«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المولد الليلة الكبيرة ياعمي.. والعالم كتيرة
نشر في صباح الخير يوم 28 - 10 - 2014

طوفان من البشر من كل مكان.. كأن الزمن قد تغير.. كما تغير شكل المكان.. مراجيح وعربات حب العزيز والحمص وتلال من الحلوى والعروسة والحصان، ذكر ومديح وأغان وربابة ومواويل وأراجوز.. تتداخل الأصوات.. حمص حمص .. حمص.. الله الله الله.. طعمية.. اللوز.. عجمية.. أرجوز.. مدد مداااااد.. تماما كما صورها صلاح جاهين فى الليلة الكبيرة.. أنت فى المولد.
لا توجد إحصائية دقيقة تحدد عدد الموالد التى يحتفل بها المصريون سنويا، وإن حددتها إحصائية صدرت عن الهيئة العامة للاستعلامات فى عام 2007 ، بنحو 2500 مولد، بينما ذكرت إحصائية أخرى صدرت عن وزارة الثقافة عام 2010 بأن العدد هو2850 مولداً، ويبلغ عدد زوارها نحو 40 مليونا سنويا.
وأيا ما يكون عدد موالد أولياء الله والقديسين، تبقى الموالد فى النهاية جزءاً من تاريخ المصريين وخبرتهم وعاداتهم وتقاليدهم وفنونهم وأفكارهم، التى لم تخل منها أمثالهم الشعبية، مثل «مولد وصاحبه غايب»، «انفض المولد وركب الخليفة»، «طلع من المولد بلاحمص»، «لاخاب من زار الأعتاب»، «كل شيخ وله طريقة»، «مادام ماانتش رفاعى بتمسك الثعابين ليه»، «اللى عليه ندر يوفيه»، «خلى البساط أحمدي» نسبة للسيد أحمد البدوي.
وهكذا حولت العبقرية المصرية الموالد من مجرد احتفالات دينية إلى طقس يندمج فيه الفرد مع الجماعة، هاربا من الروتين اليومى ومتاعب نفسه وآلامها، إلى حياة مختلفة لسبعة أيام.. تدفعه فى كل مرة للعودة إلى المولد.
• دول فلاحين ودول صعايدة
• دول من القنال ودول رشايدة
«إذا أردت أن تعرف المصريين أو أن تنمى المصريين، فعليك بدراسة الموالد وما يحدث فيها وكيف تتطور عاما بعد عام» هكذا يرى عميد المعهد العالى للفنون الشعبية د. سميح شعلان، أهمية تأمل مايحدث فى الموالد الدينية.
يؤكد د. سميح أن للموالد أدواراً متعددة لروادها، منها التخلص من رتابة الحياة، للعودة إلى حياتهم بما يجعلهم راضين عنها، وهناك من يبيع ويشترى، وهناك أصحاب الحاجات الذين يريدون أن يتقربوا إلى الله من خلال التبرك بالولى أو القديس ومازال الكثير من الفلاحين والصعايدة وأهل المدن يرسلون برسائل حاجاتهم إلى السيدة نفيسة وغيرها من الأولياء.
• أوعى لجيبك للعيب عيبك
وكما أن هناك من يريدون الاستمتاع بالجو الروحانى فى المولد والاستمتاع «بالحفلة المصرية غير المكلفة» على حد تعبير د. سميح، والجلوس على المقاهى وسماع الأغانى وترديد المدائح وتأمل الناس وتناول أطعمة ولائم الصوفية، هناك النشالون واللصوص، كما أن هناك الألعاب الشعبية والحلوي، وفى الماضى كانت هناك الراقصة والسنيورة «نصفها بنى آدم ونصفها عروسة البحر» وقد اختفت هذه الأشياء لزيادة الوعى والمد الديني، كما اختفت ألعاب القمار.
ويتوقف د. سميح عند ما رصده من زيادة أعداد زوار الموالد الدينية خلال السنوات الثلاث السابقة، وخاصة خلال حكم الإخوان المسلمين لمصر، مفسرا ذلك بخوف رواد الموالد من مشكلات يشعرون أنهم لا يستطيعون الخلاص منها، ويريدون من صاحب المولد أن يساعدهم فى التخلص منها «لو عايزين نعرف ملامح العقل الجمعى للمصريين لازم نتابع اللى بيحصل فى الموالد».
ملاحظة الدكتور سميح الأخرى كانت قلة عدد الشباب فى الموالد الآن، ويرى أن السبب ربما يكون فى النزعة الفردية التى خلقتها الأجهزة الإلكترونية التى اعتادوا استخدامها، ومن يذهب منهم يبقى على أطراف المولد، ولا يشارك فى أنشطته ربما لأن انبهاره بما تقدمه الأجهزة الحديثة يفوق ما يقدم فى المولد.
• فتح عينك تاكل ملبن.. عينك عينك تاكل ملبن
يرجع البعض ومنهم سليم حسن فى كتابه الأدب المصرى القديم، تاريخ الموالد إلى احتفالات قدماء المصريين فى موسم الحصاد باحتفالات غنائية راقصة، تكريما للآلهة التى رزقتهم الحصاد والماء والشمس، وامتدت للاحتفاء بالقديسين فى مصر المسيحية.
لكن باحثين آخرين يرون أن البداية الحقيقية للموالد جاءت مع الفاطميين، الذين بنوا أضرحة لآل البيت وأولياء الله الصالحين فى مصر الإسلامية، وأقاموا لهم الاحتفالات الشعبية.
وشهد العصر الفاطمى «358-568 هجرية» إقامة الكثير من قباب الأضرحة لآل البيت وأولياء الله الصالحين فى مصر، وإقامة الموالد والاحتفالات التى تقدم فيها صنوف الأطعمة والحلوى للفقراء، ترغيبا للمصريين لاعتناق مذهبهم الشيعى من ناحية وربط حكمهم بالدين، ولإلهائهم عما يدور فى بلاط الحكم من ناحية أخري، عملا بالمثل الشعبى الذى يقول «أطعم الفم تستحى العين».
واستمر هذا الهدف السياسى حتى العصر الأيوبى والمملوكى والعثماني، فأمر صلاح الدين الأيوبى ببناء ضريح كبير للإمام الشافعى سنة 574 هجرية، وأقيمت له الموالد والاحتفالات التي تقام حتى الآن، وجدده الأمير عبد الرحمن كتخذا فى العصر العثمانى، وبنى له قبة كبيرة من خشب الساج الهندى، لتكون أكبر قبة خشبية فى مصر، كما يوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة د. مختار الكسبانى.
وفى العصر المملوكى شيد الظاهر بيبرس ضريحا للسيد البدوي، لدوره فى معركة المصريين ضد حملة لويس التاسع عام 1249 ميلادية، وجدد قبته على بك الكبير فى العصر العثماني، وأقيم فى نفس العصر ضريحا للسيد أحمد الرفاعى أشهر المتصوفة فى القاهرة، ويقع الضريح فى قصر القبة «قبة الرفاعي»، وشيدت والدة الخديو إسماعيل له مسجدا يحمل اسمه فى ميدان القلعة، ويقام حوله مولده كل عام.
وعندما بنت أسرة محمد على قصر القبة ضمت إليه قبة وضريح الرفاعى لربط حكمهم بأولياء الله الصالحين.
• يا حضرة الأراجوز قولى
خلال فترة الاستعداد لمواجهة مرض إنفلونزا الخنازير عام 2009، أصدرت الحكومة قرارا بالغاء مولد السيد زينب فى ذلك العام، تحسبا لانتشار العدوي.
لكن فى المقابل أصر محافظ كفر الشيخ فى نفس العام على إقامة مولد سيدى إبراهيم الدسوقى، على اعتبار أنه مناسبة دينية اقتصادية اجتماعية مهمة.
ولفت هذان القراران الانتباه إلى الدور السياسى للموالد التى تنال اعترافا رسميا من قبل الدولة، من خلال إشراف المجلس الأعلى للطرق الصوفية عليها، ووزارة الأوقاف والمحليات، على اعتبار أن إلغاءها يدعم الفكر المتطرف.
وتاريخيا لم يكن قرار إلغاء الموالد بسبب إنفلونزا الطيور، هو الأول من نوعه فقد سبقه قرار من السلطان المملوكى الظاهر أبوسعيد جقمق، حين أمر فى القرن الخامس عشر بإيقاف الموالد وحرق الأشكال المستخدمة فى خيال الظل والأراجوز، لأنها كانت تستخدم فى نقد أحوال المجتمع وقتها، كما يذكر فيكتور ترنر فى دراسته عن الموالد فى مصر.
تستخدم الموالد سياسيا أيام الانتخابات، من خلال إقامة المرشحين لسرادقات وخيام بأسمائهم.
• ماليين الشوادر يابا من الريف والبنادر
تتباين آراء المصريين حول الموالد أو التبرك بالأولياء، كما رصدتها دراسة للباحث فاروق أحمد مصطفى من جامعة الإسكندرية، فمنهم من يرفضها على اعتبار أنها ليست من الدين وأنها مجرد مهرجانات تجارية وترفيهية تعود للعصر الفاطمى، ويظهر فيها كثير من السلوكيات السلبية.
بينما يرى البعض الآخر أن الدين لم ينه عنها وأنها مناسبة لإحياء ذكرى الصالحين وأولياء الله، ومن هؤلاء رجال الطرق الصوفية، وتوسط بعض ثالث وقال بالإبقاء عليها على أن تقتصر على قراءة القرآن والأحاديث فقط.
ويلفت د. فارس خضر المدرس بأكاديمية الفنون إلى أهمية إقامة هذه الموالد، لأنها ميراث حضارى يخلق حالة من التسامح الشعبى ويقلل من الاحتقان الطائفى لأن المسلمين والمسيحيين يشاركون بعضهم البعض فى كل موالدهم، كما أنها تحافظ على عادات شعبية من الاندثار، وتصنع تكافلا شعبيا بين الأغنياء والفقراء الذين يأتون الموالد أملا فى تناول طعام نذور الأغنياء.
• قبة سيدنا الولى دول نوّروها
يحتفل بالمولد فى المكان الذى دفن فيه الولي، سواء كان قبرا أو مقاما أقيمت فوقه قبة أو ضريح، وترتبط مكانة الولى بمقدار نسبه لآل البيت أو بالكرامات التى نسجت حوله، ولا تكاد تخلو مدينة مصرية أو قرية من مقام أو ضريح أو مزار لولى مسلم أو قديس مسيحي، تقام له الاحتفالات مرة أو أكثر فى العام الواحد.
وهناك موالد كبيرة وشهيرة، مثل مولد السيدة زينب وسيدنا الحسين ومولد العذراء فى درنكة بأسيوط، ومارى جرجس الذى يقام له مولدان بميت دمسيس بالدقهلية وبكفر الدوار فى البحيرة، ومولد القديسة دميانة بمحافظة الدقهلية، ومار مينا بالصحراء الغربية.
وموالد المتصوفة الرفاعى فى القاهرة والشاذلى فى البحر الأحمر ومولد السيد البدوى فى طنطا، وعبدالرحيم القناوى وأبوالحجاج الأقصرى فى الصعيد، وموالد أولياء الإسكندرية أبوالعباس المرسي، وأبوالقاسم القبارى وسيدى جابر، وأغلبهم جاء من بلاد المغرب والأندلس، بحسب كتاب بدائع الزهور لابن إياس.
وفى المقابل هناك موالد صغيرة تقام على مستوى الأحياء أو القري، مثل مولد السيدة عائشة والإمام الشافعى والشيخ الدندراوى بحى الخليفة، وسيدى أبوالسعود فى المقطم.
• ما أحلى البيارق والناس بيزوروها
أطلق على زيارة الأضرحة والموالد فى المعتقد الشعبي، الحج الأصغر، حيث يتحمل الزائر عبء السفر إلى مكان الضريح، حتى يتم رحلة الزيارة والتبرك، التى تستغرق عادة سبعة أيام تختتم بالليلة الكبيرة.
وتبدأ مراسم أو شعائر المولد بالزفة أو الموكب. وفى الماضى كان يتقدم الموكب نائب عن الخليفة، يظهر ممتطيا جواده، وكان المحتفلون يركبون الجياد، وبأيديهم الشموع المضاءة، وكان الموكب يبدأ من دار قاضى القضاة ويسير فى شوارع القاهرة، إلى قصر الخليفة الفاطمي، كما جاء فى خطط المقريزى.
• شفت فى منام صاحب المقام.. ده أوبه
• ويمامة حايمة عليه تسبح ربها.. يانور النبى
وكما نسج قدماء المصريين الأساطير حول آلهتهم، نسجوا أيضا الكثير من الأساطير حول كرامات وخوارق الأولياء وأصحاب الأضرحة، مثل مولد أبوالحجاج بالأقصر، الذى شيد ضريحه فوق معبد قديم للإله آمون، الذين يحكون عنه أنه يركب سفينته ويطوف أرجاء الأقصر كلما حل عيد ميلاده.
ويحكى عن السيد أحمد البدوي، عن أنه تمتم وبأدعية أدخلت الرعب فى قلوب الصليبيين، فأفرجوا عن الأسرى المصريين، فخرج المصريون يقولون الله الله يابدوى جاب الأسري.
وما يحكى عن أحمد الرفاعى من أنه كان يمتلك قدرات روحية خاصة، يستطيع من خلالها القيام بأعمال السحر، وله أوراد خاصة يعزم بها على الثعابين حتى تخضع له تماما، وأسطورة القديس مارى جرجس والتنين الذى بارزه برمحه وهو ممتطيا جواده.
ليظهر الولى بصورة البطل الشعبى الذى يقهر الوحوش والأعداء بقدراته الخاصة والخارقة، وهى الأساطير التى جسدتها حلوى المولد فيما بعد، على هيئة حصان وفارس وعروسة يأخذ منها الزائر هدايا عند عودته.
وتشكل الموالد فرصة لاحتفالات الطرق الصوفية، وطقوس أتباعها الشهيرة بزفة المواكب والبيارق والأعلام وحلقات الذكر وابتهالات المنشدين. يؤكد عبدالهادى القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، على أن المشيخة العامة والمجلس الأعلى للطرق الصوفية أصبحت المؤسسة المسئولة عن تنظيم الموالد، منذ عام 1976، وتتعاون مع مشيخة الطرق الصوفية مشيخة الأزهر ودار الافتاء ونقابة الأشراف ووزارة الأوقاف.
وتجذب الموالد أصحاب المواهب والإنشاد الدينى والعزف على الآلات الموسيقية، وكانت سببا فى شهرة الكثير من الفنانين مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب محمد فوزى الذى تعلم الموسيقى على يد أحد أصدقاء والده الذى كان يصحبه فى مولد أحمد البدوي، كما يوضح الناقد الموسيقى د. زين نصار.
ومن بين هؤلاء ارتبط اسم محمد رشدى بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي، وكانت ملحمة أدهم الشرقاوى من أشهر ما غنى رشدى فى الموالد.
• يا أم المطاهر رشى الملح سبع مرات
• لمقامه الطاهر خشى وقيدى سبع شمعات
ومن العادات التى ارتبطت بالموالد ختان الذكور، تبركا بقدرة صاحب المقام على شفاء الجروح، وبالمثل تعميد الأطفال فى الموالد المسيحية، كما تمارس عادة الوشم فى الوجه القبلى ويقوم بها فنان شعبى متخصص.
ومن بين الممارسات الفلكلورية الأغنية الشعبية وخاصة المواويل والسير الشعبية.
• فوريرة للعيل.. يا أبوالعيال ميّل
الكوتشينة والثلاث ورقات والبخت أو الملك والكتابة وشد الحبل والتحطيب والنشان ورفع الأثقال، والأرجوحة للأطفال، كلها ألعاب لرواد المولد نظير مبالغ مالية، وهى موسم للغجر والحواة وأصحاب السيرك والملاهى والألعاب الشعبية، ويرتادها باعة المأكولات الشعبية والحلوى وعرائس المولد والتسالي، مثل الحمص وحب العزيز، بالإضافة لبائعى ألعاب الأطفال، ويقصدها ميسورو الحال لإطعام المساكين.
ولهذا يطالب الشيخ عبدالهادى القصبي، بالاستفادة من الرواج الاقتصادى الذى تصنعه الموالد، الذى يصل فى مواسم تجارية لبعض المحافظات مثل كفر الشيخ والغربية، ولذا اتخذت بعض المحافظات من الموالد عيداً قومياً لها مثل قنا وكفر الشيخ والغربية، لتحتفل المحافظة كلها بالمولد.
ويتحفظ أغلب خبراء الاقتصاد على تحديد رقم محدد لحجم اقتصاد الموالد، فبينما ترفعه بعض التقديرات إلى مليارات الجنيهات فإن آخرين يهبطون به إلى بضعة ملايين.
ويضم ما يمكن تسميته «اقتصاد الموالد» عدة جوانب ما بين صناديق النذور فى المسجد أو الضريح، إلى جانب صناعات الحلويات وإقامة السرادقات وأجور المنشدين والمبتهلين، ومراجيح ولعب الأطفال، وغيرها من الأنشطة الصغيرة.
ويشير الخبير الاقتصادى صلاح جودة إلى أن «صناديق النذور» يمكن أن تتلقى سنوياً ما بين 2.5 إلى 3 مليارات جنيه، فيما يقدر الصناعات المحيطة بها بما لا يقل عن مليار جنيه، أغلبها خارج سيطرة الدولة.
لكن أستاذ الاقتصاد فى أكاديمية السادات سعيد عبد الخالق قدر أعداد العاملين فى الصناعات والانشطة الاقتصادية المرتبطة بالموالد والمناسبات الدينية بمئات الآلاف، أغلبهم لا تعرف الدولة عنهم شيئا مثل باقى قطاع الاقتصاد غير الرسمى.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.