شذى حسون تحيي حفلاً غنائيًا بمهرجان موازين 23 يونيو    الرئيس السيسي يصدق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" لرعاية أبناء الشهداء القصر    حزب الجبة الوطنية يطلق منصة إعلامية شاملة لتغطية قضايا المواطنين    "إعلام القاهرة" تحتضن فعاليات النسخة الثانية من ملتقى " إيجيكا 2025"    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    السيسي يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" لرعاية أبناء الشهداء    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    رئيس زراعة النواب: طفرة في المحاصيل الاستراتيجية بعد تحديد أسعار التوريد    الطيران المدني: تعزيز تجربة السفر وتفعيل آليات الشكاوى داخل المطارات    الرقابة المالية تمهد مهلة توفيق أوضاع الشركات العاملة بالتأمين عام آخر    محافظ المنيا: توريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025    الانتهاء من المخططات الاستراتيجية والتفصيلية ل 9 مدن بالمنيا    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    مطار الإمام الخميني ينفي استهدافه من قبل إسرائيل    بعد كاليفورنيا.. ترامب يحاصر 5 مدن ديمقراطية جديدة بالقوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    ألونسو: الريال يستعد لبدء حقبة جديدة وهدفنا نهائي مونديال الأندية    الرئيس الإيراني يهدد برد أكثر إيلاما حال استمرار العدوان الإسرائيلي    الاهلي يراقب مباراة بورتو وبالميراس في كأس العالم للأندية    "اعتماد جون والمدرب الجديد".. اجتماع عاصف في الزمالك بحضور لبيب    فرانك يفتتح عهد توتنهام بالتعاقد مع تيل ودانسو.. خيارات جديدة في الهجوم والدفاع    حارس إنتر ميامي بعد حصوله على جائزة رجل المباراة: "الشناوي يستحقها"    نقيب المعلمين: 3 آلاف جنيه منحة علاجية لمصابي امتحانات الثانوية العامة بسوهاج    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    الإعدام لعامل قتل أسرة كاملة حرقا فى الإسكندرية    ضبط المتهم بالتعدى على كلب ضال وقتله بالقاهرة    تحريات لكشف تفاصيل اتهام موظف بسرقة أدوية فى الطالبية    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    قرارات رئاسية مهمة لصالح صندوق تكريم الشهداء والمصابين وأسرهم    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية (Nile TV)    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    "قرية قرب الجنة".. فيلم صومالي يتألق عالميًا ويحصد خمس جوائز كبرى    مكتبة الإسكندرية تطلق جائزة كبرى لدعم المبدعين الشباب في 7 مجالات    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    حالة الطقس غدا الاثنين 16-6-2025 في محافظة الفيوم    طرق بسيطة لمساعدة الأطفال على التركيز بشكل أفضل.. اتبعها    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    احذر هذه الأعراض.. الصحة تكشف الفارق بين الإجهاد الحراري وضربات الشمس    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    ظهور باهت لزيزو مع الأهلي رغم أرقامه الجيدة    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تفاصيل بوابة التاجر في البنك التجاري الدولي    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجارة بالدين.. الكل يمارسها
نشر في أموال الغد يوم 03 - 09 - 2013

نذكر نفسنا دائما ان ما حدث فى 30/6 لم يكن الهدف منه هو عزل مرسى بل هو ثورة كاملة شاملة ضد الفاشية الدينية وضد إقحام الدين فى السياسة. وكانت من أوائل التصريحات التى خرجت من السلطة الانتقالية ان مصر لن تسمح بتكوين أحزاب دينية لأننا بعد سنتين رأينا ان خلط الدين بالسياسة يفسد السياسة وينفر الناس من الدين.
كلام جميل، كلام معقول، ما قدرش أقول حاجة عنه. ولكن من المفارقات الغريبة هو وجود حزب النور فى المشهد الجامع الشامل ل30/6 مع ان حسب معلوماتى حزب النور ليس من بنود ميثاقه انه حزب ليبرالى مثلا. وكنا نراقب فى اندهاش فى كل مرة يعترض فيها حزب النور عن اختيار رئيس للوزراء أو اعتراضه على حذف المادة 219. ونتساءل: اذا كانت الثورة لم تقم على الاخوان فقط بل على الفاشية الدينية أيضا لماذا مازلنا متساهلين جدا مع حزب النور وهو الحزب صاحب البنود الأكثر تطرفا فى دستور الاخوان وهو الحزب الذى خرجت قيادات دعوته لسلفية متمثلة فى د.ياسر برهامى وهو يتفاخر بأنه قام بعملية خداع محكمة من اجل وضع المادة 219 التى لا يوجد لها مثيل فى أى دستور فى العالم. وخرجت علينا قيادات اخرى تروج لهذا الدستور بأنه افضل دستور فى العالم. أى ان قيادات حزب النور ساهمت مع الاخوان فى التدليس والكذب على الشعب. وهم من كانوا وراء اقصاء المرأة من على رءوس قوائم الانتخاب، بل كان اعضاء حزب النور وقياداته وشيوخه من نجوم منصة رابعة وكانت لهم خطبهم التحريضية مثلهم مثل صفوت حجازى والبلتاجى ومع ذلك لم يتم تعقب اعضاء حزب النور أو حل حزبه أو اعلان الدعوة السلفية كمنظمة محظورة أو ارهابية.
لماذا ونحن نتابع بشكل يومى القبض على الصف الاول والثانى والعاشر من قيادات الاخوان بتهمة التحريض على العنف، لماذا لا نستمتع ايضا بتفاصيل القبض على شيوخ السلفيين الذين وقفوا فى مع مرسى فى الصالة المغطاة فدعوا بهلاك متظاهرى الثلاثين من يونيو وحرضوا على الشيعة وظهر بعضهم على منصة محمد محمود لتحريض الاخوان على العنف ايام مسيراتهم.
وهنا نتساءل مرة اخرى هل قامت 30/6 على الاخوان فقط ام على الفاشية الدينية ككل ولمنع الاحزاب الدينية كما سبق وذكرنا؟ ام ان الموضوع فيه خيار وفقوس على حسب احتياج الدولة لاستخدام الجرعة المناسبة للفاشية الدينية فى وقت لاحق؟
نعود مرة اخرى لموضوع حظر الاحزاب الدينية
فى الواقع انه لو خرج اليوم قرار جمهورى دستورى برلمانى شعبى عسكرى بمنع تكوين الاحزاب الدينية لم يكن هذا ليضر حزب النور شيئا.
حزب النور نفسه قال انه ليس حزبا دينيا وانه يرحب بانضمام الاقباط!
حد له شوق فى حاجة؟ اثبت بقى انه حزب دينى؟
كيف ستحل الاحزاب الدينية ولا شىء فى اوراقها يثبت انها أحزب دينية. وإذا طالبت بحله سيقولون ان الحزب قائم على اساس المادة الثانية للدستور. هل سيجرؤ احد بالمطالبة بإلغاء هذه المادة؟
هذه المادة التى نضعها عنوانا لنقنع أنفسنا اننا دولة متدينة ولكن لا يرضى الإسلاميون بها لأنها فى رأيهم مادة صورية وفى نفس الوقت يمكن ان يتم استخدامها كسيف مصلت وقت اللزوم مثلما تم تفريق نصر حامد ابو زيد عن زوجته. وايامها ولا كان فيه حرية وعدالة ولا حزب نور ولا مادة 219
لذلك فربما نكون قد بالغنا فى حماستنا بأننا اخيرا سنفصل الدين عن الدولة واننا سنقضى على التطرف. الحقيقة ان الدين اداة مفيدة جدا سواء كانت سلطة دينية صرفة أو سلطة تتظاهر بالمدنية. ففى كثير من الاحيان تحتاج السلطة «لرشة دين جريئة» من اجل تمرير ما تريده من سياسات. فعلها السادات باستخدام الاخوان لمواجهة اليساريين وفعلها مبارك باستخدام السلفيين ضد الاخوان. لذلك فلا تتعجب حين يخرج شيوخ الدعوة السلفية وأعضاء حزب النور أيام مرسى فيصرحون «بأدلة شرعية» ان الهجوم على مرسى والاخوان هو هجوم على الاسلام ثم يخرج علينا ياسر برهامى رئيس الدعوة السلفية الاسبوع الماضى فيصرح بأن هجوم الغرب على الفريق عبدالفتاح السيسى هو هجوم على الاسلام «برضك».
ده مش اسمه اسلام سياسى ده اسمه جمباز سياسى.
ليس هذا غريبا على فصيل شبه شيوخه واعلامه مرسى بالانبياء والصحابة، وان الشعب المصرى كله متدين وعايز رئيس ملتحٍ وبيصلى ثم يخرج علينا د.ياسر برهامى «تانى» فيقول ان مؤيدى مرسى لا يزيدون على مائة ألف!
أصل حاجة من الاتنين: يا اما الشعب المصرى المتدين المؤيد للشريعة والدين هاجر فى بلد تانية يا اما والعياذ بالله كفر بالدين والشريعة (بفضلكم طبعا) ولم يتبق الا مائة ألف من المؤمنين.
الغريبة ان الدولة التى اعلنت الحرب على الفاشية الدينية تتقارب وتدلل حزب النور مع ان سبب اعتراض حزب النور على الاخوان انهم «لم يطبقوا الشريعة»، كما يرونها. وانا وانت عارفين ان حزب النور له رؤية للشريعة اقل ما توصف انها متطرفة.
ولكن لا بأس فهذا الفصيل له فائدته. فإذا كان شبه مرسى ورفاقه بالصحابة فى قنوات الحافظ والناس فهم نفسهم اصحاب الفتاوى الجاهزة لتحريم الخروج على الحاكم قبل أو بعد مرسى. مش فارقة بقى اذا كان الحاكم ملتحيا وبيصلى الفجر أو حيطلع عين اللى جابونا.
وهنا نتساءل عن جدية التصريحات والوعود بأن مصر لن تقع تحت سيطرة الفاشية الدينية مرة اخرى ففى الحقيقة السلطة فى عالمنا العربى مهما تظاهرت بمدنيتها تحتاج الدين لتوفير غطاء شرعى لكل ما تفعله.
ايام مرسى كانت الدعاوى بالتكفير جاهزة لشيطنة أى حراك سياسى ضد السلطة. الآن هناك ايضا من الشيوخ والعلماء من يستدعى ادلة شرعية تشبه الاخوان بالخوارج وتحلل قتلهم مثلما فعل الاخوان بمعارضيهم بالضبط.
فالدين تحول من وسيلة لتطهير النفس والسمو بالروح إلى اداة طيعة يستخدمها من فى السلطة للسيطرة على الناس واللعب بعواطفهم. يستوى فى ذلك من جاهر بمرجعيته الدينية أو من يستخدم الاسلام السياسى كفزاعة لتثبيت حكمه.
المضحك ان كلا الطرفين يدعى انه ممثل للاسلام الوسطى وفى نفس الوقت يزايد على الآخر ويدعى انه ضعيف الايمان ولم يأخذ من الدين الا قشوره. والمبكى ان كليهما يستخدمان الازهر كورقة مساومة فتارة يهرعون إلى الازهر كممثل أوحد للدين وتارة يرفض الجانب الاسلامى الازهر بحجة انه «مش مسلم بما فيه الكفاية» ويسعى لتغيير قياداته بقيادات اكثر تطرفا وفى نفس الوقت وجدنا التيار المدنى بعد «حرقته» على الازهر يرفض تدخله فى السياسة. والغريب ان كلا الطرفين سواء معسكر الاخوان أو معسكر الجيش استخدموا السلفيين الفصيل الاكثر تطرفا لتمرير وتحليل سياستهم ضد الآخر.
من الآخر كل ما نراه تمثيلية كبيرة، فحتى بعد ان رأينا وتأكدنا ان استخدام الدين فى السياسة يهين الدين ويفسد السياسة ستلجأ السلطة له دائما كحل سريع ومضمون.
وينعكس ذلك على الدستور الذى يكتب حاليا،فمنين تقوللى ان المواطنة دى اهم حاجة فى الدنيا ثم لا نجرؤ على الاقتراب من مواد الشريعة التى هى فى قداستها فوق كل شىء ومن الممكن ان يكون تفسيرها قمة فى السماحة والتعايش أو قمة فى الغلو والتطرف على حسب من يحتل كرسى الازهر. نتكلم عن الحقوق المتساوية بين المواطنين بصرف النظر عن ديانتهم ثم نحدد الاديان السماوية بالاسم بمعنى انك لو مواطن مصرى ومعتنق لدين خارج الديانات الثلاث أو غير مقتنع بهذه الاديان فأنت ليس لك نفس الحقوق والواجبات التى تضمنها المواطنة.
اعلم ان السطر الاخير سوف يثير هجوما شديدا ليس فقط من جانب التيار الاسلامى ولكن ايضا من اعدائه. فإن لم تكن مشغولا بالمزايدة على وطنية خصومك فيمكنك ان تزايد على ايمانهم.
أجد صعوبة فى تصديق ان الدولة ستقف فعلا ضد الفاشية والتطرف الدينى. ليس لعدم الثقة فيها ولكن لأن ذلك يتطلب مجهودات صادقة وحثيثة فى مجالات التعليم والتوعية واعلاء قيم المساواة وحقوق الانسان ومعرفة حقوقك كمواطن. وهذا معناه ان يعرف المواطنون حقوقهم على الدولة وأن ينضجوا اجتماعيا وسياسيا ودينينا.
وهنا تكمن المشكلة.
فهل ستخاطر الدولة بخلق أجيال شابة تخرج عن طوعها وتتمرد على غسيل المخ باستخدام الدين مرة واستخدام الوطنية ونظريات المؤامرة مرات؟
هل ستخاطر الدولة بمن يقول لا لإعلامها الموجه ويتجرأ فلا يطيع شيوخها وفتاويهم المعدة مسبقا؟
هل يمكن أن تتخلى طواعية عن افضل اسلحتك.
فالتجارة بالدين هى التجارة الأكثر ربحا على مر التاريخ.
الكل يتاجر الكل يربح وللاسف الدين هو الخاسر الوحيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.