قد يختفون قليلا.. ويزحف الضوء المراوغ بعيدا عن تلك الوجوه المسكونة بالعشق، وقد تهاجر عصافير الأحلام فى زحمة الدنيا لبعض الوقت.. لكنهم يظلون طوال الوقت.. حالة فنية مدهشة لا تغادر الذاكرة.. ونقطة ضوء فى عتمة الليالى الفارغة.. يظلون دائما.. كانت البداية مع دراسته بالمعهد العالى للفنون المسرحية وعلى مدار أربعة إعوام درس وتعلم على يد أستاذه الفنان «نور الشريف»، كان مشهودا له بتميزه فقد كان وبجدارة الأول على دفعته على مدار أربعة أعوام، نظراً لاقتحامه عالم التمثيل فى الصغر، ولكن فى المرحلة الثانوية بدأت الأمور تأخذ مسارها نحو موهبته التمثيلية .
• هروب من مدرسة الخديوية إلى المعهد العالى للفنون المسرحية.. حيث مشهد تخرجه فى المعهد سنويا الذى كان يجتازه بجدارة وتميز على يد أستاذه ومخرج المشهد الفنان «نور الشريف» إلى أن شاءت الأقدار ليقوم الفنان «نور الشريف» باختيار الفنان القدير «أحمد عبدالوارث» لمشاركته بطولة مسلسله «الهروب» فى دور «عز الدين» وهو ضابط زميل ل«نور الشريف» يقول «أحمد عبدالوارث»: كان الفنان «نور الشريف» مدركا لطاقتى التمثيلية بشكل كاف يجعله يتشجع لاختيارى من أجل مشاركته بطولة مسلسله الهروب الذى فى الحقيقة كان بمثابة الفرصة التى أتاحت لى لقاء كم كبير من النجوم فى المسلسل كضيوف شرف ومنهم النجم «يحيى الفخرانى»، الفنان «فاروق الفيشاوى» وغيرهم، وعليه استيقظ الجميع على اسم فنان صاعد يدعى أحمد عبد الوارث. • نقلة حقيقية • ولكن يظل هناك عمل هو بمثابة النقلة فى حياة «أحمد عبدالوارث»؟ «وعاد النهار»، هذا المسلسل من خلاله تم وضعى على الخريطة ومنه كانت انطلاقتى والنقلة الحقيقية فى حياتى، حتى إن المشاهدين عرفوا المسلسل باسم «هاشم» و«يسرية» بطلى العمل أى العبد لله والفنانة عزة كمال، بالإضافة إلى النجمة سناء جميل والفنان «مصطفى فهمى»، والحقيقة أنه حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه . • أدوار لا تنسى حتى الآن ما زال هناك العديد من الأدوار التى لم تشغل حيزا كبيرا فى قلب ووجدان «أحمد عبدالوارث» الذى أكد: «أعتقد أننى قدمت أعمالاً كثيرة مهمة نظراً لما كانت تحمله من رسائل مهمة وهادفة، لذلك تجديننى أحب الكثير من الأعمال التى قدمتها على مدار مشوارى الفنى على سبيل المثال: «الخديعة» للنجم الكبير وأستاذى محمود مرسى»، المعروف بدقته الشديدة فى اختياره لموضوعاته، حيث رب الأسرة الذى يعانى من أجل عائلته نظراً لراتبه الصغير الذى يسعى لرؤية أبنائه الأفضل فى المجتمع. • بمناسبة الحديث عن الخديعة والنجم الراحل «محمود مرسى» الذى علمت بمكانته الخاصة فى قلبك ! - أستاذى الذى أضاف لى الكثير فقد كان موسوعة فى الثقافة والفن، أذهب إلى محاضراته كأننى متوجه إلى المسجد لأصلى، أحاول أن أشرب منه كل ما يقوله وأختزنه بداخلى، فعلى مدار ساعتين أو أكثر كان يستفيض رغبة منه فى منح الطلبة كل ما لديه من خبرة وثقافة واسعة وقصص فى حياته وتجاربه، منه فهمت أن الفن رسالة وقضية وليس وظيفة، من خلاله تتعلم أجيال . • قرار مصيرى • قرارات عديدة تشكل حياة كل فنان، البعض منها نتيجة اختياره ولكن يظل البعض الآخر مجرد قدر عليه أن يتقبله ولكن ماذا إذا عاد الزمن إلى الوراء؟ - إذا عاد الزمن إلى الوراء من المؤكد أننى سأسلك الدرب نفسه لأننى بإيجاز شديد مؤمن بما قدره الله لى، لهذا فما حدث هو قدرى ونصيبى وليس من حقى أن أعترض وعلى أن أتقبله، بالإضافة إلى حبى الشديد للفن وتعلقى به وإدراكى التام لقيمة الفن كل هذه الأمور ستدفع بى نحو نفس الدرب، رغم معاناتى كممثل. • معاناة • ماذا تعنى بكلمة معاناة؟ - معاناة فى الحصول على الدور المناسب والتواجد بنفس القدر الذى اعتاد عليه الجمهور بالنسبة لى، للأسف أنا لا أجد الأدوار المناسبة وما بين انصراف القائمين على الصناعة الآن عنى وعدم توفيقى فى الحصول على الدور المناسب تتأكد معاناتى، فالدراما لم تعد كما كانت، والأجيال الحالية لا تشبهنا فى شيء فبالنسبة لنا نشأنا وتربينا على جيل من العمالقة فأنا عندما أتحدث أذكر «محمود مرسى»، «كرم مطاوع»، «جلال الشرقاوى»، «سعد أردش» وغيرها من الاسماء التى أضافت لى الكثير، وهناك ترابط شديد بينى وبينهم، على عكس الأجيال الحالية التى عاصرت طفرة فنية ومادية جعلت منهم مختلفين، فهم أجيال بلا أب وأم، بلا جذور، من هنا كانت الفجوة بين جيلنا وجيلهم، البعض منهم شعروا بها فبدأوا فى الاستعانة بالنجوم الكبار مثل «أحمد السقا» و«محمود عبدالعزيز»، «محمود يس»، «أحمد عز» و«نور الشريف» ولكن تظل لهذا الجيل لغته الخاصة وترجمته للموضوعات مختلفة عن جيلنا. • ما بين الحظ والمعاناة شعرة بالنسبة لحياة «أحمد عبدالوارث»؟ - حقيقى فأنا قدمت ثلاثة أعمال مع وحش الشاشة «فريد شوقى»، وكنت ابنه فى عملين، أيضا الفنان «شكرى سرحان»، الفنان «نور الشريف»، الفنان «محمود عبدالعزيز»، الفنان «حسين فهمى» وغيرهم من كبار النجوم الذين كان لى الحظ بالوقوف أمامهم ولكن عزة نفسى رغم ما أعانيه ماديا ومسئولياتى تجاه عائلتى فإنه من المستحيل أن أقدم عملا لمجرد التواجد، باختصار أنا إنسان كرامته غالية جدا عليه، فأنا بدأت حياتى وأنا يتم اختيارى للأدوار ولم أكن أسعى وراءها على الإطلاق، وعليه تعاونت مع العمالقة ومع اجتهادى صنعت اسمى ولكن فجأة تبدلت الأمور فالتزمت الصمت لأننى لم أتعود السعى وراء الأدوار أو عرض نفسى على المخرجين والكتاب، وللعلم معاناة الممثل فى عدم قيامه بالشيء الذى يحبه وهو التمثيل معاناة قد تدفعه للجنون وأنا شخصياً وصلت لمرحلة الاكتئاب لهذا السبب تحديداً لأننى أجبرت على حبس مشاعرى وعواطفى وموهبتى، بالضبط مثل الأسد المحتجز فى قفصه. • المسرح • بداية من مأساة جميلة وصولا إلى باقة هائلة من الأعمال المسرحية كان تاريخ «أحمد عبدالوارث» المسرحى؟ - للأسف.. فقد سبق وقدمت الكثير من الأعمال المسرحية الهادفة التى أذكر منها طبول فاوست والتى حصدت الجائزة الأولى فى مهرجان المسرح التجريبى، وعرضت على جميع مسارح العالم من إخراج دكتور انتصار عبدالفتاح، أيضا قدمت من إخراجه «الخروج للنهار» التى قدمت فى قصر الأمير «طاز»، وهو عمل من وجهة نظرى عالمى، وهى مأخوذة عن كتاب الموتى، أيضاً أحلام «ياسمين» و هو ترجمة للبؤساء على مسرح البالون، هذا العمل العالمى وقيمته على مستوى العالم كله، وغيرها من الأعمال المسرحية التى وإن دلت فهى تدل على حقيقة واحدة ألا وهى أن المسرح هو عشقى وأننى أفتقده كثيراً، لأنه فيما عدا تجارب شبابية قليلة هو الغائب الحاضر. • السينما • من المسرح إلى السينما وحق «أحمد عبدالوارث» أين هو من السينما؟ - أنا لم آخذ حقى من السينما، وذلك رغم وصولى إلى البطولة من خلالها حيث ما يقرب من التسعة أفلام بداية من «كيدهن عظيم» للنجم «فريد شوقى»، «مشوار عمر» مع «محمد خان»، «بيت القاضى»، «أبو كرتونة»، وأخيراً «اشتباه» مع «نجلاء فتحى» و«محمد منير»، ولكن للأسف رغم حبى الشديد للسينما فإننى لست راضياً عن الحالة التى وصلت إليها فنحن تاريخنا السينمائى تجاوز المائة عام، حيث تاريخ عظيم حافل بالأعمال المصرية التى تكاد تكون عالمية، ولكن للأسف رغم تطور التكنيك السينمائى فإننا نفتقد للموضوع. • علمت بوجود عمل سينمائى فى الطريق؟ - بالفعل هناك سيناريو جديد للمخرج «أحمد غيث» وهو مخرج لديه فكر سينمائى راق، أتمنى أن أوفق فى قرارى لأننى ما زالت فى مرحلة القراءة . • «أحمد زكى».. وصداقة دفعة واحدة؟ - «أحمد زكى» كان صديقى ودفعتى فى المعهد، فقد كان الأقرب بالنسبة لى وللعلم كان الأكثر إدراكا لقيمتى الفنية عن طريق أساتذة المعهد واختيارهم لى لتقديم أعمال فى غاية الأهمية على سبيل المثال الفنان «كرم مطاوع» الذى وقع اختياره على لتقدم «ياسين ولدى» فى سنة أولى معهد مع فرقة «تحية كاريوكا»، ولكننى للأسف لم أشعر بتحمس أحمد لمشاركتى له أيا من أعماله رغم حبى الشديد له كفنان وهو ما أحزننى كثيراً، وللعلم رغم التقائى به عقب المعهد كثيراً فإننى لم أفكر فى الإعراب له عما بداخلى، ففى أحد الأيام التقيت به فى مهرجان الإسكندرية ووقتها صادف جلوسه مع زوجتى فى غيابى، بعدها جاءت إلى وقالت لى ما دار بينها وبينه من حديث عنى لأفاجأ بما قاله، حيث قال لها: «زوجك كالمارد إذا فكر ورفع رأسه ولا واحد مننا سيظهر»، حقيقى أنا لا أعتب عليه ولكننى تأثرت بذلك كثيرًا لأننى كنت أتمنى أن ألتقى ب «أحمد زكى». •