«الأيام أثبتت أن حزب النور لم يكن يوما محدث سياسة»، كانت هذه كلمات الدكتور شعبان عبدالعليم الأمين العام المساعد لحزب النور الذى أكد أن حزب النور دائما له مواقفه المشهودة، ولم يسر يوما فى ركب حزب آخر وإلا لما كان الآن موقعه كلاعب أساسى فى المشهد السياسى، وها هو النور اليوم يحمل أيضا على عاتقه مبادرة التصالح مع رموز القيادات الإخوانية كما حملها سابقا فى التصالح مع رموز الحزب الوطنى القديم.. مشددا على خطورة تهميش التيار الإسلامى فى لجنة إعداد الدستور وأنه ليس هناك من يستطيع إقصاء حزب النور أو إجباره على الخروج من المشهد السياسى. ∎فى البداية تساءلت لماذا تأخر كثيرا قرار حزب النور حول المشاركة فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور فما معنى هذا التردد؟
- كان هناك كثير من الآراء من أعضاء الحزب حول المشاركة ما بين الرغبة فى الانتهاء من عمل الدستور والانتهاء من المرحلة الانتقالية وما بين الغضب من مشاركة الحزب بشكل مهمش لايليق به، ولكن تم توسيع دائرة الاستفتاء ولم تعد تقتصر على أعضاء الهيئة العليا إنما شملت أمناء الحزب بالمحافظات وتم التصويت الإليكترونى بالموافقة على المشاركة فى لجنة إعداد الدستور لحماية الدستور وجعله توافقيا.
∎ولماذا إذن تخلف د.بسام الزرقا عن حضور اللجنة؟
- د.بسام كان من ضمن المشاركين بأخذ القرار فلم يستطع حضور الجلسة الأولى ولكنه سيكون مشاركا فى الجلسات القادمة.
∎وما سبب تململ الحزب من لجنة إعداد الدستور؟
- الحزب له تحفظات على لجنة الخمسين، أولها أنها لجنة غير متوازنة بمعنى أن معظم أعضائها أعضاء بجبهة الإنقاذ والتيار الناصرى واليسارى بنسبة ما يقارب 80٪. فى مقابل عضو واحد من التيار الإسلامى وهو الدكتور بسام الزرقا، فبالتالى لا تمثل كل القوى والتيارات الأخرى الاجتماعية مثل نقابة المعلمين التى ليس لها ممثل على الرغم من وجود ممثل لها فى لجنة المائة السابقة كذلك هيئة قضايا الدولة ليس لها ممثل وأيضا النيابة الإدارية والقبائل العربية، وبذلك تشكيلة اللجنة ظهرت غير متوازنة من حيث القوى السياسية، وعدم التوازن هذا يخشى منه أن التصويت على عمل اللجنة سيكون غير متكافئ لأن قدرة حزب النور فى التأثير على عمل اللجنة سيكون قليلا للغاية.
∎إذن فأنت متخوف من ضعف تأثير حزب النور داخل لجنة إعداد الدستور؟
- نعم باعتبار حزب النور هو الذى يمثل الآن قوى الإسلام السياسى داخل اللجنة.
∎وهل تعتبر تقنين وجود حزب النور داخل لجنة إعداد الدستور حالة انتقامية متعمدة مما فعله الإخوان تجاه القوى المدنية فى دستور 2012؟
- لا أستطيع أن أقول إنه متعمد أو مبيت النية له، وإنما هناك صراع سياسى واضح، وظاهر الأمر يعكس أن هناك تهميشا لتيار الإسلام السياسى وهناك خلل كبير فى تشكيل هذه اللجنة، وبالتالى هذا الخلل يمكن أن يؤدى إلى دستور غير توافقى.
∎مع كل هذه الاعتراضات لماذا يستمر حزب النور بالمشاركة فى إعداد الدستور؟ هل حفاظا على الهوية الإسلامية كما أوضح؟
- الحزب ليس متمسكا فقط بالحفاظ على مواد الهوية فى إعداد الدستور، بل هو يناقش ويشارك فى صناعة كل المواد كما فعل فى دستور 2012 عندما شارك بفاعلية فى لجنة الحقوق والحريات ولجنة نظام الحكم وإن كان الحفاظ على مواد الهوية على رأس اهتماماته إلا أنه يهتم بإعداد دستور يهم كل المصريين.
∎وبالنسبة للمادة 219 هل إصرار حزب النور عليها لأنها كانت من وضع الحزب فى دستور 2012؟
- المادة 219 ليست بعبع كما يصورها البعض، وهى مادة تفسر مبادئ الشريعة الإسلامية وكان الأمر أننا كنا قد طالبنا بأحكام الشريعة الإسلامية وتم الاعتراض علي ذلك، وبالتالى طلبنا تفسير كلمة مبادئ، ولكن من شيطنها وصنع منها البعبع هم بعض الليبراليين والنخبة من مرتادى التليفزيون الذين صوروا هذه المادة بأنها كارثة رغم أنها كانت ضمن عدة مواد تم التوافق حولها بواسطة الأزهر الشريف الذى ارتضى هذه المادة، بالإضافة إلى كل القوى السياسية داخل لجنة إعداد الدستور السابقة بمن فيهم الأعضاء الذين انسحبوا من الجمعية قبل انتهائها وموقعون على هذا التوافق بالنسبة للمادة 219 وغيرها من المواد.
∎إذا تم تعديل الدستور بما لا يتفق مع رغبة حزب النور هل سيعترض الحزب وينزل ليقول لا للدستور؟
- من حق أى مواطن مصرى أن يعبر عن رأيه كما كان من حقه فى الدستور السابق أن يعترض، وهذا ما فعله الليبراليون فى الدستور السابق عندما انسحبوا وقالوا لا للدستور، فالاعتراض ليس من حق الأحزاب فقط سواء حزب النور أو غيره، إنما من حق أى مواطن أن يقول لا إذا كان الدستور لا يحقق طموحاته، وأرجو ألا نصل إلى «لا» لأن البلد ليس فى حاجة إلى تضييع مزيد من الوقت وأن يكون الدستور توافقيا حتى يقول الجميع نعم لهذا الدستور.
∎بماذا ترد على من يقول بأن حزب النور قد خذل التيار الإسلامى وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين؟
- هذا غير صحيح، فالجميع يعلم أن حزب النور كان دائما يمد يد العون للجميع وحاول منذ البداية وقبل 30 -6 أن يوقف هذا التصارع السياسى عندما وجد هناك حالة انشقاق حزبى واضحة فقدم المبادرة الشهيرة والتى عرفت بمبادرة حزب النور للتصالح بين مؤسسة الرئاسة وجبهة الإنقاذ ومؤسسة الرئاسة والقضاء ومؤسسة الرئاسة والشرفاء من الحزب الوطنى القديم وهم كثر، كذلك للتصالح مع الإعلام، لذلك فالحزب لم يمتنع عن مد يد العون وإن أنكرها البعض.
∎إذا توجهت جماعة الإخوان إليكم برسالة لوم لعدم مساندتكم لها فماذا سيكون رد حزب النور عليها؟
- حزب النور حزب سياسى له رؤية، وقد وجد نفسه يتجه نحو موقف سياسى مختلف، فامتنع الحزب عن الخروج مع الإخوان عندما رأى أن المظاهرات قد تحولت إلى عنف منذ أيام أحداث محمد محمود وماسبيرو والاتحادية والمقطم بعد أن أصبح الشارع فى أكثر من اتجاه وأصبح منقسما على نفسه، فبالتالى آثر الحزب ألا يخرج حتى يحفظ دماء شعبه وهذه كانت رؤيته ولابد من احترامها، كما أن غيرنا رأى أن الخروج هو الملائم واحترمنا وجهة نظره، لكن ليس لنا أن نفرض وجهة نظرنا على أحد وألا يفرض أحد وجهة نظره علينا وإلزامنا بالخروج فى مظاهرات تنتهى دائما بالعنف.
∎البعض كان يصف حزب النور بأنه «محدث سياسة» والآن هو على رأس التيار الإسلامى، فكيف تعلق على ذلك؟
- حزب النور لم يكن يوما محدث سياسة والدليل هو الواقع والذى يعكس أن النور حزب له حس سياسى سبق به الكثيرين، وأنه قد تنبأ منذ عدة أشهر بهذه الأحداث الخطيرة وهى حالات التشكيك السياسى التى أدت إلى عنف، ولذلك قدم مبادرته المعروفة الأولى ومبادرات أخرى فى السر والعلن، وهكذا يثبت أن الحزب سياسى وليس ضعيفا أو قليل الخبرة كما ظن البعض.
∎هل سيستطيع حزب النور بصفته الحزب الذى يمثل الإسلام السياسى الصمود أمام تكتل الأحزاب الليبرالية والقوى المدنية؟
- حزب النور ليس حزبا يسعى إلى الغلبة، إنما حزب يسعى إلى المشاركة وليس المغالبة ولا يسعده أن يكون غالبا أو مستأثرا، والمشاركة لدينا أفضل من أن نحصل على مقاعد أكثر لأن مصر فى مرحلة انتقالية تحتاج إلى تكاتف الجميع وليس إلى تصارع الإرادات السياسية، وعندما تستقر الأمور فى البلاد وتخرج من أزمتها السياسية والاقتصادية ربما يأتى الوقت حينها لنسعى إلى الأغلبية أو ما شابه ذلك.
∎ «المشاركة لا المغالبة» هذا أيضا ما كان يردده حزب الحرية والعدالة فهل يسير حزب النور على نفس الخطى؟
- رسالة حزب النور أنه يسعى إلى أن يكون الشعب المصرى نسيجا واحدا وألا تكون هناك تفرقة بين المواطنين على أى أساس من الأسس سواء اللون أو الجنس أو الدين، كما أن الحزب ليس سياسيا بحتا فى السعى نحو السلطة بكل الطرق، ولكن الغاية عنده لا تبرر الوسيلة ونسعى للتصالح مع الجميع كذلك مشاركة غيرنا فى السلطة وإذا رأينا غيرنا يقدم شيئا فى مصلحة الوطن نسعى إليه وإذا رأينا أقرب الناس إلينا يقدمون شيئا لا يعلون فيه المصلحة العليا للبلاد نكون أول من يقف أمامهم وهكذا نكون حزبا ذا مرجعية إسلامية حقيقية.
∎هل أنت متخوف مع استمرار الأزمات أن يلحق حزب النور بمصير الإخوان المسلمين؟
-حزب النور لم يلجأ إلى العنف فى الماضى كما لن يلجأ إليه فى المستقبل لأنه حزب يؤمن بالحوار والتشاور والتفاعل، لذلك فهو لا يخشى من أى مصير ويتمنى لإخوانه فى الحرية والعدالة أن يخرجوا من هذه التجربة بأقل الجراح ويتجهوا نحو العمل السياسى والمشاركة مع غيره من الأطياف السياسية الأخرى.
∎وماذا ترى فى بعض الدعاوى القضائية التى تطالب بحل حزب النور وغيره من الأحزاب الدينية ؟
- لا يوجد فى مصر بكل أسف حزب قائم على أساس دينى، فلا يوجد حزب فى برنامجه السياسى أنه على أساس دينى وهى مقولة يرددها بعض الإعلاميين والسياسيين، ولكنها خالية من الحقائق لأن الحزب الدينى يقوم على أساس التفرقة وفق الدين، ولكن الحزب لدينا مفتوح أمام الجميع لأننا حزب سياسى مرجعيته دينية وهى الشريعة الإسلامية والتى توجد فى المادة الثانية من الدستور.
∎البعض يصف حزب النور أنه عباءة جديدة لحزب الحرية والعدالة أو الإخوان المسلمين ؟
- ليس صحيحا فحزب النور ليس عباءة لأى حزب آخر، فلو كان عباءة لكان اتخذ مواقف الأحزاب الأخرى التى اتجهت هنا وهناك، إنما اتخذ حزب النور موقفا وسطيا امتنع عن العنف وامتنع عن الخروج لأن مصر تحتاج إلى تهدئة واستقرار وإلى تكاتف الأيدى، وهذا هو المسلك الذى سلكه حزب النور فلم يجنح إلى العنف، وإنما سعى إلى التصالح بين الأحزاب لأنه مقبول بين الأحزاب الليبرالية ومقبول بين الأحزاب الإسلامية.
∎ولكن الجبهة السلفية كان لها تصريحات حول انحراف مسار حزب النور وتحوله إلى فكرة المواءمات السياسية؟
- كثير من التيارات بكل أسف فى الفترة الماضية كانت تريد أن يكون الحزب فى جانب تمرد أو تجرد ولكننا اعتبرنا كلا الجانبين سواء، ولم نمِل إلى أى جانب عن الآخر ولكن كانت لنا وجهة نظر وهى لماذا نضع أنفسنا كمصريين بين هذا أو ذاك، وإنما نحن نميل إلى الحق فإذا كان الحق مع الكتلة الإسلامية نميل إليه وإذا كان مع الكتلة البرلمانية نميل إليه وبهذا نكون حزبا ذا مرجعية إسلامية، لذلك فالحزب لم يكن مقبولا فى الفترة الأخيرة من بعض الأحزاب الإسلامية لأنها كانت ترى أنه ينجرف فى عكس اتجاه الموقف الذى اتخذته ونحن رأينا أن هذا الموقف غير ملائم، وبالتالى وجدنا كثيرا من الأحزاب الإسلامية تتحفظ على حزب النور ونحن نحترم آراءها، ولكننا نفتخر ونعتز بالمسلك الذى سلكناه.
∎حزب النور بمرجعيته الإسلامية كان الحزب الوحيد الذى لم يشارك بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية، فهل هذا لعدم اقتناعه بأهداف هذا التحالف؟
- حزب النور رأى أن هناك ملايين خرجت فى 30 -6 وطالبت بالتغيير ونحن فى حزب النور قد وجدنا أن فترة السنة الماضية كانت فترة شقاق سياسى وتدهور اقتصادى، لذلك خرجت هذه الحشود، وكنا نتمنى أن يختار الرئيس طريق الانتخابات المبكرة، ولكنه أصر على عدم الاستفتاء بالانتخابات، وهكذا استمر الشعب فى طريقه وقد أيد الحزب رغبة الشعب.
∎هل هناك أعضاء من حزب النور كانوا ضمن المعتقلين فى اعتصام رابعة العدوية؟
- هناك قلة من الذين خرجوا عن القرار الحزبى الذى قرر بالانضباط وعدم الخروج إلى الشوارع مخافة العنف والاشتباك وإن كان هؤلاء قد شاركوا بتظاهرات دون المشاركة أو التورط فى أعمال عنف أو حرق مؤسسات، وحتى لو قبض على البعض منهم فسوف يخرج بعد أن تثبت براءته. ∎معنى ذلك أن الحزب لن يقود وساطة مع الداخلية لبحث الإفراج عنهم؟
- نحن نتصل بالجهات المختلفة لكى نعرف ما تهمتهم لأنها قد تكون تحريات كيدية أو غير دقيقة، لذلك عندما يثبت أنه ليس لهم علاقة بشىء سيتم الإفراج عنهم.
∎حالة العنف السائدة فى الشارع المصرى وخاصة بعد استهداف موكب وزير الداخلية والمتهم فيها بعض أبناء التيار الإسلامى كيف تراها؟
- حادث الاعتداء على وزير الداخلية حدث إجرامى نستنكره بشدة ونرجو الله أن يقى مصر شر الدخول فى مثل هذه الاغتيالات الدنيئة، وأستبعد أن يكون الإخوان متورطين فى مثل هذا العمل والذى أراه مرتبطا أكثر بعمل إجرامى تكفيرى، ونتمنى أن يكون الأخير ولا يكون سلسلة لعمل إرهابى آخر.