أطرى من ورق الخشخاش بيضاء من غير سوء وكأنها إعلانٌ عنْ ومضِ الشمعِ الملكيِّ ونقاء البللور هي: بيتهيألى انت برج الأسد هو: عرفتى إزاى هى «مبتسمة»: فيك صفات كتير منه.. واثق من نفسك، عنيد، بتحب شغلك .. بس فيك عيب يخوف هو: إيه هي: مابتسامحش اللى يغلط فى حقك هو: على حسب الغلطة هي: حتى لو مكنش يقصد هو: محدش بيغلط فى حد بيحبه من غير ما يقصد هي: عندك حق لو بيحبه مكنش غلط فى حقه). هكذا تحدثوا فى أول لقاء جمعهما بأحد المطاعم العائمة فى وسط المدينة.. لم تصدق نفسها عندما علمت أنها أول فتاة تظفر بجلسة معه «بمفردها» بالرغم من مروره بأكثر من تجربة سابقة، كانت إحداهن خطيبته التى بح صوتها من طلب "فسحة" أو الجلوس على مقهى فى وسط المدينة أو التقاط صورة لها معه على سبيل الذكرى. لا يعرف كيف قبل دعوتها على الغداء.. وربما لم يكلف خاطره البحث كثيراً حول قبوله لتلك الدعوة.. واكتفى بأنه يشعر بإحساس فريد فى ذاته ذ ربما لم يشعر به من قبل- وكان يحدث نفسه «المجنونة ديه خطفتنى إزاى كده». النشأة الأصولية التى ترعرع فيها، كان لها نصيب الأسد فى تشكيل شخصيته، فلا يزال يؤمن بأن الرجل أفضل من المرأة ولا صوت يعلو فوق صوته، وأن المرأة مجرد ظل له لا يملك حق مناقشة أوامره. وبالرغم من هذا كله استطاعت أن تقتحم داخله وتدك حصونه، لتثبت له أن الحب أقوى من كل المسلمات التى يعيش عليها الإنسان وكأنها امرأة من نار. فى لقائهما الأول كانت أقرب من البدر فى ليلة التمام، خصيلات شعرها الناعم تحاول أن "تتملص" من الحجاب الذى تضعه على رأسها لتشق طريقها إلى الفضاء الواسع، وعيناها الواسعتان المغروس فيهما فصان بنيان يظهران ملامح فتنتها التى لا تقاوم.. لايزال هدير صوتها الساحر يطرب أذنيه كلهما تذكر طيفها الجميل، لا تزال ضحكتها الطفولية الصافية، تدغدغ مشاعره، فلا يكاد يعرف النوم قبل أن يستمع إلى صوتها العذب، وهى تدعو له فى كل ليلة بصوت لم يستمع لمثيله طيلة حياته. لم يفكر لأول مرة فى زيها الذى يعارض ذ نشأته الدينية- لم يرها «شمال» لا تمتلك طاقمًا واحداً له ملامح الحشمة، كل ما فكر فيه هو إحساسها الذى لم يشعر بمثيله من قبل. وفى خضم تلك الذكريات انتزعته لمسة حانية من كفها الرقيق، وهى تسأله «حبيبى.. اللى واخد عقلك يتهنى به»، فبادرها قائلا: تعرفى إنك بتوحشينى وانتى معايا.. «أنا مش عارف إيه اللى حصل، ولا إزاى حصل، ولا إمتى حصل»، بس كل اللى عارفه إنى بكون تايه وانتى بعيدة عنى، وحيد.. متفرد بأحزانى وأوجاعي"، لا أجد نفسى سوى عندما أكون معك، بقربك، أدنو منك، لأستمع إلى هدير صوتك «الخفيض» الذى أذوب عشقًا فى كلماته.. هكذا «جال خاطره». وبينما يتحدثان أخرجت قدميها الصغيرتين من «الحذاء» ومدتهما لتحتضن قدمه (وهى تتمتم): كان نفسى يبقى حضن قدام الناس كلها.. بس عارفة إنك هاتتضايق. عندما لمست قدماها قدماه شعر بأن قشعريرة سريعة تنتابه، لم يعرف لها وصفا، فهى أطرى من ورق الخشخاش، بيضاء من غير سوء، وكأنها إعلانٌ عنْ ومضِ الشمعِ الملكيِّ.. ونقاء البللور. وبينما هما يسيران بعد الغداء مد يده ليمسك يدها، فاحمر وجهها، وسألته «أنت عاوز تمسك إيدى ليه»، فرد قائلا: مش عارف بس... وقبل أن يكمل كلمته، رفعها للأعلى وقام بطبع قبلة رقيقة على «راحتها»، وهو يقول: أنت أجمل نساء الدنيا. كانت يدها أنصع من لون القطن وأعطر من سحر الريحان، وبمجرد أن لمستها يده شعر وكأنه فى بحر لجى، مخلوط من العسل المصفى ورحيق الياسمين. سألته «هو انت ... ولا لسه شوية؟»، فرد قائلا: بنسبة 100% بت أعشق التراب الذى تخطو عليه قدماك الصغيرتان... لكننى مازلت أفكر لأننى لم أعتد اتخاذ القرار بقلبى فقط.. فقالت: «وهل يرفضنى عقلك؟» فرد قائلا: نحن مختلفان... مختلفان فى كل شيء التربية... الأصدقاء.. الخلفية الفكرية والثقافية.. فقالت أنا أحبك ... ألا يكفيك ذلك.. ورمت رأسها على صدره وهى تبكى.. لن أطيق بعداً عنك.. ألم تقل لى إن أول ما أعجبك فى أننى لست مثل كل المصريات.. لقد بادرت بالكلمة قبلك، ومسك يدك قبلك.. و.... الكثير الذى أتصور أنك لا تزال تذكره. لست نادمة على شيء.. لكن ما أود إخبارك به أنك لست مجرد «نزوة» سوف يضيع تأثيرها قريباً.. أنت بالنسبة لى «عالم بأسره».. فرد قائلا: وهل تقبلين شروطي؟ ونكمل العدد المقبل . •