إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا هذا هو بيت الشعر الذى تربينا عليه فى مدارسنا، نأخذه فى مادة النصوص أو نبدأ به موضوع التعبير.. قد نسمعه من الدكتور مصطفى محمود فى التليفزيون فى برنامج العلم والإيمان.. أو نشعر بمعناه فى خطبة الشعراوى يوم الجمعة، أو البرنامج اليومى حديث الروح. نتأمله فى وجود أب قدوة لنا فى تصرفاته.. ونلمسه فى نصائح أمى عندما تتحدث معنا ونستشيرها فى مشاكلنا. أين هو هذا البيت الآن !!هل يعرفه أحد من جيل الشباب؟ ولو عرفوه من خلال الدرس الخصوصى من المدرس الذى ينادونه باسمه دون أى احترام.. هل يدركون معناه!! هل هناك أى وسيلة ليشعر الجيل الجديد بأهمية الأخلاق أو وجودها؟!! لن أقول إننا كنا «جيل ماحصلش» وأتكلم عن جيلى مواليد الثمانينات والسبعينيات فأنا متأكدة أنى كما أرى الجيل الجديد كان يرانا الأجيال التى سبقتنا وكنا نسمع كيف أننا متهورون ولا نقدس معنى العائلة ولبسنا غريب.. إلخ إلخ من جمل التهكم علينا.. والجمل التى من المؤكد أنه قد سمعها آباؤنا من الأجيال التى سبقتهم فكل جيل فى رأيى مظلوم ممن سبقه فكل جيل نصب نفسه حكماً أو جلس على منصة القاضي ليحكم على من يليه هو فى الأساس المسئول عن تربية هذا الجيل الذى يرفض أخلاقه. • أم وابنة.. والفرق كبير لعل قدرى وضعنى فى حقبة زمنية عاصرت اختلافاً سريعاً وحاداً يشبه الطفرة لم يعشه الجيل الذى سبقنا والأجيال التى ستلينا فنحن جمعنا بين عبدالحليم وعمرو دياب وجمعنا بين أفلام إسماعيل ياسين وإسماعيلية رايح جاى وواكبنا ثورة الإنترنت منذ بدايتها وبدأنا خطوة خطوة نتعرف على وسائل التواصل الاجتماعى ودخول الموبايل والفضائيات وأخذنا الجرعة رشفة رشفة بهداوة كأننا كنا نسخن قبل دخول الماتش.. لم يتسن لمن قبلنا تقبل السرعة المجنونة التى نعيشها فى عجلة الحياة بسبب سنهم ونضجهم فى ذلك الوقت ولا يفهم الأجيال الحديثة كيف كنا نعيش بدون موبايل أو 1000قناة تليفزيون على مدار 24 ساعة فى اليوم.. حققنا نحن المعادلة ما بين الاحترام والحنين للمة العيلة ومراعاة الأصول.. والروشنة مع ولادنا ولبس الجينز المقطع واستخدام الآى فون.. واعتبر أننا جيل محظوظ ويتسنى لنا الحكم بصورة أوضح على الفجوة بين من قبلنا ومن بعدنا.. ولكننا حملنا على كاهلنا تحديات تواجه كل أب وأم من جيلنا فمهما ربينا وتعبنا وسهرنا «وفتحنا عنينا» نحن الأهل وتفهمنا أولادنا فهناك مستجدات على العصر تتسارع وتصعب دورنا، وما كان من المفترض أن يستخدم لمساعدتنا فى حماية أولادنا وتثيبت ما نغرسه فيهم للأسف أصبح من العناصر هدامة وساحات للمعركة مع الأولاد.. • ضيوف ثقيلة فى بيوتنا أصبح الإنترنت فى جيب ابنك ليل نهار من خلال موبايله، ولم يعد جهاز الكمبيوتر الذى يوضع وسط غرفة المعيشة ووالديك وعائلتك كلها معك على الجهاز.. حتى الفلترة التى توضع على الجهاز ببرامج رقابة وأمان يضعها الأب لن يستطيع وضعها على جهاز ابنه الذى يحمله فى جيبه وأصبح من السهل أن يكون لابنك خط واتنين وجهاز واتنين خاصة كلما كبر فى السن! كذلك للأسف أصبح مالا تسع إليه فى سينما يأتى للبيت وكأنه جزء من نظام التوصيل الذى تنتهجه المطاعم وأصبحت العديد من المسلسلات بل والبرامج +18 فأصبح التليفزيون كالضيف الثقيل الذى يكبس على نفسك أنت وأولادك ولن تستطيع التحكم فيما يشاهده أولادك وإلا أصبحت على حد قولهم «أب خنيق».. ليس فقط مسلسلات أو أفلام مسفة ولكن هناك برامج توك شو بها تراشق بالألفاظ وسباب.. وهناك إعلانات مسفة تنشر مفاهيم مغلوطة وتهدم معانى جميلة. وكما كانت المدرسة هى ما ترسم شخصيتنا والمدرسون هم من نرى الحياة من خلالهم فجملهم ما زالت فى آذاننا وتوجيهاتهم تتحكم بالكثير من تصرفاتنا.. أما الآن فتعددت أنظمة التعليم وانشغل المدرسون وثقلت المناهج بحشو لا فائدة منه وفقدت المدرسة دورها التربوى وأصبحت مصدر تعلم الأولاد الشتيمة والسلوكيات المرفوضة سواء من أولاد أهمل آباؤهم فى تربيتهم أو من مدرسين عجزوا أن يقوموا بدورهم التربوى وغاب دورهم كقدوة فى سلوكهم. • روشتة من خبير ما سبق مجرد أمثلة عما تواجهه الأم من عناصر تهدم كل ما تفعله مع أولادها وفى رأيى وأنا أم لديها أولاد فى سن المراهقة والطفولة مما يعطينى جزءًا من الخبرة أن مفتاح أى علاقة ناجحة مع أولادنا هى بمنتهى البساطة «الصداقة» التى تبدأ مع أول يوم أمومة بمعايشة احتياجاتهم ومشاركتهم لعبهم ومشاعرهم كأننا فى سنهم.. ومنها تأتى الثقة وتفهم ما يواجههم.. وهو ليس بطول الفترة التى أقضيها مع ابنى فقط وإنما بكيفية تقضية هذا الوقت فالمهم الكيف وليس الكم.. ولوضع روشتة من متخصص تلخص كيفية الوقاية مما يحيط بنا من تحديات هدامة.. لجأت للدكتورة إيمان جابر رئيس إدارة الأطفال والمراهقين فلخصت ملامح الروشتة قائلة: أهم شىء فى العلاقة بين الأم وأولادها وهو أول عنصر فى الروشتة: الاحترام والثقة وهذا الاحترام يأتى من تفهم ابنى وعدم التسفيه من حاجاته البسيطة وإن قلت أهميتها فى نظرنا. العنصر الثانى: هو الاحتواء بمعنى احتوائه واحتواء عالمه وأصدقائه وهواياته أعرف بيرتاح مع مين ومن هم المقربون له فللأسف يبدأ الأب أو الأم البحث عن أصدقاء أبنه أو اختيارهم وهو مراهق ولكن المطلوب أن يحيط ابنه بمن يحبهم ويشبهونه فى الجو العائلى والتقاليد والعادات من بداية دخوله المدرسة حتى يكبر معهم ودائما يكون هناك حوار مشترك معه حول أصحابه الذين أعرفهم فذلك يفتح باب الدردشة معه بدلاً من أن أسأله عن أصحابه وأحوالهم وأنا من الأساس لا أعرفهم. • التعميم والغموض العنصر الثالث: وضوح الدور المطلوب من ابنى خاصة المراهق والبعد عن التعميم والغموض وأخبره بوضوح عن الهدف المطلوب منه تحقيقه.. وتضيف الدكتورة إيمان جابر: للأسف الأجيال السابقة كانت أسهل فى تطبيق هذه الروشتة فكانت المدرسة لها دور تربوى قوى أما الآن فالأطفال لا يذهبون للمدرسة من الأساس ويستبدلونها بالدروس الخصوصية ولو ذهبوا لا يكون هناك دور محدد لهم من المدرسة أو الأهل فلا يفرق معهم النجاح، أو التفوق، أو الالتزام وليس هناك هدف لتحقيقه ولا يوجد المثل والقدوة التى يحذو الأطفال حذوها. وأصبح الطفل فى بيئة تفرض عليه ملابس وأسلوب كلام وشتيمة يتأثر بها ولا يجد فى المقابل البيئة من الأصحاب التى تسنده. وتشبهه لأن الأهل لم يهتموا بتأمينه بهذه الصحبة الحسنة وتركوها للظروف فلم يعد اليوم الأهل والجيران الذين يجتمعون دائماً فيتقارب تلقائياً أولادهم الذين يشبهونهم فى التربية، وأصبحنا لا نرى أقرباءنا ولا نعرف جيراننا. وأهم عنصر وهو الرابع والأخير: أن أشتغل على نقاط الضعف فى شخصية ابنى أو شخصيتى.. بمعنى إذا كان هناك قلة ثقة فى النفس أو ضعف فى الشخصية لدى ابنى أشتغل على بناء شخصيته فى وقت مبكر ولو كنت أنا كأم أو أب أعجز عن التعامل معه وفهمه أو كنت قاسياً أو مدللاً له بصورة مرضية أشتغل أيضاً على نفسى وهناك أكثر من طريقة لذلك بدءاً من قراءة الكتب الخاصة بالتربية وصولاً باستشارة متخصص نفسى وسلوكى وهناك الكثير من كورسات التدريب الخاصة بالآباء والأمهات. •