الجمعية التأسيسية لوضع الدستور هى ابن غير شرعى لمجلس شعب منعدم؛ ولذا تحاول الجمعية غير الشرعية أن تصل إلى بر الأمان؛ فلم يكن أمامها إلا طوق نجاة متمثل فى قانون وُلد ميتاً؛ وقصة هذه الجمعية أنها بدأت عندما استشعر أعضاء مجلس الشعب المنعدم أن المنية قد حانت؛ وإن مصيره إلى زوال؛ وقد حدث ذلك عندما أعلنت المحكمة الدستورية يوم 41 يونيو 2102 بحل المجلس التشريعى، الذى قام بتأسيس جمعية تأسيسية لوضع الدستور ليحقق (حلم الخلافة) من خلال دستور يدستر (أى يضع نصوصا دستورية) تترجم أفكار جماعات نشأت تحت الأرض؛ وتحلم بتفصيل دولة على مقاس أفكارها التى تربت عليها من خلال ثقافة أهل الكهف. فكان مجلس الشعب المنعدم فى صراع مع الزمن ؛ حيث أصدر رئيس مجلس الشعب المنحل قراراً بفتح باب تلقى طلبات الترشيح لعضوية الجمعية التأسيسية خلال يومى 9، 10 يونية 2012 وتمت دعوة مجلس الشعب إلى جلسة طارئة يوم 11يونيه2102 لمناقشة قانون معايير تشكيل الجمعية التأسيسية.
والسؤال الذى يفرض نفسه ما هو المقصود بقانون معايير انتخاب الجمعية التأسيسية؛ هل المقصود هو إلغاء نص الإعلان الدستورى المكمل المتعلق بإيجاد جهة احتياطية تقوم بإعادة تشكيل الجمعية فى حالة ما يطرأ عليها من أمور تؤدى إلى عدم استكمالها لأعمالها ؟؛ أم الغرض من هذا القانون تفادى الحكم بالبطلان؟؛ وإذا كان هذا هو الغرض فلماذا تمت استقالة أعضاء مجلس الشورى؛ ولم يتم استقالة أعضاء مجلس الشعب المنحل؟؛ أم أن هذا هو اعتراف ضمنى من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين ( بصحة حكم المحكمة الدستورية القاضى بانعدام مجلس الشعب )؛ وبالتالى لا حاجة لاستقالات أعضاء مجلس الشعب المنحل ؟؛ ألم يكن دخول أعضاء مجلس الشعب المنحل بسبب عضويتهم فى هذا المجلس؟؛ و ألم يمنع دخولهم ضمن تشكيل الجمعية التأسيسية دخول غيرهم من طوائف الشعب المختلفة فى هذا التشكيل؟؛ وبعد كل هذا من الواضح أن المحيطين برئيس الجمهورية ومَنْ يمدونهم بفتاوى قانونية؛ قد نسوا أبسط القواعد القانونية أو يتناسونها؛ ولذا تتجه بوصلة فتواهم دائما تجاه مصالح الجماعة؛ وحزب الحرية والعدالة فقط؛ لعلهم يعطفون عليهم بمنصب هنا؛ أوهناك؛ ولاسيما ونحن الآن فى موسم جنى الثمار؛ ثمار الفتاوى؛ وتغيير المبادئ القانونية لتتفق مع أجندات جماعة عاشت فى الظلام ؛ ولا تعرف سوى العمل السرى؛ وتريد أن تجر مصر معها إلى أن تكون جزءاً من الجماعة؛ بدلاً من أن تكون الجماعة جزءاً من مصر.
(مخالفة )
ويقول الدكتور محمود العادلى - أستاذ القانون والمحامى أمام محكمة النقض والإدارية العليا والدستورية العليا - إن قرار فتح باب الترشيح لعضوية الجمعية التأسيسية قد صدر باطلاً لمخالفته الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشأن التأسيسية الأولى؛ كما أنه صدر قبل إصدار قانون تنظيم عملية انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية؛ ليحدد الشروط الواجب توافرها فيمن يُرشح نفسه لعضوية الجمعية التأسيسية التى تضع مشروع دستور لمصر؛ حتى يجرى الاختيار من بين المؤهلين للقيام بهذه المهمة، ويحدد إجراءات الترشيح وإجراءات الانتخاب وفقاً للضوابط وقواعد محددة تحقق المساواة وتكافؤ الفرص.
وأضاف: رغم كل ذلك ولدت الجمعية التأسيسية الثانية يوم 12 يونيو 2012 م دون سند قانونى، حيث كان رئيس المجلس العسكرى قد وجه الدعوة إلى عقد الاجتماع المشترك لانتخاب الجمعية التأسيسية الثانية يوم الثلاثاء 21 يونيو؛ وهو ما حدث فى ظل انقسام جديد يثير سؤالا كبيرا عن مستقبل جمعية 21 يونيو؛ وهل تلقى المصير الذى انتهت إليه جمعية 24 مارس ؟!
وقال لقد تم عرض الأمر على قضاء مجلس الدولة وفى محاولة التفافية على القضاء ببطلان الجمعية التأسيسية الثانية؛ صدر قانون على خلاف الأصول القانونية؛ ألا وهو القانون المسمى: ب «قانون معايير انتخاب الجمعية التأسيسية» والذى حمل رقم 97 لسنه 2012؛ ويقول الدكتور محمود العادلى - أستاذ القانون - يلاحظ على هذا القانون؛ أن ما تضمنته المادة الأولى من هذا القانون من عدم إخضاع القرارات المحددة فى تلك المادة للرقابة على دستورية القوانين والأعمال البرلمانية يؤدى إلى سلب اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية المنصوص عليه فى المادة 48 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 .
وأضاف الدكتور العادلى: كما أن هذا النص تشوبه مخالفة المادة 84 من الإعلان الدستورى التى أسندت إلى مجلس الدولة الاختصاص بولاية نظر المنازعات الإدارية ، وحكم المادة المشار إليها يتعين احترامه عند ممارسة المشرع سلطته فى توزيع الاختصاصات بين الهيئات القضائية، فالقرارات المشار إليها فى المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 هى قرارات إدارية فردية، ولا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعى ؛ كما أنها لا تعد من الأعمال البرلمانية، لأن الأعمال البرلمانية لم تخضع يوماً لرقابة أية جهة قضائية ، ولم يتضمن تاريخ التشريع فى مصر إسناد أية رقابة على الأعمال البرلمانية إلى إحدى جهات القضاء.
وأشار أيضا إلى أن ما تضمنته المادة الأولى المشار إليها التى تحجب الرقابة القضائية عن القرارات المنصوص عليها فى تلك المادة تشوبها شبهة مخالفة المادة (12) من الإعلان الدستورى التى صانت حق التقاضى وكفلته للناس كافة، وحظرت النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، كما أن نص المادة الأولى المشار إليها تشوبه شبهة مخالفة ما تضمنته المادة (74) من الإعلان الدستورى من أنه لا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة، فالقانون رقم 97 لسنة 2102 والمسمى قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية صدر بعد انتخاب الجمعية التأسيسية بالفعل، وبعد أن باشرت عملها لمدة شهر تقريباً ، ولم يتضمن القانون أى ضوابط للاختيار، وصدر قانون المعايير خالياً من المعايير. وأوضح أن كل ذلك ينم عن أن المادة الأولى التى تم وضعها بهدف منع محكمة القضاء الإدارى من نظر الطعون التى أقيمت لوقف تنفيذ وإلغاء القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية الثانية، بعد أن حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية الأولى.
ويرى أن هذا القانون يعد تدخلا فى أحكام القضاء الإدارى لمنعه من الحكم ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور (الثانية)؛ بعد أن قضى ببطلان الجمعية الأولى لمخالفتها للقواعد العامة للقانون ؛ وقال إن هذا التدخل يتصادم مع أبسط قواعد القانون المتعلقة بتطبيق القانون من حيث الزمان؛ فالقانون صدر بتاريخ 11 يوليو؛ ونشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 21يوليو، ويعمل به من اليوم التالى لنشره أى يوم 31 يوليو؛ ويتساءل: ما هذه اللخبطة القانونية؟ وأضاف ألم تكن الجمعية موجودة من قبل؛ ألم يعلم مستشارو الرئيس أن الجمعية التى يتحدث عنها القانون هى أمر واقع منذ أكثر من شهر؛ فكيف يصدر قانون ليقنن أوضاع جمعية موجودة بالفعل.
وقال المستشار عبد المجيد أحمد حسن المستشار بمجلس الدولة إن ما تضمنته المادة الأولى من القانون المشار إليه تشوبها شبهة مخالفة المادة 12 من الإعلان الدستورى التى صانت حق التقاضى وكفلته للناس كافة، وحظرت النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء.
وأشار المستشار عبد المجيد إلى أن المادة الأولى من القانون تشوبها أيضا شبهة مخالفة مع ما يتضمنه نص المادة 47 من الإعلان الدستورى، لأنه لا يجوز لأى سلطة الفصل فى القضايا وشئون العدالة، ذلك أن القانون المسمى ب''قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية'' صدر بعد انتخابات الجمعية، وبعد أن باشرت عملها لمدة شهر تقريبا، ولم يتضمن القانون أى ضوابط للاختيارات وصدر خاليا من المعايير.