رأس المال.. جبان، لا يذهب إلا إلى المجتمعات المستقرة سياسياً، والمجتمعات التى يحكمها القانون، ودرجات التقاضى واضحة ومحددة وبسيطة، ولكن القرارات الأخيرة لرئيس مصر، والصدام مع القضاء، والإضرابات التى انتشرت فى جميع محافظات مصر، أثارت مخاوف المستثمرين وفى أول تداول للبورصة بعد القرارات خسرت البورصة حوالى 03 مليار جنيه، بعدما أغلق مؤشر البورصة الرئيسى «إيجى إكس 03» بنسبة 95,9٪، كما تراجع مؤشر «إيجى إكس 02» بنسبة 74,9٪، وخسر مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة «إيجى اكس 07» بنسبة 11,8٪، وتراجع مؤشر «إيجى اكس 001» الأوسع نطاقاً بنسبة 07,8٪. مازال الاقتصاد المصرى يدفع ثمن القرارات المتخبطة والأحداث السياسية غير الواضحة فجاءت قرارات الرئيس مرسى الخاصة بغياب دولة القانون وتفعيل الديكتاتورية لتضرب آخر أبواب الأمل للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وأعربت بعض الجهات الرسمية عن مدى استيائها من ذلك القرارات، فعلى سبيل المثال طالب الاتحاد الأوروبى فى بيان له بتجميد كل المساعدات المالية لمصر، فى رد فعل للإعلان الدستورى، الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. وأضاف البيان إن وضع الرئيس مرسى بإعلانه الدستورى الجديد نفسه وجميع قراراته فوق القانون، وأن الطغيان يلوح بالخطر من الرئاسة، وأنه على الاتحاد الأوروبى أن يرسل رسالة واضحة للحكومة المصرية بشأن بتجميد المساعدات المالية، حتى يخضع الرئيس مرسى للرقابة القضائية مرة أخرى وأن الإعلان أيضا يحصن مجلس الشورى والتأسيسية لوضع الدستور من أى قرارات قضائية بحلها، والذى يسيطر عليهما الإسلاميون. واشترط الاتحاد فى بيانه أن الشراكة الوثيقة بين الاتحاد الأوروبى ومصر شريطة أن تكون المبادئ الأساسية، أى الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية بالإضافة إلى استقلال القضاء. وأن «الاتحاد الأوروبى لديها أيضا مسئولية تجاه الشعب المصرى، يجب على القادة المنتخبين ديمقراطيا، أن يحترموا أيضا حريات وحقوق مواطنيهم. لضمان ذلك، وأن تكون الشيكات وأرصدة الدستورية الأساسية ضرورية، ولن يكون الرئيس مرسى ديمقراطيًا باختياره لتتويج نفسه «فرعونا». وفى نفس الوقت أعلنت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن قرارت الرئيس مرسى أثارت مخاوف لدى المجتمع الدولى. ومن هنا أثارت قرارات مرسى المخاوف من هروب الاستثمارات من مصر وما لها من تأثير سلبى على جميع القطاعات الاقتصادية، حيث إن الاستثمارات بعد الثورة تراجعت بشكل ملحوظ وبعد مرحلة انتخاب رئيس لمصر أصبح المشهد أكثر وضوحا مما يساعد على جذب العديد من الاستثمارات ولكن عدم الاستقرار السياسى والقرارات غير الواضحة يضع الاقتصاد المصرى فى فخ المخاطر. ففى السنوات الماضية كان حجم الاستثمارات مرتفعا للغاية والدليل على ذلك التقارير الصادرة من وزارة الاستثمار فنجد ارتفاع إجمالى تدفقات رأس المال الأجنبى فى العالم إلى مستوى غير مسبوق بلغ 3381 مليار دولار أمريكى فى 7002 بزيادة نسبتها 03٪ عن العام السابق، وإن كان معدل الزيادة يقل عن نظيره المسجل فى 6002 والذى بلغ 74٪ وقد بلغ إجمالى التدفقات الاستثمارية الأجنبية الموجهة لمصر نحو 7261 مليار دولار أمريكى ، بزيادة نسبتها 12 ٪ عن الرقم المناظر فى عام 0002 وهو العام الذى شهد أعلى مستوى لتدفقات رءوس الأموال الأجنبية لغرض الاستحواذ والاندماج واستمر هذا الارتفاع حتى عام 5002 ووصل حجم المشروعات التى نفذتها الشركات الكبرى الأجنبية فى مصر إلى 00611 مشروع فى 6002 وارتفع إلى 30711 مشروعات فى 7002. أما عن تدفقات رءوس الأموال الأجنبية فقد أشار تقرير وزارة الاستثمار إلى زيادتها بنحو 821 مليار دولار خلال عام 7002 بزيادة كبيرة نسبته 07٪ مقابل ما نسبته 46٪ فى 5002 و76٪ فى 6002. خلال العام المالى 9002/0102 شهد الاقتصاد المصرى طفرة فريدة من نوعها فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة تقدر بحوالى 8,6 مليار دولار وذلك وفقاً للبيانات المبدئية لميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزى المصرى، وبذلك يصبح صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر منذ يوليو 4002 وحتى يونيو 9002 حوالى 2,94 مليار دولار. جدير بالذكر أنه ومنذ العام المالى 4002/5002 شهد تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة زيادة مطردة؛ حيث ارتفع بنسبة 58٪ ليحقق 9,3 مليار دولار، مقارنة بمقدار 2 مليار دولار فى العام المالى 40023002 ثم ارتفع ليحقق 1,6 مليار دولار فى العالم المالى 5002/6002 ثم 1,11 مليار دولار فى العام المالى 6002/7002 ثم 2,31 مليار فى 7002/8002 ثم انخفض بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية ليحقق 1,8 مليار فى 90028002 ثم بلغ 8,6 مليار فى العام المالى الأخير 9002/0102. وقد استحوذ تأسيس الشركات الجديدة وزيادة رؤوس أموال الشركات القائمة خلال العام المالى 9002/0102 على 7,2 مليار دولار من صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر تمثل حوالى 04٪ من صافى التدفقات مقارنة بنسبة 82٪ فى العام السابق، وبلغت حصيلة الاستحواذ على شركات وأصول فى القطاعين العام والخاص لغير المقيمين نحو 371 مليون دولار تمثل حوالى 6,2٪ من صافى التدفقات مقارنة بنسبة 4٪ فى العام السابق، كما بلغ صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى قطاع العقارات نحو 503 ملايين دولار وهو ما يمثل 5,4٪ من صافى التدفقات مقارنة بنسبة 1٪ فى العام السابق، كما جذب قطاع البترول خلال العام المالى 9002/0102 نحو 95,3 مليار دولار بما يمثل 35٪ من صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر مقارنة بنسبة 76٪ فى العام السابق. ومقارنة بالعام المالى السابق، تشير أرقام ميزان المدفوعات إلى ارتفاع مساهمات كل من التأسيسات الجديدة للشركات بمقدار 302 ملايين دولار، وقطاع العقارات بمقدار 761 مليون دولار وبنسبة 4,7٪ 6,021 على التوالى فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، فى حين انخفضت صافى مساهمة قطاع البترول بمقدار 67,1 مليار دولار وبنسبة 33٪ وانخفضت حصيلة بيع شركات وأصول خاصة وعامة بمقدار 031 مليون دولار وبنسبة 34٪. وأكد البنك المركزى فى تقريره إلى أن إجمالى عدد الشركات الخاصة القائمة فى مصر قد بلغ فى نهاية العام المالى 9002-0102 حوالى 07 ألف شركة برؤوس أموال تبلغ حوالى 556 مليار جنيه، وقد تم تأسيس أكثر من 73 ألف شركة بما يمثل 35٪ من إجمالى الشركات القائمة فى مصر خلال السنوات الست الأخيرة، وتقدر مساهمات المصريين فى إجمالى المشروعات القائمة بنسبة 27٪، فى حين تبلغ المساهمات الأجنبية 51٪، والمساهمات العربية 31٪. وكشف تقرير البنك المركزى المصرى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فى نهاية السنة المالية 0102 - 1102، لأدنى مستوياتها فى 7 سنوات، لتسجل 2,2 مليار دولار، بعدما كانت 2,704 مليون دولار فى العام المالى 3002 / 4002. وأضاف التقرير إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت رقماً قياسيا لها فى العام المالى 7002 - 8002 مليار دولار، قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، والتى أثرت سلباً على حجم الاستثمارات التى دخلت مصر، لتسجل فى العام التالى 8002 - 9002 مليار دولار. وشهدت تلك الاستثمارات نمواً بقيمة سالبة لأول مرة فى تاريخها، خلال السنة المالية لتسجل 6,361 مليون دولار، فى نهاية الربع الثالث من العام المالى الماضى، تأثراً بالأحداث السياسية التى مرت بها البلاد والتداعيات السلبية على الاقتصاد، وعادت لتحقق 99 مليون دولار نمواً إيجابياً فى الربع الأخير من السنة المالية، والمنتهى فى يونيو الماضى. ∎ الهروب !!!!!!!! ومن جانبه أكد رجل الأعمال عادل العزبى نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية أن قرارات الرئيس مرسى تمثل شعاراً ترفعه الحكومة لهروب المستثمرين وضرب الاقتصاد المصرى فى مقتل، حيث إن غياب القانون فى الدولة يؤدى إلى عدم تدفق الاستثمارات إلى السوق المصرية لأن المستثمر قبل كل شىء يبحث عن البلد التى لا توجد فيها عقوبات قانونية أمامه بهذه الطريقة نقول للمستثمرين مصر «مغلقة للتحسينات». وأشار العزبى إلى أن هذه القرارات لا تطمئن المستثمرين الأجانب والدليل على ذلك البيان الذى صدرت من قبل الاتحاد الأوروبى والخارجية الأمريكية فى نفس التوقيت الذى أصدر فيه الإعلان الدستورى الجديد، بالإضافة إلى أن مصر تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسى، لافتا إلى أن قراءة المستثمرين لتنائج هذه القرارات هى التى تحكم إذا كان هناك استقرار أم لا وبالتالى وجود استثمارات وانتعاش الاقتصاد أم لا. وأشار إلى أن استمرار المسئولين فى اتباع مثل هذه القرارات المتسرعة لن ينجح فى تحقيق أى نمو اقتصادى أو نمو الاستثمار، فتوفير البيئة القانونية مستقرة وذات آليات محددة من عناصر شديدة الأهمية التى تجذب الاستثمار، حيث إن عملية عدم الاستقرار الداخلى بين الفئات السياسية المختلفة كل ذلك سيثير خشية المستثمر الأجنبى وأيضا المحلى فضلا عن أن الوضع غير المستقر غير صالح للاقتصاد بصفة عامة، مدللا كلامه بآخر تقرير صادر عن البنك المركزى يكشف عن أن معدل النمو وصل الى 6,0 ٪، أى أقل من معدل السكان ومعدل البطالة فى مصر بلغ نحو 5,3 مليون عاطل من الشباب ويضاف سنويا لهذا الرقم بسبب الخرجين الجدد مما يزيد من هذا الرصيد كل هذه المشكلات التى تواجه الاقتصاد تأتى القلاقل السياسية والصراعات ستؤدى إلى المزيد من المشاكل الاقتصادية وبالتالى يهرب الاستثمار مما يعوق دخول العملة الأجنبية مما يزيد من أوجاع البطالة ومعدلات النمو، فبهذه الصورة القاتمة التى تظهر للمستثمرين أن مصر أرض بور غير صالحة للاستثمار، الاستثمارات كلها أصبحت مهددة فالمستثمر يخاف على استثماراته فى ظل الغيوم السياسى الذى يمر به البلاد، فهذه الأشياء تعطله الإنتاج ويصيبه بالخسائر وبهروب المستثمر تقل الصادرات وتزيد البطالة وفى النهاية ليس من صالح أحد أن تزيد هذا المأزق ∎ الخطأ! وفى هذا الإطار أكد الدكتور أحمد جلال الخبير الاقتصادى رئيس المنتدى الاقتصادى للبحوث الاقتصادية أن قرارات الرئيس مرسى ضربة جديدة للقطاعات الاقتصادية وتمثل نزيفاً جديداً من الخسائر، حيث إنها قرارات خاطئة تؤدى إلى هروب رؤوس الأموال إلى بيئة أخرى تحترم الديمقراطية وتشجع الاستثمار، متوقعاً أن يكون لها الأثر السلبى على الاقتصاد المصرى بشكل عام وعلى سوق الأوراق المالية بشكل خاص. واعتبر أن مثل تلك القرارات لا تطمئن المستثمرين الأجانب، وتعمل على إحداث بلبلة فى الداخل والخارج. مشيرا إلى أن المستثمر دائما قبل دخول بلد استثمارى يبحث جيدا عن مدى توافر المناخ المستقرلتحقيق المكاسب بالإضافة إلى القوانين التى تستخدمها هذه البلاد لتوفير مناخ استثمارى سليم وبالتالى فى ظل هذه القرارات التى تنصب الرئيس هو الأمر والناهى فى نفس الوقت ولا ننسى أن الرئيس مرسى ذات مرجعية دينية مما يؤدى الى المزيد من العقوبات أمام المستثمرين، ومن هنا فإنه من الصعب أن يجد المستثمر فى مصر بيئة استثمارية جيدة ليذهب إليها. وأضاف د. جلال إن هذه القرارات سيكون لها تأثير سيئ على أداء البورصة بشكل خاص لأنها تثير بلبلة كبيرة فى الشارع المصرى وتؤدى إلى وجود إضرابات كبيرة مما يؤدى إلى قلق المستثمرين فالمستثمر يذهب إلى الدول المستقرة سياسيا ودستوريا وأمنياً، بخاصة أن التأمين والاقتصاد وجهان لعملة واحدة بمعنى أن التأمين يعطى الأمان والحماية للاقتصاد، حيث إن البورصة المصرية شأنها شأن جميع المؤشرات الاقتصادية ومنافذ الاستثمار التى تتأثر بشكل ملحوظ بكل ما يؤثر على استقرار الوضع السياسى وهو ما يستوجب التحرك برؤية واضحة ومحددة أكثر من ذلك على المستوى الاقتصادى والسياسى أيضًا. ∎ الرعب !
ويرى إلهامى الزيات رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية أن السياحة فى مصر تحتضر بسبب الأحداث السياسية المتوترة باستمرار، فضلا عن أن كل شبر فى مصر أصبح غير آمن فإن أحداث العنف فى شوارع مصر بالإضافة إلى الحالة السيئة فى سيناء والحدود المصرية وانتهى الحال بقرارات الرئيس مرسى التى تهدم دولة القانون والديمقراطية كل ذلك سيؤثر بالسلب على حركة السياحة الوافدة الى مصر بصفة عامة. وأضاف إلهامى إن نتيجة قرارات الرئيس مرسى المتخبطة أدت إلى أنه تم تصنيف مصر من قبل وكلاء السياحة العالمية على أنها «منطقة غير آمنة»، وهو ما يعنى خروجها من العديد من البرامج السياحية التى يتم تنظيمها، وأشار إلى أن مناطق الأقصر وأسوان والقاهرة، إضافة إلى شرم الشيخ والغردقة، ستشهد انحساراً فى أعداد القادمين، فضلاً عن أن الشركات الكبرى المتعاقدة مع الفنادق والشركات المصرية على حجوزات خلال الفترة المقبلة ستقوم بإلغائها دون أى غرامات إذا استمر الوضع الغامض الذى تمر به البلاد، فضلا عن هروب الاستثمار السياحى فى مصر، فالمستثمر دائما ما يبحث عن البلد الذى يكون فيه أقل درجة ممكنة من العوائق والعقوبات التى من الممكن أن تواجهه أثناء عملية الاستثمار وبهذه القرارات تكون مصر قد خرجت تماما من سباق الاستثمار لبسبب بسيط وهو غياب القانون الذى أصبح فى قبضة رجل واحد ذات مرجعية دينية مما يثير الرعب لدى جميع الأطراف، سواء السائح أو المستثمر ،مشيرا إلى أن استمرار تلك الأحداث ترسخ لدى العالم أن الدولة بلا مؤسسات وأن الشعب لا يحترم القانون، ولا ننسى أيضا أن ذكر اسم مصر وسيناء بجانب أخبار الحرب على غزة أوحى بأن مصر تعيش فى منطقة ملتهبة، وهناك إمكانية لدخولها الحرب فى أى وقت ، وبالتالى فكل الظروف المحيطة تقتل السياحة المصرية عن عمد فلابد على الحكومة قبل اتخاذ مثل هذه القرارات المشبوهه أخذ المؤسسات الاقتصادية فى الاعتبار لأنها فى النهاية هى التى تدفع الثمن.∎