نفس عميق لرائحة محببة... عادة ما تكون هى البداية. ليس لأن تكون مدمنا، ولكن لأن تثير فى نفسك لذة الاستمتاع، فهى مخدرات ولكن من نوع آخر.. اكتشفت اتساع نطاقها عندما تحدثت مع بعض صديقاتى عن الروائح التى يشعرن بلذة فى استنشاقها ولو عن طريق الصدفة، فكانت الإجابة أسرع من استكمال سؤالى، والتى بدأتها إحداهن قائلة «المانكير والدوكو» ثم تعددت الإجابات ما بين الغراء، والبنزين، والبويات، والجاز، ورائحة الكبريت، والورنيش، وأخيرا وليس آخراً من نوادر وغرائب هذا النوع من الإدمان كان الإيروسول. فأهلا بكم معنا لنكتشف خطورة «الكيف الدلع». • المخدرات الرقمية والجوكر يؤكد إبراهيم عسكر باحث بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى أن هناك إدماناً يعرف بإدمان المذيبات الطيارة مثل الدوكو والطلاء والبنزين والسبرتو والغراء، حيث يستحسن الشخص استنشاق هذه الزيوت الطيارة، خاصة الأطفال الذين لا يعرفون مدى خطورة هذا الأمر وإنه بمجرد استنشاقها تصعد أبخرة هذه المواد وزيوتها الطيارة، ويتم امتصاصها عن طريق الأغشية المخاطية والأنسجة وتصل للرئة مما يتسبب فى خلل بوظيفتها بشكل تدريجى، وبالفعل يستقبل الخط الساخن بالصندوق الكثير من الحالات التى تصل إلى درجة الإدمان لتلك الروائح وشبيهاتها ويقوم بالتعامل معها وعلاجها. كما أنه فى الآونة الأخيرة انتشرت أنواع مستحدثة من الإدمان والتى تطورت بصورة سريعة جداً والتى منها المخدرات الرقمية وهى عبارة عن نوع من الموسيقى الصاخبة جدا التى تعطى تأثيرات مزاجية مختلفة، حيث يرتدى الشخص ملابس فضفاضة ويستمع لتلك الموسيقى بما يعادل 1000 ميجا فى الأذن الواحدة والأخرى 1300. هذا بالإضافة إلى الجوكر وهو أحد مشتقات الترامادول مضاف إليه حبوب هلوسة والنوع الأخير وهو الفودو وهى حبوب شديدة الهلوسة. ونحن فى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى نبحث ضمن أحد أدوارنا فى كيفية التوعية بخطورة الإدمان والذى انتشر نظرًا لعوامل عديدة منها الجهل وسهولة الحصول عليه وعدم تقدير خطورته. • روائح لذيذة قاتلة لدينا حوالى 1000 مادة يساء استخدامها عندما يتم شمها.. هكذا يؤكد الدكتور عبدالهادى مصباح استشارى المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة فيقول: تتعدد مسميات تلك المواد التى تبدو عطرية لمن يستهوى استنشاقها، ولكن تأثيرها يبدو متشابها مثل الكوريكتور، ورنيش تلميع الأحذية والصمغ والكُلّة وغيرها. حيث تبدأ فى اللحظة الأولى باستثارة بعض الحواس وإعطاء إشارة تنبيه مفاجئة، حيث إن استنشاق هذه المذيبات يحل أبخرتها محل الأكسجين بنسبة كبيرة مما يعطى إحساساً باللذة والنشوة عندما تصل المادة المستنشقة إلى كل أعضاء الجسم، حيث تستغرق حوالى 15 و45 دقيقة، ثم تدخل بعدها فى حالة من الدوار الخفيف تبعا لكمية المادة التى تم استنشاقها، أما فى حالة اعتياد شم تلك المواد وإدمانها فيتحول الدوار إلى اختلال فى التوازن واضطراب فى الحواس وهلوسة إلى جانب حدوث صداع، واضطراب فى الرؤية وقلة التركيز وسعال، والتهاب الأنف، وحدوث نزيف منها، وانخفاض فى ضغط الدم، وزيادة فى سرعة التنفس، بالإضافة إلى احتمال حدوث فشل فى الجهاز التنفسى، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على المخ، حيث تلف فى خلايا المخ الذى قد يتطور إلى الإصابة بأمراض عقلية كالجنون كما أنها تؤثر على الجهاز العصبى المركزى، وزيادة عدد نبضات القلب ويصل الأمر فى بعض الحالات إلى الوفاة المفاجئة. • شم الصور وتذوق الروائح! كما يضيف الدكتور فؤاد الدواش أستاذ علم النفس أن هذه المواد الطيارة تحمل خصائص تجعلها مواد مؤثرة فى الأعصاب ومهيجة لخلايا المخ، وهذا التهييج مبدئيا يكون عبارة عن استثارة بسيطة لخلايا المخ ثم بعد فترة ومع تزايد كمية المواد المتطايرة تفقد قدرتها على الإثارة وتتحول لمواد قد تسبب الاختناق . كما أن تعاطى هذه السموم يؤدى إلى سلوك عدوانى، واستمرار تعاطيها يجعل الشخص يصاب بحالة من الاضطراب والخلل. وإذا تم منع المتعاطى من هذه المواد بشكل قهرى يصاب باكتئاب شديد قد يدفعه إلى التفكير فى الانتحار. أما عن خطورة المواد المؤثرة فى الأعصاب فهى تخلق ما يسمى fuzzy functions بمعنى أن يحدث تداخل فى القنوات الحسية داخل المخ أى شم اللون وتذوق الرائحة وشم الصور وتنفس المنظر وغيرها من مظاهر الخلل فى وظائف الحس المختلفة. •«المانكير والطلاء» سموم تقتل ببطء ترى الدكتورة نشوى رضوان استشارى بالمركز القومى للسموم أن هذه المستنشقات عادة لا يخلو بيت مصرى منها، وللأسف تستخدم ربات البيوت هذه المواد دون دراية بمخاطرها أو بآثار تلك المواد ذات الرائحة المتطايرة منها، خاصة عندما يتم استنشاقها مثل «الأسيتون ومعطرات الجو والكلور والمانكير والإيروسولات» التى يتم امتصاصها سريعا عن طريق الشعيرات الدموية للأنف، ثم تصل سريعا إلى المخ الذى يسبب تلفاً فى بعض أجزائه وأحيانا ما يحدث تسمم بالجسم عندما تكون الكمية التى تم استنشاقها كبيرة كما فى بعض المبيدات، التى يكون أثرها سريعا، وعندما تأتى إلينا مثل هذه الحالات يتم إسعافها سريعا بمضادات للسموم، ولكن الحالات الأكثر شيوعا هم شاربو السبرتو خاصة من الأطفال الذى يتسبب لهم بتسمم حاد، كذلك ما يعرف بالسبرتو الأحمر والذى يتسبب بالعمى فى الحال. أما معظم هذه المواد والمعروفة بالمذيبات الطيارة فيكون تأثيرها تراكمياً، بمعنى أنه مع اعتياد شم تلك المواد ولو عن طريق الصدفة أو اضطراريا لطبيعة العمل يكون التسمم تدريجيا، حتى إنه يعرف بالموت البطيء، وكثيرا ما يأتى إلينا من يمتهنون مهنة النقاشة ويشكون من اختلال بأعصابهم واضطراب بحواسهم، وبالفعل يكون هذا تأثير استنشاقهم لمواد الطلاء والدهانات نتيجة طبيعة عملهم والتى تتركز فى الكلى والكبد والقلب وتسبب أيضا ارتخاء فى الأعصاب حيث إنها تحبط عمل الجهاز العصبى.•