نساء إذا نظرت إليهن قد تنخدع للحظات فى عمرهن الحقيقى.. صحيح قد تجاوزن سن الستين بسنوات يقل عددها أو يزيد ولكنك إذا أمعنت النظر ستجدهن أصبى من 100 فتاة فى سن العشرين.. وإذا بحثت عن السبب لقلن لك هذا نتاج طبيعى لخدمة نهاية العمر.. زحف العمر بنا فى خدمة الأولاد والتنقل بين المكاتب والدرجات فكان لابد لنا من مكافأة تعوض لنا عمرنا الذى مضى وترجع لنا جزءا من شبابنا المهدر..!! قررن هؤلاء النساء أن يتمردن على نمط الحياة التقليدى ويستثمرن مكافأة نهاية الخدمة فى أنفسهن.. ليرفعن شعار «أنا أحلى بمكافأة نهاية العمر..!!»
∎ حقن بوتوكس
«من حقى استثمر فلوسى فى نفسى..»، هكذا بدأت السيدة ناهد محمود «60 عاما» مدير عام سابق بأحد القطاعات الحكومية وتروى قائلة: «قررت أن أكون إيجابية وأن أفعل شيئا لنفسى يغير مودى.. قررت أن أخرج بعيدا عن الأطر النمطية التقليدية التى ترسمها كل النساء بعد بلوغ سن التقاعد.. من الطبيعى جدا أن كل النساء عندما يصلن إلى سن المعاش يشعرن بالضيق والخنقة وأنها فى نهاية العمر وتفقد الرغبة فى القيام بأى شىء فى الحياة اعتقادا منها أنها أقرب إلى الموت.
أما أنا فقد قررت أن أبعد عن كل هذه الأفكار البالية وأن أنظر إلى نفسى وأهتم بحالى، وبالفعل بدأت فى تنفيذ رغبتى فى أن أصبح جميلة وبعيدة عن التقليدية.. قررت أن استثمر «فلوسى» فى نفسى وأن مكافأة نهاية الخدمة لن أنفقها سوى على نفسى، وبالفعل ذهبت إلى أحد أطباء التجميل واتفقت معه على أن أجرى عملية شد للوجه وحقن «بالبوتوكس» فى مناطق الذقن والعيون.. قد تستغربين لقرارى ولكننى شعرت أن سنى العمر بدأت تزحف على تقاسيم وجهى ولابد من إخفائها خاصة أننى أصبحت ضمن أعضاء جمعيات الروتارى والليونز للأعمال الخيرية ويجب أن أبدو بمظهر جيد أمام نساء الجمعية..!!!
∎ عالم جديد
أما السيدة درية حسين (26 عاما) مدير قطاع سابق بوزارة الثقافة فتحكى قصتها قائلة:'' قررت أن أكسر كل الحواجز التى وضعتها لسنوات عديدة لنفسى ... بعد الخروج على المعاش شعرت أننى أفتقدت الحياة العملية ونشاطها بذلت فيها اربعين عاما من عمرى واليوم أصبحت أنا بلا عمل بلا إلزام يومى، لذلك قررت أن أخلق لنفسى عالما جديدا يقوم أساسا على الاجتماعيات، وبالفعل بحثت عن أصدقائى القدامى من النادى والمدرسة وحتى الجامعة وبدأت ألتقى بهم بصفة يومية ومن أجل ذلك الهدف كان علىَّ أن أغير فى مظهرى واشترى ملابس جديدة أكثر إشراقا وحيوية.. وكانت وسيلتى فى ذلك هو المعاش الذى حصلت عليه.. فما أجمل أن تبدأ حياتك من جديد وتسخر أموالك من أجل خدمة أغراضك شريطة أن تؤسس لحياة مختلفة بعيدة عن الروتين.. وكان أكثر شىء يشعرنى بالروتين هو ملابسى بل أيضا طريقة لف حجابى.. اليوم أنا بصدد مرحلة جديدة سأرتدى ثيابا مختلفة مفعمة بالإشراق والحيوية وسأتخفف فيها من حجابى ولكن بشكل لا يخرج عن إطار الوقار والاحترام.
∎ رقصة آخر العمر
بينما ترى السيدة ابتسام توفيق «46 عاما» مديرة إحدى الشركات الخاصة سابقا أن جمال هذه السن الحقيقية يكمن فى الرياضة والاعتناء بالصحة البدنية فتقول: «بعد إحالتى للتقاعد شعرت بملل شديد خاصة أن كل أبنائى قد تزوجوا وأسسوا حياتهم الجديدة بعيدا عنى أنا وزوجى.. لذلك فكرت فى إجراء اشتراك سنوى فى الجيم الكائن فى الشارع الخلفى لمنزلنا واستعادة لياقتى التى فقدتها بفعل السن.. بل حرصت على أن اشترى ملابس رياضية وكل مستلزماتها وأن أذهب يوميا لألعب على جميع الأجهزة الرياضية الثقيلة وأجرى جميع التمرينات بل اشتركت فى معظم ال classes التى تعلم الرقص بكل أنواعه.. هكذا بدأت أشعر بسعادة عارمة لسببين الأول لأننى صغرت أكثر من 20 عاما وأصبحت أشعر بداخلى أننى أصبى من 100 فتاة، والسبب الثانى أننى سخرت «فلوسى» - التى طالما ادخرتها سنينا طويلة خوفا من غدر الزمان - لإنفاقها فى شىء جلب علىّ السعادة وأشعرنى بأننى مازلت على قيد الحياة.
∎ عَمرة كاملة
«ما الذى يجعلنى أعيش ميتة وربنا وسعها عليا؟!!» هكذا بدأت السيدة ناهد عرفة «16 عاما» وكانت تعمل مديرة الموارد البشرية فى أحد البنوك الحكومية وتستطرد قائلة: «طبيعة المرأة المصرية أن تفنى حياتها وزهرة شبابها من أجل زوجها وأبنائها وبيتها.. لم تفكر قط فى نفسها وكيف تسعد ذاتها.. كل همها هو الحفاظ على كيان أسرتها الصغيرة، لكن ما الذى يجعلنى أتدفق فى العطاء لأولادى وبعد ذلك يتركوننى ويؤسسون حياتهم.. ماذا جنيت أنا؟! لا شىء .. لذلك قررت أن أستغل أموالى التى طالما أنفقتها على أسرتى وبديتها على نفسى أن أعيش لنفسى ولو لمرة واحدة قبل الموت.. قررت أن أنفق كل مكافأة نهاية الخدمة على شكلى ومظهرى وملبسى.. وكأننى أود أن أودع الدنيا بنيو لوك جديد يسعدنى ويعيد لى نضارتى.. ذهبت إلى أشهر مراكز التجميل واستشرت الأطباء فى إجراء بعض الرتوش على وجهى وعلى جسمى التى من شأنها أن تبعثنى للحياة من جديد.. استقر بى الأمر إلى أننى سأجرى عمليات شد للوجه و reshaping للجسد أى إعادة تضبيطه.. إلى جانب تصفيف الشعر وصبغه بأحدث ألوان الموضة، فضلا عن اقتناء أحدث موديلات العام من الملابس والأحذية.. البعض قد يعتقدنى أعيش مراهقة متأخرة ولكن أظن أنها رغبة حقيقية للانتقام من المجتمع الذى ظلم النساء بكثرة عطائهن للآخرين وإغفال أنفسهن..!!
ويعقب الدكتور أحمد عبدالله مدرس الطب النفسى وعلم النفس بجامعة الزقازيق قائلا: «الحقيقة أننا يجب أن نتوقف عند تعبير المرأة بشكل عام عن أنوثتها خاصة أن المجتمع المصرى لا يتحمل التعبير عن الأنوثة.. فالمرأة المصرية مهما كان سنها تشعر وأنها تحبس أنوثتها بداخلها ولا تستطيع إظهارها سواء عن طريق الملبس أو وضع مساحيق التجميل أو إجراء العمليات التجميلية.. وقد تحتاج المرأة فى أى مرحلة عمرية لأن تظهر أنوثتها فمنها من يدرك طبيعة سنها فتتجلى أروع المظاهر الأنثوية فى مرحلة سن العشرين والثلاثين.. ومنهن من يحتاج لإبرازها بعد سن الأربعين أما من هن يصلن لسن الستين ويشعرن بأنهن بحاجة إلى العودة إلى سابق جمالهن فى فترات الشباب والصبا فهن ممن يتمتعن بحالة اقتصادية جيدة تجعلهن أكثر ميلا لإحداث تغيير وهى الصفة المتأصلة فى المرأة فعادة ما تحب أن تحدث تغييرا إما فى شكلها أو فى ترتيب منزلها أو فى تغيير ألوان حوائط بيتها وهكذا.
وفى الفترة الأخيرة وبالمتابعة المتأنية لمواقع التواصل الاجتماعى تلاحظ تردد سيدات من هن تعدين سن الستين على هذه المواقع وخلق محادثات مع رجال مع إظهار مفاتنهن وكأنهن يعرضن أنفسهن على الرجال.. هذا لا يدل على شىء سوى أنهن تحت سيطرة رغبة جامحة للتعبير عن أنوثتهن المكبوتة لمدة سنين طويلة.
وقد تختلف رؤية المجتمع لهن: البعض يشخص ذلك على أنه انحراف أخلاقى.. والبعض الآخر قد يراه مراهقة متأخرة نتيجة لأنوثة مكبوتة لسنين طويلة.