تصريحات إخوانية نارية، تلقى بين الحين والحين كقنبلة انشطارية على الشارع المصرى لجس النبض وأحيانا لإثارة أزمات مفتعلة للتغطية على ما هو أكبر وإن أعقبها جميعها التكذيب. بدأت بالدكتور عصام العريان صاحب الانفرادات التصريحية يليه الدكتور محمد البلتاجى ويعقبه صبحى صالح. إلا أن المفاجآت دائما ما تأتى من قيادات أكبر سنا وتاريخا كتاريخ الدكتور مهدى عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين وصاحب العبارة الشهيرة «طظ فى مصر». حيث ارتبط اسم مهدى عاكف تحديدا بتصريحات نارية عادة ما تنتهى بالنفى إلا أنها تثير خلفها ردود أفعال غاضبة، كالتى صرح فيها باتهام بعض أهالى سيناء بالعمالة للموساد الإسرائيلى، لكنه سريعا ما نفى ذلك معللا نشره خارج السياق، واحترامه لأهل سيناء. ولن ننسى ما سبقه بأيام فى تصريح لصحيفة «الجريدة» الكويتية كشف خلاله بإقصاء عدد من القضاة كذلك اعترافه بعدم اتهام النهضة إلا بإتمام أخونة الدولة والحديث عن الساخر باسم يوسف بأنه يتحدث عن أسياده «الإخوان» ليعود عاكف وينفى الحوار من أساسه، لترد الصحيفة بالتسجيل الصوتى للحوار.
كذلك تصريحه عقب أحداث الاتحادية وخلال لقائه بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، الذى قاله فيه: يجب أن تقطع رقاب المتواجدين أمام قصر الاتحادية، لأنهم ليسوا متظاهرين.
وعلى إثر تصريحه فيما يخص القضاة كان عدد من المستشارين ورؤساء محاكم الاستئناف قد تقدموا بمذكرة إلى المستشار محمد ممتاز رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى طالبوا فيها بندب قاض للتحقيق حول التصريحات التى أدلى بها مهدى عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين السابق وتناولت القضاة بعبارات تعد جريمة سب وقذف فى حقهم.
هذا بالإضافة إلى ما قاله القيادى الإخوانى صبحى صالح، واتهامه الصريح للدولة المصرية، بأنها تضم بين جنباتها، فلولاً لاتقل نسبتهم عن الثلثين. وأخيرا اتهامه جبهة الإنقاذ بأنها غير شرعية ولابد من تقنين أوضاعها.
حتى يأتى الدكتور عصام العريان بتصريحاته والتى كان أشهرها السماح بعودة اليهود لمصر ودعوته لتسليح مقرات الأحزاب واتهام البرادعى بالعمالة وغيرها من التصريحات المثيرة للبلبلة، لذلك توجهنا إلى أهل السياسة والخبرة ومسئولين سابقين لمعرفة حقيقة ما تثيره مثل تلك التصريحات غير المسئولة.
حيث صرح بسام الزرقا المستشار السياسى السابق للرئيس بأن مثل هذه التصريحات خطأ مشترك بين من يصدر مثل هذه التصريحات والتى تخلو من روح المسئولية إضافة إلى الإعلام الذى يثير هذه التصريحات بشكل إعلامى مزايد وباستفسارى بأن هؤلاء - مروجى التصريحات - هم من يعطون الفرصة للإعلام للتركيز عليهم.. أكد الزرقا بمثال أنه إذا وجد مجنون بالشارع كمن يقول بهدم الهرم الأكبر وغيره لماذا يأخذ الإعلام بكلامه ويصنع منه قضية وباعتراضى على أن من يدلون بمثل هذه التصريحات ليسوا بمجانين إنما قيادات حزبية وتنظيمية أشار إلى أنه لا يتحدث عن تصريحات شخصية يسأل عنها صاحبها.
∎لسنا خارج القانون
على جانب آخر يؤكد سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، على فوضى التصريحات التى تخرج من قيادات الإخوان على وجه التحديد بشكل غير رسمى وغير جدير بتاريخها، معلقا على تصريحات القيادى الإخوانى صبحى صالح فيما يخص أن جبهة الإنقاذ وحركة 6 إبريل بأن هناك كيانات غير قانونية فى مصر مثل جبهة الإنقاذ الوطنى وحركة 6 إبريل، وأن العمل السياسى لابد أن يكون فى إطار أحزاب سياسية، وأن يكون العمل الخيرى فى إطار الجمعيات الأهلية، بأنه لا يجب الالتفات إلى مثل هذه التصريحات غير المؤثرة والتى تعكس فى الوقت ذاته عدم الفهم بالقانون، حيث إن الجبهة تضم كيانات شرعية من أحزاب وحركات ذات تاريخ سياسى وبأن هذه هى وسيلة الإخوان فى التشويش على الكيانات السياسية الأخرى بإثارة الشائعات حولها لإغراقنا فى مزيد من الفوضى الكلامية.
∎تصريحات جس النبض
بينما يضيف عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أن هذا ليس مجرد تشكيك إخوانى نحو جبهة الإنقاذ، إنما هو فعل متعمد الغرض منه شن هجوم مضاد على الجبهة والذى لم يتوقف منذ تأسيسها لتقويضها وإفشالها، أما عن تصريحات قيادات الإخوان ومنها مهدى عاكف صاحب تصريح «طظ فى مصر» وربط شباب متظاهرى الاتحادية فى شجرة فهى تصريحات تعبر عن شاكلة من يصرح بها، إضافة إلى تصريح صبحى صالح نحو جبهة الإنقاذ بضرورة تقنين أوضاعها رغم أنه محام ويعرف أن الأحزاب السياسية تنشئ جبهات فيما بينها، والإخوان أنفسهم قاموا بتشكيل مثل هذه الجبهات مثل التحالف الديموقراطى الذى ضم أحزابا سياسية مختلفة ولم يعترض أحد وقتها على هذا الائتلاف الحزبى، وهذا كله متعمد ومقصود وليس صدفة.
∎ابدأوا بأنفسكم..........
يقول محمد أنور السادات: هناك استغلال لحالة عدم التوازن التى تمر بها البلاد الآن فى نشر تصريحات تساعد أكثر فى إثارة الأزمات وتوسيع الهوة بين طوائف الشعب المصرى وهو خطأ يدعمه الإخوان رغم أزمة عدم الثقة التى تمر بها البلاد من الأساس، ولابد من محاسبة كل من يدلى بتصريح يساعد فى إنماء حالة الاحتقان الموجودة على الساحة السياسية، فلا نخرج من تصريحات العريان والبلتاجى الفلسفية حتى تداهمنا تصريحات مهدى عاكف والتى يتحدث فيها عن شأن من شئون الدولة الخاصة بالقضاة ومرورا بأزمة تصريحات اتهام أهالى سيناء بالعمالة، مما تسبب فى غضب شعبى والذى لم يتوقف عند ذلك حتى تكتمل بتصريح صبحى صالح حول جبهة الإنقاذ والتى كان أعضاؤها هم أول المساندين لهم أيام النظام السابق، كما أن تصريح صبحى صالح هذا يكشف عن عدم فهمه لطبيعة عمل الجبهة وتشكيلها بأنها كيان شرعى بشرعية الأحزاب المندرجة أسفلها فهى عبارة عن مجموعة أحزاب تجمعت تحت مسمى محدد ولم تندمج فى حزب سياسى واحد ليقنن وضعها، وأقول للإخوان ابدأوا بأنفسكم فأنتم لم تقوموا بتقنين أوضاعكم منذ شهور إلا بعد الضغط الشعبى عليكم.
∎الإخوان يمتلكون «المعلومة»!
يعلق الدكتور ياسين لاشين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن ما يقال من تصريحات سواء على لسان المسئولين أو غير المسئولين بالدولة ينقلها الإعلام بشكل واضح وحقيقى وليس خطأه ما يقال بتلك التصريحات حتى وإن كانت تصدر من أشخاص ليست لهم الصفة التنفيذية بالدولة إنما يصنفون ضمن الشخصيات العامة، إنما ما أعجب له حقا فى هذه التصريحات إن ما يقال بها أمثال تصريحات دكتور صفوت حجازى والدكتور محمد البلتاجى تكون أدق من التصريحات التى يدلى بها المسئولون أنفسهم، وهذا يعكس حقيقة من يمتلك المعلومة ومصدرها، وبالتالى لا يجب أن نضع الإعلام الشماعة التى يعلق عليها هؤلاء فشلهم وخطأهم.
كما أن الأخطر هو تحول الإعلام إلى ما يسمى بالإعلام الإسلامى والذى يساء فيه إلى الإسلام من أشخاص متأسلمين استخدموا الدين للوصول إلى مناصب وأهداف سياسية فقط لدرجة أننى سمعت من أحدهم مرة يقول «متركزوش على المشايخ كده حتى لا يفتنوا النساء»، وهذا يعكس بالتأكيد أفكارهم وأهليتهم الإعلامية التى لا يتوافر فيها أى شكل من أشكال الإعلام الحقيقى.
وحول ما يقال بأن فلاش الكاميرات قد أعمى عيون الإخوان فأصبحوا فى حالة نهم إعلامى حتى وإن تكررت أخطاؤهم واعتذاراتهم يقول لاشين: إن الإخوان بعد كل هذه السنوات من الانغلاق فجأة فتحت لهم طاقات الإعلام على مصراعيها رغم أنهم غير مؤهلين ولا تتوافر لديهم الكاريزما إلا أن التجربة أغرتهم إلى حد كبير حتى لو توالت الأخطاء.
∎مساءلة مهدى عاكف......
يقول الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الجنائى: الملاحظ أن من يدلى بتصريحات ينتحل صفة غير مسؤلة فليس بمتحدث للرئاسة ولا يملك منصبا بالدولة وهو ما يثير أزمة فى الشارع المصرى، وليس هناك فى مصر ما يسمى بالحزب الحاكم لأنه لم تجر انتخابات حزبية لنقول بذلك حتى وإن كان الرئيس مرشحا من هذا الحزبفلا يعطيه هذا صفة الحزب الحاكم ليتحدث قياداته وأفراده باسم الرئاسة تارة وباسم رئاسة الوزراء تارة أخرى، لأن من يتحدث عليه أن يلتزم بصفته الشخصية إلا إذا كان مسئولا وأن يتحدث بالشكل اللائق والمقبول ومن يفعل غير ذلك من الإدلاء بتصريحات كاذبة أو ما يهدد الأمن القومى فسوف يتعرض للمساءلة القانونية كائنا من كان ولن يشفع له كونه بحزب الحرية والعدالة أو ينتمى إلى السلطة بأى شكل، فرغم حالة الفوضى التى نعيشها الآن بما تحويه من تهديد وانتقام وتشفى وتعصب واستقواء إلا أن الأمل فى سيادة القانون ورقابة الإعلام فإذا كنا قد تعاطفنا مع الإخوان سابقا وانتهازهم لهذه الفرصة فالوضع مختلف الآن بعد أن تكشفت الحقائق، وبسؤالى حول جدية إدانة مهدى عاكف على خلفية الدعاوى التى تقدم بها بعض المستشارين لإهانة القضاة يقول السيد المخطئ ستتم إدانته أيا كانت انتماءاته.
وبالتوجه إلى مسئولى الإخوان الإعلاميين للوقوف على حقيقة هذه التصريحات التى تنسب إلى الإخوان جماعة وحزبًا يقول ياسر محرز المتحدث الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين: ليس لدينا سوى ثلاثة هم المتحدثون الرسميون عن جماعة الإخوان المسلمين ولا شأن للجماعة بمن يتحدث غير هؤلاء لأنهم لا يتحدثون إلا عن آرائهم الشخصية والتى لا تسأل عنها الجماعة.