فى الوقت الذى لا يوجد فيه إحصائيات دقيقة حول عدد أطفال الشوارع برغم تعدد الجهات التى تهتم بهم، أكدت الإحصائيات غير الرسمية أن عددهم يصل إلى ثلاثة ملايين طفل يشكلون قنبلة موقوته فى المجتمع المصرى. بالقرب من ميدان التحرير، التقى "اليوم السابع" بمجموعة من هؤلاء الأطفال فبدوا وكأنهم ليسوا كالأطفال، حتى شكل الوجوه مختلف ومرعب، يتحدثون بلغة الميدان ويطرحون مشكلاتهم وهم فى طريقهم لتنظيم مسيرة خاصة بهم للمطالبه بحقوقهم. أصر بعضهم على تعريف نفسه بالاسم الأول فقط، والبعض الآخر أكد أنه ليس له إلا اسم واحد بس، شهاب ذو ال15 عشر عاما بوجهه الجنوبى الأسمر يروى حكايته منذ أن جاء من أسيوط هربا من زوجه أبيه ودخل عالم الشارع بكل ما فيه، يقول: "إحنا الوقود اللى ولع الثورة، وإحنا اللى كنا بندافع عن الثوار لما الجيش يضربهم، مع الأحداث جينا مجموعات للميدان ناكل ونشرب وننام ما إحنا مالناش مكان نعيش فيه بنبيع مناديل ونمشى حالنا، مش متعلمين بس فاهمين، محدش سأل فينا ولا عارف احنا عايشين إزاى" وهنا قاطعت شهاب إحدى الفتيات واسمها عبير20 سنة، قائلة: "يا أبلة أنتى عايزة إيه؟ إحنا مابنخدش فلوس من حد ولا حرقنا الكتب، إحنا كنا بنشيلها مع الثوار وكنا فرحانيين إننا بنعمل كدا، زمان أنا كنت فى مكان بيلم بنات الشوارع وكانوا بياخدو علينا فلوس ومكناش بنستفيد بيها، لكن دلوقت إحنا أحرار عايزين نعيش ونتجوز. حمادة صحبى يقول كنا عايزين نتجوز بس معرفش يطلع بطاقة لا ليه ولا ليه، فعشنا مع بعض ودا حرام بس مش حرام نفضل فى الشارع كدا مش حرام ننام فى الطل وتحت الكبارى، على الأقل فى الميدان بنلاقى خيمة ننام تحتها". ومع صوتها الذى بدأ يتعالى ومطالبتها لى بالرحيل رد شلاطة 16 سنة وقالى إحنا ما ولعناش حاجة إحنا عايزين نتعلم صنعة ونشتغل ونتجوز ونعيش زيكوا، هو أنتى تقدرى تسيبى ابنك ينام فى الشارع؟ أو يشحت أو يشم جولة؟ يا أبلة أنتى ما تعرفيش تتأخرى برة بيتك إنما إحنا ما نعرفش طريق بيتنا أصلا إحنا مالناش بيوت ولا لينا أهل، ممكن يبنولنا بيت كبير نعيش فيه ونتعلم صنعه ونتجوز، بس مش هنقبل من حد يقبض فلوس على حسنا ويصورنا ويقول إننا كنا أطفال شوارع". بيراءة بسيطة فسر شلاطة ما يحدث فى مؤسسات رعاية أطفال الشوارع، وانتهاك حقهم بالحياة بشكل كريم دون التهليل والفانتازيا الإعلامية، والتباهى بأنهم جابوا أطفال الشوارع وخلوهم ولاد ناس". لكن رضا 17 سنة كان ليه رأى تانى عن زملائه، حين قال: "إحنا فيه منا من غلط وساب بيت أبوه وفيه بنا اللى مايعرفش أصلا ليه أهل، وكنا عايشين مع بعض بناكل ونشرب ونشتغل وكل ما ضابط يحب يعمل شغل يجى يقبض علينا، وربنا يكفيكى بقى شر الحبسة فى دار الأحداث بنشوف الذل وبننضرب وبيتحلق لينا شعرنا، وبنام على البلاط وقبل ماحد يسأل عنا، لازم يعرفوا إننا بنى آدمين زيهم من حقنا نتعلم ونعيش ونشتغل". وعن اتهامهم بانهم كانوا يلقون المولوتوف وأنهم الذين أحرقوا المجمع العلمى وهم يرقصون على أطلاله ويهللون فرحاً ويعانقون بعضهم البعض، كانت الدهشة من سلومة 14 سنة، قائلا: "إحنا كنا بنحدفهم بالطوب لأنهم كانوا بيضربوا البنات اللى زى اخوتنا، وأى ضابط فيهم أكيد كان شبه الضابط اللى فى الأزبكية اللى كان بيحبسنا ويقلعنا ملط ويقعد يتفرج علينا".