روحانية.. شعبية.. غنائية.. إسلامية.. كلها عناصر فنية غنية احتواها معرض الفنان العالمى جورج بهجورى المقام حاليًا بقاعة «المسار» بالزمالك، افتتح المعرض الدكتور صابر عرب، وزير الثقافة، والدكتور صلاح المليجى، رئيس قطاع الفنون التشكيلية ويستمر حتى فبراير المقبل، بحضور عدد من الفنانين والرسامين ومحبى الفنان ويضم 35 لوحة فنية بالألوان الزيتية. يضم المعرض مجموعة من إبداعات البهجورى فى التصوير الزيتى بأعمال يملؤها التفاؤل وتعبر عن الكثير من حنينه إلى الماضى وحبه لمصر وذكرياته الجميلة فيها، ولذلك فإن الفنان فى هذا المعرض يهتم بإبراز جمال وسحر الوطن مؤكدًا فيها على طرحه المتفرد الذى يرتكز على حياة البسطاء ليصور فيها مشاعره وانفعالاته فى سياق رؤيته للحياة المصرية التى يحرص دائمًا على مواكبة أفراحها وأحزانها، ومعايشتها فى لوحاته لتتموج ريشته التلقائية بين ألوانه الساخنة كألسنة اللهب لتعبر عن دفئه الداخلى متأثرًا بما يدور حوله من أحداث كثيرة أنتجت تنويعة مختلفة من الموضوعات فى لوحات مفعمة بالحيوية والتكوينات المميزة.. التى جاءت ما بين رموز سياسية وفنية، ومشاهد تعبر عن الموسيقى والأوبرا، وفن العرائس وصور واقعية للأحياء الشعبية بكامل عناصرها.
وتعددت مصادر إلهام الفنان فتنوعت ما بين سحر الفن المصرى القديم وجمال الموسيقى والحارة المصرية الشعبية وعشقه للمطربة الأسطورية أم كلثوم ولا يخفى تأثره بزخارف الفن الإسلامى الذى طعم به أعماله بطريقة الكولاج والتى أصبحت جزءًا لا ينفصل عن التكوين.. وقد جاء مزج بهجورى بين تقنيات التصوير بالألوان الزيتية والكولاج فى أغلب لوحات المعرض.
بدافع وطنى رسم الفنان لوحة كبيرة للمشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، ووضعها بجانب لوحة للزعيم عبدالناصر فى محاولة لربط الماضى بالحاضر واستعادة فكرة الزعيم التى افتقدناها برحيل «عبدالناصر» وجاء «السيسى» ليعيد إحياءها، وفيها رسمه الفنان بالبدلة العسكرية الصفراء يقف على كتفه الصقر رمز مصر ورمز القوة والحدة والحزم، والجمع بينهما هنا ربما أراد به الفنان انعكاس صفات الصقر على الفريق السيسى.. وبخلفية أشارت ألوانها لعلم مصر فتدرجت بين الأبيض والأحمر والأسود خص فيها الفنان باللون الأبيض المساحة التى خلف رأس السيسى لتذكرنا بهالات القديسين فى الفن القبطى ولتجعل منه قديسًا فى العمل الفنى بعد أن اجتمع الناس على حبه.. ومن الرموز الفنية جاءت أم كلثوم فى أكثر من عمل فنى أبرزها لوحة رُسمت فيها وهى تشدو بأغانيها ممسكة بمنديلها وفى جرأة وبتقنية عالية ألبسها الفنان فستانا أحمر اللون بطريقة الكولاج لقماش عليه زخارف إسلامية.. وهى نفسها الزخارف التى جعلها ملبسًا واكسسوارًا لأغلب شخصياته.. مثلما جاء فى لوحته العرضية الكبيرة جدًا والتى تعد أكبر لوحات المعرض ومن الوهلة الأولى للنظر لها تذكرنا بجداريات الفن المصرى القديم من حيث مساحتها وتكوينها .. ويكتمل هذا الحفل بصوت العزف الموسيقى داخل القاعة بألحانه الصادرة من اللوحات الفنية للعازفين بعد أن أخذت الموسيقى حيزا كبيرا من معرض بهجورى وتنوعت ما بين موسيقى الأوبرا والموسيقى العربية بآلات العود والكمان والجيتار.. ليأتى دور الراقصين لتكتمل معه كل عناصر الحفل الفنى فى لوحة كبيرة وضعها الفنان فى مقدمة قاعة العرض لراقص «المولويه».. وتأكيدًا من الفنان على الجو الروحانى والصوفى الذى يميز الرقصة، فقد زين رداء الراقص بالقماش ذى الزخارف الإسلامية بطريقة الكولاج.
وقد سلط الفنان الضوء فى لوحات أخرى على حياة وشخصية المصرى بكل زخمها وجمال ودفء الحياة الاجتماعية المصرية لها خاصة حارتها الشعبية، فرسم منها عاملا بالمقهى وبائع السميط والخبز فى لوحات كبيرة موضحًا مدى الجهد والمشقة التى يتحملها هؤلاء الباعة مع حملهم الثقيل فوق روءوسهم، وخاصة مع لوحة بائع الخبز والتى أمامها تمد يدك لا شعوريًا لتمسك بأرغفة العيش المتساقطة من فوق رأس البائع بعد أن عبر الفنان عن معاناته بأسلوب فنى بليغ.
لا يذكرنا جورج فى أعماله بالفنان العالمى «بيكاسو» فقط بل أيضا بالفنان العالمى «رمبرانت» الذى يتشابه معه فى حبه لرسم ذاته كثيرًا، فهذا المعرض يضم أكثر من ثلاث لوحات لبورتريهات رسمها الفنان لنفسه منها «بورتريه» لجورج وأحد أصدقائه وبورتريه آخر مع عروس لعبة صغيرة تشبهه أيضًا.. وأبرزها بورتريه جانبى له ويقف فوق رأسه طائر بألوان بديعة وصريحة عكست صفاءه النفسى ونقاءه التشكيلى.
ويعد الفنان جورج البهجورى من مشاهير الفنانين المصريين العالميين المعروفين فى فرنسا ومدرج فى قائمة فنانى العالم بهيئة الأممالمتحدة، وحول معرضه أشار بهجورى إلى أن هناك مشروعًا لتحويل مرسمه الموجود فى باريس إلى متحف، حيث لقبته الصحافة الفرنسية ب«بيكاسو المصرى» فهو يحتل مكانة كبيرة فى الحركة التشكيلية فى باريس حيث استقر بها لسنوات بعد تركه لمؤسسة روزاليوسف.