مازال الغموض والعشوائية يطاردان حكومة الأيادى المرتعشة التى يترأسها الدكتور هشام قنديل، فقد تجاهل المرسى حجازى وزير المالية نزيف الخسائر الذى لحق بجميع القطاعات الاقتصادية وأعلن قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور وتناسى أن هذا القانون يكلف الدولة حوالى 20 مليار جنيه بينما نحن أمام علاوة يوليو وانهيار عجلة الإنتاج.. ويبقى السؤال من أين تمول الحكومة هذا القانون؟! وسط الأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد ونزيف الخسائر التى يلحق بجميع القطاعات والمؤسسات الاقتصادية ووجود فجوة تمويلية تصل إلى 175.9 مليار جنيه علما بأن كل 100 جنيه تتم إضافتها للحد الأدنى تكلف ميزانية الدولة 9.2 مليار جنيه فقد اعلن الدكتور المرسى حجازى وزير المالية أن الوزارة ستبدأ فى تطبيق قانون الحد الأدنى وربطه بالحد الأقصىللأجور بالجهاز الإدارى للدولة بداية من الشهر الحالى.
وأضاف د . حجازى إن كل موظف حصل على دخل يزيد على الحد الأقصى بواقع 35 ضعف الحد الأدنى بالجهة التى يعمل بها، عليه أن يقوم بتقديم إقرار للوحدة الحسابية بالجهة، عما حصل عليه من دخل مرفقا بشيك بما زاد على الحد الأقصى للدخل.
وأكد أن المرتبات والأجور خط أحمر، لا يمكن للحكومة التوقف عن صرفها، وكذا المعاشات، مشيرا إلى أن الحديث عن عكس هذا يخالف المنطق والحقيقة، مشيرا إلى أن مصر لاتزال فى أزمة اقتصادية، ولدينا فجوة تمويلية تتراوح ما بين 14 - 15 مليار دولار، حتى نهاية العام المالى الحالى.
∎القانون!
لم تعلن الحكومة عن خطة واضحة لمواجهة هروب القيادات المؤهلة ذات الكفاءة من الحكومة بعد تحديد الحد الأقصى للأجور ولا كيفية سد الفراغ وراء رحيل هؤلاء الكفاءات.
فالتخبط والعشوائية مازالت تخيم على قرارات حكومة قنديل ويبقى السؤال: من أين تمول الحكومة هذه القوانين العشوائية فى ظل عجز الموازنة وانخفاض معدل الاحتياطى النقدى إلى 13 مليار دولار، بالإضافة إلى جميع القطاعات الاقتصادية التى تعانى من شلل تام.
سوف تعلن وزارة المالية بداية الأسبوع المقبل قواعد تطبيق الحد الأقصى لدخول العاملين بالدولة المحدد بالمرسوم بقانون رقم 242 لسنة 2011 الذى يسرى العمل به اعتباراً من أول يوليو 2012.
فقد تتضمن هذه القواعد 5 بنود وهى: ألا يتجاوز مجموع الدخل من المال العام سنوياً لأى من العاملين بالدولة 35 مثلاً للحد الأدنى لمجموع أقل دخل من ذات الجهة التى يعمل بها من يشغل وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية أو ما يعادلها أو أدنى وظائف الجهات التى تنظم شئون أعضائها قوانين خاصة، وتئول المبالغ التى تزيد على الحد الأقصى إلى الخزانة العامة للدولة مع إلزام من تقاضاها بردها إلى جهة عمله قبل مضى 30 يوماً من انتهاءالسنة المالية وأن هذا الرد مصحوب بإقرار منه بما تقاضاه بالزيادة على الحد الأقصى، ويعاقب كل من يمتنع عن تقديم هذا الاقرار أو رد هذه المبالغ بغرامة لا تقل عن 25٪ ولا تتجاوز 100٪ مما حصل عليه بالزيادة على الحد الأقصى، وذلك مع رد هذه المبالغ الزائدة.
وتلتزم الجهة الإدارية التى يتبع لها العامل بتوريد المبالغ «الزائدة» التى تقاضاها فوق الحد الأقصى إلى الخزانة العامة للدولة خلال 10 أيام من تاريخ سدادها.
وقد تضمن هذا القانون ألا يجوز أن يزيد مجموع الدخل الذى يتقاضاه من المال العام سنوياً أى شخص من العاملين فى أجهزة الدولة بدءا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين ونوابهم ومن فى حكمهم والخاضعين لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بالقانون رقم 47 سنة 1978 أو المعاملين بقوانين خاصة أو من العاملين بالهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها منالأشخاص الاعتبارية العامة والكوادر الخاصة سواء كان شاغلاً لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو وظيفة قيادية أو تكرارية أو مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو بأى صفة أخرى على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى لمجموع أقل دخل فى ذات الجهة التى يعمل بها لمن يشغل وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية أو ما يعادلها أو أدنى وظائف الجهات التى تنظم شئون أعضائها قوانين خاصة، وذلك سواء كان ما يتقاضاه بصفة مرتب أو مكافأة لأى سبب أو حافز أو أجر إضافى أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجلس إدارة أو لجان فى جهة عمله أو أية جهة أخرى، كما تضمن القانون ألا يزيد الدخل على 50 ألف جنيه مصرى شهرياً، وذلك سواء ما كان يتقاضاه بصفة مرتب أو مكافأة لأى سبب أو حافز أو أجر إضافى، وألا يقل الحد الأدنى عن 1200 جنيه ولا يسرى كل ذلك على بدلات السفر والانتقال، كما تضمنت المشروعات أن يعاد النظر فى الحد الأدنى بالزيادة كل سنةمالية، ويعاد النظر فى الحد الأقصى للأجور بالزيادة أو النقصان كل 3 سنوات.
∎ الأجور!
قال الدكتور عبدالله شحاتة المستشار الاقتصادى لوزير المالية إن تطبيق قانون الحد الأقصى للأجور وربطه بالحد الأدنى سيسرى بأثر رجعى من يناير 2013.
وأضاف شحاتة أن وزارة المالية أعدت مشروع قانون جديدا للحد الأقصى للأجور طبقا لجدول الأجور لقانون 47 لسنة 78 فإن شاغل الدرجة الثالثة التخصصية يحصل على إجمالى راتب شهرى يصل إلى 834 جنيهًا، فيما يحصل شاغل الدرجة السادسة، بداية السلم الوظيفى، على 700 جنيه شهريًا. وقال إن الحد الأقصى سيتم تطبيقه على جميع الوزراء وكذلك رئيس الجمهورية، كاشفًا أن من يتولى منصب رئيس الجمهورية يتقاضى سنويًا 24 ألف جنيه، بالإضافة إلى بدل تمثيل يعادل نفس المبلغ بخلاف المخصصات مثل بدل السكن والانتقال.
واكد أن موظفى القيادات العليا سيوقّعون كل عام فى شهر مايو على استمارة ببطاقة الرقم القومى تحمل عنوان «إقرار» بأنهم لم يتقاضوا أى مبالغ زائدة على الحد الأقصى سنويًا، الأمر الذى قد يعرضهم للعقاب إذا ثبت العكس.
∎ تدهور!
ومن جانبها أوضحت الدكتورة هالة السعيد - عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - أن تطبيق الحد الأدنى للأجور غير واضح الملامح فى ظل التدهور الاقتصادى الذى تمر بها البلاد فضلا عن أسلوب الاقتراض التى تصر الحكومة على السير فيه مما يكلف الدولة ملايين الجنيهات التى لا نعلم من أين ستوفرها الدولة؟!
وأضافت د. هالة أنه لابد من ربط الحد الأدنى للأجور بالزيادة السنوية فى معدل التضخم والعمل والانتاجية منتقدة هيكل الأجور حيث يمثل الأجر المتغير نحو 70٪ من الأجر مقابل 30 ٪ الثابت، وهو ما ينعكس سلباً على مستويات المعاش فى نهاية الحياة الوظيفية، مشيرا إلى أن إجراء تعديلات على الأجور لابد ألا يتم بمعزل عن قانونى التأمينات والتأمين الصحى، مضيفة إلى وجود خلل فى مستويات المعاش والذى يمثل نحو 1 من 10 من إجمالى الراتب الذى كان يحصل عليه الموظف، رغم أن النسب العالمية تصل إلى نحو 80٪ مما كان يحصل عليه العامل.
وأشارت إلى أن الاقتصاد المصرى يمر بمحنة مشيرة إلى أن مشاكل سوق العمل فى مصر تعود لأسباب هيكلية نتيجة الخلل الشديد الذى يعانى منه، حيث إن أكثر من ثلث القوى العاملة تتركز فى القطاع الحكومى، وهو فى حد ذاته عبء كبير على الدولة، فى حين أن الدول التى تشابهنا فى أوضاعنا الاقتصادية لا تتعدى الوظيفة الحكومية نسبة ال10٪ من توزيع القوى العاملة بها، وبالتالى فإن الإعلان عن وظائف جديدة بالحكومة لاسترضاء الناس أمر كارثى لأنه سيزيد من الخلل الهيكلى فى سوق العمل ولن يحل أزمة البطالة.
وأكدت د. هالة أن الحكومة سوف تحل أزمتها من القروض لأنه لا توجد موارد جديدة لزيادة الإنتاج إنما يوجد عجز كبير بالموازنة يقدر بحوالى 25٪ أكثر مما كان متوقعا، فبالتالى سيتم اللجوء إلى طرح أذون خزانة حيث تم اقتراض 136 مليار جنيه وهذا يزيد من الدين العام وعلينا سداد 150 مليار جنيه سنوياً لتسديد أقساط وفوائد الديون.
∎ كارثة!
ويرى الخبير المصرفى محمد بدرة - عضو مجلس إدارة بنك القاهرة - أن تطبيق الحد الأدنى للأجور فى ظل انهيار الاقتصاد المصرى كارثة جديدة تخلق ثورة جياع أمام الحكومة، فالإعلان عن تطبيق هذا القرار جاء بدون دراسات عن كيفية تطبيق هذا القانون، فكيف تتحمل الحكومة هذه الزيادات بعد أن وصل عجز الموازنة إلى 175.9 مليار جنيه ووصل الاحتياطى النقدى إلى 31 مليار دولار، فضلا عن موت السياحة المصرية ومسلسل انهيار الجنيه أمام جنون الدولار فأمام كل هذه المشاكل الاقتصادية كيف تحقق الحكومة هذه القوانين المتخبطة.
وأكد أن زيادة الأجور أمر ضرورى ولكن لابد أولا أن تتفق هذه الزيادة مع متطلبات المعيشة، ولكن فى المقابل لابد من زيادة إنتاجية العامل ليصبح هناك توافق داخل دراسة جدوى المشروع أو المؤسسات المختلفة، قالوا إن الحد الأدنى للأجور متدن ولكنه يتفق مع إنتاجية العامل العادى الأمر الذى يتطلب إعادة تأهيل العامل المصرى ورفع مهاراته حتى يمكن الارتفاع بمستوى الحد الأدنى للأجور، مشيرا إلى أن تطبيق الحد الأقصى للأجور سيضرب بقوة الكفاءات والخبرات المصرفية المتميزة فى البنوك الحكومية وسيدفعها إلى الهجرة من هذه البنوك واللجوء إلى البنوك الخاصة وفروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر بجانب الرحيل للعمل فى البنوك الخليجية، نظرا لأن تطبيق الحد الأقصى للأجور فى القطاع المصرفى سيؤدى إلى تراجع كبير فى معدلات دخول القيادات المصرفية العاملة فى البنوك الحكومية، وبالتالى ستبحث عن أماكن أخرى للعمل أملا فى الحصول على أجر أكبر خاصة أن بنوك القطاع الخاص وفروع البنوك الأجنبية لن تخضع للحد الأقصى للأجور، فضلا عن أن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 واللائحة الداخلية المنظمة والخاصة بالمرتبات والأجور بالبنوك لا تنص على الالتزام بالحد الأقصى للأجور، بالبنوك العامة، ومتوسطات الأجور الموجودة بقطاعات الدولة الحكومية الأخرى، وهو ما يفسر عدم إمكانية خضوع البنوك العامة لقواعد الأجور المقترحة، بالإضافة إلى أن قانون البنك المركزى، ولائحته الداخلية، لا تشمل إقرار الحد الأقصى للأجور وربطه بالحد الأدنى، نظرا لأن اللائحة الداخلية الخاصة بكل بنك فى البنوك العامة، تضم حداً أدنى يختلف عن باقى مؤسسات الدولة، وهو ما يؤكد صعوبة تنفيذه دون تعديل تشريعى لقانون البنوك.