إنها شبه جزيرة سيناء بكتلتها المندمجة المكتنزة على كتف مصر الشرقى فى أقصى الشمال.. هكذا وصفها الجغرافى العظيم «جمال حمدان» أراها كما وصفها بتعبير عصرى إنها مثل حقيبة مدلاة على كتف سيدة مصرية تسير فى طريق يحاول «حرامى» أن يخطفها وعلى السيدة المصرية أو على الأصح على مصر أن تمسك بها بقوة. سيناء مصرية
اقرأوا التاريخ يا ناس.. الكذب والضلال لن يفيد.. وردا على ما يدعيه بعض مفكرى الصهيونية من حقوق تاريخية فى سيناء لدرجة أنهم يريدون جزءا من ممتلكاتهم الوهمية ليتخلصوا من الفلسطينيين المنشقين فى غزة.. يقول التاريخ إن معظم من كتبوا عن سيناء لن ينكروا عليها مصريتها.. وعندما عثر رجال الآثار على كتابات هيروغليفية على صخور جبل «المغارة» استطاعوا أن يكتشفوا الصلة بين شبه الجزيرة ووادى النيل قبل تاريخ الأسرات منذ سبعة آلاف عام، وكما وصفها الجغرافى الخبير «جمال حمدان» تبدو سيناء بكتلتها المندمجة المكتنزة مثل سلة مدلاة على كتف مصر الشرقى فى أقصى الشمال.. لا تلتحم بها إلا بواسطة «برزخ» السويس والبرزخ فى علم الجغرافيا هو قطعة أرض ضيقة محصورة بين بحرين موصلة بين أرضين.. وقبل حفر قناة السويس كان لشبه جزيرة سيناء ثلاثة سواحل، وقد حولت قناة السويس هذه السواحل الثلاثة إلى ساحل واحد متصل يلف شبه الجزيرة من جميع الجهات إلا على حدود فلسطين، فهى أطول سواحل مصر عامة.
يحدثنا التاريخ القريب أن مصر حاولت بعد ثورة يوليو 1652 الاهتمام بسيناء، وكان أهم ما تم فى مجال التعدين والبترول.. ويرشدنا الجغرافى «جمال حمدان» عن الثروات المعدنية فى شبه الجزيرة وكم هى زاخرة بها.. يحدثنا عن الوديان والهضاب والجبال والواحات الجبلية المُعلقة معلومات كثيرة لنفهم معنى سيناء فى حياتنا.. وكتب.. «إن سيناء المستقبل لن تعود إلى سيناء القديمة المنعزلة، فبعد دروس العدوان الإسرائيلى المتكرر وتجربة احتلال العدو التعسة أصبح ربط سيناء بالوطن مصر ودمجها فى كيانه العضوى وإدخالها فى دائرة كهربائية الحيوية والحياتية بديهية أولية للبقاء، المواصلات والتصنيع والزراعة والتعمير هى أدوات هذا التخطيط الحضارى.»
ويحدثنا الأستاذ «حمدان» أنه عندما جاءت مأساة سيناء كأرض المعركة فى الصراع العربى الإسرائيلى زاد عمق الارتباط والانصهار لقبائل سيناء فى مجتمع وحياة وادى النيل، ولتخفف من عزلة سيناء بل لتعد نوعا ما من نمط حياتها الرعوى البدوى ولتطبعه بالطابع المصرى أكثر، فكان تهجير العديد من أبناء سيناء إلى داخل وقلب الدلتا أثناء العدوانات الإسرائيلية وإقامتهم فى القرى النيلية واختلاطهم بالفلاح المصرى علمهم الزراعة والاستقرار وهذا بدوره انعكس على حياتهم فى سيناء بعد العودة إليها.
وقد شاهدت ما قاله الجغرافى «جمال حمدان» عندما زرت شمال سيناء فى تسعينيات القرن الماضى.. شاهدت طبيعة الشمال المختلفة عن الجنوب الجبلية.. فهى أرض منبسطة شديدة الاتساع والوضوح.. وشاهدت الأراضى الزراعية التى أُنشئت حديثا.. وكانوا وقتها يتحدثون عن الأمل فى ترعة السلام التى وعدوا بها لزيادة استصلاح الأراضى، فالزراعة هناك تقوم على الأمطار ومياه الآبار.. فمتى تصل إليهم ترعة السلام؟!. سيناء ساحة قتال
منذ القدم وواضح فى التاريخ أن سيناء المدخل الشرقى لمصر وأنها ممر حيوى للغزاة الأقوياء وأيضا أحط الغزاة.. فقد عبرتها جيوش كثيرة أكثر من أربعين جيشا خلال التاريخ القديم وكان آخرها جيش إسرائيل فى حرب 1967 والآن ماذا نسمى الذين يريدون احتلالها سوى أنهم من أحط الغزاة كما وصفهم التاريخ.. فهم من اللصوص والمرتزقة وبعض من المصريين منزوعى الوطنية.
وجيشنا العظيم منذ نشأته زمن حكم «محمد على باشا» بل قبل ذلك الزمن بزمان.. منذ الفراعنة وهو يحارب فى سيناء.. فقد طرد الهكسوس الملاعين، وما جاء بعدهم من الغزاة وعندما احتلت إسرائيل سيناء فى النصف الثانى من القرن العشرين لعدة سنوات أخرجهم جيشنا العظيم.. والآن فى القرن الواحد والعشرين يحارب من؟.. أحط الغزاة.
ومن التاريخ نعرف أن أرض سيناء خصصت للمعارك الحربية من قديم الزمان.. لذلك لم يحدث بها عمران كما يجب.. فهى أرض صعبة ومياه عذبة قليلة، وناسها قليلون وينتشرون فى مساحات هائلة، ويتجمعون فى أماكن محدودة.. لقد كانت سيناء أرض مهملة، والشىء المهمل سهل الاستيلاء عليه، وقد أكد ذلك الاهمال الاستعمار الإنجليزى لمصر، وهو الذى انتزع سيناء من حضن مصر أمها.. فقد جعلت السلطات البريطانية لأبناء سيناء هوية خاصة وجعلت الخروج منها والدخول إليها بتصاريح خاصة.. وحاول الاستعمار أن يرسخ فكرة أن سيناء شىء آخر غير مصر.. وظلت هذه الفكرة قائمة لسنين طويلة.
وقد خرج الاستعمار الإنجليزى من مصر بعد ثورة يوليو 1952 كما خرج الاستعمار الإسرائيلى لسيناء أيضا فى السنين الأخيرة من القرن العشرين.. وعلمنا التاريخ أن كل من احتل سيناء خرج منها مذعورا.. فاحذرونا خصوصا أننا الآن فى شهر أكتوبر شهر الانتصار.. على آخر جيش احتلها. مشاعر أكتوبرية
مشاعر كثيرة تعترينى فى شهر أكتوبر.. مشاعر خاصة جدا.. ومشاعر عامة، وإن كان يحركها اليوم السادس من الشهر.. وبداية حرب الانتصار على من احتل سيناء.. الأخير إن شاء الله، شعرت بحنين إلى ذكرياتى ومذكراتى.. كانت كلمة النصر تدوى فى آذاننا بحذر.. فقد علمتنا التجارب أن نأمل بحذر.. ونفرح بحذر رفرت الدموع فى عينى عندما تذكرت المحبة والتعاون بين الناس فى بلادنا.. تذكرت الأزمان الذى غمرنا على الرغم من هدير الحرب! تذكرت ألحان وأغانى «رايحين فى إيدنا سلاح.. راجعين برايات النصر» بالأحضان يا سينا، تذكرت أغنية جاءت كلماتها عفوية من كاتبها وملحنها تعبر عن أول يوم لعبور قواتنا العظيمة لقناة السويس وعبقرية المهندسين فى هدم خط بارليف الذى لا يقهر.. «محمد أفندى رفعنا العلم» ذكريات ومشاعر كثيرة لقد فكرت وقتها بسذاجتى الأبدية.. لماذا تحارب الناس بعضها البعض؟.. لماذا ينتزع أحد من آخر أرضا.. أو حقا.. ويفرض على الآخر أن يقاتل ليسترد ما سلب منه حتى يعيش كريما فى وطنه وأمام العالم؟!.
آمالنا الكبيرة لسيناء لشمالها وجنوبها للاستفادة بثرواتها الطبيعية والمساعدة على زراعة المساحات الشاسعة فى الشمال.. الآمال الكبيرة ألا نهملها.. نعم أُهملت سيناء وأصبحت لسنين قريبة ماضية مرتعا للعصابات الدخيلة عليها، أو الهاربين من سجون مصر وغيرها من البلاد.
الآمال ألا نهملها حتى لا تخطفها عصابة من العصابات وإن كان الخطف لمجرد جزء منها.. لأن سيناء كانت وستبقى إن شاء الله هذه السلة الغالية المدلاة على كتف مصر.. ويجب أن تمسكها بقوة حتى لا يخطفها «حرامى» عابر أو «حرامى» منتظر.