للحكومة، والموافقة كل ما تطرحه الحكومة، بجانب ممارسات رئيس المجلس المخالفة للدستور واللائحة، بحسب وصفه. فاعتبر الشعب أن البرلمان غير موجود فأصبح المجلس مرفوضًا شعبيًا، وهو ما أدى إلى فقدانه شرعيته فاختفت ظاهرة المطالب الفئوية التى كان أصحابها يعتصمون بها أمام مجلس النواب واختفت ظاهرة المظاهرات التى كانت ترفع لافتات بمطالب الجماهير لقناعة الشعب أنه مفعول به وليس فاعلاً وأنه لا يملك التأثير على الحكومة.•