«الأجور» لفظ أشعل نيران الثورة المصرية.. والمواطن حيران بسبب شائعات حكومة الأيادى المرتعشة وأكاذيب وزراء السمع والطاعة حول تطبيق الحد الأدنى للأجور وعدم تطبيقه حتى جاءت حكومة الكفاءات والخبرات لتحمل على عاتقها تنفيذ مطالب الثورة التى طالت وكان من أهمها «الأجور» بدءامن شهر يوليو لضمان توثيقها فى موازنة الدولة الجديدة من ناحية ومن ناحية أخرى إعطاء فرصة للمواطنين للعمل والإنتاج للخروج من عنق الزجاجة!! بدأت وزارة المالية فى تطبيق أولى خطوات مطالب الثورة، فقد خاطبت وزارة المالية جميع الجهات الحكومية لاتخاذ إجراءات تطبيق الحد الأقصى لدخول العاملين بكل جهة على حدة، وربطه بالحد الأدنى، حيث يصل إلى 53 ضعف أقل دخل بداية من أول يوليو الماضى.
وأكدت المالية فى منشور أصدره الوزير الدكتور أحمد جلال برقم 7 لسنة 2013، موافاة الجهاتالمختلفة للوزارة بالقرارات التى أصدرتها السلطة المختصة بكل جهة بتحديد الحدين الأدنى والأقصى لدخول العاملين بها عن الفترة من بداية العمل بالمرسوم بقانون رقم 242 لسنة 2011 الذى أصدرته حكومة عصام شرف بتطبيق الحد الأقصى للأجور، وحتى 30 يونيو الماضى.
وفى هذا الشأن، شدد المنشور على مراعاة أن يدخل فى حساب الحد الأقصى، كل ما حصل عليه العامل بالجهة من مبالغ من المال العام، فيما عدا بدلات السفر المقررة لهم محددة فى الداخل والخارج، سواء حصل عليها بصفة مرتب أو مكافأة أو حافز أو أجر إضافى أو بدل، أو مقابل حضور جلسات مجلس إدارة أو لجان فى جهة عمله أو أية جهة أخرى أو غير ذلك.
وشدد المنشور على ضرورة قيام المختصين بالجهات الإدارية المختلفة باتخاذ الإجراءات المقررة قانونا لتوقيع الجزاء المنصوص عليه بالمرسوم بقانون، على العامل المخالف حال امتناعه عن تقديم الإقرار المنصوص عليه فى الميعاد المحدد، أو الامتناع عن رد المبالغ التى تقاضاها من المال العام، بما يجاوز الحد الأقصى المحدد بجهته.
وطالب المنشور من قطاع الحسابات والمديريات المالية التابع للوزارة، متابعة قيام كل جهة بإصدار قرار بتحديد الحدين الأدنى والأقصى اعتبارا من أول يوليو 2013 بداية السنة المالية الحالية، وموافاة الوزارة.
ويقوم قطاع الحسابات بوزارة المالية بدوره بإعداد تقرير يبين الجهات التى التزمت بإصدار قرارات تحديد الحدين الأدنى والأقصى للأجور ومقدار كل حد، وتحديد الجهات التى خالفت التعليمات ولم تصدر قرارا بجهتها، على أن يتضمن التقرير بيان مدى اتفاق الحد الأدنى للدخل فيما صدر من قرارات، مع واقعات الاستحقاق بالجهات التى صدرت بشأنها تلك القرارات، على أن يتم عرض التقرير على مجلس الوزراء.
ويعاقب كل من يمتنع عن تقديم الإقرار فى الميعاد المحدد، أو عدم رد المبالغ الزائدة عن الحدالأقصى، بغرامة لا تقل عن 25٪ ولا تجاوز 100٪ من قيمة ما حصل عليه من دخول تزيد على الحد الأقصى، مع إلزامه بسداد تلك الغرامة، وردّ ما تقاضاه بالزيادة إلى الجهة الإدارية التى يتبعها لردها إلى الخزانة العامة للدولة.
∎القرار!
قال الدكتور أحمد جلال- وزير المالية: إن هذا القرار جاء بعد عقد عدة اجتماعات مؤخرًا لدراسة تحديد الحد الأدنى للأجور، بما يضمن التوازن بين توفير حياة كريمة للعامل ودون تقليل فرص العمل الجديدة بشكل عام، مشيرًا إلى أن هناك دراسات تعدها الوزارة لتحديد الحد الأقصى للأجور حتى يتم تطبيقه على القطاعات الحكومية بما يساوى 35 مرة من الحد الأدنى للأجر ودون حدوث تفاوت فى الجهات العامة المختلفة.
وأضاف د. جلال: إنه لا يمكن اختزال العدالة الاجتماعية للحد الأدنى للأجور إلا عبر 3 نقاط، أولها تحديد الشريحة الأولى بالرعاية؛ وثانيها: توفير فرص عمل جديدة نظرًا لكثافة أعداد المتعطلين عن العمل خاصة من حملة المؤهلات العليا؛ وآخرها توزيع الاستثمارات بشكل عادل على المحافظات وإعادة النظر فى الخريطة الاستثمارية بالدولة بما يخدم الاقتصاد المصرى.
وطالب د. جلال بضرورة تقديم الخدمات الاجتماعية بما يحقق العدالة الاجتماعية فى قطاعات التعليم، والصحة، والصرف الصحى ومياه الشرب ودعم الفلاح، بالإضافة إلى ذوى الاحتياجات الخاصة والأرامل وتحسين منظومة المعاشات الاجتماعية والتأمين ضد البطالة، بما يضمن حياة كريمة للطبقات المهمشة خاصة كبار السن.
وأضاف: إنه ينبغى مراعاة الوضع الاقتصادى الراهن عند فرض أية ضرائب جديدة حتى لا يفتح مجالاً للتهرب من أداء مستحقات الدولة.
∎المزايا!
وفى هذا الإطار أكدت الدكتورة أمنية حلمى - المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية - أن هذا القرار بداية مرهون بعمل جميع القطاعات الاقتصادية فى ظل أنه قرار فىغاية الأهمية فى هذه الفترة حتى يطمئن قلب المواطن لهذه الحكومة وليس فقط، بل أيضا لخارطة الطريق الجديدة.
وأشارت د. أمنية إلى أنه يقاس الحد الأدنى للأجور بتكلفة خط الفقر وتكلفة المعيشة، وعندما أعلن عن زيادة الحد الأدنى للأجور فى الفترة الحالية كان 450 جنيها ثم أضيف 250 جنيها ليصبح الحد الأدنى للأجور 700 جنيه وبحساب ال 450 جنيها وجدت أن نصيب الفرد من الناتج الإجمالى 51٪ وكحد أدنى 450 جنيها ليست بعيدة عن أجر قد يكون مناسبا.
وفى العموم تحديد حد أدنى للأجور يحتاج إلى دراسة مستفيضة لجميع الجوانب فهناك دول كثيرة يختلف فيها الحد الأدنى للأجور من منطقة لأخرى داخل الدولة الواحدة فى الريف وفى الحضر ومع ضرورة التخفيف من حدة الفقر والرغبة فى تحقيق مستوى كريم من المعيشة نحتاج أيضا إلى عدم تأثير الحد الأدنى للأجور على رفع مستوى البطالة ومزيد من التكلفة المالية على أصحاب الأعمال وأن نشجع القطاع الخاص على القيام بدوره فى التنمية، ولابد أن يؤخذ أيضا فى الاعتبار رفع إنتاجية العامل. وبالنظر إلى تحديد الحد الأدنى بمبلغ 700 جنيه وبالنظر إلى تكلفة المعيشة وعامل يعول فى المتوسط أربعة أفراد يصبح ال700 جنيه مبلغا ليس كافيا ويصبح مبلغ الألف جنيه هو الأنسب والأقرب لمواجهة تكاليف أعباء المعيشة.
وفى العموم فنحن نحتاج إلى التروى فى الفترة الحالية، خاصة نحن نتعامل مع حكومة انتقالية لتسيير الأعمال منشغلة بقرارات فى الأجل القصير أما إصلاح هيكل الأجور وكل ما يرتبط به فيحتاج إلى دراسة من خلال حكومة مستقرة.
وأوضحت د . أمنية: لكى تنجح هذه التجربة ويتم تفعيل هذا القرار بكل شفافية يجب أن يتم رفع مهارات العاملين وتدريبهم لزيادة الإنتاجية، مما يترتب عليه بلاشك زيادة ما يحصل عليه العاملون من أجر، حيث إنه من المشكلات التى نعانى منها فى سوق العمل هى عدمالتوافق بين أنواع المهارات المطلوبة، و84٪ من المتعطلين تتراوح أعمارهم من 19 إلى 29 عاما، وعلى الرغم من وجود تصنيف المهارات فى مصر من مهارات مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة فإننا نلاحظ انخفاض عدد ذوى المهارات المتوسطة أكثر من 9٪ فى حين أن عدد ذوى المهارات المرتفعة والمنخفضة ارتفع، وهناك زيادة فى الدخل حتى مع بعض المهن التى لا ترتبط بالكفاءة العالية كخدم المنازل مع ازدياد فى الفجوة بين ذوى المهارات العليا وذوى المهارات المنخفضة، حتى إن نصيب خريجى الجامعات من فرص العمل 17٪، فى حين أن الأميين يحصلون على 40٪ من فرص العمل، وهناك نقص فى ذوى المهارات المرتفعة.
∎التكاتف!
ومن جانبها أعربت الدكتورة هالة السعيد - عميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة - عن تفاؤلها بالخطوات الإيجابية التى تجريها هذه الحكومة قائلة: إنه لابد من تكاتف جميع الوزارات لتحقيق مطالب الثورة وخروج الاقتصاد المصرى بكل قطاعاته من عنق الزجاجة، لذلك لا ينبغى أن يقل الحد الأدنى للأجور بالنسبة لهوجة الأسعار الموجودة حاليا عن ألف جنيه حتى يستطيع المواطن أن يتحمل تكاليف المعيشة من سكن وعلاج ومواصلات وتعليم لأبنائه، ولابد أن ترتبط قضية تحديد حد أدنى للأجور بحماية المستهلك فى إطار ما تم الإعلان عنه من المضى فى العمل بنظام الاقتصاد الحر وتحرير الأسواق، مما يستلزم أن تقوم الدولة بدورها فى توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة وأن تكون المعلومات حول السوق متاحة للجمهور وأقترحت تكوين هيئة بمشاركة صفوة الخبراء فى الاقتصاد والاستثمار والبنوك والسياحة وجميع قطاعات الدولة تكون هيئة مستقلة لها جميع الصلاحيات لمراقبة السوق واتخاذ القرارات لصالح المواطن وإعادة تنظيم القطاعين العام والخاص وحماية حقوق العاملين.
ومن هنا طالبت د. هالة بسرعة الإعلان عن حد أقصى للأجور وهنا نحن نحتاجإلى تدخلات السياسة على نهج متكامل شامل، تدخلات قصيرة المدى تشجع التشغيل الذاتى مثل برامج تقديم الدعم وتقديم الخدمات المالية وغير المالية وتقديم فرص عمل للعمال المهمشين وعلى المدى الطويل التعليم، وأقترح أن يكون الهدف ليس التعليم الأساسى الشامل ولكن التعليم الثانوى الشامل خاصة للإناث.
أكدت أن تطبيق الحد الأدنى للأجور مرهون بمدى توافر الموارد اللازمة لتمويله.