«الحال تعبان شوية»، «الحركة قلت بنسبة 70%، الدولار غلى سعر النحاس والزبون اختفى».. بهذه الجمل بدأ تجار شارع المعز يروون مأساتهم حول حركة البيع والشراء التى انعدمت بسبب غلق الشارع، وجعله ممشى سياحى للحفاظ على معالمه التاريخية من الانقراض أوالضياع.. فالشارع ملىء بالمتاحف والجوامع الأثرية والمعالم الحضارية التى يرجع تاريخها لآلاف السنين.. فدكاكينه مصممة بشكل يحاكى العصور الوسطى.. وبالأخص العصر المملوكى، فشارع المعز يعتبر من أكثر الشوارع المليئة بالتحف الأثرية.. فبه جامع الحاكم بأمر الله وقصر الأمير بشتاك وجامع السلطان قلاوون وسبيل السلطان الغورى.. ولكن للأسف هذه الآثار لم تكن حليف التجار أو «البيضة التى ستفقس لهم ذهبا»، بل كانت بمثابة الضربة التى قضت على تجارتهم وجعلتها فى حالة ركود تام. شارع النحاسين.. يسرى محمد صاحب محل الألومنيوم بشارع المعز يقول:شارع المعز فى الأصل كان شارعا تجاريا.. وكان يسمى فى القدم بشارع النحاسين.. يأتى له الفلاحون من أماكن بعيدة لشراء جهاز العرائس.. ولكن فى عهد فاروق حسنى أغلقته الحكومة وحولته إلى شارع سياحى فقط.. وانتشرت فيه الكافيهات.. وبدأ الشباب الصغير «يبلطجون» فى المنطقة ويفرشون بضائعهم على الرصيف بشكل عشوائى وبدون تصاريح.. وكل هذا أثر علينا بشكل سلبى.. فغلق الشارع للممشى السياحى، لم يكن فى صالحنا بالمرة.. لأنه منع دخول السيارات به إلا فى حالة وجود تصريح وبالتالى تم منع سيارات النقل التى كانت تنقل البضائع لنا، من دخولها الشارع.. مما اضطرنى للذهاب إلى مصنع الألومنيوم فى ميت غمر لشراء «الطشت الألومنيوم» بكل أحجامه وأنواعه.. وكل هذا أدى إلى ضعف و قلة تجارتنا!!.. وهذه من أكثر المشاكل التى تواجهنا هنا كتجار.. فما زلنا نعانى، حيث انخفضت حركة البيع والشراء بنسبة 70% وهذا مؤشر غير مطمئن بالمرة. تراجع 50% تامر شاب - يعمل فى صناعة النحاس - يخبرنا عن ارتفاع أسعار النحاس، قائلا:ارتفاع سعر الدولار تسبب فى ارتفاع سعر النحاس، مما أدى إلى انعدام حركة البيع والشراء.. حيث تراجعت بنسبة 50% وبالتالى أصبحنا فى هذه الفترة نعتمد على شغل التشطيبات فى الفنادق.. أما بالنسبة للزبون فقد قلت قدماه من داخل المحل!!.. لأن ارتفاع الدولار رفع من سعر النحاس، وبالتالى رفعنا أسعارنا على الزبون، مما جعل الإقبال ضعيفا على الشراء.. أيضا قلة السياحة فى الشارع لها دور كبير فى ذلك.. فالسياحة ترفع من حركة البيع والشراء بقوة.. لأن السياح ينجذبون للشغل العربى.. ولكن بعد ما حدث فى شرم، قلت السياحة فى الشارع، وبالتالى ندفع ضريبتها حتى الآن.. ولكنى أتمنى ألا تطول مدة الدفع، لأننا وقتها سنخسر كثيرا نحن التجار. راحة نفسية.. عم فاروق عبدالحميد - بائع القماش - تمرد على الجلوس فى البيت بعد أن سوى معاشه.. ونزل يقف مع أخيه فى محل والده، ذهبنا إليه ليشكى لنا همه قائلا: زمان القماش كان له قيمة.. وكانت الناس تفضل التفصيل عن شراء الملابس الجاهزة.. لكن الآن التفصيل أصبح موضة قديمة وليس له معنى فى عصرنا.. فالإقبال على شراء الأقمشة أصبح ضئيلا، لأن الناس أصبحت تشترى الآن الملابس الجاهزة.. وذلك جعل القماش فى حالة ركود منذ سنوات.. فزبائنى هم من سكان شارع المعز.. وأسعار القماش تتراوح على حسب جودته، والأسعار فى متناول الناس كلها.. ورغم بطء حركة البيع والشراء، إلا أن هذا لم يحبطنى أو يضايقنى بالمرة، لأن الرزق من عند الله.. ولن أترك مكانى هنا فى الشارع، فأشعر براحة نفسية وأعتبر أن هذا الشارع جزء منى.. رغم أننى لم أكن ساكنا من سكانه.. لكننى أشعر بدفء فيه.. وبالتالى يعتبر من أحب وأقرب الشوارع لقلبى.. فقد سعدت كثيرا، عندما تم إغلاق الشارع للممشى فقط لأن ذلك جعله نظيفا وحافظ على تراثه التاريخى.. وكل ما أتمناه أن تسير البلد وتنشط السياحة، كى تنهض تجارتنا بقوة مرة أخرى.. لأن تجارتنا تقوم على السياحة.. سوق القماش.. وبعد انتهاء حديثنا مع عم فاروق بشارع المعز، ذهبنا لسوق القماش بشارع الأزهر والذى يعد واحدا من أهم أسواق القماش فى الأزهر ووكالة البلح. .وهناك قابلنا محمود - صاحب محل القماش والستائر - ليخبرنا قائلا:الخمس سنوات الماضية، كانت حركة البيع والشراء فى عد تنازلى.. ولكن الآن بدأ الإقبال يعود إلى حد ما.. وذلك يرجع إلى ارتفاع الأسعار فى البلد.. أما بالنسبة للشغل، فأصبحنا نعمل بنصف الذى كنا نعمل به فى 2007 و2008، فالمصاريف تغطى فقط التزامات المحل من كهرباء ورواتب العمال، ولكن كمكسب لن نحققه بشكل كبير بسبب ضعف حركة البيع والشراء.. أما عن الخامات، فأحيانا نستخدم خامات مستوردة، وذلك لأننى أنافس المنتج الأجنبى كالمنتج التركى والروسى.. ولكن الآن أصبحنا ننتج القماش الذى كنا نستورده من الخارج.. وأصبحنا ننافسهم بالخامات كالحرير، الستان والقطيفة.. فإن إقبال الناس على الشراء يعتمد على الشغل من حيث الذوق والكفاءة الإنتاجية.. فقد انتشر سوق المستورد هنا فى الأزهر بعد الثورة، وذلك ألحق بنا أضرارا ومشاكل كبيرة.. فالحركة لن تقف هنا فى السوق، لأنها تقدم للعميل أفضل سعر وأعلى جودة. •