عهدنا دائما أن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية، وأن اختلاف المسلمين فيما بينهم رحمة، لكن منذ أن انقسم التيار الإسلامى بسبب خلافاته السياسية، والصراع محتدم على أشده، وانتقل إلى جميع المجالات إلى أن وصل لكراسى البرلمان والتى بدأ التنافس عليها منذ أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الانتخابات البرلمانية.. فراح التيار الإسلامى بشقيه يعود إلى أسلوبه القديم، ويحشد الناس من خلال توزيع السلع التموينية التى يجذب بها الناخبين، خاصة فى الأماكن العشوائية.. وانتقل الصراع من الحوار السياسى إلى الصراع على توزيع الزيت والسكر من أجل كراسى البرلمان. وبدلا من أن يتنافس التيار الإسلامى كله ضد تيار المعارضة، أصبح التنافس فى داخل التيار نفسه.. تجربة عايشتها من خلال رصد تلك المعارض.. والتى رفعت شعار (نحمل الزيت والسكر لمصر).
كل يوم نقترب فيه من اليوم الموعود للانتخابات البرلمانية تتصاعد حدة التنافس والصراع ما بين الإخوان والسلفيين خاصة بعد مقاطعة أحزاب جبهة الإنقاذ للانتخابات للوصول للكرسى المسحور.. كرسى البرلمان والذى من أجله يتنافس المتنافسون ويزايدون فى المزاد الانتخابى للفوز بالكرسى الثمين ولأن الفوز به يستحق الابتكار والتجديد للطريق التقليدى سريع المفعول مضمون النتيجة الذى تعودوا أن يسلكوه كل انتخابات فها نحن - فى السطور التالية نستعرض معكم الجديد.. فلم يعد الأمر يقتصر على توزيع الزيت والسكر وبقية المواد التموينية بل استحدثت سبلاً جديدة مثل الكشف المجانى للسيدات!! فى كل التخصصات ولكن - للعلم - الكشف سيكون ليوم واحد.. وشفوياً، أى بلا أجهزة ولا أدوية ولا حتى بسماعة الطبيب بل هو مجرد نصائح روتينية
وتتواصل الحملات الانتخابية من خلال أنابيب البوتاجاز واللحوم المستوردة التى تباع بنصف الثمن فى شوادر لا تعرف حرية ولا عدالة وكذلك الملابس المستعملة..أما أحدث وسائل الدعاية فكانت سوقاً خيرية لأعلاف الخيول والجمال! ألم نقل لكم إنه كرسى ثمين.. ومسحور يستحق أنه تقدم من أجله الرشاوى الانتخابية المبتكرة من الذين لم يحملوا لنا الخير كما ادعوا من قبل ووجدناهم أكثر حرصاً على افقارنا لتظل أصواتنا أسيرة إحسانهم وليظل فقرنا هو بساط الريح الذى يصل بهم لحلمهم فى كرسى البرلمان.
عندما تسأل عليه،ألف من يدلك، فبمجرد أن تذهب إلى أول شارع فيصل، وتبحث عن المعرض الذى يبيع الزيت والسكر بتخفيضات كبيرة ستجد مئات من الأشخاص يشيرون إليه، وهذا بالفعل ما حدث معى. فقد ذهبت إلى أول شارع فيصل الرئيسى وسألت عن معرض الإخوان، ففوجئت بمن يقول لى:قصدك بتاع الإخوان ولا السلفيين؟ فسألته: هو فيه معرض للسلفيين؟، فأجابنى: نعم فهو موجود فى أول فيصل، أما معرض الإخوان، فهناك واحد فى شارع العشرين وآخر أمام مقر الإخوان بشارع فيصل.
فقررت أن أذهب أولا إلى المعرض الخاص بالسلفيين، وبالفعل ذهبت،وهناك رأيت محلا فى واجهة عمارة لم يتم الانتهاء من تشطيبها بعد، ويحيط به من جميع الاتجاهات لافتات باسم حزب النور يعلن فيها عن عرضه لسلع بتخفيضات كبيرة. وعلمت من أصحاب المحالات المجاورة أن هذا المعرض يفتح يومين فقط فى الأسبوع، وأنه فى كل أسبوع يغير من بضاعته وينوعها ما بين زيت وسمن وسكر ومعلبات، وبين ملابس مستعملة كالتى تباع فى الوكالة. والمعرض يلاقى إقبالا كثيفا طوال اليومين، وسؤالا كثيرا طوال باقى الأسبوع. وكما أكد لى الجيران أن حزب النور لا يملك هذا المعرض، بل يؤجره ليبيع فيه بضاعته التى تلقى رواجا كبيرا، والتى ينافس بها حزب الإخوان.
∎ معارض الإخوان وكما اعتاد الإخوان دائما على الحشد من خلال توزيع الزيت والسكر على المواطنين أو بيعهما بتخفيضات كبيرة تصل لأقل من النصف؛ بدأوا هذه الانتخابات مبكرا ضاربين بعرض الحائط كل ما يتهمون به من استخدام الزيت والسكر فى الدعاية لمرشحيهم. لكنهم هذه المرة.. لا يحرصون على أن تكون فى السر، بل يتباهون بها، ويعلنون عنها فى كل مكان لدرجة تناقل شائعات بحصول الإخوان على مخزون السلع التموينية من أجل استخدامها فى الترويج للانتخابات. ذهبت إلى المعرض الخيرى للإخوان، والذى يشبه فى شكله الخارجى معرض السلفيين مع فارق المنتجات التى تنتصر للحزب الحاكم، مع ملاحظة أنه هو الآخر لا يحمل أية عناوين تدل عليه. وهناك عرفت أنهم يفتحون يومين فقط فى الشهر،ويقف عليهم الناس بالطوابير. وبينما أسأل عن المعرض، وجدت سيدتين تسألان عنه، فوقفت لأتحدث معهما، وكان الحديث كالتالى: سألت السيدة الأولى: هى دية أول مرة تشترى من معرض الإخوان، فردت: لا، فأنا أشترى منهم دوما لكن من فروع أخرى وعرفت من جارتى أنهم فتحوا فرعا آخر فى هذا الشارع، فجئت إليه.
فسألتها: وهى منتجاتهم كويسة، ولا نص نص علشان السعر رخيص، فردت: بالعكس دية معروفة جدا، هى بالضبط سلع التموين لكن بسعر أرخص، وإحنا محتاجينها بشدة خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار الذى نعانيه. وقالت لى: يعنى هعمل إيه؟!! فأسرتى مكونة من ستة أفراد ومرتب زوجى يكفينا بالكاد.. والأسعار مرتفعة جدا ولا سبيل لنا إلا مثل هذه المعارض. وهنا استفسرت منها:وهل ستنتخبين الإخوان، فقالت لى:بصراحة مش عارفة.
- وهنا التقطت السيدة الأخرى طرف الحديث، فقالت لى: مش شرط فأنا لست إخوانية ولست سلفية لكنى بشترى منهم علشان دية فلوسنا، وهما أخدوها.. واللى ييجى منهم أحسن منهم. وأنا أصلا مش هنتخب حد خالص فى الانتخابات، لا التيار الإسلامى.. ولا جبهة المعارضة ولا الإنقاذ الوطنى، فهم جميعا لا يستحقون شيئا.
∎ معارض الجيزة تركتهما، وذهبت إلى المعرض المقابل لمقر جماعة الإخوان بالجيزة، فرأيت إعلانا كبيرا مكتوباً فيه.. قررت الجماعة تنظيم معارض بمحافظات الجمهورية لتوزيع ملابس على الفقراء. وبينما كنت أحاول تصوير اللافتة جاء رجل، وسألنى بعنف عما سأفعله، فادعيت أننى صحفية تابعة لحزب الحرية والعدالة، وأريد إبراز ما يقوم به الحزب من خدمات. فعرفنى عن نفسه وهو محمد عبدالسلام - المسئول عن المعرض وقال لى: المعرض كان بشكل شهرى، ولكن تلبية لطلب الأهالى سيقام المعرض أسبوعيا لرفع المعاناة عنهم والتصدى لجشع بعض التجار، وستتم زيادة عدد المعارض الخيرية على مستوى جميع المحافظات فى الفترة القادمة وبصفة دائمة لمحاربة الغلاء ورفع العبء الاقتصادى عن المواطنين تحت شعار «معا نبنى مصر». وأكد محمد أن المعرض شهد إقبالاً كثيفًا من الأهالى، وقاربت كميات السلع على الانتهاء مما اضطرنا إلى زيادة كميات السلع المعروضة لمواصلة تلبية رغبات الأهالى الذين أثنوا على تلك المجهودات. وقد استعنا بالجمعيات الخيرية التى تجمع التبرعات من المواطنين لشراء كميات من البطاطين وتوزيعها على الأسر الفقيرة بالمناطق الشعبية وقرى صعيد مصر، وذلك لمواجهة الحملة الموجهة ضد الجماعة والدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية.
∎ حملات شباب الإخوان وهناك تعرفت على خالد - أحد شباب الإخوان، والذى قال لى: أقوم أنا وشباب الإخوان بجمع الملابس المستعملة منذ شهر ديسمبر الماضى وتجهيزها، لطرحها بالمعارض الخيرية وتوزيعها على الفقراء. وسننظم معرضاً للملابس الجاهزة بأسعار رمزية، ضمن حملة «مليونية الخير». أما فى العجوزة سنقيم معرضًا للسلع الغذائية لتخفيف العبء عن المواطنين، وسيشمل المعرض سلعًا غذائية ومواد تموينية مختلفة بأسعار مخفضة. وعندما سألته عن نوعية السلع، أجابنى أن المعرض يقوم ببيع السلع بأسعار الجملة، وجميعها سلع أساسية من «مكرونة - أرز- زيت سمن - سكر- ومنظفات - وجميع أنواع البقوليات - أدوات منزلية عصائر - حلويات - وعدد آخر من المنتجات التى يحتاجها البيت المصرى». ونحن نفعل ذلك فقط من أجل خدمة الناس، وليس من أجل أية انتخابات، كما يدعى البعض.