لم يكن حادث كنيسة العذراء بالوراق هو الأول من نوعه فى مصر، فقد سبقه اعتداءات بالجملة على كنائس أخرى بالحرق والاقتحام والقيام بأعمال تخريبية تارة واستهداف الأقباط أنفسهم تارة أخرى فى أسيوط والمنيا وسوهاج والفيوم والبحيرة وبورسعيد وسط مخاوف قبطية متزايدة من استهداف المزيد من الكنائس والأقباط واتهامات لجماعة «الإخوان المسلمين» بالوقوف وراء ذلك لاستدعاء أمريكا بدعوى أن الدولة المصرية ممثلة فى أجهزتها الأمنية لا تستطيع حماية الأقليات أو دور العبادة الخاصة بهم فى مصر. الواضح أن هناك خطة «شيطانية» ممنهجة لاستهداف الكنائس، الأمر الذى يزيد من الأعباء الأمنية الملقاة على عاتق وزارة الداخلية التى تواجه حاليا اتهامات بالتراخى فى تأمين الكنائس، وعدم كفاءة وتدريب وتأهيل أفراد الأمن المكلفين بالتأمين، وعدم كفاية التسليح المخصص لمواجهة سلسلة الهجمات المسلحة على الكنائس والاعتداءات المتكررة على الأقباط.. «صباح الخير» وضعت هذه الاتهامات على مائدة وزارة الداخلية للرد عليها، واستطلعت آراء الخبراء الأمنيين فى حقيقة استهداف الأقليات والمؤسسات الدينية من خلال هذا التحقيق. ∎ مصر لن تركع للعنف فى البداية قال الخبير الأمنى اللواء فؤاد علام إن الاعتداء الإرهابى على كنيسة العذراء بالوراق والذى أدى إلى إزهاق أرواح وإصابة آخرين، يعبر عن الوجه الأسود للإرهاب الذى لا دين ولا عقل له، مطالبا بسرعة ضبط الجناة وتحقيق العدل. وأضاف أن الاعتداء على الكنائس بالهدم أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها الآمنين جريمة الهدف منها إثارة الفتنة بين أبناء الشعب، مبينا أن استهداف الأقليات والمؤسسات الدينية أمر غير مقبول. ووجه رسالة إلى مشعلى الفتنة الطائفية جاء فيها: «إرهابكم لن يؤجج الفتنة الطائفية فى مصر فالدم المصرى كله حرام بلا استثناء، وأن كل قطرة دم تراق تمثل خسارة فادحة للوطن»، داعيا المسلمين والمسيحيين إلى التكاتف والترابط ووأد الفتنة لكى يقطعوا الطريق على المغرضين الذين يسعون إلى الوقيعة بين أبناء الشعب المصرى الواحد. ∎ كاميرات مراقبة من جهته، قال الخبير الأمنى العميد محمود قطرى إن الاعتداء على الكنائس عمل إجرامى من فئة ضالة لا تريد الأمن والاستقرار للوطن. وطالب قطرى بضرورة وجود كاميرات مراقبة حول كل الكنائس والمنشآت المهمة فى مصر، مبينا أنه لو وجدت كاميرات أمام الجامعات والكنائس والأماكن الحيوية لكان التوصل للجناة أسهل، ولا يمكن أن نقبل أعذاراً، خاصة أن أغلب الصيدليات والمنشآت تضع كاميرات ولا تكلفها الكثير. من جانبه، نفى مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء حسام لاشين اتهام وزارة الداخلية بالتراخى فى تأمين الكنائس، لافتا الانتباه إلى أن الوزارة تعطى أولوية كبيرة لهذا الأمر تحسبا لوقوع أية حوادث غير متوقعة. وكشف لاشين عن أن الحراسة التى تخصصها وزارة الداخلية لأى كنيسة لا تقل عن 01 أفراد من رجال الأمن، إلا أن هذا العدد يزداد ويقل حسب حجم الكنيسة والمنطقة الموجودة بها وعدد المترددين عليها، موضحا أن كنائس مريم العذراء ومارى جرجس تأتى الأكثر ارتفاعا فى عدد الحراسة الأمنية على مستوى كنائس مصر. ودعا مساعد وزير الداخلية الأسبق إلى الإبلاغ عن أى ملاحظات مريبة داخل الكنيسة أو خارج أسوارها، وتشديد الرقابة على الكنائس لكشف الأخطار التى تهددها قبل وقوعها والقضاء عليها، مشددا على ضرورة تفعيل قانون البلطجة والتصدى للمجرمين والخارجين عن القانون الذين يتعدون على الكنائس ويقتلون الأبرياء. من ناحيته، أفاد الخبير الأمنى اللواء فاروق المقرحى أن المادة 68 من قانون العقوبات أوضحت أن الإرهاب يقصد به كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجانى تنفيذاً لمشروع إجرامى فردى أو جماعى بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو إلحاق الضرر بالمواصلات أو بالأموال أو بالمبانى أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة، لذلك لابد من التصدى للخارجين عن القانون الذين يتعدون على دور العبادة أو يمنعون المواطنين من أداء الصلوات بها، ويعرضون حياتهم للخطر. ∎ الشعب المصرى خط أحمر وعلق وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بتأكيده أن وحدة الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه «خط أحمر»، مشددا على أن الشرطة ستواجه بكل حسم أى محاولات للمساس بدور العبادة أو التعدى على الإخوة الأقباط. وشدد إبراهيم على ضرورة مواجهة أى محاولة للخروج على القانون، مقدراً حجم الجهود المخلصة المبذولة لزيادة معدلات الأداء الأمنى نتيجة تلك الجهود الأمنية المخلصة والتعاون المثمر بين رجال الشرطة ورجال القوات المسلحة المصرية. وتعقيبا على التقارير التى تحدثت عن عدم وجود حراسة على كنسية الوراق أثناء الاعتداء عليها، قال مسئول الإعلام الأمنى بإدارة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية العميد أيمن حلمى: إن «وزارة الداخلية تتكفل بتأمين جميع المنشآت العامة والاستراتيجية، وهناك فارق كبير بين عدم وجود خدمات أمنية أساسا وبين التراخى فى تأدية هذه الخدمات».. وأضاف أن هناك خدمة تأمين مخصصة بالفعل لكنيسة الوراق، لكن إذا كشفت التحقيقات عن تقصير أو إهمال فى أداء أفراد الأمن لعملهم نتيجة تغيبهم عن الحضور وقتها، فالمؤكد أنهم سوف يخضعون للعقاب ويتم محاسبتهم بشدة بالغة. وطالب حلمى بضرورة إخطار وزارة الداخلية فى حالة إقامة أى مناسبة يحضرها مئات الأشخاص مثل حفلات الزفاف أو المناسبات التى يحضرها شخصيات عامة، مؤكدا صعوبة تعيين خدمات على جميع الكنائس والمساجد ومقار الإخوان والبنوك ومقار جمعيات المجتمع المدنى والصحف القومية والخاصة.. وحول كفاءة وتدريب وتأهيل أفراد الأمن المكلفين بتأمين الكنائس، أوضح: «لا يوجد مسمى فرد خدمة تأمين مساجد أو كنائس أو وزارة، لكن هناك خدمات تابعة للوزارة تسمى بتأمين المنشآت والأهداف وأفراد التأمين يتم تأهيل أفرادها من خلال خطة تدريب سنوية كما يتم تأهيله من خلال فرقة فى ضرب النار وكيفية الاتصال بنقطة التفتيش ونقطة الدورية أما منظومة تسليح أفراد الأمن فيعاد تنظيمها كلها». ونوه مسئول الإعلام الأمنى بأن الشرطة تدفع ثمن أخطاء الإعلام والدعاة فى عدم توعية الشباب بصحيح دينهم، قائلا: إن «وسائل الإعلام تنتقد فرد الشرطة الذى لم يقف فى خدمته على الكنيسة، لكن اللى قتل واللى نشر وبث الأفكار الخبيثة لدى القاتل لم يتطرق إليه أحد، ولو أن الإعلام والدعاة والقساوسة يقومون بتوصيل المعلومات بشكل صحيح لما وصلنا إلى هذا الحال السيئ». وتساءل حلمى: «أين منظومة الإعلام فى توعية الشباب بالدين الصحيح؟ وأين دور الأسرة؟ وأين دور منظمات المجتمع المدنى التى تجذب الشباب لفعل شئ مفيد لبلدهم؟! وطالب وسائل الإعلام بإصلاح المفاهيم الدينية والاجتماعية لدى الشعب المصرى بدلا من تحميل الشرطة جميع الحوادث التى يتم ارتكابها.