فرق كبير بين قلق الزوج وعدم نومه فى الليلة السابقة على وصول زوجته إلى أرض الوطن.. وبين قلقه وعدم نومه فى ليلة وصول زوجته!! لقد فرح بمكالمة زوجته التليفونية لتحديدها موعد وصولها وكلماتها التى ختمت بها مكالمتها أنها أصبحت امرأة مختلفة، قبل سفرها قال لها زوجها إنها ذاهبة إلى عالم مختلف وعليها أن تستفيد من منحتها التدريبية التى حصلت عليها من عملها وتستفيد من الحياة هناك.. وتمنى أن تعود بعد الستة أشهر امرأة مختلفة. تطوعت والدته أن تقيم معه فترة سفر زوجته لترعى الطفلين والبيت، فالولد فى المرحلة الابتدائية والبنت فى الحضانة. وسارت حياته لا ينقصها شىء، بل وجد وقت فراغ أكثر لممارسة هواية القراءة وكتابة التعليقات على الأحداث المحلية والعالمية ويرسلها أحيانا إلى الصحف المصرية والعربية وأحيانا ينشرونها له تحت عناوين مثل.. آراء القراء.. ثقافته المفتوحة على العالم تفيده فى عمله.. ولولا أن له دخلا خاصا من إرث والده لضاع نصف مرتبه فى شراء الكتب والصحف. الحلو لا يكتمل لقد أحب زوجته منذ عشر سنوات وتزوجها منذ ثمانى سنوات، لكنه لم يستطع أن يجعلها تحب عشقه فى القراءة، فهى تكتفى بمعلومات عن عملها. تقرأ أحيانا عناوين الصحف وتشاهد الصور فى المجلات وتسهر أحيانا مع أفلام محطات التليفزيون.. أحيانا كانت تسأله أن يشرح لها حدثا فى الأمور السياسية.. أو الاقتصادية.. لكنه اكتشف بعد تجارب فى هذا الشأن أنه بينما يشرح لها.. كانت تختفى من أمامه.. أو تحدث أحد الطفلين.. أو الشغالة.. وأحيانا بعد حديثه تقول له كلمات بعيدة تماما عن الموضوع الذى يشرحه! إنها ليست سيئة الطباع، أو مهملة فى بيتها، فهى تقوم بعملها فى البيت، كما تؤدى عملها فى وظيفتها بجدية، بدليل أنهم اختاروها لهذه المنحة التدريبية.. وهو يحبها بملامحها الشرقية ولون بشرتها القمحية وعينيها البنية وخفة دمها وابتسامتها الصباحية.. وشعرها البنى المجعد القصير الذى لايتعدى رقبتها.. لكن كما يقول المثل.. الحلو لا يكتمل.. فتفكيرها سطحى وأحاديثها لا تتعدى الأمور المنزلية.. والتفاهات التى تسمعها من زميلاتها عن حياتهن الزوجية.. وموضة الأزياء.. لذلك كانت أمنيته قبل سفرها أن تصبح امرأة مختلفة بالحياة المختلفة التى ستعيشها فى الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وهكذا أمضى الزوج الليلة السابقة على وصول زوجته فى قلق الاشتياق وفرحة لعودتها. صدمة اللقاء فى الصباح الباكر صحب الزوج طفليه وأخت زوجته وذهبوا لاستقبال زوجته فى المطار.. انتظروا كثيرا وتوترت فرحتهم عندما تعلقت عيونهم بركاب الطائرة القادمة من نيويورك ولم تقع نظراتهم عليها.. ذهب الزوج ليستطلع الخبر.. فوجد امرأة شعرها ناعم ينسدل على كتفيها - زرقاء العينين مقبلة عليه بابتهاج!! تسمر فى مكانه وسألها بذهول ماذا فعلت بنفسها؟! هزت شعرها الناعم الطويل وقالت إنها عالجت شعرها من الخشونة.. وأطالته ب «اكستنشن» بلونه الطبيعى.. «قالتها بالإنجليزية» إنها موضة النساء الآن.. قال الزوج بذهول «اكستنشن» إنها عبارة تستخدم فى الأمور الهندسية للبناء.. إطالة شرفة.. أو إضافة حجرة.. قالت كأنها لم تسمعه.. وإنها قامت باختبار العدسات اللاصقة الملونة ووجدت اللون الأزرق يناسبها كما قال لها البائع!! ثم سألته وهى تهز شعرها.. ما رأيك فى هذا التغيير؟! قال هامسا إنها أصبحت امرأة مختلة.. وليست مختلفة كما أخبرته فى مكالمتها. قالت لها أختها بعد أن قبلتها أن كمية الظلال الزرقاء التى تضعها على جفنيها جعلت لون عينيها أزرق.. ثم نظرت إلى شعرها الناعم المنسدل على كتفيها وسألتها بدهشة ساذجة.. هل فى أمريكا علاج جديد لإطالة الشعر خلال ستة أشهر؟! فقالت ضاحكة كما قالت لزوجها.. إنها تلصق تحت شعرها الطبيعى بعد تنعيمه «اكستنشن» تدخل الزوج وشرح لها الكلمة.. ولم يجد فى نظراتها إعجابا أو استحسانا بمظهر أختها بل قالت إن هذه الموضة لا تناسبها! وقد سلم عليها طفلها ببرود ودهشة ولم يبادلها القبلة.. أما طفلتها ذات الأربع سنوات فقد بكت عندما حملتها لتقبلها وقالت: «أنا عايزة ماما». متى تنتهى اللعبة؟! فى سيارته جلست الزوجة بجانبه ورفضت البنت أن تجلس على حجر أمها كما كانت تفعل من قبل.. ودخلت خلف خالتها فى المقعد الخلفى جلست بينها وبين أخيها. بدأت الزوجة تحكى عن نيويورك.. وجمالها.. ومبانيها.. وسألها ابنها «هل ذهبت إلى ديزنى لاند»؟ قالت إنها بعيدة.. كما أنها سافرت للعمل واكتساب خبرة وليس للترفيه.. ابتسم الزوج ابتسامة ساخرة لم تلاحظها الزوجة. فى البيت دارت الزوجة فى حجراته وهى تعبر عن اشتياقها لكل ركن.. دخل الزوج خلفها فى حجرة النوم.. وقال لها قبل أن تفتح حقيبتها عليها أن تخلع هذا الشعر الصناعى والعدسات الملونة المضحكة.. هذه الألعاب الأمريكية وتعود إلى طبيعتها.. لما وجدت جدية الزوج فى طلبه.. قالت إنها يمكن أن تخلع العدسات الملونة أما الشعر فهو ملتصق بفروة رأسها حتى تغسله مع شعرها الطبيعى. سألها الزوج: ألم تدرك شعور طفليها؟! قالت إنهما سيتعودان وإنها أحضرت لهما ألعابا جميلة سيلتهيان بها.. قال الزوج بجدية إنه لن يتعود. وعليها أن تذهب لمصفف شعر خبير ليزيل هذه المسخرة من شعرها! وهكذا لم يستطع الزوج النوم فى ليلة وصول زوجته بالقلق الذى أصابه من شعر زوجته الصناعى الذى يغطى المخدة!!•