كما توقعت «صباح الخير» فى العدد الماضى، أن تستدعى كلمات الفريق أول عبدالفتاح السيسى التى خص بها النساء، الأصوات التى يمكنها أن تحسم نتيجة التصويت لصالح الدستور... فقد كان للنساء حضور لافت فى لجان الاستفتاء، لأكثر من سبب فى رأيى.. الحضور اللافت هنا هو محض مشاهدات، لا يعتمد على أرقام رسمية عن نسبة مشاركة النساء فى التصويت، فهذا الرقم «غير متاح»، كما أكدت السفيرة مرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة. وبحسب التلاوى فقد طلبت من قبل من المسئولين فى اللجنة العليا للانتخابات، بيانا بأعداد النساء المشاركات فى الاستحقاقات السياسية السابقة، ولكن دون جدوى، لأن طريقة إحصاءات اللجنة العليا للانتخابات لا تظهر نسبة مشاركة الفئات المختلفة، سواء النساء أو الشباب أو الفئات العمرية الأخرى.
وعلى أى الأحوال كان الملاحظ فى طوابير النساء أن أغلب الحاضرات هن ممن تجاوزن الخامسة والثلاثين، وهن فى الغالب المتحملات لمسئوليات أسرهن، ويرغبن فى استقرار الأحوال، بعد أن عانت الكثير من الأسر المصرية من حالة عدم الاستقرار الاقتصادى التى نعيشها منذ يناير 2011 جئن رغبة فى عودة الحياة، أو كما قالت لى إحدى الواقفات جانبى فى طابور لجنة مدرسة ليسيه الحرية بالمعادى، «عشان البلد تمشى والحال يمشى».
وهو نفس مايفسر زيادة إقبال كبار السن من الجنسين على المشاركة، وعلى امتلاء لجان المغتربين بالمصوتين من جميع الأعمار، وأغلبهم من عمال المصانع، والباحثين عن لقمة العيش فى المدن الكبيرة، لضآلة أو انعدام فرص العمل فى الكثير من القرى والمراكز الريفية.
∎ فرحة ظهور البطل الجنتلمان
أما مشاهد الرقص الشعبى والزغاريد على أنغام أغنية تسلم الأيادى، التى توقف الكثيرون عندها، خاصة مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، والتى رأى البعض أنها كسرت فكرة المجتمع المحافظ، فهى فى رأى الكثير من السيدات اللاتى قابلتهن خلال الاستفتاء، تعبير عن الفرحة بزوال حكم الإخوان، الذى كان يهدد مكاسب النساء القليلة التى حصلن عليها خلال السنوات الماضية، كما كان يقلل من شأنهن.
إنها فرحة المنتصر، التى أطلق عليها البعض أنها تصويت عقابى ضد حكم الإخوان.
هذه الفرحة بزوال حكم الإخوان، كانت ممزوجة أيضا بفرحة ظهور البطل الشعبى، الذى يجسد صفات الرجولة، التى تجمع بين «الجنتلمان والقوى الحاسم» الذى يخاطب النساء ويكرمهن، بل يجعلهن مسئولات عن إقناع باقى أفراد الأسرة، بالمشاركة السياسية، وهو ما تجلى فى حرص كثيرات على حمل صور الفريق أول السيسى خلال وقوفهن فى طابور الاستفتاء.. ولعل هذا هو المعنى الذى قالته لى سيدة فى السابعة والأربعين كانت تقف فى نفس الطابور، «أنا حاطة صورته على النيش عندى فى البيت، عشان يدينى جرعة تفاؤل كل يوم الصبح لما أبص له، زهقنا من الرجالة اللى مابتخلصش حاجة».
∎ نسب المشاركة لا تكذب تقارير التنمية البشرية
يبقى رقم تقدم محافظة المنوفية فى نسب المشاركة فى الاستفتاء، بالمقارنة بباقى المحافظات، حيث بلغت 45٪ بحسب ما نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط، دالاً.
وبحسب الوكالة فقد كانت نسب المشاركة فى القاهرة 40.3 ٪ والإسكندرية 40 ٪ والدقهلية 50٪ والغربية 50 ٪ وفى البحيرة 38 ٪ وكفر الشيخ 43 ٪ و دمياط 46 ٪ والإسماعيلية 40 ٪ وبورسعيد 52٪ والسويس 37 ٪.. وهى أرقام تكاد تتطابق مع تقارير التنمية البشرية، التى تظهر محافظات الصعيد فى أقل نسب التنمية والتعليم والرعاية الصحية.. من المعروف أن نسبة التعليم ومعدلات التنمية أعلى فى محافظات الدلتا بالمقارنة بالصعيد. . وتأتى المنوفية فى مقدمة نسب المتعلمين فى المحافظات، وهو ما يفسر تقدمها فى نسب المشاركة.
ويتوقف المراقبون فى النهاية عند غياب التواجد الحقيقى للشباب فى طوابير الاستفتاء، وهو ما فسره البعض من إحباط الشباب من عودة الرموز القديمة للمشهد، أو اعتراض الشباب على ما وصفوه بحكومة العواجيز، أو على عدم شعور الشباب بأى عائد اقتصادى بعد الثورة، وهو ما لخصه لى أحد الشباب بقوله «أنا مش مع الإخوان وفرحان أنهم مشيوا وباشكر اللى مشاهم، لكن احنا رجعنا تانى لنفس النقطة».
وعلى أى الأحوال فرسالة الشباب هى رسالة لمن يريد أن يحكم المستقبل.