مشاهد مازالت محفورة فى عيوننا.. اعتدنا على رؤيتها يوميا.. رغم تجاهلنا لها فإنها مازالت تمس قلوبنا بمجرد النظر لهم نتعاطف معهم دون تفكير ونجد مشاعرنا تسبقنا بالدعاء لهم بالشفاء.. تمنينا كثيرا مع بداية كل عام أن تتقلص هذه المشاهد، ولكن الكثافة السكانية تزيد دائما من حدتها وتعقيدها.. ولكن هذه المرة المشهد لا يتحمل التعاطف من بعيد، بل يحتاج إلى التدخل السريع.. فعندما يتعلق الموضوع بأطفالنا الصغار على الجميع أن ينتفض من أجلهم، لتقديم المساعدة العلاجية لهم.. بدلا من أنينهم الصعب الذى يؤدى إلى وفاتهم فى صمت وهدوء.. هذا هو حال أطفال مستشفى أبوالريش اليابانى.. فبمجرد وصولى إلى هناك، أدهشنى منظر الأهالى الذين يجلسون على الرصيف أمام المستشفى منتظرين ميعاد الزيارة للدخول والاطمئنان على أطفالهم. • مش فاهمين حاجة.. ومن بينهم لفتت انتباهى فتاة كانت تجلس بجانب والدها واضعة رأسها بين كفيها.. شاردة الذهن.. وجهها بائس وعيناها يملؤهما الحزن، فذهبت إليها لأعرف سبب حزنها ومجيئها إلى هنا، فأخبرتنى أسماء قائلة: بصراحة أنا مش مبسوطة وخايفة على أخويا هو عنده شهرين ونصف.. محجوز فى الرعاية بقاله 8 أيام، كان مصابًا بالتهاب رئوى وحساسية على الصدر.. والمفروض إنه هيخرج النهاردة من الرعاية.. ومن امبارح كل ما أسأل حد عن نوع اللبن اللى المفروض يشربه، يقولوا لنا أى حاجة!.. طب إزاى ده المفروض طفل صغير ومريض، ولازم يكون له نوع لبن معين يأخذه عشان ما يتعبش منا تانى..وأمى هى اللى قاعدة معاه دلوقتى.. وأنا وأبويا قاعدين هنا بره منتظرين ميعاد الزيارة عشان ندخل نطمن عليه.. أنا نفسى الدكتور يفهمنا حالته، اتحسنت ولا لأ، بدل ما إحنا تايهين جوه ومش فاهمين حاجة.. وده بيخوفنا أكتر. • قوائم الانتظار.. وأثناء حديثى مع «أسماء» قاطعنا «حسن سعد» ليخبرنا أنا بنتى عندها 3 شهور ومحجوزة هنا فى الرعاية بقالها 10 أيام.. والمفترض إنها ستجرى عملية ثقب فى القلب وعمليتها ضمن العمليات الموضوعة على قوائم الانتظار.. وستجرى العملية لها شهر 10 القادم.. وهى صغيرة وتعبانة جدا وضعيفة.. ومن 3 أيام قالوا لنا شوف لها رعاية خارج المستشفى، عشان هى محتاجة رعاية مركزة، وده مش متوافرة عندنا!.. واتعرفت على فاعل خير ووصلنى بشخص مسئول فى وزارة الصحة.. ولما كلمتهم فى الوزارة، بصراحة شديدة تابعوا معايا حالة ابنتى وقالوا لى وصلنا بالدكتورة المتابعة الحالة لما تكون معاها.. ولما وصلتها لهم اتفاجئت من رد فعلها لما قالت لهم: خلاص حالتها استقرت... • الدكاترة بتساعدنا من جيبهم.. وأثناء حديثنا جاءت سيدة مسنة بسيطة المظهر، اعترضت على كلامهم قائلة: أنا حفيدى عامل عملية قلب مفتوح بقاله 3 شهور.. وبمجرد إنه شعر بشوية تعب الدكتور أمر بحجزه عشان يطمئن عليه.. والدكاترة هنا بتساعد الناس الغلابه اللى زى حالتى ولو مش معايا فلوس العلاج بيساعدونى فيه حتى لو كانت المساعدة دى من جيبهم.. ودى شهادة لازم الواحد يقولها.. المعاملة هنا كويسة جدا والدكاترة كلهم محترمين ومحدش فيهم بيتأخر على أى طفل.. وده أنا شوفته بنفسى. • أبوالريش بداية تحسن ابنى.. وأضاف إلى كلامها «جابر ناصر» الذى أشاد بكفاءة الأطباء وحسن معاملة الإدارة والممرضين فى تقديم الخدمة، قائلا: أنا لفيت بابنى على دكاترة كتير وصرفت عليه أكثر من 150 ألف جنيه واتشخص غلط وكانت حالته كل يوم فى تدهور.. ومكنتش فاهم هو عيان عنده إيه.. ولما جئت به هنا.. عرفت إن عنده خراج ودخل عمليات وهو دلوقتى حالته بتتحسن كل يوم عن الأول.. • من الداخل حدث ولا حرج.. وأثناء حديثى مع الناس جاء وقت الزيارة.. وبدأت الناس تتزاحم على الباب.. وكان المشهد أشبه بمشهد طابور العيش.. فى تدافع الناس وتصارعها فى دفع تذكرة الدخول 5 جنيهات وفى بعض الأحيان تصل إلى 10 جنيهات.. دخلنا معهم وكان المشهد من الداخل يصعب وصفه، يبعث على الكآبة.. أطفال لا تنقطع أصواتهم من البكاء.. وأمهات بائسات يحملن أطفالهن الرضع على أيديهن طالبين من الله سرعة الشفاء وتخفيف آلام أطفالهن.. فغرف الأطفال المرضى عبارة عن عنابر.. كل طفل يحمل مرضًا مختلفًا عن الآخر.. أثناء تجولى فى طرقات المستشفى، قابلتنى طفلة مصابة بحمى البحر المتوسط نائمة على سرير متواضع، وفى يدها المحاليل، لا تدرى ما يحدث حولها وتجلس بجانبها والدتها مكبلة الأيدى تنظر لها بحزن ووجع .. وبجانبها طفل آخر نائم على سرير مصاب بالتهاب فى الكلى كان يبكى من الوجع، ولا يهدأ إلا بالحقنة المسكنة التى تسكن آلامه.. وأثناء جولتى داخل المستشفى.. • ساعدوووونى.. وجدت السيدة منال مختار تأتى إلى لتستغيث بى قائلة: أنا حفيدى مريض وحالته صعبة عنده ارتجاع فى المرىء والتفاف على الأمعاء واصل إلى الرئة والقلب، وحالته خطيرة جدا.. وهو صغير عنده سنة.. وبقالى شهر دايخه بيه ومش عارفه أحدد له ميعاد خالص أحجزه فيه داخل المستشفى، وكل ما أجى الدكتور يقول لى:، انتظرى حتى يتوفر له مكان هنا فى الرعاية.. والعملية خارج المستشفى تكلفتها تتراوح بين 60 و100 ألف.. وابنى مش معاه المبلغ ده.. دى عملية خطيرة.. والولد كل يوم حالته بتسوء أكثر من الأول .. ودلوقتى لا بياكل ولا بيشرب وبيرجع دم.. ومش عارفه أعمل إيه!.. ولغاية لما يتوفر هذا المكان، كيف ستكون حالة الولد؟! وهل سيكون وقتها معى أم لا؟!.. تركتنى بعدها وهى تجرى فى أرجاء المستشفى محاولة إيجاد حل ينقذ حفيدها وابنها جالس على الكرسى لا حول له ولا قوة. • وحشتنى ضحكة ابنى.. تركتها وأنا قلبى ينفطر على حفيدها.. لأجد أمًا تجلس بطفلها الرضيع داخل غرفة بها سريران محاولة تهدئته، فدخلت إليها وبدأت ألعب مع الطفل فهدأ، وظل ينظر لى بعينيه البريئتين ضاحكا.. فوجدت الأم تبتسم: أخيرا ضحكت يا عبدلله، وحشتنى ضحكتك.. وبعدها علمت من والدته أن عبدلله عنده شهران.. واحتجز فى المستشفى 15 يومًا.. لأنه كان يعانى من التهاب رئوى وشفى منه.. لكن هذه ليست نهاية المطاف.. فعبد الله يعانى من انسداد شريان فى القلب.. وستجرى له عملية ولكن ميعادها فى شهر 10 القادم.. وستأخذه وتخرج من المستشفى حتى ميعاد إجراء عملية القلب. أنهيت جولتى داخل المستشفى، وأنا أشعر بعجز شديد وكأننى أريد أن يكون معى عصا سحرية لأشفى بها كل هؤلاء الاطفال وأخفف من أوجاعهم، ولكن ليس بيدى شىء سوى الكتابة عنهم وعن آلامهم.. هكذا هى الحياة داخل مستشفى أبوالريش الأطفال ..استغاثات لا تنتهى وبكاء لا يتوقف.. فالمستشفى يفتقر إلى الدعم المادى الكبير، الذى يبطئ من إجراء العمليات ويطيل من قوائم الانتظار.. لذلك على الناس أن تتبرع من أجل إنقاذ أطفالنا.. فهناك الكثير منهم على قوائم الانتظار.. • حقيقة الأوضاع لن ينتهى تحقيقى عند هذا الحد داخل المستشفى.. فبعد أن دقت مستشفى أبو الريش للأطفال اليابانى، ناقوس الإنذار.. وأحدثت حملة «يأبو الريش أطفالنا تعيش» ضجة كبيرة، بأن المستشفى فى أمس الحاجة للتبرعات والتطوير وتجديد معداتها ومستلزماتها الطبية.. توجهت بأسئلتى إلى مكتب الدكتورة هناء راضى نائب مدير مستشفى أبو الريش «نائب مدير المستشفى». • كيف كان وضع المستشفى قبل أن تتولوا إدارتها؟ - كان الوضع سيئا للغاية.. فمستشفى أبوالريش مستشفى عريق، يخدم عددا كبيرا من الأطفال.. وقد واجهتنا عقبات كثيرة بعد أن تولينا إدارتها، خاصة أن هذا المستشفى يقوم على التبرعات فقط.. • وما أكثر المشاكل التى واجهتكم بعد أن توليتم إدارة المستشفى؟ تولينا إدارة المستشفى من سنة ونصف السنة.. وكانت أولى المشاكل التى تواجهنا هى مشكلة التمويل «من سيصرف على المستشفى؟!».. خاصة بعد أن توقفت بعض المؤسسات الخيرية عن التبرع للمستشفى، فكانت هناك أماكن كثيرة داخل المستشفى يتم الصرف عليها من خلال التبرعات وكان من بينها رواتب التمريض.. أيضا واجهتنا مشكلة فى شركة الأمن وشركة النظافة، لأنهم كانوا بتبرع من مؤسسة خيرية لكنها سحبت نفسها بعد ذلك.. فالأمن والنظافة والتمريض كانت من أهم المشاكل الرئيسية لأنهم الأهم فى خط سير المستشفى.. وبعدها اكتشفنا أننا لدينا نقص فى المستلزمات الطبية وأن مخزون الأدوية فى المخازن ينتهى قبل نصف الشهر.. • وكيف تخطيتم هذه المشكلة؟ - وضعنا خططا واضحة ومنظمة فى تجميع احتياجاتنا الشهرية، لكى نكون سابقين بخطوة.. وذلك عن طريق ما نأخذه من مستشفى قصر العينى وهو الجزء المجانى المخصص لنا والجزء المتبقى نوفره من التبرعات.. فهدفنا الآن هو تحديد احتياجاتنا والبدء فى تجهيزها من خلال ميزانيتى والباقى أسعى لتجهيزه من فلوس التبرعات، بحيث أوفر احتياج باقى الشهر دون أى نقصان.. وهذا ما جعلنا نوصل صوتنا للإعلام.. فأبو الريش طول عمرها موجودة وطول عمره محتاجه.. • كيف بدأت هذه الحملة؟.. - بدأت عن طريق رسالة من فاعلة خير لا أعرفها بالمرة على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر».. وانتشرت هذه الرسالة بسرعة الصاروخ داخل وخارج مصر.. وبالفعل تلقيت بعدها اتصالات عديدة من أصدقائى فى الخارج للمشاركة فى حملة التبرعات.. ومن النصف الثانى من شهر سبتمبر 2016، بدأت حملة التبرعات فى ازدياد، خاصة بعد زيارة عدد من الإعلاميين للمستشفى.. وبعدها انتشرت الحملة بشكل أكبر بعد مداخلة الدكتورة رانيا حجازى مديرة المستشفى فى مكالمة تليفونية مع الإعلامى عمرو أديب وانضم لها المستشار عدلى منصور وتبنى الحملة، وهذا ما أعطى مصداقية أكثر لحملة «يأبو الريش أطفالنا تعيش».. • وهل كان هناك وعى واستجابة سريعة من قبل الناس للتبرع للحملة؟ - بالفعل، فقد تفاجأنا بأعداد المتبرعين والأرقام المهولة التى حصلنا عليها.. وبدأت عملية التبرعات من قبل الناس تزيد وتسير بشكل منظم على عكس ما كانت من قبل.. ونجحنا من خلال هذه التبرعات فى تخطى بعض الصعاب، ولكن لازال هناك بعض العوائق التى نسعى للقضاء عليها.. فلدينا نوعان من المتبرعين، الأول المتبرع «الطيارى» وهو من يأتى للتبرع مرة واحدة فقط ولا نراه بعدها.. والثانى هو المتبرع الدائم الذى لن يتركنا ويتبرع لنا بشكل دائم ومستمر.. ولكن للأسف منحدر التبرعات بدأ فى الانخفاض، فشهر يناير ليس مثل شهر نوفمبر وديسمبر فى التبرعات.. فلا أريد أن تأخذ الحملة زهوتها وتنتهى بعد ذلك.. وتنسانا الناس وتعود المياه لمجاريها.. بل أريدهم أن يعلموا جيدا، أن أطفالنا يتألمون كل يوم وأنهم فى أمس الحاجة لهذه التبرعات.. وبالتالى أناشد دائما الناس بزيارتنا المستمرة.. كى يروا بأنفسهم حالات الأطفال ووضع المستشفى.. وأن المستشفى قائم على تبرعاتهم.. وعلى الصحافة والإعلام أن يساعدونا فى ذلك من أجل أطفالنا.. • وهل هناك تعاون من المؤسسات الخيرية؟.. -نعم، فقد تعاون معنا بيت الزكاة والصدقة للتبرع فى إجراء 84 عملية من العمليات الكبيرة التى على قوائم الانتظار، وبالفعل تم العمل بالمستشفى فى يومى الإجازة الرسمية لأعياد المسيحيين لإجراء العمليات.. وذلك ساعدنا فى تقليل كمية أعداد المرضى الأطفال على قوائم الانتظار، وهذا ما نريده، بدلا من انتظار الطفل بالشهور لإجراء عملية وتسوء حالته بسبب التأخير والانتظار.. أيضا من المؤسسات المتعاونة معنا، مؤسسة بنك مصر، فهى متولية رعاية الطوارئ رعاية كاملة، من رعاية ال24 سريرا مرورا بتشغيل التمريض ودفع رواتبهم.. فهم من بنوا هذا المكان وهم من يتبنون تشغيله.. أيضا تبرع لنا بنك الكساء ببطاطين.. ومؤسسة خيرزاد جمعت تبرعات على شرفنا فى رمضان لتطوير وتجهيز وحده التعقيم المركزية ووحدة الكلى.. كما عرضت علينا أيضا البورصة مساعدات بأجهزة، فطلبنا منهم تجديد كاميرات المراقبة الخاصة بالمستشفى وبالفعل قاموا بذلك. • وماذا عن قرار رئيس الجامعة بصرف 10 ملايين جنيه إعانة لأبو الريش؟ - هذه ليست إعانة، بل سعر جهاز الرنين الذى طلبناه من الدكتور جابر نصار، ووعدنا أنه سيقوم بشرائه.. وهذا قبل ارتفاع سعر الدولار، فقد وصل سعره الآن الى 24 ألف جنيه .. فملحقا مستشفى أبو الريش اليابانى والمنيرة، لا يتوفر فيهما هذا الجهاز.. مما يصعب الأمر علينا، لأننا نضطر إلى نقل الطفل المصاب بورم فى المخ أو مصاب بغيبوبة بسيارة الإسعاف إلى مستشفى قصر العينى لإجراء أشعة رنين، وهذه الحالات لا تتحمل النقل الكثير وتعرض حياة الطفل للخطر.. فكل مستشفيات جامعة القاهرة تعمل بجهاز رنين واحد.. وبالفعل انعقدت لجنة وخلال هذه الأيام سنستقر على شراء الجهاز بأعلى جودة وتقنيات طبية.. كما أننا بدأنا فى تجهيز الغرفة التى سيوضع فيها جهاز الرنين.. لأن هذا الجهاز يحتاج إلى عزل معين حتى لا تؤثر موجاته على الأطفال فى المستشفى ولا على مترو الأنفاق.. كما أننا سنقوم بتدعيم الأثاث فى الدور الثالث كى يتحمل وزن الجهاز لأنه ثقيل جدا فوزنه 5 أطنان.. فكلما تطورت التكنولوجيا كلما أصبحت معقدة أكثر.. أيضا وعدنا دكتور جابر بتغيير المصاعد.. لأنها متهالكة وتعرض حياة الناس للخطر.. وكان آخرها حادث سقوط المصعد بعشرة زوار. • تحديات • وماذا عن هذا الحادث؟.. - فى الواقع كل العاملين فى المستشفى سواء إدارة هندسية أو مسئولين، يعملون تحت ضغط كبير.. ومنذ أن تولينا إدارة المستشفى، أنادى دائما بأن هناك أشياء يجب تغييرها.. لأن من الصعب الاعتماد عليها اعتمادا كليا.. وكان من ضمن هذه المطالب هى تغيير المصاعد.. فهذه المصاعد لم يتم تغييرها منذ بناء المستشفى فى عام1983 أى من 33 سنة..فمن الطبيعى أن تكون بهذا الشكل السيئ، فقد فقدت عامل الأمان بها.. وهذا هو السبب الرئيسى الذى جعلها تسقط بالزوار.. أيضا من ضمن مطالبنا هو تغيير التكييف المركزى لأنه لا يعمل.. وتسبب ذلك فى توقف الكثير من العمليات بسبب ارتفاع حرارة الغرفة، ميزانية المستشفى غير قابلة مع الزيادة المستمرة الآن أنها تغير هذه الأشياء، لأنها بملايين.. ولو طلبنا بتغيير هذه الأشياء من المتبرعين لن يقتنعوا بها.. لأن المتبرع يريد أن يتبرع بجهاز فى حضانة، فى مستهلكات أو فى مستلزمات وليس فى تغيير مصعد أو تكييف مركزى رغم أنها تعتبر أيضا تبرعا.. فنحن كدكاترة نعى جيدا أهمية هذه الأشياء لكن كمتبرع لا.. • وماذا فعلتم فى هذه المشكلة؟.. - قمنا نحن والإدارة العليا بتوجيه جوابات نطالب فيها بسرعة الاستجابة بالموافقة على تغيير المصاعد والتكييف المركزى.. وقمنا بعمل عروض أسعار وخاطبنا الجامعة وقصر العينى ولكن هذه الإجراءات تأخذ وقتا فى تنفيذها.. أيضا كان من ضمن مطالبنا تغيير المطبخ والمغسلة لأنها فى أمس الحاجة للتغيير.. فمشروع المطبخ يعتبر مشروع حلم، لأننى لن أقوم بتغيير بوتجاز أو حلة.. بل بالعكس سيكون التغيير بداية من عيادات التغذية مرورا بالطعام الذى سيقدم للمريض.. أيضا سيتم تغيير الأطباق كى تتفق مع المواصفات الطبية بحيث لايتفاعل الطعام مع المادة المصنع منها الطبق.. فمشروع المطبخ مشروع كامل وجاهز رسوماته على التنفيذ.. وطالما سنطور المطبخ ونواكب تطور التغذية به، يجب أن نطور معه المغسلة والتعقيم.. لأن هذه كلها منظومة واحدة ويجب أن تطور بشكل منظم وسليم.. • كم الميزانية المخصصة لكم من جامعة القاهرة؟.. - 15 مليونا من الجامعة، منها مرتبات العاملين.. وطالبنا بزيادة الميزانية قبل ارتفاع الدولار وقدمناها لمجلس الشعب ولازلنا منتظرين الموافقة عليها حتى الآن.. فبطء الإجراءات هى سبب عرقلة مسيرتنا وتأخرنا كثيرا فى تغطية احتياجات المستشفى.. • وما هى الميزانية الفعلية التى يحتاجها المستشفى؟. - 70 مليونا، وهذا ما كنت أقوم بصرفه قبل ارتفاع سعر الدولار.. وكانت مقسمة 15 مليونا من ميزانية الدولة و55 مليونا من التبرعات.. وكنت أقوم بجمعها عن طريق المكالمات الشخصية والعلاقات الإنسانية.. ومع الاستمرار فى جمع التبرعات سنظل فى تحسن دائم. • مشكلة قسم التمريض • يعانى مستشفى أبو الريش من سوء خدمة التمريض وقلة فى عدد الممرضات، فكيف تعاملتى مع هذا؟. - لا أستطيع أن أنكر هذا، وطالما أعمل بشكل عشوائى وغير منضبط فمن الطبيعى ارتكاب الأخطاء.. فمكان مثل هذا من المفترض أن يكون به من 800 إلى 900 ممرضة يعملن بنظام «الشفتات».. والواقع يقول إننا لدينا فى المستشفى 348 ممرضة.. الممرضة الواحدة تكون مسئولة عن دور كامل، تخدم فيه 30 طفلا مريضا فى نفس الوقت، من رعاية لإعطائهم الدواء.. فمن الطبيعى أنهن مضغوطات وأحيانا يفقدن أعصابهن- وأنا لا أدافع عنهن- ولكن من المعروف أن الشخص المضغوط لا يعمل بشكل منضبط.. وفعلا لدينا عجز كبير هنا فى قسم التمريض.. ولكننا بدأنا نعالج هذا عن طريق دورات التدريب ودورات التواصل مع الآخرين.. فهن مدربات على تركيب الكنيولات وإعطاء الأدوية ولديهن خبرة كبيرة فى ذلك.. أما بالنسبة للتواصل مع الآخر فندربهن فى كيفية التعامل مع أهل المريض وكيفية امتصاص غضبهم.. فالممرضة زمان كان يطلق عليها حكيمة، لأنه كان لديها قدر من العلم والحكمة وتدارك المواقف.. ففى الخارج الممرضات هن خط الدفاع الأول وليس الدكاترة.. لذلك أتمنى عدم التقليل من هذه المهنة لأنها مهنة مهمة جدا، وبدونها لن تكتمل المنظومة الطبية.. • كيف تتعاملون مع أزمة الأدوية وارتفاع أسعارها الآن؟. - ليست لدينا تعاقدات مباشرة مع شركة الأدوية.. فالتعاقد يكون مع إدارة قصر العينى، وأبوالريش لها حصة فى ذلك.. فتعطيل الشركات تعاقدها مع قصر العينى وضعنا فى مأزق.. بالإضافة إلى كل الشركات بلا استثناء ألغت تعاقدها مع قصر العينى.. لأن أوفر لها أن تدفع الشرط الجزائى بدلا من أن تورد لنا الأدوية بالأسعار القديمة.. ولكن إدارة قصر العينى تساعدنا فى تخطى هذه المشكلة.. فكل ما نستطيع فعله الآن هو أننا نشترى هذه الأدوية من التبرعات.. فنحن نغطى الآن احتياجاتنا من التبرعات، حتى تنتهى هذه المناقصات.. • وكم هى المدة التى ستغطيها تلك التبرعات؟ - من الصعب أن أحدد مدة معينة.. لأن التردد على المستشفى يختلف من شهر لآخر.. فإقبال الأطفال على المستشفى فى الشتاء أكثر من الصيف لإصابة الأطفال بالالتهاب الرئوى والنزلات الشعبية وغيرهما من أمراض الشتاء، وهذا يضعنا تحت ضغط كبير.. • هل لازال هناك تعاون قائم بينكم وبين حكومة اليابان؟. - نعم بالفعل، ف»الجايكا» هى منظمة التعاون الدولى الخاصة باليابان ستبنى لنا ملحقا جديدا على بعد شارعين من المستشفى.. سينقل فيها جزء من العيادات الخارجية.. وهذه ستعتبر نقلة حضارية للخدمة المقدمة للمريض.. فخدمة المريض ليس فى حجزه ولكن فى تلقى العلاج الفورى والذهاب لبيته.. أيضا التعاون التدريبى قائم حتى هذه اللحظة بين البلدين.. فهذا المستشفى يعتبر بالنسبة لهم من أنجح المشاريع التى قاموا بها فى دول العالم الثالث.. فهم فخورون جدا بهذا المكان لأن العمل به لن يتوقف بالمرة.. • وكم عدد الأسرة فى المستشفى حاليا؟. - 450 سريرا عاديا منها 120 سريرا عناية مركزة.. ولا يوجد مكان أو حتى شبر فى المستشفى لاستقبال أسرة.. • هل قلة العلاج والحضانات كانت السبب فى وفاه الأطفال؟. - هذا الكلام غير صحيح بالمرة، «عمرى ما استقبلت طفل ومات من قلة العلاج».. من الممكن ان أرفض استقباله لعدم وجود مكان له فى الحضانة.. فبدلا من الانتظار دون جدوى يذهب إلى مكان آخر لإسعافه.. • هل هناك أطفال لازالوا على قوائم الانتظار؟. - نعم، العمليات الكبرى، مثل عمليات القلب المفتوح.. فهناك أطفال ميعادهم فى شهر 10 القادم لإجراء العملية.. وهذا ليس بيدى، فلو تحسنت الخدمة داخل المستشفى سيقل هذا من قوائم الانتظار.. لأن تحسين الخدمة سيجعل المريض يمكث وقتا أقل فى المستشفى.. • وكم عدد الأطفال الذين يستقبلهم المستشفى فى السنة؟. - نصف مليون طفل فى السنة.. • هل من الممكن أن يصبح أبوالريش مثل مستشفى 57357؟ - نأمل ذلك.. فلدينا حلم أن 2020 مستشفى أبوالريش الأطفال سيكون أفضل مستشفى أطفال فى مصر.. • هل يقبل المستشفى جنسيات أخرى من الأطفال غير المصريين؟. - نعم، فقد استقبلنا حالات من غير فلوس مثل أخواتنا السوريين والسودانيين نظرا لظروفهم.. وأحيانا يأتى لنا حالات من اليمن والصومال.. • وهل تستقبل حالات أطفال ميوؤس منها؟. - نعلم جيدا أننا آخر باب يلجأ إليه الطفل.. فمن الصعب أن أغلق بابى فى وجهه.. والحالات الميؤوس منها إما حالة جاءت متأخرة أو بها عيب خلقى.. وهناك عيوب لها حل وعيوب ليس لها حل ونسب الشفاء بها تكون ضئيلة جدا.. لذلك أناشد دائما بالوقاية وأحذر من زواج الأقارب الذى يسبب أمراضا فى القلب أو الصدر أو عيوب خلقية.. • بماذا تنصحين الناس؟ - يجب أن تكون هناك حملات توعية تقى الناس وتوعيهم.. وأنصحهم بعمل الفحوصات اللازمة قبل الإنجاب وأيضا قبل الزواج.. لأن وجود طفل معاق فى الأسرة يعتبر دماراً للأسرة بأكملها.. كما أنادى أيضا بتحسين الخدمة الطبية فى الأماكن البعيدة، بحيث إن الطفل لا يلجأ لنا إلا بعد أن تسوء حالته وتصبح حرجة، لأنه قادم من مكان بعيد.. • ما هى خططكم القادمة لتطوير المستشفى؟ - أولا المصاعد، ثانيا تطوير منظومة الإطفاء والحريق، ثالثا بدأنا فى التعقيم المركزى ومنها سندخل فى تعقيم المطبخ والمغسلة.. ولدينا أيضا مشروعان الأول مشروع تطوير قسم القلب والرعاية، والمشروع الثانى ما بعد العملية بحيث يخرج المريض يجد مكانه نظيفا ومجهزا.•