لم يكن تصوير فيلم عن حرب أكتوبر أمرا سهلا لما تعرض له الجيش المصرى فى ذلك الوقت ولكن الروح الوطنية هى التى دفعت المخرجين فؤاد التهامى وخيرى بشارة ومحمود عبدالسميع ليضحوا بأرواحهم وصمموا على الذهاب إلى جبهة القتال لتصوير بعض المشاهد التى تسجل لهذه الملحمة العظيمة، على الرغم من خوف الكثير من المخرجين الذهاب إلى جبهة القتال لنسبة المخاطر العالية جدا التى قد يتعرضون إليها. فى البداية يقول محمود عبدالسميع أول مصور سينمائى يدخل جبهة القتال مع المخرج فؤاد التهامى وخيرى بشارة حيث إنه الوحيد الذى صور فى حرب الاستنزاف ووقف إطلاق النار وحرب أكتوبر.. ومن أعماله فيلم «لن نموت مرتين» عام 1969 «والرجال والخنادق ورجال خلف المقاتلين وأغنية للسويس» هذا لحرب الاستنزاف أما وقف إطلاق النار فيلم مدفع 8 ونزهة وآخرين وحرب أكتوبر صورنا مشاهد للأفلام ثم بعد الحرب صورنا «صائد الدبابات» عن البطل محمد عبدالعاطى الذى دمر أكثر من 25 دبابة.. وبعد خمس سنوات سجلنا عدة أفلام توثيقية منها عن المشير الجمسى والشيخ حافظ سلامة وفيلم تسليم السويس، ثلاثية رفح.
فى البداية يقول: أنا المصور الوحيد الذى قمت بتصوير مشاهد منفصلة من فيلم «أبناء الصمت» إخراج محمد راضى ولأول مرة أصرح أن القدم التى كانت تغوص فى التراب أثناء مشهد عبور الساتر الترابى فى خط برليف هى قدمى أنا ولكى أتمكن من إظهار غوص القدم فى التراب الناعم لبست حذاء وبنطلون جندى وكان التصوير من زاوية غريبة للمشاهد.. وأكد أن التصوير فى الحروب مختلف، فمثلاً فى حرب الاستنزاف كانت هناك خطورة علينا حيث إن الإسرائيليين كانوا يطلقون النار علينا بشكل كثيف مما رفض العديد من المصورين الذهاب إلى الجبهة فى ذلك الوقت.. ومن ضمن المواقف التى لن أنساها أن هيئة السينما رفضت إعطاءنا كاميرا خوفا علينا ولكن الروح الوطنية فى ذلك الوقت كانت حاضرة ومهما كلفنا ذلك من تضحيات وهو ما جعلنا نلجأ إلى المرحوم المصور عثمان محمود.. والطريف أنها الكاميرا الوحيدة التى يوجد بها عدسة بعيدة المدى وهى التى نحتاجها وعندما علم بذهابنا إلى الجبهة رفض إمضاءنا على الكاميرا تقديرا للروح الوطنية وعندما وصلنا إلى موقع المثلث حيث اختيار المخابرات العسكرية والتقينا مع قائد الموقع العقيد بدر حميد الذى فوجئ أننا على علم بالحرب هذا لعدم وجود مصور أثناء الحرب.. وعن الصعوبات التى واجهتهم يقول: صعوبات شديدة حيث إننا ذهبنا إلى عدة مواقع ولم نتمكن من التصوير والموقع الذى من المفترض أن نقوم بتصويره تم تدميره من القوات الإسرائيلية قبل وصولنا إليه بدقائق.. وعن أهم اللقطات التى كان لها خطورة شديدة علينا أنناء وضعنا الكاميرا داخل دشمة على شاطئ القناة لتصوير العدو المقابل لنا فى الشرق وكانت زاوية الكاميرا وتحريكها فى غاية الصعوبة مما جعلنى أحمل الكاميرا بالحامل الذى عليها بالإضافة إلى العدسة زوم وكان وزنها يصل إلى 40 كيلو تقريباً وأخذت لقطة للقنال من اليمين إلى اليسار وكان موقفا صعبا للغاية حتى للقادة لذلك طلبوا منى النزول فوراً خوفاً علىَّ وبالفعل لم أنتظر إلا ثوانى وتم الاشتباك بينهم حيث إنهم كانوا يعتقدون أنها خديعة.. وأذكر أننى قمت بتصوير قنبلة ألف رطل أثناء نزولها على الماء كما قمت بتصوير معالم السويس المهدمة والخالية من البشر.. ومن الأسماء التى لن أنساها الرائد حسين درار قائد موقع الاتصالات التليفونية الذى كان يتحدث فى أكثر من تليفون فى وقت واحد وهو ما جعلنا نتحمس.. وعن دور هيئة السينما فى الحرب قال: للأسف الهيئة هى المكلفة بهذه الأفلام ولكنها فشلت وكل ما قمنا بتصويره مجهود فردى وحتى الأفلام التى تم تصويرها مركونة ومن الممكن أن تختفى حيث لا توجد خطة معينة للحفاظ على هذه الأفلام التى تعد ترسيخا كاملا لهذه الأحداث ،لذلك لابد أن توفر الدولة المواد النادرة المصورة والتى لا يمكن الاستغناء عنها ونعيدها عن طريقDFD للحفاظ على جودتها. أما المخرج فؤاد التهامى الذى شارك فى تصوير عدة أفلام عن حرب أكتوبر «لن تموت مرتين»، «رجال الخنادق»، «مدفع» «شدوان» فيؤكد أن تجربته فى التصوير أثناء حرب الاستنزاف غير مسبوقة خاصة أنه عندما دخل الجبهة كان لا يشعر بالخوف وهناك مواقف صعبة نسيناها حيث كانت هناك أماكن صعب الوصول إليها بالسيارات وهو ما جعلنا نمشى لفترات بعيدة ومعنا كل متعلقاتنا وحتى بعض الأوقات كنا نزحف على أيدينا حتى نصل إلى أحد القناصة الذى كان فى البر الغربى والذى كان يستخدم عينه التشكيلية، حيث إنه كان معيدا فى كلية الفنون الجميلة وهو ما جعله يستخدم الضوء والظل فى تحديد الهدف وكان من أفضل قناصى الجيش وهو أحمد نوار الذى كان يتولى هيئة قصور الثقافة ويستطرد قائلاً: وهناك موقف آخر أننا ذهبنا إلى بورسعيد فرفضوا أن نصور هناك ثم الإسماعيلية ثم السويس وبعد مجهود ذهبنا إلى المثلث وقابلنا أحد الضباط الذى رفض أن نصور ولكن صممت وبعد لحظات من المقابلة حدث انفجار فى الأرض ما جعلنا نذهب إلى غرفة العمليات تحت الأرض وفوجئنا أن هناك قصفا من الطيران الإسرائيلى وكنت أخشى على زملائى فحاولت الخروج للاطمئنان عليهم فقالوا إنهم فى الخندق المقابل.. وهذه المواقف كان لها دور فى تصميمى على التصوير وكيف أن القوات المسلحة عانت فى هذه الحروب.
ومن المواقف التى لاتنسى أيضاً عند دخولنا السويس الساعة الرابعة عصرا وكانت فى ذلك الوقت شبه مدمرة فذهبنا إلى أحد الفنادق للمبيت فوجدنا أن أهالى السويس أنشأوا فرقة وطنية لرفع الروح المعنوية للقوات المسلحة فسهرنا معهم حتى الصباح وعلاقتنا مستمرة بهم حتى الآن. وأكد أن كل أفلامه عرضت فى دور العرض وكان الجمهور يستقبلها بالتصفيق رغم أن مدة الفيلم لا تتجاوز 10 دقائق وقال إن كل الأفلام التى أنشئت لحرب أكتوبر لم ترق إلى مستوى الحدث لأن معظمها أنشئ بطريقة روتينية ورغم ذلك فهناك فيلم «مسافر إلى الشمال مسافر إلى الجنوب» لسمير عوف من أفضل ما قدم عن حرب أكتوبر.. وأشار إلى أن لدينا ممثلين متميزين ولكن ينقصنا النص الجيد الذى يخاطب الناس بدون مبالغة والحل تدعيم السينما المستقلة هذا الفكر الجديد الذى لا يحتاج إلى إمكانيات.