«الألغام» تسيطر على مواد الاقتصاد فى الدستور الجديد على الرغم من أن المحصلة فى النهاية صفر مما جعل الجميع يتساءل هل الاقتصاد فى المرحلة القادمة اقتصاد حر أم اقتصاد إسلامى؟! فالمواد لا تعبر عن إرادة الشعب بل تنحاز كالعادة للأغنياء وتفتح الطريق لإنتاج رجال الأعمال بالذقون بدلا من البدل والكرافتات وفى النهاية المواطن لايزال فى مفترق الطرق. الهامى الزيات
صدمة جديدة أصابت رجال الاقتصاد وسوق المال بسبب الدستور الملغم بمواد لا تحقق مطالب المواطن البسيط، فضلا عن أنها سبل جديدة لفتح الأبواب لرجال الأعمال الإخوان، فبهذا الدستور نعيد إنتاج الماضى من رجال المبارك طوروا فى القوانين لجنى الأرباح على حساب جثة المواطن البسيط. فالدستور يشمل حوالى 12مادة اقتصادية تم تناولها دون استشارة خبراء الاقتصاد ورجال القطاع المصرفى مما نتج عنه خروج مواد ملطخة بدماء المواطن البسيط الذى يدفع حياته ثمنا للوصول للقمة العيش، فنحن أمام طريق مظلم بسبب عدم معرفة هوية الاقتصاد فى الفترة القادمة هل هو اقتصاد إسلامى؟!!! أم اقتصاد حر؟!!!! قائم على فتح السوق المصرية، فعلى سبيل المثال نجد أن المادة 31 تتناول «يهدف الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق التنمية المستديمة المتوازنة، وحماية الإنتاج وزيادة الدخل القومى، وكفالة العدالة الاجتماعية والتكافل، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين وضمان عدالة التوزيع، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، والمشاركة بين رأس المال والعمل فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها، وربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدنى للأجور بما يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى الحكومة ومصالح الدولة ومؤسساتها ولا يستثنى من ذلك إلا بناء على قانون»، وهناك مادة رقم 21وتتضمن أن ترعى الدولة التعاونيات بكل صورها وتدعمها وتكفل استقلالها وتنظم الصناعات الحرفية وتشجعها بما يؤدى إلى تطوير الإنتاج وزيادة الدخل، وأما عن المادة رقم 27 فهى تتحدث عن التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام مع العلم أن التأميم لم نعمل به منذ جمال عبدالناصر، أما المادة التى قسمت ظهر الاقتصاد فهى المادة الخاصة بالبنك المركزى التى تنص على أن يضع البنك المركزى السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية، ويشرف على تنفيذها، ويراقب أداء الجهاز المصرفى، ويعمل على تحقيق استقرار الأسعار؛ وله وحده حق إصدار النقد. وذلك كله فى إطار السياسة.
أما عن السياحة فى الدستور فحدث ولا حرج فقد سقطت سهوا من الدستور مع الأخذ فى الاعتبار أن العديد من الأقاويل بإلغاء السياحة فى مصر والاعتماد على السياحة الدينية وغيرها من المواد التى تفخخ ما يتبقى من الاقتصاد المصرى. ∎ الكارثة !!!! وفى هذا الإطار تؤكد رانيا المشاط وكيل البنك المركزى للسياسات النقدية أن وضع البنك المركزى غامض فى الدستور الجديد وما جاء به من نصوص غير واضحة المعالم، بالإضافة إلى أن هناك لغما مصرفى حيث تنص المادة على أن يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة والجهات الأخرى التى يحددها القانون ,يعنى أن أموال الدولة تشمل كل الأجهزة الحكومية ومنها البنك المركزى وقناة السويس وغيرهما وليس كما يدعى البعض أن البنك المركزى لا يخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
وأضافت المشاط أن القانون هو الذى يفسر هذه المادة وفيما يتعلق بالقانون الحالى فإن وحدات الجهاز المصرفى تخضع للجهاز المركزى للمحاسبات من بنوك القطاع العام والبنك المركزى وغيرها طبقاً لقانون البنك المركزى لسنة 2003 كما يتبع المركزى رئاسة الجمهورية. وأوضحت أن الرأى الآخر الذى يقول إن الجهاز المركزى للمحاسبات يراقب الأموال العامة للدولة فقط معناه خروج البنك المركزى وقناة السويس من الرقابة كلام غير صحيح؛ لأن الأموال تشمل كل هذه الجهات الحكومية ورواتب العاملين بها ,بالإضافة إلى أن ذلك يتم توضيحه بشكل كامل فى القوانين العامة التى تشمل كل هذه الجهات الحكومية ورواتب العاملين بها، ومن هنا فإن هذه المادة ستؤدى إلى تسييس الأجهزة الرقابية ودفعها للعمل فى صالح الأغلبية الحزبية بدلا من أن تقوم بدورها فى حماية المال العام، بالإضافة إلى أن الدستور الجديد يحدد استقلال البنك المركزى مع وضع ضمانات لتحقيق الاستقلال فى إطار السياسة الاقتصادية للدولة وأن يمنح البنك حق الاعتراض على السياسة النقدية للدولة. ∎ السقوط!
ومن جانبه اعترض إلهامى الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية على تجاهل السياحة فى الدستور وأكد أنها مصدر رزق حوالى 4 ملايين موظف وعامل بهذا القطاع وما يقرب من20مليون عامل غير مباشر، فقطاع السياحة هو القطاع الأكثر تأثرا بعدم الاستقرار فالسياحة تدفع ثمن الانفلات الأمنى فعدم وجود مادة خاصة بالسياحة ودمجها بكلمات رنانة مع المادة الخاصة بالصناعة فكان لابد من وجود مادة فى الدستور تكفل الحماية لقطاع السياحة وتحفز على الاستثمار الأجنبى والمحلى فيه، وتعظيم هذا المرفق الحيوى والرافد الأساسى من روافد الدخل القومى.
وأشار الزيات إلى أن هناك صدمة فى القطاع السياحى بسبب إغفال المسودة النهائية للدستور للسياحة وضمها مع مادة الزراعة والصناعة دون أن تكون هناك مادة تتعلق بالنشاط السياحى، مشيرا إلى أن حكومة الإخوان واللجنة التأسيسية للدستور تعمدت إسقاط السياحة وهى الداعم الأول للاقتصاد بالعملات الصعبة.
وقال: إن خلو الدستور الجديد من مادة للسياحة وضمها لمادة الصناعة لأنها إحدى الصناعات الاستراتيجية فهى صناعة تصديرية فى المقام الأول.. مشيرا إلى الدعم الكبير الذى توليه القيادة السياسية للقطاع، وأن الأيام القادمة ستشهد بلورة حقيقية لمفهوم السياحة من خلال رسائل طمأنينة من جانب الأجهزة المعنية من خلال توجيه الدعوة لعدد من منظمى الرحلات السياحية سواء من الدول الأوروبية أو العاملة فى مجال السياحة العربية البينية للتعرف على الحالة الأمنية عن قرب.
∎ المجهول ! وأكدت الدكتورة عالية المهدى - أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة - أن عدم تحديد التوجه الاقتصادى للدولة يعنى عدم الالتزام من قبل الدولة، كما يعيب الجانب الاقتصادى أن يكون الحد الأقصى فى يد رئيس الوزراء، مما يفتح بابًا للاستثناء ومن ثم للفساد من جديد والمحاسبات، كذلك اتسمت مواد ونصوص المسودة بعدم الالتزام الواضح والمحدد للعدالة الاجتماعية.
وأشارت د.عالية الى أن المسودة بشكل مجمل لم تحدد الشكل الاقتصادى للدولة هل هو اشتراكى أم رأسمالى؟ وما هى أسس قيامه على العدالة الاجتماعية المنشودة؟، ففى المواد الخاصة بالملكية الخاصة وحمايتها وعدم مصادرتها إلا بحكم قضائى، لم توضح حالها فى حالة نزعها للمنفعة العامة وما هو شكل ومعايير التعويض بالضبط وكان من المفترض أن يوازن بين الملكية الخاصة والعامة والتعاونية، كذلك تركت نصوص المسودة للدستور الحد الأدنى والأقصى للأجور دون التزام واضح ومحدد، فقد ترك الحد الأدنى للدولة وفقا للقانون وكان المفترض أن يحدد الحد الأقصى للأجور الثابتة والمتغيرة من العمل، حتى لا يدخل فيها مصادر دخل أخرى من خارج جهة العمل، فالدستور لم يحدد شكل بعض القوانين مثل قانون الشراكة وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار وإعادة النظر فى العلاقات الخارجية، بالإضافة إلى أن اللجنة تجاهلت تماما الخبراء والمتخصصين فى الاقتصاد مما يعرض الاقتصاد إلى كارثة جديدة فى ظل الظروف التى تمر بها جميع القطاعات الاقتصادية.
∎ التشويه! وأشار أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية إلى أن الدستور الجديد صورة مشوهة للاقتصاد المصرى نرسلها للعالم فهو عبارة عن كلمات رنانة لملء الفراغ الاقتصادى فى الدستور، فالمواد الاقتصادية فى الدستور الجديد لم تحدد الاتجاه الاقتصادى للدولة وبها قصور وغموض لا يخدم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشددا على أن عدم تحديد التوجه الاقتصادى للدولة سوف يُدخل البلاد فى نفق مظلم ويؤدى إلى هروب الاستثمارات، فضلا عن أن الدستور لم يوضح التوجه الاقتصادى للدولة بما يضمن جذب الاستثمارات وحماية رؤوس الأموال والالتزام بالتعاقدات.
وأكد الوكيل على أن أى نظام اقتصادى اجتماعى جديد يجب أن يرتكز بالضرورة إلى توافق ديمقراطى وطنى يضمنه الدستور الذى يجب أن يسعى إلى تعزيز دور منظمات المجتمع المدنى فى حماية حقوق العاملين والمستهلكين.
فى سياق آخر، انتقد الوكيل ما يردده البعض بأن الحكومات المتعاقبة ساهمت فى رفع سقف طموحات العمال بدون إنتاج مواز يلبى احتياجات السوق، متوقعا ارتفاع عجز موازنة العام المالى الحالى إلى 220 مليار جنيه.∎