عام صعب مر على قطاع السياحة المصرى بعد أن تعرضت لأكثر من ضربة بداية من الطائرة الروسية ومرورا بالحوادث الإرهابية التى تعرضت لها مصر فى عام 2015 وحظر السفر إلى شرم الشيخ والتوترات التى تشهدها المنطقة العربية واشتعال الأجواء فى دول الجوار. وكان الاستثمار السياحى واعدا قبل ثورة 25 يناير التى اندلعت عام 2011، حيث كان الاستقرار هو السمة التى يتسم بها القطاع وشهد طفرة كبيرة على مستوى عدد السياح الوافدين إلى مصر. • عام مر أما فى 2015 فقد رصدت هيئة تنشيط السياحة عدة تأثيرات سلبية على القطاع السياحى منها استقبال مصر لقرابة 9 ملايين سائح فى عام 2015 فقط فى حين تخسر السياحة مليارى جنيه شهريا مع حالة العزوف الكبيرة أثرت على عدد الزوار. وكانت حادثة الطائرة الروسية بمثابة الضربة القوية للقطاع لأن توقيتها كان دقيقا فى ظل الإقبال الكبير من السياحة الروسية على السياحة الشاطئية فى هذا التوقيت من العام نتيجة البرودة الشديدة التى تشهدها البلاد واتجاههم لقضاء أعياد الكريسماس فى جو ملائم لهم وهو ما ساهم فى التفكير فى أسواق أخرىّ يمكن أن تلبى احتياجاتهم بعيدا عن التوترات التى تشهدها مصر. وأوقفت روسيا رحلاتها إلى مصر كإجراء احترازى وبعدها أعلنت تعرض الطائرة الروسية لعمل إرهابى مما أثر على الكثير من قرارات السياح الذين يرغبون فى الذهاب إلى مصر خاصة فى آخر شهرين من العام. وتعرض أصحاب المنشآت السياحية لخسائر فادحة بسبب عزوف السياح عن الحضور إلى مصر، فى الوقت الذى تفاقمت فيه الديون عليهم بداية من فواتير الخدمات مثل الكهرباء والغاز الطبيعى والمياه والهواتف, فضلا عن ديون القروض التى حصلوا عليها من أجل تنمية وتطوير الفنادق والمطاعم وغيرها من عناصر هذه الصناعة. وقررت الدولة الوقوف إلى جوار أصحاب المنشآت كى تخفف من وطأة الأزمة الكبيرة التى تعرضوا لها بسبب حادثة الطائرة الروسية والأحداث التى تعرضت لها أوروبا جراء استهداف منشآت فى العاصمة الفرنسية باريس وأدت إلى وفاة أكثر من 130 شخصا جراء تفجيرات وعمليات انتحارية وقتل جماعي. وتدرك الحكومة خطورة القطاع السياحى على الاقتصاد القومى حيث يعمل فيه أربعة ملايين مصرى ويساهم فى 24% من حصيلة الضرائب المصرية و6 % من ضرائب المبيعات ويساهم فى تنشيط الكثير من الصناعات المغذية له. وقبل الثورة أنفق الكثير من رجال الأعمال العاملين فى قطاع السياحة الكثير من الأموال على تدريب العمالة سواء فى مجال الخدمات الفندقية أو إدارة المنشآت السياحية من أجل تحسين الخدمات المقدمة إلى زوار مصر، لكن بعد أن اندلعت أحداث يناير والمشاكل المتفاقمة التى تسببت فيها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية هجر هؤلاء العمال القطاع وبعضهم سافر إلى الخارج أو قام بتغيير المجال الذى يعمل فيه من أجل البحث عن قوت يومه بعد أن تعرضت السياحة فى مصر لانتكاسة. ومن واقع الأرقام الرسمية للسياحة المصرية فهناك 225 ألف غرفة فندقية جاهزة لاستقبال الزوار وهو رقم كبير للغاية ويوضح مدى قوة البنية التحتية فيما تحصل السياحة الأوروبية على نصيب الأسد من نسبة الزوار وتقدر قيمتها ب 72 % وتحتل السياحة الروسية مقدمة هولاء خاصة فى مناطق شرم الشيخوجنوبسيناء حيث يميل أغلبهم إلى استغلال الشواطئ المصرية الدافئة فى الاستمتاع فى أوقات البرودة الشديدة حيث كانت نسبة الروس 66 % من الذين زاروا شرم الشيخ من الأجانب وفقا لآخر إحصاء صادر فى 2014. وإذا ما قارنا بين المؤشرات البيانية لتطور قطاع السياحة فسنجد أن موسم 2010 كان الذهبى لمصر على الإطلاق بالنسبة للقطاع السياحى بعد أن زار مصر 14.6 مليون سائح وحصلت من ورائهم على 12.5 مليار دولار فيما بدأ التراجع عام 2011 والذى شهد اندلاع ثورة يناير فقد زار البلاد 9.8 مليون سائح وكان العائد 8.7 مليار دولار.. وفى موسم 2012 انتعشت السياحة نسبيا، حيث زار مصر 11.5 مليون سائح وجنت مصر عشرة مليارات دولار فى هذا العام.. ولكن تلاشى الأمل بالتحسن فى 2013 خاصة بعد ثورة 30 يونيو والإرهاب الذى تعرضت له مصر على يد جماعة الإخوان وزار مصر 9.5 مليون سائح بعائدات وصلت إلى 5.9 مليار دولار.. وتحسن الوضع نسبيا فى 2014 - أفضل نسبيا - بعد أن استقبلت مصر 9.9 مليون سائح وأنفقوا 7.5 مليار دولار. وكان قرار إيقاف السفر إلى شرم الشيخ لفترة من الزمن من جانب شركتين من أهم الشركات العالمية مثل «توماس كوك» و«توي» علامة سلبية ساهمت فى التأثير فى القطاع. • علاج 2016 اعتبر مجدى سليم الخبير السياحى ووكيل وزارة السياحة السابق أن السياحة المصرية تأثرت منذ عام 2011 بشكل سلبى عانى منه الكثير من المستثمرين فى القطاع، خاصة أنه بعد واقعة الطائرة الروسية أظهرت بعض الدول الكثير من المواقف العدائية ضد مصر مما ساهم فى عزوف الأجانب عن زيارة المدن السياحية والساحلية. وأوضح سليم أن من أهم الحلول لعلاج أزمات القطاع فى عام 2016 ضرورة التوجه لدعم المدن والمنشآت السياحية من خلال السياحة الداخلية ووضع برامج خاصة تساهم فى انتعاش مؤقت للقطاع على الأقل لحين التعافى إذا ما أردنا وضع خطة طويلة الأمد، حيث يجب أن يكون المصريون هم خط الدفاع الأول للسياحة إذا ما تعرضت لأى انتكاسة ويجب أن يكون السير فى هذا الاتجاه بمثابة اتجاه حكومى من أجل زيادة نسبة إشغال الفنادق. وأضاف سليم أنه يجب المضى قدما فى الاتجاه إلى الدول العربية ولكن بشكل غير تقليدى من خلال الاهتمام بدول شمال أفريقيا مثل تونس والجزائر والمغرب والتى ارتفعت فيها أعداد الطبقات المتوسطة والاستفادة من قربها من مصر مما يقلل من تكاليف السفر ويشجعهم على التواجد بشكل أكبر فى المزارات السياحية المصرية مع ضرورة إيجاد حلول لأزمة التأشيرات التى تأخذ بعض الوقت. وأشار سليم أن هناك بعض الدول فى أفريقيا يمكن الاستفادة من مواطنيها فى دعم السياحة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا لاسيما أن مصر تمثل محطة مهمة لهم إذا ما سافروا إلى أى دولة فى العالم وتحديدا أوروبا ويمكن إجراء برامج خاصة لهم لاسيما أن الكثير منهم تحسنت أحوالهم المالية بسبب الثروات الطبيعية التى لديهم خاصة فى تلك الدولتين. • الدور الثقافى ومن جهته أكد عمرو صدقى نائب رئيس الاتحاد العام للغرف السياحية السابق أن تنبه الدولة إلى أهمية القطاع السياحى خاصة بعد الأزمة التى تعرض لها فى الفترة الأخيرة ساهم فى علاج الشعور بمدى أهمية المشكلة. وأضاف صدقى أن وجود البرلمان فى الوقت الحالى سيساهم فى إتاحة الفرصة للمهتمين بالقطاع السياحى لإصدار عدد من التشريعات التى تهدف إلى تحسين أدائه والتشجيع على زيادة أعداد الزوار إلى مصر. وأوضح صدقى أنه لا يمكن اختصار السياحة فى مصر إلى مجرد شواطئ، فالعالم لا يزال لديه الكثير من الزوار الباحثين عن القيمة التاريخية والحضارة القديمة فضلا عن الشغوفين بالدور الثقافى لمصر. وأكد صدقى أن نسف الأفكار القديمة فى التعامل مع الأزمات أمر ضروري، حيث يجب التفكير بنفس الطريقة التى يفكر بها العاملون فى القطاع السياحى على مستوى العالم من أجل إيجاد لغة مشتركة تساهم فى تحسين التواصل بين مصر ودول العالم. •