ما جال فى خاطرى أنّى سأرثيها بعد الذى صغتُ من أشجى أغانيها قد كنتُ أسمعها تشدو فتُطربني واليومَ أسمعنى أبكى وأبكيها صحبتُها من ضحى عمرى وعشتُ لها أوفى شهدَ المعانى ثمّ أهديها سُلافةً من جنى فكرى وعاطفتي تُديرها حول أرواحٍ تُناجيها لحناً يدبُّ إلى الأسماع يَبْهَرُها بما حوى من جمالٍ فى تغنيّها ومنطقاً ساحراً تسرى هواتفُهُ إلى قلوب مُحبّيها فتَسبيها وبى من الشَّجْوِ.. من تغريد ملهمتي ما قد نسيتُ بهِ الدنيا وما فيها وما ظننْتُ وأحلامى تُسامرني أنّى سأسهر فى ذكرى لياليها ••• يا دُرّةَ الفنِّ.. يا أبهى لآلئهِ سبحان ربّى بديع الكونِ باريها مهما أراد بيانى أنْ يُصوّرها لا يستطيع لها وصفاً وتشبيها فريدةٌ من عطاياهُ يجود بها على براياه ترويحاً وترفيها وآيةٌ من لدُنْهُ لا يمنُّ بها إلا على نادرٍ منْ مُستحقّيها صوتٌ بعيدُ المدى.. رى مناهلهُ به من النبرات الغرِّ صافيها وآهةٌ من صميم القلبِ تُرسلها إلى جراحِ ذوى الشكوى فتشفيها وفطنةٌ لمعانى ما تردّدهُ تجلو بترنيمها أسرارَ خافيها تشدو فتَسمع نجوى روحِ قائلها وتستبينُ جمالَ اللحنِ من فِيها كأنما جَمعتْ إبداعَ ناظمها شِعراً وواضعِها لحناً لشاديها ••• يا بنتَ مصر ويا رمزَ الوفاء لها قدّمتِ أغلى الذى يُهدَى لواديها كنتِ الأنيسَ لها.. أيّامَ بهجتها وكنتِ أصدقَ باكٍ.. فى مآسيها أخذتِ منذ الصِّبا تطوينَ شقَّتَها وتبعثين الشَّجا فى روح أهليها حتى رفعتِ على أرجائها عَلَماً يرفُّ باسمكِ فى أعلى روابيها وحين أَحدَقَ بالأرضِ التى نَشَرتْ عليكِ أفياءها شر يُعنّيها أهبتِ بالشعبِ أنْ يسعى لنجدتها بالمال والجهد إحياءً لماضيها وطُفْتِ بالعُرْبِ تبغين النصيرَ لها والمستعانَ على إقصاء عاديها حتى إذا صدقتْ فى العون همّتُهم وجاءها النصرُ وانجابتْ غواشيها عاد الصفاء لها وارتاح خاطرها بعد القضاءِ على ما كان يُضنيها وأقبل الغربُ يسعى فى مودّتها لما رأى من طموحٍ فى أمانيها ••• يا من أسِيتُم عليها بعد غيبتها لا تجزعوا فلها ذِكرٌ سيُبقيها وكيف تُنسى وهذا صوتُها غَرِدٌ يرنُّ فى مسمع الدنيا ويُشجيها أضفى إلهى عليها ظِلَّ رحمتهِ وظَلَّ من منهل الرضوانِ يسقيها تبلى العظامُ وتبقى الروحُ خالدةً حتى تُردَّ إليها يومَ يُحييها