هناك ارتباط وثيق الصلة بين الرياضة كظاهرة إنسانية اجتماعية والحب كشعور إنسانى رائع يظهر الفرد خلاله أقوى ما بداخله من أحاسيس ومشاعر تجاه الآخر.. أيا كان هذا الآخر إنسانا.. حيوانا.. جمادا فى تبادل روحى صعب التجسيد أو الرصد. وهذا الارتباط فى ملاعب الرياضة بدأ منذ معرفة الفراعنة قدماء المصريين.. لفنون الرياضة التى أقاموا لها مهرجانا هو الأول من نوعه فى التاريخ الإنسانى «المعروف» وهو مهرجان «الحب سد» وهو أشد ما يكون شبها بالدورات الرياضية الكبرى التى يتجمع فيها كل صنوف البشر على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والمادية للتنافس بحب وقوة مظهرين كل ما لديهم من ملكات لإثبات الأفضلية..
وكان هذا المهرجان الفرعونى الجميل يقام فى المعابد ويقوم الحاكم الفرعون بافتتاحه ومباركته وتقديم «تيجان» التقدير والاحترام والحب للفائزين بنبل إنسانى بديع وفى جو من دفء المشاعر.
∎ اليونان تقتبس
واقتبس اليونانيون هذا المهرجان الفرعونى فى ألعابهم الأوليمبية القديمة التى استضافها وادى الأوليمب.. والذى اتخذ من الحب أقوى رسائله للمجتمع اليونانى حينذاك، حيث كان يمنع أو يحرم خلال إقامة مهرجان الأوليمبياد مواصلة الحرب أو تبادل الكراهية.
إذن هو الحب.. وكان إهداء غصن الزيتون «رمز الحب والسلام» هو الهدية التى تقدمها إدارة الدورة للفائزين بالميدالية الأوليمبية، إضافة إلى تمجيد الفائزين بصناعة التماثيل لهم وإنشاد الشعر والتغنى بحب ببطولاتهم وأنهم أصبحوا دعاة الحب والسلام.. وظلت كذلك حتى توقفت واندثرت وانتصر دعاة الحرب والكراهية على دعاة الحب والسلام!
∎ قلب كوبرتان
حتى جاء باعث الحركة الأوليمبية الحديثة الفرنسى كوبرتان نهاية القرن التاسع عشر وجاهد وقاتل لأجل بعث الألعاب الأوليمبية كأكبر حركة سلام وحب فى العالم، وبعد جهد جهيد نجح فى إعادة الحياة للأوليمبياد وكانت أول دورة أوليمبية بأثينا فى 1896 واستمرت الرحلة رحلة غصن الزيتون.. وشعلة الأوليمبياد وعلم اللجنة الأوليمبية «الأبيض» بحلقاته الخمس يطوف أركان الكرة الأرضية فى حب وتنوع ثقافى وإنسانى لا يبارى.
ولا أظن أن هناك حبا عرفه العالم فى العصر الحديث قدر ما حدث بين كوبرتان والألعاب الأوليمبية، حيث أوصى البارون الفرنسى ابن كبار النبلاء من انتزاع قلبه بعد موته والقيام بدفنه فى تراب وادى الأوليمب مهد الألعاب الأوليمبية، والكائن بأثينا التي تعلق قلبه وقلب الآلاف، بل ملايين الرياضيين بهذه المدينة الرياضية التي أصبحت مقدسة لدى رياضيى العالم، وقد كان وتم انتزاع قلب كوبرتان الذى رقد فى فرنسا وقلبه فى وادى الأوليمب.
∎ شجرة حب نفيسة ووهبى
ولا أظن أن هناك نواة حب أكبر ولا أجمل من هذا فى حديقة الرياضة، هذا الغرس الذى ظل يتناقله الرياضيون على مدار الزمن وفى واحدة من أجمل قصص الحب الإنسانى فى ساحة الرياضة المصرية ما حدث وشهدته أروقة النادى الأهلى بالجزيرة فى نهاية العشرينيات، حيث بدأ السماح باشتراك السيدات وانضمامهن لعضوية النادى.. ومن ثم ممارستهن الرياضة.. وكانت ضمن الرعيل الأول لممارسى الألعاب الرياضية الطالبة نفيسة الغمراوى إحدى فتيات المدارس العليا وسليلة الطبقات الراقية، والتقت بالطالب والبطل الرياضى عبدالمنعم وهبى أحد نجوم النادى وأبطاله فى كرة السلة، وعاشا فى أقوى وأجمل قصة حب فى تاريخ النادى الأهلى والرياضة المصرية.. وشهدت صالة أروقة النادى الأهلى أحداث وفعاليات تلك القصة التى شهدت الأهلى المكشوفة فى مباريات السلة، حيث أصبح وهبى كابتن مصر والأهلى فى اللعبة.. وهو نفس المنصب الذى وصلت له نفيسة الغمراوى حبه.
وأستشهد هنا بأخلاق ونبل البطل الأوليمبى المصرى الشهير محمد على رشوان صاحب الميدالية الفضية فى أوليمبياد لوس أنجلوس 4891 والتى مازالت مثار إعجاب العالم والوسط الرياضى بعد تنازله عن حلمه الشخصى نحو إحراز ذهبية الأوليمبياد مع معرفته بإصابة خصمه اليابانى «ياما شيتا» ومع ذلك لم يتكئ على تلك الإصابة وفضل الفضة مع الهزيمة على الذهب والاتكاء على إصابة خصمه، فخسر الذهب وكسب احترام وحب العالم خاصة الشعب اليابانى الذى وقع فى حب وغرام هذا المواطن المصرى النبيل البسيط، وتكريمه بكل صور التكريم وهو الحب الذى توج بالزواج من يابانية وصنع تماثيل وأنشأ مدرسة باسمه ودراسة شخصيته فى كتب التاريخ، واعتراف بقيمة البطل وحبه لأقصى درجة، وكل ذلك نتاج حالة النبل والحب التى عاشها رشوان فى أوج لحظات التنافس الرياضى الذى هو فى الأساس يرفع من قيمة الحب والأخلاق الرياضية على أى قيمة أخرى.
∎ حب حسن وماجدة
وهل للساحة الرياضية أن تنسى قصة الحب القوية التى نشأت بين حسن مصطفى نجم مصر وناديى الأهلى والزمالك فى كرة اليد بالستينيات والسبعينيات وماجدة عز لاعبة الجمباز وكابتن الأهلى ولاعبة الباليه الأولى فى نفس الحقبة والتي استمرت طويلا حتى تكللت بالزواج الذى كان أحد أنجح الزيجات فى الوسط الرياضى و..ظلت ماجدة عز تساند مصطفى حتى وصل لأعلى المراتب الرياضية والقيادية، ولولا الحب الذى جمعهما لما استمرت الحياة ولما تحقق النجاح.. والواضح أن رؤساء الاتحادات الدولية الرياضية المصرية تخصص زيجات سعيدة وقصص حب تروى وتشهدها ردهات وملاعب النادى الأهلى بعد وصول حسن مصطفى لرئاسة الاتحاد الدولى لكرة اليد.
∎ قصص حب كروية
وفى ملاعب كرة القدم المصرية شهدت العديد من الزيجات بعد قصص حب عنيفة وشهيرة يأتى فى مقدمتها زواج مروان حارس مرمى النادى الأهلى وأحد أشهر حراسه من الفنانة الراقية الرقيقة نجوى إبراهيم، وكان إنجاب الحكم والناصر ثمارا ناجحة لزواج لم يدم طويلا لكن قصة حبه كانت ومازالت خالدة.
وعلى الجانب الآخر مازالت قصة حب حارس مرمى منتخب مصر ونادى الإسماعيلى حسن مختار مع الفنانة المتميزة رجاء الجداوى تواصل مسيرتها منذ السبعينيات وحتى الآن والواضح أن حراس المرمى أصبحوا تخصص حب فنانات، حيث تصل القائمة الآن إلى الحارس المتجول محمد عبدالمنصف الذى ارتبط بعلاقة حب جميلة ورقيقة مع المتميزة لقاء الخميسى ومازالا يكملان قصتهما فى واحة المعادى الهادئة، وغير ذلك من قصص الحب التى عاشها نجوم الرياضة مع نجوم الفن.
وهى أكثر من أن تحصى، لكننا نطرحها كنموذج على قصص الحب.. ولاتنسى ملاعب الكرة قصة حب ماجى الحلوانى إحدى أشهر خريجات كلية الإعلام والمتألقة طالبة ثم معيدة ثم دكتورة فعميدة مع نجم الكرة المصرية وثعلب الملاعب حمادة إمام نهاية الستينيات والتى كانت نموذجا يحتذى ومازال فى الجمال والروعة وأثمر هذا الارتباط تكوينا عائليا محترما وشهيرا وقديرا وممتلئا بالحب، ولولا تمسك أعمدته بالحب لما استمر وصار مثلا يحتذى.
والروح الرياضية والأخلاق الرياضية واللعبة والحلوة والتعاون والثنائيات كلها أمثلة عظيمة وعديدة فى ملاعب الكرة، والتى لو لم تكن هى السائدة لما استمتع العالم أجمع والجمهور بحلاوة هذه اللعبة، ولما أحبها بل عشقها وعشق نجومها.
وفى الكرة المصرية أمثلة عديدة لحب الجماهير لنجومها حتى لو لم تكتمل قصتهم مع الكرة.. وخير مثال المرحوم اللاعب الفنان الفذ رضا الذى وافته المنية فى ريعان الشباب إثر حادث أليم الذى لم أقرأ أو أرصد حب بشر لنجم كرة مثل جماهير مصر والإسماعيلية على وجه الخصوص لهذا النجم الذى مازال رغم أربعين عاما على فراقه تحمل له جماهير مصر الحب الدفين والوفير وتحيى ذكراه سنويا ولا أدل على وجود اسمه على أشهر وأكبر شوارع الإسماعيلية عرفانا وحبا وعشقا.
وغير ذلك من قصص الحب الخالدة فى الوسط الرياضى الذي مازال يمتلئ بقصص الحب.. ولا أنسى القصة الشيقة التى جمعت نجم كرة القدم المصرية محمد زيدان بنجمة الفن المصرى الرائعة مى عزالدين التى عاش خلالها النجمان واحدة من قصص الحب الخالدة وإن لم تكتمل فصولها بالزواج لأسباب قد لا يكون للطرفين يد فيها.