حى من أحياء القاهرة المعدودة مازال محتفظاً برونقه وبما يميزه من جمال وهدوء ورقى هو حى الزمالك ..وهى صفات تنعكس على سكانه، خاصة أن به العديد من السفارات المهمة ومنازل السفراء لذا يفضل معظم الأجانب السكن فيه. وعلى مدى عام كان هناك شد وجذب بين سكان حى الزمالك والهيئة القومية للأنفاق، بسبب رفضهم إنشاء محطة مترو «الزمالك» بالمرحلة الثالثة فى الخط الثالث، لأنها من وجهة نظرهم ستشوه الشكل التاريخى للمنطقة، وتحوله إلى مظهر من مظاهر الفوضى والعشوائية، ومنهم من أكد أنها ستتسبب فى شل الحركة المرورية، بل وقاموا بلصق بوسترات فى عدد من شوارع الزمالك مكتوب عليها الأتى:
«لا لمحطة المترو الجديدة.. لا لتدمير حى الزمالك».. ستدمر المحطة الجديدة الزمالك على النحو التالى:
1- تسبب انعدام الأمن والأمان، وسيولة دخول حى الزمالك بالمترو من المناطق العشوائية، وإنشاء مواقف ميكروباص وباعة جائلين،
2-تردى مستوى النظافة وزيادة الاحتقان المرورى، فضلا عن زيادة الاهتزازات الأرضية وهبوط مستوى الأرض الناتج عن الحفر وحركة المترو، وتدمير الطابع الأثرى للمنطقة.
3- إن المشروع سيمر أسفل المعهد السويسرى، وهو مبنى تاريخى أقيم عام 1903 ويستكمل طريقه وسط شارع إسماعيل محمد، الموجود به عدد كبير من الفيللات والمبانى التراثية. 4-خطورة الاهتزازات الناتجة عن الحفر أو حركة المترو نفسه على المبانى، كما أن المحطة ستعمل على هجرة السفارات والبعثات الدبلوماسية للحى.
وعندما رضخت هيئة مترو الأنفاق لأهالى حى الزمالك وتم إلغاء إنشاء المحطة ظهرت أصوات تستنكر هذا وتصف ما حدث بأنه تحيز للأثرياء وتجاهل لمن لا يستطيع دفع ثمن التاكسى للذهاب للزمالك لمصلحة هناك.. وظهر تساؤل ماذا لو رفض كل أهالى كل منطقة بناء محطة مترو بحيهم؟! بل إن عدداً من المواطنين قد دعا إلى التظاهر فى حى الزمالك يوم 18 يناير والتوجه بمسيرة تضم أفرادا من كل منطقة يضع كل فرد فيها لافتة على صدره تشير للمنطقة التى جاء منها وطبيعة علاقته بالمترو قبل تصعيد الأزمة.
لذا كان من الضرورى أن نقترب من أهالى حى الزمالك لنسمعهم ونفهم مشكلتهم مع محطة مترو الأنفاق ونعرف أسبابهم لرفض إنشاء المحطة..
∎ لا تخطيط ولا رقابة
الدكتور محمد سيف النصر من سكان حى الزمالك يتكلم بانفعال قائلاً: لو كانت هناك دولة ومؤسسات تقوم بعملها لكانت محطة المترو شيئا طبيعياً كما يحدث فى أى بلد أوروبى تكون المحطة أساسية تخدم الناس وتسهل المواصلات، ولكن ما يحدث هنا شىء آخر، فالمحطة تتحول لكارثة بيئية للباعة الجائلين يفترشون الأرض وأصوات عالية فى كل مكان.. فصديقى يسكن فى شارع التحرير بالدقى والذى كان من المفترض أنه حى راقٍ ولوجود محطات المترو هناك تحول الدقى لحى عشوائى ينتشر فيه الباعة الجائلون والأصوات المزعجة، بل وبلطجة على الساكنين عند ركن سياراتهم.. والزمالك حى ملىء بالسفارات، فكيف تكون تلك هى صورته، لذا ففى رأيى عندما يقوم الحى والمحافظة بدورهما ويكون هناك انتظام فى الشارع يتوسعون فى المحطات كما يريدون.. أما الآن فوجود المحطة ستقضى على شكل المنطقة الجمالى، كما قضى على الجمال فى مصر كلها الأخطر من هذا أن المهندس ممدوح حمزة وهو من سكان الزمالك أكد خطورة إنشاء محولات ومحطة تهوية ومحطات كهرباء تحت حديقة المعهد السويسرى التاريخية، وأنها ستؤثر عليها سلباً فكيف يفسر موقفنا على أنه عنجهية!! المهندس أحمد ربيع من سكان حى الزمالك أيضاً كانت أسباب رفضه واضحة فقال: الشارع الذى يخطط لإنشاء محطة المترو به هو شارع محمد إسماعيل شارع ضيق للغاية وكما يحدث مع كل محطات المترو فى القاهرة والجيزة ستكون هناك زحمة كبيرة لأعمال الإنشاء و حتى بعد الانتهاء منها لأن مساحة الشارع غير مناسبة وسيكون هناك شلل مرورى رهيب فيكفى أتوبيسات المدارس التى تزحم شوارع الزمالك الضيقة وقت الذروة، فكيف سيكون هناك مكان لأعداد الناس التى تستعمل المحطة!!.. والذين يقولون إننا نتعالى على فقراء الشعب أرد عليهم بأن محطة مترو الأوبرا بالخط الثانى لمترو الأنفاق فى قلب الجزيرة على بعد 10 دقائق فقط فما الداعى لهذه المحطة؟! كما أن هناك خط الأوتوبيس رقم 13 فنحن فى الزمالك لسنا معزولين وهناك بالفعل مواصلات لغير القادرين.
رندا سليمان من سكان شارع المنصور محمد تقول: الزمالك من الأساس أصبحت مزدحمة ونحن كسكان لا نعرف حتى ركن سياراتنا فالكافيهات والمطاعم جعلت شوارع كانت هادئة مثل منطقة ككنيسة المرعشلى وشجرة الدر أصبحت مزدحمة وفيها عشوائية فهل الزمالك قادرة على استيعاب أيضا محطة مترو!! فللأسف ما نجده فى باقى الأحياء أن وجود محطة المترو كارثة لانعدام النظام وانتشار الفوضى والعشوائية والباعة الجائلين التى امتدت فى كل مكان، ونحن لا نريدها أن تصل للزمالك فهى منطقة راقية لها قيمة جمالية وتاريخية، ويكفى ما فيها اليوم من ازدحام.. وليس من العدل أن نشوه كل جمال وكل حى وعندما تقوم الدولة بدورها فى حماية الانضباط فى الشارع ومحاسبة المتسببين فى الفوضى سنستطيع وقتها ألا نخاف من إنشاء أى محطة لأن هناك اهتماماً ورقابة على المنشآت والشوارع ومنع الخروج عن النظام.
غادة الجندى أيضا من ساكنى شارع المنصور محمد تقول: المشكلة ليست مشكلة مترو وإنما مشكلة تخطيط والرؤية الواضحة لما فيه الصالح العام، ففكرة وجود محطة لمترو الأنفاق لها ميزة وفائدة كمواصلات سريعة ورخيصة للعاملين والموظفين فى المنطقة ولكن يجب أن يكون نصب عينى صانعى القرار الجانب الآخر للقرار أولاً العمارات الكثيرة القديمة التى بالفعل تأثرت من وقت الزلزال بالزمالك هل هناك دراسات وحسابات تؤكد الأمان عند إنشاء تلك المحطة؟! هل هناك مراعاة لكل الأبعاد الاجتماعية وعوامل الأمان والنظام والسلامة هذا هو الموضوع مشكلة المنظومة كلها وألا يخرج قرار إلا بعد دراسته جيدا ومقارنة آثاره على أرض الواقع لذا كان من الطبيعى بعد معرفة الآثار على المبانى القديمة والأماكن التاريخية كالمعهد السويسرى على يد المتخصصين من المهندسين الذين يسكنون الزمالك كانت النتيجة التراجع عن هذا القرار لأنه لو كان درس جيداً ما كان خرج من الأساس.. المشكلة الحقيقية التى لا يتكلم عنها أحد ويعانى منها كل العاملين والموظفين فى الزمالك الذين يستخدمون المواصلات العامة أن أتوبيسات النقل العام والميكروباصات بعد الثورة أصبحت تأتى لشارع 26 يوليو ولا توصلهم كالسابق للشوارع الداخلية كنوع من البلطجة على الناس فالسائق يأخذ خمسة جنيهات ولا يوصلهم إلا لشارع 26 يوليو ويضطرون لركوب تاكسى بعد ذلك هنا يجب أن ينظر المسئولون لهذه البلطجة وشكاوى الناس ويعالجونها قبل أخذ خطوات أخرى والتوسع دون حساب النتائج.