باقٍ من الزمن أربع وعشرون ساعة.. ساعات قليلة تفصلنا عن عام 2014 .. عام الحسم والطوابير. ففى حياة المصريين طوابير طويلة لا تنتهى، وكأن الإنسان المصرى مولود فى طابور.. يستيقظ على طابور، ويشترى طعامه فى طابور، ويعمل بالطابور، ويلبى احتياجاته بالوقوف فى طابور، وحتى النوم يلجأ إليه هربا من الطوابير،
فمنذ ثورة 25 يناير،والمصريون يخرجون فى طوابير ليحددوا مصيرهم بدءا من طابور الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011، وحتى طابور الانتخابات الرئاسية فى 2012.
وبحلول عام ,2014. سيبدأ المصريون مرحلة جديدة من الطوابير التى من المفترض أن تحسم حياتهم السياسية.. بدءا من الطابور الفاصل للدستور، وحتى طوابير برلمان ثورة 30 يونيه، واختيار الرئيس المنتظر.
والحقيقة أن المصريين جربوا كل أنواع الطوابير، بدءا من طابور من أجلك أنت إلى طابور نحمل الخير لمصر وطوابير نحمل الزيت والسكر لكم.. وها نحن فى انتظار عام ,2014. وطوابيره.
∎ طابور الدستور
ومع الأيام الأولى لسنة ,2014. يجد المصريون أنفسهم أمام استفتاء الدستور الجديد..أول نتاج لثورة 03يونيه،وذلك بعد أن تم تحديد موعد الاستفتاء على تعديل الدستور والتصويت عليه فى يومى 14 و15 يناير ،وفقاً للقانون قبل يوم 41ديسمبر 2013 وهو تاريخ صدور دعوة الناخبين للاستفتاء على تعديل الدستور 2014.
والحقيقة أنه بالعودة والمقارنة بين هذا الطابور، وآخر طابور استفتى فيه الشعب على دستور جديد.. كان دستور 2012 أو بالمعنى الأدق دستور الإخوان المسلمين حيث انتهت الجمعية التأسيسية المصرية 2012 الجمعية التأسيسية المكونة فقط من الإخوان المسلمين والأحزاب الدينية من وضع دستور مصر الجديد، وفى 1 ديسمبر سلم المستشار «حسام الغريانى» رئيس الجمعية التأسيسية مشروع دستور مصر الجديد للرئيس المعزول «محمد مرسى»، أقيمت على أثرها مراسم خاصة بهذا الحدث حضرها العديد من شخصيات الدولة المصرية، وفى نهاية المراسم دعا الرئيس السابق لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد فى 15 ديسمبر 2012 جرت فيها الانتخابات على مرحلتين بين 15.22 ديسمبر، وخرجت النتيجة من إجمالى المصوتين لتكون 64٪ صوتوا بنعم، و36٪ لا، فكان هذا الدستور أول مسمار دق فى نعش الإخوان.
لكن طابور الاستفتاء على دستور الإخوان لم يكن الأول بعد قيام ثورة 25 يناير فبعد تخلى الرئيس المخلوع حسنى مبارك عن الحكم، كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى تولى إدارة شئون البلاد، لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية بلغت 36 مادة. وتم الاستفتاء عليه فى 19 مارس 2011. ووافق الشعب المصرى عليه فى الاستفتاء الذى تم بنسبة 77٪ فى حين 23٪قالوا لا.
والحقيقة أن كل طابور كان له شعار دينى أصر أصحابه على إطلاقه حتى يلعب على مشاعر الناس، فلا ننسى شعار «طريقك للجنة يبدأ بنعم، ولا طريقك للنار»، الذى كان مسيطرا على استفتاء 19 مارس، وغزوة الصناديق التى أطلقها محمد حسين يعقوب.. نفس الأمر كان مع استفتاء دستور الإخوان الذى رفع شعار «نعم.. تدخلك الجنة».
لكن مع اندلاع ثورة 30 يونيو تبدلت الشعارات وبدلت الأحزاب الإسلامية باستثناء السلفيين الشعارات، حسب أهوائهم، فأصبحت نعم هى الطريق إلى النار، ولا تجعلك مع الله.
وكأنهم يبدلون الشعارات على حسب المرحلة.
∎ طابور البرلمان
عندما قامت ثورة 30 يونيه.. أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسى عن خارطة الطريق التى ستنقل المصريين من المرحلة الانتقالية إلى الدولة المدنية، فتعهد أولا.. بدستور مدنى لكل فئات المجتمع، وبعد ذلك انتخابات برلمانية ثم رئاسية.
وبناء على ذلك فإن الطابور الثانى الذى سيكون فى انتظار المصريين.. سيكون طابور انتخابات مجلس الشعب.
وعلى الرغم من أنه سيكون وسيلتهم للوصول إلى البرلمان التشريعى.. سيكون مختلفا جدا ولا يدرى أحد كيف سيكون شكله، خاصة بعد انتخابات البرلمان السابق المنحل، والذى كان يعتمد على حشد الأصوات بالزيت والسكر من قبل الإخوان.
فلم تكن أيضا هذه الانتخابات هى الأولى من نوعها بعد 52يناير، بل كان هناك مجلس شعب إخوانى تم حله بعد ثورة 30 يونيه.
فبعد نجاح ثورة يناير 52 يناير 1102 وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم إثر تخلى الرئيس «حسنى مبارك» عن منصبه، قام المجلس بطرح تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة طارق البشرى للاستفتاء العام فى يوم 19 مارس 2011، وهدفت هذه التعديلات إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة تقوم بصياغة دستور جديد للبلاد.
ومن ثم اكتسبت انتخابات مجلسى الشعب والشورى لعامى 2011 و2012 دورها من قيام الأعضاء المنتخبين بالمجلسين بتشكيل لجنة من 001 عضو لكتابة دستور جديد للبلاد.
والحقيقة التى لم تكن تخفى على الكثيرين أن الإخوان لجأوا إلى حشد الأصوات من خلال توزيع الزيت والسكر مقابل الحصول على رقم البطاقات، أو توزيع 100 جنيه على المواطنين، خاصة فى المناطق الفقيرة والعشوائية فى القرى والصعيد، ولذا كانت أكبر النسب موجودة فى هذه المناطق.
∎ طابور الرئاسة
هو الطابور الأخطر والأهم الذى ينتظره المصريون، فمن ذلك الرجل الذى ينتظره المصريون لينتشلهم من التخبط، وعدم الاستقرار الذى يعيشون فيه.. من ذلك الزعيم الذى سيقفون فى طابورهم الأخير ليختاروه.
وعلى الرغم من أن معظم الملايين المصرية تتمنى فى قرارة نفسها أن يكون الفريق أول عبد الفتاح السيسى هو ذلك الفارس، لكن حتى الآن لا نعرف ماذا سيخبئ لنا القدر، وهل سيترشح السيسى أم لا؟!!
والحقيقة أن جميعنا لا يستطيع أن ينسى تاريخ الانتخابات الرئاسية السابقة، والتى كانت بمثابة المرة الأولى التى يقف فيها المصريون فى طابور ليختاروا فيه رئيسهم.
وعلى الرغم من أن هذا الاختيار ندموا عليه كثيرا، ونزلوا فى ذكراه السنوية ليسقطوا نفس الرئيس الذى اختاروه فى الذكرى السنوية والتى توافق 30 يونيه، لكنها تعتبر أول انتخابات رئاسية يختار فيها المصريون بمحض إرادتهم.
فلا يغيب عن الجميع أنها أول انتخابات رئاسية تبارز فيها أكثر من متنافس فقد تنافس 13 من المرشحين، وأسفرت عن جولة الإعادة بين محمد مرسى، وأحمد شفيق ليفوز محمد مرسى بفارق ضئيل للغاية عن خصمه.
وعلى الرغم من أن الكثير قد شكك فى هذه النتائج، معللا بتهديد الإخوان بحرق البلد لو لم يفوزوا، وخوف المجلس العسكرى فى ذلك الوقت أن يتحمل مسئولية الفوضى المهدد بها؛ لكن محمد مرسى تولى الحكم مع جماعته التى أفسدت فرحة المصريين وجعلتهم يخرجون بالملايين ليعزلوه فى الذكرى السنوية لتوليه الحكم، فكانت ثورة 30 يونيه.